هل يمكن رؤية رسول الله صلى الله عليه وسلم يقظة ؟

هل يمكن رؤية رسول الله صلى الله عليه وسلم يقظة ؟
يشنع الوهابية على مخالفيهم في جواز رؤية رسول الله صلى الله عليه وسلم يقظة ... ويتهمونهم بالخرافة على الرغم ان الاحاديث الصحيحة في البخاري ومسلم بعلو اسنادها ... فانظروا من يعطل الاحاديث لشهوة التبديع والتكفير ... ! وقد نقل الحافظ ابن حجر في فتح الباري (385/ 12) الخلاف في المسألة عند اهل السنة على اقوال اخترت لكم ثلاث منها لقوتها .. ونناقشها ونرد شبهات المتطرفين عليها:
اقوال اهل السنة:
1. لا يُرى صلى الله عليه وسلم على الحقيقة وحملوا الحديث على تاكيد انها ليست اضغاث احلام وهي من قبيل التشبيه لقوله (فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لاَ يَتَمَثَّلُ فِي صُورَتِي .... ولقوله في رواية (فكأنما رآني في اليقظة، فقد رآني في اليقظة)
2. سيُرى صلى الله عليه وسلم في اليقظة بمعنى تأويلها بطريق التعبير. لقوله (فقد رأى الحق)
3. أنه يُرى صلى الله عليه وسلم في الدنيا حقيقة ويخاطبه الرائي .... وهؤلاء اختلفوا في طبيعة الرؤية
أ) بالقلب ... بواسطة عيني قلبه البصيرة والشهود
ب) بالعين ... بعيني راسه رؤية بصرية بالعين
لذلك لا يجوز التشنيع على اي طرف قال باقوال اهل السنة ومن يحسم المسائل لصالحه فهو متعسف ولا يقبل تأويله امام العدول من العلماء الكبار ... يسعنا ما يسعهم كل له الحق في التوصل لما يقبل به امام النصوص الصحيحة ..
(1). نعم لا يوجد ما يمنع ان يُرى رسول الله صلى الله عليه وسلم يقظة لحديث عند البخاري ومسلم: (من رآني في المنام فسيراني في اليقظة، ولا يتمثل الشيطان بي) وليست الرؤية بما هو متعارف عند البشر وانما حالة وجدانية يرى فيها الانسان ما يراه النائم وما يسمى في علم النفس الحديث بالتأملية التي تفتح أمام الفرد عدة عوالم روحانية، عن طريق التركيز والتحكم في الطاقة الجسمانية ..
وهي حالة تشبه ما تعتري الانسان العادي حالة يصفن فيها يتوقف العقل و التنفس عن العمل مؤقتاً ... وتتشابه الحالتان في اتحاد سبب العلة وهي الانفصال عن الواقع كليا فيظهر الصافن كالنائم والفرق ان النوم يستغرق ساعات بينما الصفن تستغرق فترة محدودة حتى تبدو الأحوال له
(2). قال الحافظ السيوطي: ليست الرؤية البصرية كالرؤية المتعارفة عند الناس من رؤية بعضهم لبعض، وإنما هي (حالة جمع) وحالة برزخية وأمر وجداني لا يدرك حقيقته إلا من باشره!! (الحاوي 316/ 2)
لذلك كل محروم من محبة رسول الله لا يظهر عليهم فما كان قديما مستحيلا الان اصبح حقيقة

