#نَموذجٌ_من_تأويل_العارفين_كلامَ_العارفين
قال العارفُ بالله أبو يزيدَ البَسطاميُّ: «خُضتُّ بحرًا وقفَت الأنبياءُ بساحله»!
قال العارفُ بالله أبو العبَّاسِ المرسي مُفسِّرًا: إنَّما يشكو أبو يزيدَ بهذا الكلامِ ضعفَه وعجزَه عن اللَّحاق بالأنبياء عليهم السلام، ومرادُه أنَّ الأنبياءَ خاضوا بحرَ التَّوحيدِ، ووقفوا من الجانب الآخَرِ يدعون الخلقَ إلى الخوض، أي: فلو بلغت مرتبتهم في التوحيد لوقفتُ حيث وقفوا.
قال العارفُ بالله ابنُ عطاءِ اللهِ مُعلِّلًا تأويلَ شيخِه كلامَ أبي يزيدَ: وهذا الَّذي فسَّر الشيخُ به كلامَ أبي يزيدَ هو اللَّائقُ بمقام أبي يزيد؛ وقد قدَّمْنا عنه أنَّه قال: جميعُ ما أَخذ الأولياءُ ممَّا أخذ الأنبياءُ كزِقٍّ مملوءٍ عسلًا، ثم رَشَحَت منه رشحةٌ؛ فما في باطن الزِّقِّ للأنبياء، وتلك الرَّشحةُ هي للأولياء.
والمشهورُ عن أبي يزيد التَّعظيمُ التامُّ لمراسم الشريعةِ، والقيامُ بكمال الأدبِ... وما جاء عن الأكابر أُولي الاستقامةِ مع الله سبحانه، من أقوالٍ وأفعالٍ يُشكِلُ ظاهرُها- أوَّلناها لهم؛ لِمَا علمناه من استقامتهم وحُسنِ طريقتِهم، فقد قال : ولا تَظُنَّنَّ بكلمةٍ بَرَزَت من امريءٍ مسلمٍ سُوءًا، وأنت تجدُ لها في الخير محمَلًا.