سألني أحد الملاحدة : لو كان الله موجودا لاستجاب لدعاء المسلمين

سؤال شهير وجواب جدلي

سألني أحد الملاحدة : لو كان الله موجودا لاستجاب لدعاء المسلمين ولحرّر الأقصى... وانتهت الفتن الكثيرة التي تحيط بالمسلمين من كلّ جانب ... فهل يُعقل أنّه لا يوجد رجل صالح في أمّة تربو على المليار فتكون له دعوة مستجابة ...؟؟

وهل يعقل أن يؤخّر الله الإجابة لأكثر من مائة سنة كماحدث من قبل ... فما فائدة الدعاء إذن ...؟؟

قلت : هل سمعت بالانتخابات البلدية التي جرت قبل أيّام قليلة ...؟؟

قال : نعم .

قلت : فقد نزل للانتخابات أكثر من ألفي مرشح ونجح عدد قليل جدّا ... وأنت تعلم أنّ كلّ هؤلاء قد دعوا الله تعالى أن ينجّحهم في الانتخابات ... فهل لو استجاب الله لهم جميعا فهل سيكون فعله حكمة أم سفاهة وسخفا ...؟؟

فكيف سينجّحهم جميعا والبلديات لا تزيد عن مائة فقط ...؟؟ وهم يزيدون عن ألفين ...!!

فقال : هذا صحيح ...

فقلت : ما الحلّ برأيّك ...؟؟

فقال : ينجّح بعضهم والباقي يعوّضهم عن تعب دعائهم...!!

فقلت : وكذا الأمر تماما ... لو أنّ الله تعالى استجاب لكلّ مؤمن كما طلب لزال التكليف أصلا ... فلن يكون هناك مرضى و فقراء ولن يكون هناك أيّ مظلوم في هذه الدنيا وسيزول التكليف رأسا ... فكأنّ الدنيا قد صارت جنّة ... وقد كلّفنا بالإيمان والصبر جميعا ... ولهذا الدعاء موقوف على حكمة الله الذي كلّفنا بالإيمان والصبر...

ثمّ ألم يستجب الله لنا من قبل بدلالة الحال ... حيث أنّه قد دلّّنا على طريق النجاة والنجاح ولكنّا رغبنا عنه إلى طرق شتّى ...

فماذا يريد المسلمون من الله ...؟؟ أن يفتح لهم الباب وقد أعطاهم المفتاح من قبل ...!!

فقال : ولماذا كلّفنا أصلا ..؟؟

قلت : أرأيت لو أنّك سألت الله تعالى هذا السؤال .. فقال لك :

قد عرضت عليك التكليف ووافقت .. وأخبرتك أنّك ستنزل إلى الأرض وتبتلى بالأمراض والفقر وسأكلّفك بالإيمان وعليك بالصبر على الفتن ثمّ رأيت بعيني رأسك الجبال قد رفضت هذا العرض مع شدّتها وقوّتها وبأسها ...ووافقت عليه... فهل تكون قد كلّفت ظلما أم عدلا ...

فقال : بل عدلا ... ولكنّي لا أتذكّر هذا الحدث العظيم ..

قلت : هذا يتوقّف على الإيمان .. فإن عرفت أدلّة وجود الله تعالى فستعرف أنّ كلامه حق وصدق ... فأنت قد شهدته يقينا لكن بعد إيمانك ...

فقال : ولماذا أصلا لم نخلق في نعيم مقيم وهو أكرم الأكرمين ...؟؟

قلت : لو شاء لفعل ... وما نقص ذلك من ملكه وما خدش من عزّته ...!!

قال : ولماذا لم يفعل إذن ...؟؟

قلت : لأنّه أراد أن يهبك شيئا عزيزا ما وهبه لغيرك وأسجد لأبيك ملائكته تكرمة له وبيانا لعظيم ما امتنّ به عليه وعلى ذرّيته ...!!

فقال : وما هو ..؟؟

قلت : هي الحرّية ... وحقيقتها / عقل + إرادة + تكليف = حرّية ...!!

فالحرّية هي كلّ لها تلك الأجزاء ... وفوات جزء فوات للكل ...!!

وبيان هذا التلازم لا يحتمله هذا الكلام الجدلي ...

فقال : ولماذا خلق جهنّم أصلا ...؟؟

قلت : هي من لوازم الحرّية ... لأنّ من لوازمها وقوع الظلم ولا بدّ ... فهي دار العدل والجزاء ... وهي المحكمة العليا ...!! ولولا جهنّم لمات الظالم بظلمه أبد الآبدين ولمات المظلوم بمظلوميته أبد الآبدين ...!!

فغضب وزحف أرضا حتّى قال في وجهي :

أنت كثير الكلام .. تختبئ تحت لسانك ... وأخبرني فلان بهذا ... وكلامك دخل من أذني اليمنى وخرج من الأخرى ...!!

قلت : قد عرفت هذا من قبل يا مسكين .. ولكنّي أبرّئ ذمّتي منك يوم القيامة .. فقد بلغت ونصحت ... ولله الأمر من قبل ومن بعد ... فارجع إلى مكانك قبل زحفك واجلس مثل العقّال لكي لا أشاكلك في سفاهتك فترى ما لا يسرّك وأنت ضيفي لا بارك الله بالذي دلّك على طريق بيتي ...

كتبه الدكتور بلال إسماعيل التل