من المتشابه آيات الصفات ...

قال الإمام الترمذي رحمه الله تعالى ( والمذهب في هذا عند أهل العلم من الأئمة مثل سفيان الثوري ومالك بن أنس وابن المبارك وابن عيينة ووكيع وغيرهم أنهم رووا هذه الأشياء ثم قالوا تروى هذه الأحاديث ونؤمن بها ولا يقال كيف , وهذا الذي اختاره أهل الحديث أن تروى هذه الأشياء كما جاءت ويؤمن بها ولا تفسر ولا تتوهم ولا يقال كيف , وهذا أمر أهل العلم الذي اختاروه وذهبوا إليه ) اهـ السنن 4/492 .
وقوله ( ولا تفسر ولا تتوهم ) نص في الحمل على التفويض الدال على نفي الظاهر , وإلا لما كان لقوله معنى , لأن الظاهر معلوم لكل من يفهم اللسان العربي .

وروى الخلال عن أحمد في هذه النصوص ( نؤمن بها ونصدق ولا كيف ولا معنى ) اهـ

وقوله : ولا كيف ولا معنى . واضح على عدم العلم بالمعنى , وهذا دال على أنه منفي الظاهر , لأن الظاهر معلوم لمن يعرف اللسان العربي , وقوله : لا كيف ولا معنى . يكون بلا معنى حينئذ .

وروى الحافظ البيهقي بسنده عن الإمام الأوزاعي أنه قال ( كل ما وصف الله تعالى به نفسه في كتابه فتفسيره تلاوته والسكوت عليه ) اهـ الاعتقاد 93 .

وقال القاضي عياض رحمه الله تعالى في إكمال المعلم 2/465 ( لا خلاف بين المسلمين قاطبة فقيههم ومحدثهم ومتكلمهم ونظارهم ومقلدهم أن الظواهر الواردة بذكر الله تعالى في السماء كقوله تعالى { أءمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض } ونحوه ليست على ظاهرها بل متأولة عند جميعهم ) اهـ

وقال الإمام ابن المنير عند كلامه على ترجمة البخاري لأحد أبوابه بقوله ( باب قوله تعالى { وكان عرشه على الماء } { وهو رب العرش العظيم } ( نبّه ـ البخاري ـ على بطلان قول من أثبت الجهة والحيز , وفهمَ من قوله " ذي المعارج " أن العلو الفوقي مضاف إلى الحق على ظاهره . فبين البخاري أن الجهة التي يصدق عليها أنها سماء والحيز الذي يصدق عليه أنه عرش , كل ذلك مخلوق مربوب محدث , وقد كان الله ولا مكان ضرورة , فحدثت هذه الأمكنة , وحدوثها وقِدَمُه جل جلاله يحيل وصفه بالتحيز فيها لأنه لو تحيز لاستحال وجوده قبل الحيز مثل كل متحيز . تعالى الله عن ذلك ) المتواري على أبواب البخاري 431 , وفتح الباري 13/429 .

وقال الإمام النووي عن أحد أحاديث الصفات ( هذا من أحاديث الصفات وقد سبق فيها المذهبان التأويل والإمساك عنه مع الإيمان بها ومع اعتقاد أن الظاهر منها غير مراد ) اهـ شرح مسلم 17/129 .

وقال الحافظ ابن حجر ( استدل به ـ يعني حديث النزول ـ من أثبت الجهة , وقال : هي جهة العلو , وأنكر ذلك الجمهور , لأن القول بذلك يفضي إلى التحيز تعالى الله عن ذلك .
وقد اختُلِف في معنى النزول على أقوال : فمنهم من حمله على ظاهره وحقيقته وهم المشبهة , تعالى الله عن قولهم .... ) اهـ فتح الباري 3/37 .

وقال الحافظ السيوطي ( من المتشابه آيات الصفات ... وجمهور أهل السنة منهم السلف وأهل الحديث على الإيمان وتفويض معناها المراد منها إلى الله تعالى , ولا نفسرها مع تنزيهنا له عن حقيقتها ) اه ـ الإتقان في علوم القرآن 2/10 .