الرد على الوهابية فى انكارهم معجزات مولده صلى الله عليه وآله وسلم

طلبت دكتورة فاضلة وألحت في طلب الرد على رسالة هذا الوهابي المريض في قلبه وعقله ... ونزولا عند رغبتها ورغبة الإخوة المحبين والمخلصين ووفاء بالوعد مني في إجابة هذا للطلب ووجوب الرد عن العلم وأهله وفرض الدفع عنهم والذَّبِّ ، كتبت هذا الرد على هذه الرسالة الممقوتة والمغرضة ... وانظر هذه الرسالة والرد عليها فيما يلي :
فقد كتب هذا الوهابي الزائغ والمحروم من بركات الفرح والبهجة والسرور بمولد سيد الوجود ومن اقتباس الأنوار من سراج محبته ووده صلى الله تعالى عليه وسلم ... فقد قال هذا المتنطع الجاهل :
( عندما ولد عليه الصلاة والسلام،.....
.......
.. لم يحدث شيء استثنائي قط..
لم يحدث شيء مما قيل لنا على المنابر ..
لم يولد عليه الصلاة والسلام مختونا..
لم تخمد نار المجوس...
لم ينشق إيوان كسرى ولم تسقط أربع عشر شرفة منه.
لم تجف بحيرة ساوا...
ولم تنتكس الأصنام في مكة..
كل ما قيل لنا ،عبر الأجيال، وما تناثر في قصائد المديح التي تقال في المناسبات ، وتسلل إلى وعينا حتى صار من بديهيات "المناسبة" ، كله لا يستند إلى دليل شرعي صحيح ، واستند على أحاديث موضوعة أو لا أصل لها أو ضعيفة في أحسن أحوالها..
لم تنطفئ نار المجوس،
ولم ينشق إيوان كسرى.
ولا حتى انتكست الأصنام.
كل ذلك حدث فعلا ، لاحقا ، وأدت له سيرة حياته الكريمة المليئة بالجهد والعمل والفعل..
نعم ، لقد أخمد نار المجوس.
وشق إيوان كسرى.
أنتكست الأصنام على يديه..
لكن ذلك لم يحدث قط بمولده..
بل عبر حياته كلها..بمجملها
حياته التي تقول لنا :
قوموا من خرافاتكم إلى نهضتكم ، يرحمكم الله..
أحمد خيري العمري
3 . 
انتهى قول هذا المبتور .
........
ونقول في الرد عليه وعلى لأمثاله من الأباله الجاهلين والمشككين الحاقدين ... ونشد على أيدي المحبين الذين يريدون إبطال الباطل في مثل أقوال أهل الباطل هذه ، لتبقى شعلة الحب متقدة وأنوار الإيمان على قلوبهم عائدة ، بما هو آت :
أولا : لا مشكلة عندنا نحن أتباع المذاهب الأربعة وجماهير الأمة الغفيرة منذ ما يزيد على ثماني مئة سنة في مندوبية الاحتفال والابتهاج بمولد سيد ولد آدم عليه أفضل الصلوات وأزكى التسليمات ولم يخالف ويعاكس الأمة ومذاهبها إلا هذه الشرذمة الممقوتة ، التي لا دين لها ولا كرامة ، بل الشر أصلها ، والذم واجب في حقها ، لجهلها بهذا المقام العظيم والشريف ، وجرأتها في التطاول على صاحب هذا المقام المنيف ، فقبحها الله تعالى وأراح الإسلام والمسلمين من وبائها ووبالها ...
وأما ما أورده هذا الوهابي المعتوه في هذه الرسالة ليضلل العوام ، ويجهل الأئمة الذين أفتوا بتعظيم هذا اليوم المبارك ، ويوهمهم ببطلان ما قرره العلماء الأئمة في هذا المقام فنقول له ولأمثاله :
ونحن أيضا أيها الوهابي الخفيف ، لا ننكر مطلقا أنه لم يرد من حيث الصناعة الحديثية حديث من طريق صحيح عند الرواة ولا إشكال عندنا مطلقا في رد ما لم يثبت مطلقا ويقينا ، وهذا إذا ثبت بالدليل القاطع ما يقطع كل شك في عدم ثبوت هذه الروايات وذلك بعد رد كاميرات المراقبة لنحصل على أنه لم يقع ولم يحصل شيء من ذلك ... لأن كاميرات المراقبة أوثق من أقوال لم تستطع أن تقطع بإثبات أو نفي ما قيل في ذلك ...
