هل الولي ينفع بعد موته ؟
يقول ابن القيم : إنَّ الولي ينفع بعد موتهِ و هو في قبره.. فقال : [ روي ابن أبي الدنيا أنَّهُ مات رجلٌ مِن أهل المدينة ، فرآهُ رجلٌ كأنَّهُ مِن أهل النار ، و بعد ساعة أو ثانية رآهُ كأنه مِن أهل الجنة ، فقال ألم تقل إنك من أهل النار ؟ فقال بلى و لكن دُفن معنا رجلٌ مِن الصالحين فشفع في أربعين من جيرانهِ فكنت أنا واحداً منهم ]
كتاب الروح [ص114] طبعة دار الفجر ، و ص 82/81 طبعة بيروت .
وفي ص 83 طبعة بيروت قال : [ روحُ الولي في الدار الآخرة تهزم الجيوش الكثيرة ]
ويقول أيضا : إنَّ الولي يدرس و هو ميت ، و ذكر أنَّ ابن تيمية حلَّ مسالةً في الميراث و هو ميت ...هذا ذكره البزاز تلميذ ابن تيمية في كتابهِ الاعلام العلية .
و في ص 9 من كتاب الروح طبعة الفجر [ أنَّ الأموات عامة يعرفون و يسمعون مَن يزورهم ويتكلم معهم و لو كانوا كفاراً ،و ذكر حديث الصحيحين ، أي حديث قليب بدر .
* ثم قال وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : [ إنَّ الميت يسمع قرع نعال المشيعين له إذا انصرفوا عنه ] - متفق عليه -
* ثم قال ابن القيم : و السلف مجمعون على هذا ، و قد تواترت الآثار عنهم بأنَّ الميت يعرف زيارة الحي ويستبشر به .
* يقول ابن تيمية: إنَّ الولي له كرامات بعد موته ، و ينفع بعد موته ،
ففي كتابه اقتضاء الصراط المستقيم ص 42 يقول :
وكذلك يُصدَّقُ المسلم ما يذكر من كرامات و خوارق العادات التي يجريها الله عز وجل عند قبور الأنبياء والأولياء والصالحين ، مثل نزول الأنوار والملائكة عندها و توخي الشياطين لها واندفاع النار عنها وعمن جاورها وحصول الأُنس والسرور عندها ونزول العذاب بمن استهان بها وشفاعة بعضهم في جيرانهم من الموتي ] اهـ
* أما ابن عبدالوهاب النجدي فإنه يقول إنَّ الولي ينفع بعد موته ،
ففي ص 17/16 من كتابه أحكام تمني الموت يقول: [ روى أبو نعيم - ادفنوا موتاكم وسط قوم صالحين ]
و في ص 56 يثبت تصريف الأولياء بعد موتهم و كراماتهم كذلك .
ومنها أنَّ الولي بعد موته يأتي بالمطر إلى أرض بشة باليمن وذلك الولي هو جعفر الطيار رضي الله عنه .
وفيه أيضا أنَّ الولي يتكلم من داخل القبر ، فذكر قصة ذكرها ابن كثير في تفسيره سورة الأعراف وذكرها الكاندهولي في حياة الصحابة رضوان الله عليهم في الكرامات ، وهي طويلة وفي آخرها - فأجابه الفتى من داخل القبر : لقد آتانيها ربي في الجنة مرتين -فقال له سيدنا عمر رضي الله عنه لك جنتان لك جنتان .
* وفيه في ص 47/46 :-
الولي يرى و يسمع في قبرهِ... [ روى الحاكم و أحمد أنَّ السيدة عائشة رضي الله عنها قالت : كنت أدخل البيت وأقول إنما هذا أبي و زوجي ، و لكن لمَّا دُفِن عمر معهما صرت لا أدخل إلَّا و أنا مشدودةٌ عليَّ ثيابي حياءً من عمر رضي الله عنه .
فالشاهد هنا قولها رضي الله عنها [ حياءً من عمر ] و هو كان داخل قبره .
