قَالَ تِلْمِيذ الحَرَّانِي ابْنُ قَيِّم الجَوْزِيَّة: ((فَقَدْ أَخْبَرَ [الشَّارِع] أَنَّهُ حَيْثُمَا تَوَجَّهَ الْعَبْدُ فَإِنَّهُ #مُسْتَقْبِلٌ_وَجْهَ_اللَّهِ، فَإِنَّهُ قَدْ دَلَّ الْعَقْلُ وَالْفِطْرَةُ وَجَمِيعُ كُتُبِ اللَّهِ السَّمَاوِيَّةِ عَلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَالٍ عَلَى خَلْقِهِ فَوْقَ جَمِيعِ الْمَخْلُوقَاتِ، وَهُوَ مُسْتَوٍ عَلَى عَرْشِهِ، وَعَرْشُهُ فَوْقَ السَّمَاوَاتِ كُلِّهَا، #فَهُوَ_سُبْحَانَهُ_مُحِيطٌ_بِالْعَالَمِ_كُلِّهِ، #فَأَيْنَمَا_وَلَّى_الْعَبْدُ_فَإِنَّ_اللَّهَ_مُسْتَقْبِلُهُ، بَلْ هَذَا شَأْنُ مَخْلُوقِهِ الْمُحِيطِ بِمَا دُونَهُ، فَإِنَّ كُلَّ خَطٍّ يَخْرُجُ مِنَ الْمَرْكَزِ إِلَى الْمُحِيطِ فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُ وَجْهَ الْمُحِيطِ وَيُوَاجِهُهُ، وَالْمَرْكَزُ يَسْتَقْبِلُ وَجْهَ الْمُحِيطِ. وَإِذَا كَانَ عَالِي الْمَخْلُوقَاتِ الْمُحِيطُ يَسْتَقْبِلُ سَافِلَهَا الْمُحِيطُ بِهِ بِوَجْهِهِ مِنْ جَمِيعِ الْجِهَاتِ وَالْجَوَانِبِ، فَكَيْفَ بِشَأْنِ مَنْ هُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ وَهُوَ مُحِيطٌ وَلَا يُحَاطُ بِهِ، كَيْفَ يُمْتَنَعُ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْعَبْدُ وَجْهَهُ تَعَالَى حَيْثُ كَانَ وَأَيْنَ كَانَ))(1)!!!...
وهذا نص صريح من ابن القيم يثبت فيه إحاطة الخالق بالعالم المخلوق إحاطة حسية من كل الجهات!!!...فيلزمه هنا لزوما لا مناص منه أن يحكم بصحة الإشارة الحسية إلى ربه إنطلاقا من كل الجهات داخل العالم نحو ((الجهة العدمية!)) التي يسكنها ربه!!!..فلا يقتصر الأمر إذن على الإشارة إلى جهة ((فوق العالم!)) فقط بل تصح الإشارة الحسية إلى ربه حتى بالإشارة إلى ((تحت العالم!)) و..الخ!!! فلم لا يصحح ابن القيم أن يقال: "سبحان ربي الأسفل" بنفس منطقه في استخلاص الفوقية الحسية إنطلاقا من قوله: "سبحان ربي الأعلى"؟!!!...أيضا: ولأنه تعالى -حسب زعمه- محيط بالعالم فهو تعالى عن يمين وشمال وفوق وتحت وقدام وخلف العالم؟!...فالعالم المحدود إذن موجود بداخل الرب المعبود حسب فهم هذا الرجل؟!!!...والعجيب أن ابن القيم هذا يناقض عقيدته هنا حيث يزعم من جهة أخرى بأن ربه صمد لا جوف له؟!!!...تعالى الله عن هذا الهذيان كله علوا كبيرا...
_________________
(1) مُخْتَصَرُ الصَّوَاعِقِ الـمُرْسَلَةِ عَلَى الجَهْمِيَّةِ وَالـمُعَطِّلَةِ (ص:1018) لابْنِ قَيِّمِ الجَوْزِيَّةِ (ت:751هـ) اخْتِصَار: مُحَمَّد بْن الـمَوْصِلِي (ت:774هـ)، تَحقِيق: الدُّكْتُور الحَسَن بْن عَبْدِ الرَّحْمَن العَلَوِي، دَار أَضْوَاء أَضْوَاء السَّلَف لِلنَّشْر وَالتَّوْزِيع: الرِّيَاض - السَّعُوِديَّة، طَبْعَة: 1425هـ - 2004م.
وكتبه الشيخ / ياسين بن ربيع حفظه الله