مدرسة الأستاذ سعيد فودة - عفا الله عنا و عنه- ومدى فهمهم لعلوم السادة الصوفية!
- كلامي موجّه للمحبين مِن أهل الطريق، لأن هذا الكلام الآتي؛ يعتبر خطابة عند غير السالكين :
يا أحبابنا الكرام، لا تعتقدوا أن من أنكر على الشيخ الأكبر رضي الله عنه ونفعنا به، منهم ؛ قد اقتصر إنكاره على الشيخ الأكبر فقط، أو سيدي عبد الغني النابلسي رضي الله عنه؛ بل ما سنذكره لكم يجعلكم تعتبرون وتريحون أذهانكم وتستريحون؛ بأن هؤلاء المنكرين؛ لا فهم عندهم في مسائل التصوف والأذواق حقيقةً..وإن طال كلامهم.
فإنهم - عفا الله عنا وعنهم - قد قدحوا باعتقاد توحيد كلٍ من :
سيدي علي وفا قدس الله سره ورضي الله عنه.
سيدي أبو مدين التلمساني الغوث رضي الله عنه
وسيدي أرسلان الدمشقي رضي الله عنه
وسيدي أحمد بن عجيبة رضي الله عنه
وسيدي عبد المجيد الشرنوبي رضي الله عنه
حيث اتهموهم بفساد توحيدهم من حيث اتهامهم بالقول "بوحدة الوجود الفلسفية الباطلة" كما يزعمون ، وهي الوحدة الباطلة في أذهانهم ، لا الوحدة التي يقول بها هؤلاء السادة رضي الله عنهم.
فهذا ما رأيته من خلال مطالعاتي لإنكار هؤلاء، مع الجزم بأننا لو أوردنا عليهم بعضا من كلام السادة غير مَن ذكرناهم؛ لقدحوا به أيضاً، لأننا نعلم أين يُدندن هؤلاء وأين ملحظ أفكارهم ينصبُّ في كلام ساداتنا رضي الله عنهم.
فهذا الأستاذ سعيد فودة -عفا الله عنا وعنه – يقول ، كما في رسالته (منح الودود)، عند مناقشته لكلام العارف الصاوي رضي الله عنه :
((وأما المعنى الثالث، وهو الاستشهاد بكلام البعض كابن وفا، والتلمساني، فأكتفي هنا بالقول بأن ابن وفا حسب ما يظهر لي من قراءة ما نقل عنه، قائل بوحدة الوجود على معناها الباطل ))
وقال الأستاذ سعيد أيضاً :
((فالحاصل أننا نخالف الصاوي في فهمه لكلام ابن وفا، والتلمساني، فهو يحمل كلامهما على المعنى الصحيح المقبول عنده، ولكننا نرى أن كلامهما ليس كذلك، وحمله على ما قال يحتاج إلى قرائن أخرى قد لا تتوفر له. ))
قلت : ومعلوم مَن هو سيدي علي ابن وفا قدس الله سره ، هو الذي قال عنه مولانا الشعراني رضي الله عنه :
( وأُعطي لسان الفرق والتفصيل زيادة على الجمع، وقليل من الأولياء من أُعطي ذلك.)
أما سيدي أبو مدين التلمساني (شيخ الشيوخ) قدس الله روحه فكما قال عنه سيدي الشعراني بأن شهرته تُغني عن تعريفه ، وقال عنه أيضاً : ( وأجمعت المشايخ على تعظيمه، وإجلاله، وتأدبوا بين يديه)
رضي الله عنهم وعنا بهم . فإذا كان هؤلاء الأعيان أخطأوا بتوحيد الله فعلى الدنيا السلام!!!
وقال تلميذ الأستاذ سعيد؛ محمد أكرم أبو غوش، عن كلام سيدي أرسلان الدمشقي رضي الله عنه، الذي برسالته، رسالة التوحيد :
(( وكلام الشيخ آيل إلى القول بوحدة الوجود وإن جوّز أن لا يكون))
ثم أكد بقوله أيضاً :
(( المدعى منّي أنَّ كلام الشيخ أرسلان ليس بدال على وحدة الشهود فإنَّما هو دالٌّ على وحدة الوجود...))