ونقول : لقد حصلت إرهاصات قبل مولده صلى الله تعالى عليه وسلم تبشر بقدومه وتنذر أهل الشرك والضلال وأهل الكتاب من مخالفته وعدم الإيمان به ، ففيها الأدلة الصحيحة والقويمة بما يغني عن الاستدلال بما لم يثبت من طرق يصح التمسك والاستدلال بها
ونقول في رد هذه المزاعم ما يلي :
لا يلزم من عدم ثبوت هذه الإرهاصات عن طريق سند صحيح ، عدم وقوعها ووجودها وحصولها ، كما لا يلزم من روايات المحدثين أنهم قو استقصوا سيرة النبي وأقواله وأحواله وأفعاله من كل نواحيها ، والإحاطة بكلها ، فما نقلوه عنه صلوات الله تعالى عليه وسلامه ما هو إلا نذر يسير من كثير ، وغيض من فيض ... ولا يدعي الإحاطة بذلك إلا من أصابه خلل في عقله وفساد في قلبه ، خاصة وأن حملة تدوين الأحاديث بدأت بعد المئة الثانية فما فات المحدثين أكثر مما ذكروه ورووه بكثير ... ولكن من فضل الله ورحمته أنه كان لسيرته وحياته وسنته صلى الله تعالى عليه وسلم جانب منقول لنقتدي به ونهتدي بهديه صلوات الله تعالى عليه وسلامه ...
وأما الدليل على صحة ما قلناه وما قررناه أنه صلى الله تعالى عليه قد كان يصلي قبل افتراض الصلاة عليه وبعدها فهل نقلوا لنا ما قرأ في كل صلاة ومن أين ابتدأ وأين انتهى وأين قدم وأخر و و ... وهل أحصوا مكان جلوسه ونومه ومشيه في كل مكان وفي كل وقت ... وهل احصوا لنا عدد ركعات الليل وما قرأ فيهن بالتمام والكمال و و ...؟!!!
ولعل من جملة ما فاتهم هذه الوقائع والإرهاصات التي تدل على ظهور أمر عظيم ووقوع حدث كبير له أهميته وجلالته وخطره وفضله في تاريخ الأمم ...
فكيف لهم أن ينفوا كل ذلك نفيا قاطعا ، وكأنه لا يصح عقلا وقوعه وحصوله ... مع أنه روى أمام المؤرخين وأحد الأئمة المجتهدين وواحد من أفراد الزمان في الحديث والرواية والتفسير والسيرة والتاريخ ألا وهو الإمام الطبري رحمه الله تعالى ورضي عنه مثل هذه الحوادث والوقائع ... وهو بلا شك متقدم على البخاري ومسلم وأصحاب السنن ... وهذا مع أنه تابعه جمع هائل من المؤرخين والمفسرين وأهل الكشف من الأولياء والصالحين فذكروا هذه الإرهاصات والوقائع في سيرهم ومواليدهم والتي قد اشتهرت بينهم كاشتهار كرم حاتم الطائي وشجاعة عنترة ، من دون سند متصل وحديث صحيح ، وهذا يعتبر من الاشتهار المعنوي الذي لم يدون بروايات متصلة السند وبشروط الرواية المعروفة عند الرواة والمحدثين ... والتي صنفوها في سيرته ويوم مولده صلوات الله تعالى وسلامه عليه وهم أورع واتقى من أن يذكروا في كتبهم ما ليس له أثر أو خبر ، هو صحيح بنفسه ، ولو من غير وروده في كتب الرواية لعلة ما ، حسب شروط المحدثين ...
وبعد هذا ننقل بعض نصوص الوهابية المنصفين وغيرهم من المتنطعين في حكم هذه المرويات من حيث الصناعة الحديثية فنقول كما قالوا :
لقد كانت مكة على موعد مع أمر عظيم سيظل يشرق بنوره على الكون كله إلى أن يرث الله الأرض ومَن عليها، إنه ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم، الذي كان نذيراً بزوال الشرك والظلم، ونشر التوحيد والعدل بين الناس، وعندما قرب شروق مولده صلوات الله وسلامه عليه كانت له إرهاصات وأحداث فريدة. وقد أكثر المؤلفون في ذكر تلك الإرهاصات والحوادث، التي اقترنت بميلاده صلى الله عليه وسلم، والتي فيها الصحيح الثابت والضعيف الذي لا يصح.
وقال الوهابي محمد ناصر الألباني في كتابه "صحيح السيرة النبوية": "قد وردت بعض الروايات الواهية بلا إسناد تخص أحداثاً وقعت عند ميلاده صلى الله عليه وسلم، ولا يثبت منها شيء، منها ارتجاج إيوان كسرى، وسقوط أربع عشرة شرفة من شرفاته، وخمود النيران التي كان يعبدها المجوس، وانهدام الكنائس حول بحيرة ساوة بعد أن غاضت، وغير ذلك من الدلالات التي ليس فيها شيء ثابت".
وقال صفي الرحمن في كتابه الرحيق المختوم: "رُوِيَ أن إرهاصات بالبعثة وقعت عند الميلاد، فسقطت أربع عشرة شرفة من إيوان كسرى، وخمدت النار التي يعبدها المجوس، وانهدمت الكنائس حول بحيرة ساوة بعد أن غاضت، روى ذلك الطبري والبيهقي وغيرهما، وليس له إسناد ثابت، ولم يشهد له تاريخ تلك الأمم مع قوة دواعي التسجيل".
