حول الصلاة الكمالية على خير البرية صلى الله عليه وآله وسلم

بسم الله الرحمن الرحيم حول الصلاة الكمالية على خير البرية صلى الله عليه وآله وسلم
( اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا وعلى آله عدد كمال الله وكما يليق بكماله )
 وقد وصلت إلينا هذه الصيغة من الإمام أبى البركات تاج أئمة المالكية وهى في صلواته التي انتشرت في أقطار الأرض وعم النفع بها وتلقها الأئمة على اختلاف مذاهبهم بالقبول وجعلوها من جملة أورادهم وهذا الإمام تلقاها عن أستاذه شيخ الإسلام الشمس الحفنى صفوة السادة الشافعية وهو عن أستاذه القدوة صاحب التأليف المعتبرة والكرامات المشهورة سيدي مصطفى البكري واسطة عقد الأئمة الحنفية وهو عن شيخه أبى المواهب البعلى جمال السادة الحنبلية .

ونص عبارة الإمام البكري في المنهل العذب في بيان المسبحة ثم يصلى على النبي صلى الله عليه وآله وسلم مائة مرة ويجزيه اى صيغة كانت لكنه إذا كان بهذه الصيغة كان أولى وهى : اللهم صل وسلم وبارك على  سيدنا وعلى آله عدد كمال الله وكما يليق بكماله .فإنه قد أجازنا بها شيخنا المرحوم - لا زال بالرحمة مغموراً ما تجلى الحي القيوم وكشف عن جماله مستور- الشيخ أبى المواهب الحنبلي البعلى رحمه الله تعالى فإنها ضمن ثبت والده الشيخ عبد الباقي وقد أجازنا بمشيخته وثبت والده ونقل والده في ثبته عن بعض أشياخه أن كل مرة منها بأربعة عشر ألف مرة انتهى .

 فلا يصدنك عنها من لا يؤمن بها من بعض أهل الجمود المتحنفين اعتمادا على ما ذكره العلامة ابن عابدين في حاشيته على الدر المختار من عدم جواز الصلاة بها على النبي صلى الله عليه وآله وسلم لإيهامها تناهى كماله تعالى بسبب إضافته لفظة ( عدد ) إليه وهو محال فإنه بعد أن تعلم انه غير متعين حصر الكمال المذكور في القديم لإمكان أن يكون المعنى عدد كمال الله الذي أفاضه على من اختاره من خلقه وهو حادث متناه لا يسلم له أن العدد يوهم ذلك ، ومن أين ! وإن مراتبه اصطلاحاً  على ما اشتهر لا تتناهى ؟ فهو بحسن ما يضاف إليه من متناه وغيره .

والى هذا يشير قول العلامة الونانى في شرح هذه الصيغة : اى اجعل صلاتك وما معها على ما تقدم لا نهاية لهما كما أن كمالك لا نهاية له .اهـ

ويومئ إليه العلامة الصاوي في عبارة السابقة " وثوابها لا نهاية له " .

على أن العلامة ابن عابدين لم يذكر المنع نصاً في المذهب ولا عممه في كل مذهب كما تمشدق به هذا المتحنف المتعسف ، وعبارته تنبيه لينظر في انه يقال مثل ذلك ، اى مثل ما قيل في الدعاء ( بمقعد العز من عرشك ) من كراهته تحريماً ، وجوازاً لأبى يوسف وبه اخذ أبوالليث في نحو ما يؤثر من الصلاة مثل : اللهم صل على محمد عدد علمك وحلمك ومنتهى رحمتك وعدد كلماتك وعدد كمال الله ونحو ذلك . فإنه يوهم تعدد الصفة الواحدة أو انتهاء متعلقات نحو العلم ولا سيما مثل ( عدد ما أحاط به علمك ووسعه سمعك وعدد كلماتك ) إذ لا منتهى لعلمه ولا لرحمته ولا لكلماته تعالى ، ولفظة ( عدد ) ونحوها توهم خلاف ذلك .
ثم قال : أقول ومقتضى كلام أئمتنا المنع من ذلك إلا فيما ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم على ما اختاره الفقيه فتأمل والله اعلم . اهــ

فأنت إذا تأملت في قوله : فلينظر .... الخ ، وفى قوله ومقتضى كلام أئمتنا .... الخ ، تبين لك غاية البيان أن النهى عن الصلاة بما تقدم غير نص في المذهب ، وانه خاص بمذهبهم وغير متفق عليه عندهم وانه في غير ما ورد .


من كتاب مطية السالك الى مالك الممالك
العارف بالله سيدى احمد الطاهر الحامدى رضى الله عنه