وقال أيضاً :
(( ومهما بلغ القول بوحدة الشهود لا يكون به جواز قول ما قد قال الشيخ أرسلان: (فَكُلَّمَا أَخْلَصْتَ يُكْشَفُ لَكَ أَنَّهُ هُوَ لاَ أَنْتَ فَتَسْتَغْفِرُ مِنْك ))
قلتُ:
هذا يعني أن توحيد الشيخ أرسلان رضي الله عنه ؛ باطل ، ورسالة سيدي أرسلان هذه التي قدح بها الأخ أبو غوش ..سارت بها الركبان ، وتلقاها العلماء بالقبول ، ولم يعهد عن أحد منهم أي قدح ، حتى أن شيخ الإسلام زكريا شرحها برسالة أسماها ( فتح الرحمن بشرح رسالة الولي العارف بالله أرسلان )
طبعا مع التأكيد بأن هؤلاء القادحين ؛ لا يكفِّرون الأشخاص كما يقولون !!
وقال أبو غوش عن سيدي أحمد بن عجيبة رضي الله عنه :
( وكذلك ابن عجيبة رحمه الله يقرِّر الكلام وفق وحدة الوجود تصريحاً...)
وقال -مع فحش هذا القول - بحق سيدي ابن عجيبة رضي الله عنه :
(( وقول ابن عجيبة: "قائمة به" هو راجع إلى أنَّ حاصل القول بوحدة الوجود هو أنَّ الحوادث والأكوان أعراض لذات الحقِّ تعالى! ، فهل إنكارنا على المشبِّهة إلا هذا؟!
فالمشبِّهة قد أنزلوا الله تعالى إلى مرتبة الممكنات فوصفوه بما توصف به، والقائلون بوحدة الوجود رفعوا مرتبة الممكنات إلى مرتبة صفات الذات فصار الكلُّ حقّاً من جهة قائماً بذات الواجب تعالى عمَّا يقولون.))
- وعندما قيل لأبي غوش عن كلامه الخطير هذا بحق سيدي ابن عجيبة ، بأنه رضي الله عنه يقرر عقائد السادة الأشاعرة ، فكيف تتهمه بهذا ؟!
كان جوابه :
(( أمَّا تصحيح ابن عجيبة رحمه الله لاعتقاد الأشاعرة رضي الله عنهم فهو إمَّا لاعتقاده كون اعتقاد الأشاعرة لا ينافي القول بوحدة الوجود، أي إنَّ القول بالوحدة يعمُّ قولَ الأشاعرة، أو أنَّه يرى الاعتقاد الأشعريَّ هو الصحيح للعامَّة دون الخاصَّة ))
قلتُ: فلَكَ أن تتخيل مدى أفهامهم وإدراكهم لهذه الأمور ، بل مدى الجرأة على هؤلاء السادة الأبرار الأطهار!!!
وقال أبو غوش أيضاً عن شرح الشيخ الشرنوبي لحكم ابن عطاء السكندري رضوان الله عليهم :
(( طبعاً الشرنوبي رحمه الله يفسِّر عبارة سيدنا ابن عطاء الله السكندري رحمه الله تعالى ورضي عنه وفق وحدة الوجود، وكلامه كلُّه باطل وقبيح ))
هذا ما تحصَّل لي بسرد سريع لبعض مواقف هؤلاء مع أعيان وسادات أهل الطريق ، فهل تقبلون بهذا الهراء ؟
لا والله ، لا نقبل فهمهم وإن زعموا أنهم تربعوا على عرش العلم وتُوّجوا بتاج الفهم ، بل يكفي سردنا لهذه الكلمات التي ذكرناها للقدح بأفهامهم بأذواق وكلمات ساداتنا رضي الله عنهم، على حدّ ما قيل : ذاك ذنبٌ عِقابه فيه.
أكرر قولي: إن كان هؤلاء الأعيان من سادات أهل الطريق لا يعرفون التوحيد؛ فعلى الدنيا السلام.
- وأختم بملاحظات :
- نحن نؤكد بأن مدرسة الشيخ سعيد مدرسة سنية، وأنهم - جزاهم الله خيرا- لهم جهود في نشر العقيدة السنية العلية ، لكن في مسائل التصوف التي أقحموا فيها أنفسهم فهم خواء وإن كثر منهم الكلام. والأمثلة أعلاه تكفينا في رد فهمهم، اعتماداً على جلالة قدر هؤلاء السادة العارفين أعيان أهل الطريق قدس الله أسرارهم.
- ونؤكد بأنهم لا يُكفرون أحداً ممن قدحوا فيه، كما يقولون .
Mohamed Yaseer Yaseer
19 ابريل الساعة ٩:٠١ ص ·