وقالوا : النبوات والرسالات من أعظم النعم التي أكرم الله عز وجل بها الناس، وأفضل هذه الرسالات وأعظمها وأشملها هي رسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ولذلك أحاطها الله بعنايته وشملها برعايته، وجعل لها دلائل باهرة وعلامات ظاهرة، قبل ولادته وقبل بعثته وبعدها صلوات الله وسلامه عليه. انتهى .
ونعلق بعد هذا الكلام على قول صاحب كتاب الرحيق المختوم صفي الرحمن المباركفوري : ( روى ذلك الطبري والبيهقي وغيرهما ، وليس لهما إسناد ثابت ، ولم يشهد له تاريخ تلك الأمم مع قوة دواعي التسجيل ) .
فأقول : ويكفي في الاستئناس بهذه الروايات والاعتناء بها رواية الإمام ابن جرير الطبري لها ، والإمام الحافظ الكبير البيهقي وغيرهما من المحدثين والمؤرخين ، وكما قلنا بأن هذه الروايات إذا لم تثبت عن طريق الرواية الصحيحة فلا يلزم بالضرورة عدم وقوعها وحصولها ، حتى ولو فاتها السند المتصل المعتبر ...
وأما قوله : ( ولم يشهد لها تاريخ تلك الأمم فليس بحجة لأن العرب كانوا في منأى عن ذلك العالم ، وهي خارج حدود أرضهم ، وربما لم يخطر في بال تلك الأمم من غير العرب تدوين هذه الحوادث لأنها قد تكون حوادث اعتبروها طبيعية لسبب من الأسباب التي تؤدي إلى هذه ظهور هذه النتائج ...
وكذلك فإن قوله بعدم شهود تاريخ تلك الأمم لما حصل وكان ... فنقول : وعلى سبيل التسليم بذلك فربما حصلت هذه الوقائع حقيقة في عدم رؤيتها لتلك الأمم ، والتي خرجت بعد ذلك من عالم الغيب إلى عالم الظهور والبشارة بعد الفتوحات الإسلامية حيث سقطت معالم الدولتين والامبراطوريتين الرومية والفارسية وجف ضلالهما فدخلوا في دين الله أفواجا ...
والدليل على صحة وقوع مثل هذه الحال ما ثبت وصح في الأحاديث أنه صلى الله تعالى عليه وسلم طلب من سيدنا جبريل عليه الصلاة والسلام أن يراه على صورته الملائكية الحقيقية ، فظهر بصورته الحقيقية له صلى الله تعالى عليه وسلم ، وقد ملأ الفضاء والأفق الأعلى وله ستمئة جناح ... فهل رآه الناس كلهم من عرب وعجم مع أنه قد غطى السماء؟! وهل دون أهل الأرض هذا الحدث الكبير والمدهش في كتبهم ،وتناولوه في أخبارهم ، أم أن هذا كان خاص به صلى الله تعالى عليه وسلم ...
وبهذا الدليل يمكن أن يستأنس بما روي عن سيدنا أحمد الرفاعي رضي الله تعالى عنه حين مدت له اليد الشريفة من القبر الشريف صلى الله تعالى وسلم على سيدنا رسول الله - حيث رآها أهل البصيرة وعميت عن رؤية هذه الكرامة اهل النفوس الكثيفة بالشهوات والمثقلة بالذنوب والآثام ...
وعلى ضوء ما تقدم نقول : ما هدف الوهابية بمثل هذه المشاركات المغرضة ، هل هو الحفاظ على السنة أم التقليل من شأن نبي الأمة؟! هل هو نصرة الحق أم هو صد المسلمين عن تعظيم نبيهم وعدم الاحتفال والاحتفاء به؟! وهل هو دفاع عن الدين أم تشكيك المسلمين بدينهم وأئمتهم وعلمائهم وأوليائهم ...؟!
أقول : لا شك أن من تتبع أقوال الوهابية وأفعالهم مع ركوبهم رؤوسهم بالباطل وعدم إنصافهم ، بترك إصغائهم للحق والانقياد إليه يجد أنهم لا يقصدون من ذلك إلا التقليل من شأن وتعظيم سيدنا النبي صلى الله تعالى عليه ووجوب ترك التوسل والتوجه به إلى الله عز وجل بأوهام وخيالات توهموها بأنها مدعاة للشرك وقد خالفوا في ذلك جماهير وأئمة المسلمين كافة ، وكفى بهذا مقتا وخزيا وغلوا بغيضا وخوضا في الضلال البعيد ...!!!
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين . وصلى الله تعالى على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . 
........
وكتبه : الشيخ عبدالخالق زكريا الجيلاني الماتريدي الحنفي تولاه الله تعالى بلطفه الجلي والخفي .