الشبهات والرد عليها:
(1). قولهم: لو حمل على ظاهره لكان هؤلاء صحابة، ولأمكن بقاء الصحبة إلى يوم القيامة ..
والجواب عليه: يسقط هذا الاستدلال ازاء تعريف من هو الصحابي المختلف عليه بين اهل السنة والدليل المتنازع عليه لا يكون شاهدا قويا يمكن الوثوق به لانه من قبيل الاضطراب .... والمضطرب متعرض لاحتمال مظنة الضعف ..
(2). قولهم: يعكر عليه أن جمعاً جماً رأوه في المنام، ثم لم يذكر واحد منهم أنه رآه في اليقظة!!؟
ويجاب عليه: الجهل بوجود الشيء لا ينفي عدمه إن عدم رؤية الشيء ليست دليلا على عدم وجوده، وقبيح بالعاقل أن ينفي شيئا لعدم علمه بوجودهويجاب عليه ان عثمان بن عفان راه يقظة وان احتمال ان تكون مناما لورود اللفظ في احدى الروايات فمن قال بها ومن ردها وهذا الاستدلال كذلك مردود لوجود التنازع في المتن فلا يجوز المخصص ما دام فيه التباس
ويجاب عليه ان ابن عباس راه يقظة فقد رآه في المنام اولا ثم تفكر كيف يكون هذا الحديث فذهب الى ام المؤمنين فاخبرها فناولته مرآة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعملها فقال ابن عباس انه لما رفعها ليرى وجهه لم يظهر الا وجه رسول الله!! (3). قولهم: لماذا لم يظهر النبي صلى الله عليه وسلم يقظة في مواقف كانت محددة لمصير الأمة؟ لماذا لم يظهر يقظة للمهاجرين والأنصار في سقيفة بني ساعدة وقت الاختلاف على الخلافة او في في صفين او اي مفصل تاريخي مهم؟
يجاب عليه
اولا: هذا سوء ادب لا ينبغي لعاقل ان يسأله ابتداءً ... ان هذا من خصائص الله تعالى في تدبير الكون فهو الذي يحدد ما يجب ان يكون وما لا يجب ان يكون وهذا خاضع للمشيئة الالهية والا لجاز لنا ان نسأل الله عما يفعل وهذا مخالف لصريح القران (لا يسأل عما يفعل)
ثانيا: لو اجزنا قبول هذا السؤال لجاز لنا السؤال لماذا لم يمنع الله العمى عن ابن عباس وابن عمر فقد ماتا ضريرين او بتر رجل عروة بن الزبير بالغرغرينا .. هذا كله من القدر الكوني اي يخضع لسبب ومسبب تماما كقوانين الكون كافة ...
ولجاز لنا ان نسال لماذا الهم عمر بن الخطاب في القول لسارية ولم يلهمه ان قاتله ابو لؤلؤة سيطعنه وهو في الصلاة ذلك اليوم وكذلك لماذا لم يلهم عليا بن ابي طالب بخطة الخوارج ابن ملجم في اغتياله ....
اصمت فستفتح باب انت لن تسطيع اغلاق الا بالشك في الدين وبمن نقل لنا الدين!!!
ثالثا: السؤال هذا من المنطق ان يوجه الى الرسول فهو صاحب
الظهور لا من يراه والفاعل هو الذي يسال عن تنفيذ الفعل لا من شاهده .. والا لجاز للرائي ان يتساءل لماذا انا يا رسول الله بالذات؟!! ظهرت لي؟

(4). قولهم: هذا الحديث خاص بالصحابة الذين رؤوا شخصه و عرفوه و رأوا وجهه و عاشروه و عرفوه , فاذا رأوه في المنام عرفوه و قالوا: هذا الرسول صلى الله عليه و سلم. اما من بعدهم الذين لم يروه , فان الشيطان قد يتمثل بصورة انسان (الكنز الثمين /ابن جبرين 75)
يجاب عليه: كلام غير علمي وغير منضبط باصول الفقه ويحتاج الى تحرير بادلة صريحة تفيد ذلك بل قوله هذا يعارض من رواية مسلم بقوله (الشيطان لا يتمثل بي .. وكيف يقيد هذا بالصحابة بلا دليل مخصص بشروطه المعتبرة عند الاصوليين .. بل يدفعه اثرا ابن سيرين وابن عباس فيما قالا للتابعين الذين رؤوا رسول الله في المنام فطلبوا منهم اوصافه ولم ينكرا عليهما او قالا لهما ان هذا خاص بالصحابة؟
ومدفوع باداة من التي تفيد العموم فلا يقبل تخصيصها بلا صارف وقرينة صحيحة وصريحة ولا التباس فيها وغير متنازع فيها

(5). قولهم: قالوا هذه الرؤية تكون بعد الموت؟
ويجاب عليه: كذلك هذه تحتاج لدليل ... لان اي تخصيص لاي عام ان خلا من دليل يخصص ويصرفه عن العموم يكون دعوى ساقطة بلا حجة وتدفع بانه سيراه كل مؤمن من أمته يرد على الحوض .. فأي فضيلة بقيت لهذه الرؤية ما دام الجميع سيراه!!
فاذا علم ذلك تعين ان هذه المزية هي أن يراه في الدنيا حقا يقظة كذلك يرد هذا القول باداة من التي تعني العموم فلا يقبل تخصيصها الا بمخصص محظي بالقبول بشروطه

