هـل قطـع عـمـر رضي الله عنه شـجـرة بيعة الرضوان حـقـا ؟

هـل قطـع عـمـر رضي الله عنه شـجـرة بيعة الرضوان حـقـا ؟؟؟
يكثر من ذكر أن عمر رضي الله عنه قطع الشجرة التي بويع عندها حتى لا تتخذ ذريعة للشرك بين الدعاة والخطباء والوعاظ ، فأحببت أن أساهم في تجلية وبيان حقيقة هذا الأمر مــن حيث الصحة والضعف سائلاً الله التوفيق .
فقد ورد عن نافع أنه قال :" بلغ عمر بن الخطاب أن ناساً يأتون الشجرة التي بويع تحتها ، فأمر بها فقطعت ". أخرجه ابن أبي شيبة (2/73/2) ، وابن سعد في الطبقات (2/100) ، وابن حجر في الفتح (7/448) ، وهو حديث ضعيف منقطع بين نافع وعمر وإسناده لنافع جيد ، وأما إلى عمر فغير جيد .
يخالفه ما ورد عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنه أنه قال :"رجعنا من العام المقبل ، فما اجتمع اثنان على الشجرة التي بايعنا تحتها ، كانت رحمة من الله ". البخاري (2958) .
قال ابن حجر رحمه الله :" وبيان الحكمة في ذلك وهو أن لا يحصل بها افتتان لما وقع تحتها من الخير ، فلو بقيت لما أمن تعظيم بعض الجهال لها حتى ربما أفضى بهم إلى اعتقاد أن لها قوة نفع أو ضر كما نراه الآن مشاهداً فيما هو دونها ، وإلى ذلك أشار ابن عمر بقوله "كانت رحمة من الله "أي كان خفاؤها عليهم بعد ذلك رحمة من الله تعالى. فتح الباري(6/118).
وقال النووي رحمه الله :"قال العلماء : سبب خفائها أن لا يفتن الناس بها لما جرى تحتها من الخير ونزول الرضوان والسكينة وغير ذلك ، فلو بقيت ظاهرة معلومة لخيف تعظيم الأعراب والجهال إياها وعبادتهم لها فكان خفاؤها رحمة من الله تعالى . شرح مسلم للنووي (6/489) .
وزعموا أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه مر بذلك المكان بعد أن ذهبت الشجرة فقال : أين كانت ؟ فجعل بعضهم يقول هنا وبعضهم يقول : هاهنا فلما كثر اختلافهم قال : سيروا هذا التكلف فذهبت الشجرة وكانت سمرة إما ذهب بها سيل وإما شيء سوى ذلك. الطبري(11/347).
وعن سعيد بن المسيب عن أبيه قال :" لقد رأيت الشجرة ، ثم أنسيتها بعد فلم أعرفها ". البخاري (4162) ، ومسلم(4798).
وعن طارق بن عبد الرحمن قال :" انطلقت حاجا فمررت بقوم يصلون ، قلت ما هذا المسجد ؟ قالوا: هذه الشجرة حيث بايع رسول الله رسول الله صلى الله عليه وسلم بيعة الرضوان ، فأتيت سعيد بن المسيب فأخبرته ، فقال سعيد : حدثني أبي أنه كان فيمن بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة ، قال فلما خرجنا من العام المقبل نسيناها فلم نقدر عليها ، فقال سعيد : إن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لم يعلموها ، وعلمتموها أنتم ؟ فأنتم أعلم " . البخاري (4163) ، ومسلم (4796) .
وعن سعيد بن المسيب عن أبيه :" أنه كان ممن بايع تحت الشجرة ، فرجعنا إليها العام المقبل فعميت علينا" . البخاري (4164) .
وقد ذكرت هذه القصة في كتب عقدية فليتنبه لها.