رد موجز سريع على منشور لبعضهم حول الشيخ الاكبر

هذا رد موجز سريع على منشور لبعضهم، عنونه بـ (للمهتمين، أصول فقه الإسلام عند ابن عربي الصوفي) 
وقد ملأه بالافتراءات والمغالطات.. 
واقتصرت على الرد، دون سرد كلام المعترض، وسأجعله في التعليقات لينظر :
فأقول:
أولاً: 
الشيخ الأكبر مجتهد مطلق ، صرَّح بذلك العديد من علمائنا ، والقولة التي نقلها الشيخ زروق عن شيخه أشهر من نار على علم ، حيث قال عن الشيخ الأكبر : (( أعرف بكل فن من أهل كل فن ))
وقال ابن عماد الحنبلي في تاريخه : ( وكان مجتهدا مطلقا بلا ريب )
وقال أيضا : ( وإذا لم يكن مجتهدا فليس لله مجتهد) 
وقال الشيخ العلامة الفقيه الكبير ، مفتي القدس الشريف ، الشيخ محمد التافلاتي المالكي الحنفي ( ت: 1191) ، عن الشيخ الأكبر:
( مجتهد مطلق ثبْتٌ )
وقال : ( وقد تقدَّم التصريح عن العلماء بأنه مجتهد مطلق ، ومنكره جنون هواه مطبق )
ونقل عن شيخ مشايخ الشام العلامة سليم العطَّار رحمه الله تعالى ، أنه كان يقول  : ( أقفِل باب الاجتهاد في القرن السادس ، وذلكَ أدباً مع الشيخ محيي الدين بن عربي ؛ليدخل في عداد المجتهدين )
قال الشيخ الأكبر  في رائيته:
لقد حرّم الرّحمن تقليد مالك ... وأحمد والنّعمان والكلّ فاعذروا
وقال أيضا في نونيته:
لست ممن يقول قال ابن حزم ... لا ولا أحمد ولا النّعمان .
فإن كان يغيظكم هذا ولا يعجبكم فماذا نفعل لكم ؟
ثانياً: 
الشيخ الأكبر لم ينف القياس مطلقاً ، وهذا افتراء عليه كما ستعلم ، فهو لا يأخذ به في خاصة نفسه ، وقد نقلنا بأنه مجتهد مطلق ، ولكنه هو الذي قال : 
(قال الجنيد علمنا هذا مقيد بالكتاب و السنة و هما الأصلان الفاعلان و الإجماع و القياس إنما يثبتان و تصح دلالتهما بالكتاب و السنة فهما أصلان في الحكم منفعلان فظهرت عن هذه الأربع الحقائق نشأة الأحكام المشروعة التي بالعمل بها تكون السعادة..) الفتوحات
وقال أيضاً :
 ( و عندنا و إن لم نقل به [القياس] في حقي .. فإني أجيز الحكم به لمن أداه اجتهاده إلى إثباته ، أخطأ في ذلك أو أصاب، فإن الشارع أثبت حكم المجتهد و إن أخطأ و أنه ما جور فلو لا أن المجتهد استند إلى دليل في إثبات القياس من كتاب أو سنة أو إجماع أو من كل أصل منها لما حل له أن يحكم به )
 ‏
وقال بعد ذلك : 
(فكلفنا النظر في أنه لا إله إلا الله بعقولنا ثم نظرنا بالدليل العقلي ما يجب لهذا الإله من الأحكام ثم نظرنا بالنظر العقلي الذي أمرنا به في تصديق ما جاء به هذا الرسول من عنده إذ كان بشرا مثلنا فنظرنا بالعقول في آياته و ما نصبه دليلا على صدقه فأثبتناه و هذه كلها أصول لو انهد ركن منها بطلت الشرائع و مستند ثبوتها النظر العقلي و اعتبره الشرع و أمر به عباده و القياس نظر عقلي أ ترى الحق يبيحه في هذه المهمات و الأركان العظيمة و يحجزه علينا في مسألة فرعية ما وجدنا لها ذكرا في كتاب و لا سنة و لا إجماع و نحن نقطع أنه لا بد فيها من حكم إلهي مشروع و قد انسدت الطرق فلجأنا إلى الأصل و هو النظر العقلي و اتخذنا قواعد إثبات هذا الأصل كتابا و سنة فنظرنا في ذلك فأثبتنا القياس أصلا من أصول أدلة الأحكام بهذا القدر من النظر العقلي حيث كان له حكم في الأصول فقسنا مسكوتا عنه على منطوق به لعلة معقولة لا يبعد أن تكون مقصودة للشارع تجمع بينهما في مواضع الضرورة إذا لم نجد فيه نصا معينا فهذا مذهبنا في هذه المسألة و كل من خطأ عندي مثبت القياس أصلا أو خطأ مجتهدا في فرع كان أو في أصل فقد أساء الأدب على الشارع حيث أثبت حكمه و الشارع لا يثبت الباطل فلا بد أن يكون حقا) الفتوحات 
وفي هذا الكلام الآخير رد على من يفتري عليه بأنه يرد الأدلة العقلية مطلقاً ، وفي هذا القدر كفاية .