(6). قولهم اما ما جاء في الاثر عن ابن عباس وابن سيرين انهم اشترطوا ان تكون اوصاف رسول مطابقة للحقيقة
يجاب عليها:
انه ليس فيها انه اشترطا ذلك بل كان منهما ان ارادا التأكد من الرائي من اوصافه فلما علما اوصافه ليست كما يعرفها ابن عباس وابن سيرين قالا له لم تره بمعنى انه ليس هو باوصافه وليس انكارا لرؤيته في الحلم!!

(7) قولهم: العين الفانية لا ترى العين الباقية اي ان النبي في دار البقاء والرائي في دار الفناء يرون الرسول مات والراي حي فلا يعقل ذلك
ويجاب عليه:
ان المؤمن اذا مات يرى الله والرب حي والميت يموت كل يوم سبعين مرة!! كما قال الفقهي المحدث ابن ابي جمرة ووافقه الحافظ السيوطي (الحاوي 311/ 2)ويجاب ان الانبياء اذا ما قبضوا ردت اليهم ارواحهم فهم احياء كما الشهداء .. (البيهقي في الاعتقاد) ويجاب انه بلغنا في الصحيح ان صلاتنا معروضة عليه وان سلامنا يبلغه

(8). قولهم لماذا لم يظهر للصحابة:
ويجاب عليها انه ظهر الى عثمان وابن عباس كما ذكرنا انفا ويجاب عليها يمكن أن يكون وقع ذلك لبعضهم على سبيل الندرة ولم تقتض المصلحة إفشاءه، ويمكن أن يقال: إنه لم يقع لحكمة الابتلاء أو لخوف الفتنة ... كما قال الالوسي وانقل كلاما نفيسا له رحمه الله: قال: وكانت الخوارق في الصدر الأول ـ لقرب العهد بشمس الرسالة ـ قليلة جداً وأنّى يرى النجم تحت الشعاع أو يظهر كوكب وقد انتشر ضوء الشمس في البقاع! ويجاب عليها اذا لم نقبل رؤيته في اليقظة وجب علينا الا نقبل رؤيته في المنام كذلك ... !!

(9). قولهم بالترجيح في الروايات يقتضي تقديم فقد راني بدون يقظة!
ويجاب عليها ان العلماء متفقون ان الترجيح لا يكون الا بعد تعذر الجمع بين الاحاديث وهنا لا يتعذر الجمع وكيف لا واسانيد الروايات التي فيها اليقظة اعلى سندا مما تخلو منها واما القول بالكثرة يتم الترجيح فهذا يقتضي تعطيل حديث ثابت وصريح

(10). من يراه على الحقيقة يعني انه ادرك الصحابة اصبح في عدادهم فه صحابي؟
ويجاب عليها:
هذا لا يكون الا اذا كان تعريف من هو الصحابي وان كان الجمهورموحد فكيف اذا علمت ان اهل السن لهم خمسة تعريفات للصحابي:
1. سواء اجتمع بالنبي مرة أخرى أم لا وهذا هو الصحيح المعتمد عند الشافعية والحنابلة من لقي النبي مؤمناً به ومات على الإسلام ولو صحبه شهراً أو يوماً أو ساعةً فهو من أصحابه قال الآمدى الصحابي هو من رأى النبي وإن لم يختص به
اختصاص المصحوب يعني وإن لم يكن له مصاحباً ملازماً
2. أن الصحابى هو من طالت صحبته للنبى وكثرت مجالسته على طريق التبع له والأخذ عنه 3. أن الصحابي هو من أقام مع رسول الله سنة أو سنتين وغزى معه غزوة أو غزوتين
4.طول الصحبة مع اشتراط الأخذ عنه
5. من أدرك زمن النبي وإن لم يره، فهذا القول أدخل كل من كان في عهد النبي ? مسلماً وإن لم يكن قد رأى النبي كما قال الاصوليون ...
الالفاظ:
فسيراني في اليقظة - أو فكأنما رآني في اليقظة - فقد رآني في اليقظة - فكأنما رآني في اليقظة - لا يتزايا بي و لا يتراءى بي و لا يتكوّنني.

كتبه: زياد حبوب ابو رجائي