نزول الله تعالى بين ابن تيمية والإمام الطبري صاحب التفسير

نزول الله تعالى بين ابن تيمية والإمام الطبري صاحب التفسير

ملخص المنشور :
ابن تيمية يثبت النزول لله على معنى الحركة وقيام الحوادث في ذات الله وتغيّره من حال إلى حال ونقلته من مكان عال إلى مكان سافل والعياذ بالله...

والطبري يقول : نزوله تعالى ليس حركة ولا مجيئا ولا نقلة ولا تقوم به الحوادث ومن يقول هذا فهو كافر ... ونفوّض علم وحقيقة هذه الصفات إلى الله ونؤمن بها بلا كيف ...!!

هذا مثال على الفرق في إثبات الصفات بين السلف وابن تيمية لتروا الفرق بين المنهجين ... المنهج السلفي الحقيقي والمنهج السلفي المزوّر ...!!

يقول ابن تيمية في الواسطية ص134/ مثل قوله صلّى الله عليه وسلّم ( ينزل ربّنا إلى سماء الدنيا كلّ ليلة حين يبقى الثلث الآخر فيقول : من يدعوني فأستجيب له من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له / انتهى .

يقول ابن عثيمين في الشرح ص 433 ج2 / قوله : ينزل ربنا إلى سماء الدنيا يعني نزوله تعالى حقيقي ...

ثمّ يبين ما معنى النزول الحقيقي يقول في ص 434 ج2 / المراد بالنزول هنا نزول الله نفسه ولا نحتاج أن نقول بذاته ما دام الفعل أضيف إليه فهو له ... لكن بعض العلماء قالوا : ينزل بذاته .

ثم يقول في ص 436 ج2 / فهو ينزل لكنّه عزّ وجلّ عال على خلقه..

ثمّ يناقض شيخه ابن تيمية ويقول في نفس الصفحة / وليس لنا حق فيما أرى أن نتكلّم هل يخلو منه العرش أو لا كما سكت عن ذلك الصحابة ...

ثمّ ينقل قول ابن تيمية المخالف للصحابة كما زعم ابن عثيمين فيقول :

وشيخ الإسلام في الرسالة العرشيّة يقول : إنّه لا يخلو منه العرش ...!!

فانظروا رحمكم الله إلى هذا التناقض ... كيف يُحيل إلى الصحابة قولا ثمّ يدّعي أنّه يسايرهم به ... ثمّ ينقل قولا لابن تيمية يخالف فيه اعتقاد الصحابة ....!!

ثمّ يحكي قولا متناقضا في نفسه فيقول في نفس الصفحة : نقول : هو مستو على عرشه نازل إلى السماء الدنيا والله أعلم بكيفية ذلك .

فانظروا يرحمكم الله ... كيف يحكي قولا متناقضا ويدّعي أنّه الرأي الحق ... وقبل هذا بأسطر قليلة يقول :

وليس لنا حق فيما أرى أن نتكلّم هل يخلو منه العرش أو لا كما سكت عن ذلك الصحابة ...

ثمّ ينقض اعتقاد الصحابة ويقول : : هو مستو على عرشه نازل إلى السماء الدنيا والله أعلم بكيفية ذلك...!!

فاعجب ما شئت من كلّ هذه التناقضات في صفحة واحدة ...!! ثمّ يقال للناس : هذا الباطل والتناقض هو مذهب الصحابة والسلف ...!! وظاهر من هذه التناقضات أنّها لا تدلّ على مذهب كامل وتام في نفسه ... وأنّ ما يحكيه هذا الرجل ليس مذهب السلف الحق ... فمذهب السلف لا يحمل على عاتقه هذا الكلام الباطل والمتناقض ...!!

وقول ابن تيمية وابن عثيمين مخالف للنقل وللعقل ... وليس ما يحكيه صاحب المتن والشارح مذهب السلف الصالح بحال ...

ولنبدأ بإيراد عقيدة الإمام الطبري السلفي المشهود له بالعلم والفضل لتروا أنّ مفهوم ابن تيمية وأتباعه مخالف لاعتقاد السلف ..

يضع لنا الإمام الطبري قاعدة تشمل جميع الصفات ... يقول الطبري صاحب التفسير في كتابه التبصير في أصول الدين ص143:

القول في بعض الصفات كالقول في بعضها الآخر ... وبعد فإنّ سميعا اسم مبني من سمع وبصير من أبصر فإن يكن جائزا أن يقال سمع وأبصر من لا سمع لع ولا بصر إنّه لجائز أن يقال : تكلّم من لا كلام له ورحم من لا رحمة له وعاقب من لا عقاب له ...
إحالة جميع الموافقين والمخالفين أن يقال : يتكلّم من لا كلام له أو يرحم من لا رحمة له أو يعاقب من عقاب له أدلّ دليل على خطأ قول القائل : يسمع من لا سمع له ويبصر من لا بصر له

فثبت بكلّ هذه المعاني التي ذكرنا أنّها جاءات بها الأخبار والكتاب والتزيل على ما يعقل من حقيقة الإثبات وننفي عنه التشبيه فنقول :

يسمع جلّ ثناؤه الأصوات لا يخرق في أذن ولا جارحة كجوارح بني آدم وكذلك يبصر الأشخاص ببصر لا يشبه أبصار بني آدم التي هي جوارح لهم .

وله يدان ويمين وأصابع وليست جارحة ولكن يدان مبسوطتان بالنعم على الخلق لا مقبوضتان عن الخير ووجه لا كجوارح الخلق التي من لحم وعظم .

وقوله : وليست جارحة ولكن يدان مبسوطتان بالنعم على الخلق لا مقبوضتان عن الخير تأول صريح من الإمام الطبري كما هو ظاهر وهذا ينفي أنّ السلف لم يكونوا يؤولون .. انتهى .

ويقول الطبري في ص148 من نفس الكتاب :

قيل له : وما برهانك على أنّ معنى المجيء والهبوط والنزول هو النقلة والزوال ولا سيما على قول من يزعم منكم أنّ الله تقدّست أسماؤه لا يخلو منه مكان ..

وكيف لم يجز عندكم أن يكون معنى المجيء والهبوط والنزول بخلاف ما عقلتم من النقلة والزوال من القديم الصانع .... ثمّ يقول :

وإن كنتم لم تعقلوا عالما إلاّ له علم وقادرا إلاّ له قدرة فما تنكرون أن يكون جائيا لا مجيئ له .. وهابطا لا هبوط ولا نزول له ... !!

ثمّ يقول :معنى ذلك ما دلّ عليه ظاهر الخبر وليس عندنا للخبر إلاّ التسليم والإيمان به ... فنقول : يجيء ربّنا جلّ جلاله يوم القيامة والملك صفّا صفّا وينزل إليها في كلّ ليلة ولا نقول : معنى ذلك ينزل أمره بل نقول : أمره نازل إليها كلّ لحظة وساعة وإلى غيرها من جميع خلقه الموجودين ما دامت موجودة ولا تخلو ساعة من أمره فلا وجه لخصوص نزول أمره إليها وقتا دون وقت ما دامت موجودة .انتهى ص149

كتبه الدكتور بلال إسماعيل التل