ثالثاً: 
القول بالكشف والإلهام لم يختص به الشيخ الكبر وحده من بين الصوفية رضي الله عنهم ، والشيخ الأكبر مثله مثل بقية الصوفية الكبار الذين صرحوا بأن الكشف يجب أن يكون معتضداً بالكتاب والسنَّة ، لا كما يفترون وينسبون له الأباطيل ، فهو الذي قال في فتوحاته : 
( وإذا خالف الكشف الذي لنا كشفَ الأنبياء عليهم الصلاة والسلام .. كان الرجوع إلى كشف الأنبياء عليهم الصلاة والسلام. )
وقال  قدس سره:
على السمع عَوَّلْنا فَكُنَّا أولي النُّهى ... ولا عِلْمَ فيما لا يَكونُ عن السَّمعِ
وقال أيضاً:
فَنَجَاْةُ النَّفْسِ في الشرع فلا ... تَكُ إنساناً رأى ثُمَّ حُرِمْ
واعتصِمْ بالشرع في الكَشْفِ فقد ... فاز بالخَير عُبَيْدٌ قَدْ عُصِمْ
إن للفكر مقاماً فاعتضد ... به فيه تَكُ شخصاً قد رُحِمْ
كل علم يشهد الشرع له ... هو علم فبه فلْتَعْتَصِمْ.
وكلماته رضي الله عنه في هذا لا تنحصر لكثرتها ولشدة تحذيره من تلبيسات الكشف ومخالفته للشرع مالم يعتصم المرء بالشرع .
وهذا نفسه عند أهل الأفكار ، فهل الفكر معصوم ؟ وإذا كانت نتائج الفكر مخالفة للشرع فهل يأخذ به أم نعلم فساد المقدمات؟ 
فما يقال عن الكشف يقال عن الفكر أيضا .
وقال حجة الإسلام رضي الله عنه ، وأنقله من شرح الحافظ السيد الزبيدي قدس سره :
( فأما العلم الحقيقي الذى هو) عباره عن (الكشف والمشاهدة بنور البصيرة فكيف يكون حجابا وهو منتهى الطلب) انتهى.
وقال أيضاً :
((فمن آمن بالأنبياء و صدق بالرؤيا الصحيحة لزمه لا محاله بان يقر بان القلب له بابان باب الي خارج وهو الحواس وباب الي وباب الي الملكوت من داخل القلب وهو باب الالهام ونفث في الروع و الوحي) فالأخير خاص بالأنبياء و الالهام والنفث عام فيهم و في الأولياء ومنهم من جعلهما من اقسام الوحي وقد تقدم الكلام عليه قريبا (فاذا اقر بهما) اي بالأمرين المذكورين (جميعا) من غير انكار ولا نقص (لم يمكنه ان يحصر العلوم في التعلم ومباشرة الاسباب المألوفة) في الدراسة (بل يجوز ان تكون المجاهدة) في نفسه التي هي اعدي عدوه (سبيلا اليه) كما يرشد اليه قوله تعالي و الذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا (فهذا ما ينبه علي حقيقة ما ذكرناه من عجيب تردد القلب بين عالم الشهادة وعالم الملكوت واما السبب في انكشاف الامر في المنام بالمثال المحوج الي التعبير وكذلك تمثل الملائكة للأنبياء و الاولياء بصور مختلفة فذلك ايضا من اسرار عجائب القلب و لا يليق ذلك لا بعلم المكاشفة فلنقتصر علي ما ذكرناه فانه كاف للاستحثاث علي المجاهدة و طلب الكشف فيها)) انتهى من شرح اتحاف السادة بشرح الإحياء،  للحافظ الزبيدي
- أما مسألة إتيان المرأة في الدبر ، فنطالبه بالنص عن الشيخ الأكبر.
وقد قال الشيخ رضي الله عنه : (فإن الدبر هو الأصل في الأذى ، فإنه ما وجد إلا لهذا ) 
وقال قدس الله روحه : 
(فإن الرجل يلقي الماء في الرحم لا غير ، والرحم محل التكوين و الخَلق )
-أما مسألة ليلة القدر وتناوبها في أيام السنة : فهذا قول العديد من العلماء ، وهو قول الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه وهو منقول عن كثير من السلف ، وقال أبو بكر الرازي : هي غير مخصوصة بشهر من الشهور .
وقال في قاضيخان : المشهور عن ابي حنيفة أنها تدور في السنة كلها . إلى أن قال : وصح ذلك عن ابن مسعود وابن عباس وعكرمة وغيرهم .
فما أعجب الجرأة عند أولئك المنكرين وما أسرع الافتضاح.
-أما مسألة إيمان فرعون وعذاب أهل انار...الخ، فهذه المسائل وأمثالها هي التي كثر حولها الأخذ والرد ، فلا نطيل بها ، ونتبع من قال بالدس أو التأويل أو التوقف ..فهذا ما يقتضيه كلام جمهور أهل السنة في هذه المسائل.
Mohamed Yaseer Yaseer
‏١٧ أبريل‏، الساعة ‏٩:٣٢ ص‏ ·