* أما أنَّ الولي يحضر مُريدَهُ عند موتهِ ، فقد ذكر في ص 11 في نفس المرجع فقد ذكر حديث [ ما من أحدٍ يموت إلَّا و يمثل له جلسائه فإن كانو أهل ذِكرٍ فأهل ذكر و إن كانو أهل لهو ٍ فأهل لهو ] .
فهل هناك أهل ذكر غير الأولياء رضي الله عنهم
وهنا يجب التنويه : بأَّن ابن تيمية تحقق أنَّ الصوفية هم الصالحون فأوصى بأن يُدفن في مقابر الصوفية ، و قد ذكر ذلك ابن كثير في كتابه البداية والنهاية في ص 215 جزء 15 طبعة دار ابن رجب ، وذكره ابن عبد الهادي في العقود الدرية فقال : [ و حمل إلى مقبرة الصوفية ].
* وجاء في كتاب الرد الوافر للإمام الدمشقي ص 136 : و جاء فيه أنَّ تراب قبر ابن تيمية يداوي الرمد الربيعي ..
أمَّا التبرك بتراب قبر الإمام البخاري رضي الله عنه فانظره في كتاب الساري وغيره من الكتب .
فإنَّهُ يتبين مما سبق أنَّ الصوفية على حق والأدلة من كتب أئمة الوهابية .
أما مِن القرآن الكريم
فإنَّ الولي ينفع حياً و ميتاً ، فقال تعالى ( وكان أبوهما صالحا )
فقد قال ابن عباس رضي الله عنهما -حفظ الله لهما كنزهما لصلاح أبيهما و لم يذكر لهما صلاح وتفسير ابن كثير طبعة الرباط .
ومن السنة
روي الفيراني عن ابن عمر رضي الله عنهما ، قال النبي صلي الله عليه وسلم [ إنَّ الله ليدفع بالرجل الصالح عن أربعين أهل بيتٍ مائة من البلاء ، ثم تلي الآية [ و لولا دفع الناس بعضهم ببعض ...]
و حديث آخر لا يقبل التضعيف أو الوضع [ ادفنوا موتاكم وسط قوم صالحين ]
و في الصحيح [ مثل الجليس الصالح والجليس السوء ]
وللمزيد إقرأ :
1- شرح الصدور للسيوطي.
2- البركة والتبرك من ذهبيات الإمام الذهبي للشيخة خديجة الادريسية .
3- إقناع المؤمنين لعثمان الصومالي الشافعي .
أما مسألة النفع و الانتفاع بالصالحين و الأولياء حال حياتهم ، فلا خلاف حولها ، و عمدة الأدلة هنا هي الأحاديث الصحيحة و شِبه المتواترة الواردة في سيدنا أويس القرني ، و توجيه النبي صلى الله عليه و سلم لصحابتهِ و توصيتهم بمقابلة أويس القرني بحيث يدعو و يستغفر لهم ...
و كذلك قوله صلى الله عليه و آله و سلم : [ رب أشعث أغبر ذي طمرين مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبرَّه ]
وفي هذا الباب الكثير من الأدلة الشرعية مِن الكتاب و السنة .
أمَّا عن مسألة التوسل بسيدنا رسول الله - صلى الله عليه و آله و سلم - في حياتهِ و بعد انتقالهِ إلى مولاه ، و كذلك التوسل بالأولياء و الصالحين على الإطلاق ، فهذه مسألة لم يخالف فيها أحد ، و اتفق أهل العلم على جواز و مشروعية التوسل ، وأنَّهُ لم يخالف في هذه المسألة إلَّا الوهابية ، مع العلم بأنَّ ابن تيمية الذين يدعون أنهم على مذهبهِ و و رأيهِ وافق جمهور العلماء في هذه المسألة ، و مَن أراد أن يتحقق من قولهِ بالجواز فليطالع كتابهُ [ قاعدة جليلة في التوسل و الوسيلة ] .
و بذلك لا يكون للوهابية و المتمسلفة أدنى دليل على الإنكار و المخالفة .
فنسأل الله تعالى أن يهديهم و يرجعون مِن غيهم و ضلالهم إلى صحيح العلم