المستحدثات في الدين ليست محرمة بإطلاق
بسم الله الرحمن الحيم
إذا كان البعض يرى تعميم التحريم لكل المحدثات في الدين ؛ فإن القول المقابل لا يذهب إلى تعميم الإباحة ، وعلى سبيل المثال أذكر هنا قولاً لعالم كبير ، هو سلطان العلماء في زمانه العز ابن عبد السلام المتوفى سنة [660هـ] :
قال رحمه الله : البدعة منقسمة إلى واجبة ومحرمة ومندوبة ومكروهة ومباحة ، والطريق في معرفة ذلك أن تُعرض البدعة على قواعد الشريعة ، فإن دخلت في قواعد الإيجاب فهي واجبة ، وإن دخلت في قواعد التحريم فهي محرمة ، وإن دخلت في قواعد المندوب فهي مندوبة ، وإن دخلت في قواعد المكروه فهي مكروهة ، وإن دخلت في قواعد المباح فهي مباحة .
وضرب أمثلة لكل نوع من أنواع الأحكام الخمسة ، وجعل من البدع المحرمة مذاهب القدرية والجبرية والمرجئة والمجسمة ، وجعل الرد على هؤلاء من البدع الواجبة ، ومن البدع المندوبة عنده إحداث المدارس وصلاة التراويح ، ومن المكروهة زخرفة المساجد وتزويق المصاحف ، ومن المباحة المصافحة عقب صلاة الصبح والعصر (1)
فهل لأصحاب هذا القول أدلة من الكتاب والسنة وعمل السلف على أن المستحدثات في الدين ليست محرمة بإطلاق ؟ هذا ما أحاول الجواب عنه بإذن الله تعالى .
الاستدلال بالكتاب والسنة
1 ـ قال الله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعبدوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [ (2) ] .
وجه الاستدلال أن الله تبارك وتعالى أمر المؤمنين بفعل الخير أمراً مطلقاً ، فالظاهر الإذن في فعل كل ما يظهر خيره وتتحقق مصلحته إلا إذا كان مندرجاً تحت نص من نصوص النهي .
2 ـ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده )) .
قال الإمام النووي رحمه الله تعالى : وفي هذا الحديث تخصيص قوله صلى الله عليه وسلم (( كل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة )) وأن المراد به المحدثات الباطلة والبدع المذمومة ، وقد سبق بيان هذا ، وذكرنا هناك أن البدع خمسة أقسام [ (4) ] .
3 ـ عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( دعوني ما تركتم ، إنما هلك من كان قبلكم بسؤالهم واختلافهم على أنبيائهم ، فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه ، وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم )) . وفي رواية (( بكثرة سؤالهم)) [ (5) ] .
أقول : في هذا الحديث دلالة قوية واضحة على أنه ليس كل مسكوت عنه محرماً ، لأنه قسم الواجب على المكلف إلى قسمين :
* أحدهما يجب فعله على قدر الاستطاعة وهو المأمور به .
* وثانيهما يجب اجتنابه وهو المنهي عنه .
ولو كان كل مسكوت عنه محرماً لقال فإذا نهيتكم عن شيء أو لم أقل فيه شيئاً فاجتنبوه ، فتأمل .
4 ـ عن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه فال : (( إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها ، وحدّ حدوداً فلا تعتدوها ، وحرّم أشياء فلا تنتهكوها ، وسكت عن أشياء رحمة لكم من غير نسيان فلا تبحثوا عنها))[ (6) ].
أقول : هذا الحديث نص في أن الله تعالى سكت عن أشياء رحمة للأمة ، ولعله كان من الحكمة أن لا يسأل الصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها لئلا ينزل فيها تحريم بسبب السؤال ، فإذا انتقل رسول الله صلى الله عليه وسلم فليبحث المجتهدون في إلحاقها بما يناسبها ، فيكون للمصيب أجران وللمخطئ أجر واحد ، فيقع التفاوت في الأجر ، ولو سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها وبيّن حكمها لوجب امتثال حكمه ولما وقع ذلك التفاوت ، والله أعلم .
5 ـ عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال : بينما نحن نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قال رجل من القوم (( الله أكبر كبيراً ، والحمد لله كثيراً ، وسبحان الله بكرة وأصيلاً )) ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من القائل كلمة كذا وكذا ؟ . قال رجل من القوم : أنا يا رسول الله . فقال صلى الله عليه وسلم : (( عجبت لها ، فتحت لها أبواب السماء )) [ (7) ] .
أقول : الظاهر من سياق الرواية أن ذلك الصحابي لم يكن قد سمع من النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً في جعل هذا الذكر في استفتاح الصلاة ، ولو كان ذلك عن أمره وتعليمه لما عجب لذلك ، وإنما كان ذلك عن اجتهاد من ذلك الصحابي ، ومحل الشاهد أن النبي صلى الله عليه وسلم أقره على ذلك الاجتهاد ، ولو كان من المحظور على المرء المسلم أن يأتي بشيء في العبادة دون دليل خاص لأنكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم ، ولقال له كيف تفعل في الصلاة شيئاً قبل أن آذن لك فيه ؟! .
6 ـ عن أبي سعيد الخدري قال : بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية ، فنزلنا بقوم ، فسألناهم القِرى ، فلم يَقْرونا ، فلدغ سيدهم ، فأتونا ، فقالوا : هل فيكم من يرقي من العقرب ؟ . قلت : نعم ، أنا ، ولكن لا أرقيه حتى تعطونا غنما . قال : فأنا أعطيكم ثلاثين شاة . فقبلنا فقرأت عليه الحمد لله سبع مرات ، فبرأ ، ... فلما قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكرت له الذي صنعت ، فقال : وما علمت أنها رقية ؟! اقبضوا الغنم واضربوا لي معكم بسهم [ (8) ] .
أقول : لم يكن أبو سعيد الخدري يعلم أن الفاتحة رقية ، وأنها تُقرأ سبع مرات ، ولكن هكذا اجتهد وهكذا ألهمه الله عز وجل ، ولم ينكر عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم اختيار سورة الفاتحة ولا اختيار العدد في الرقية .
7 ـ عن رفاعة بن رافع الزُرَقي رضي الله عنه أنه قال : كنا يومَ نصلي وراء النبي صلى الله عليه وسلم , فلما رفع رأسه من الركعة قال سمع الله لمن حمده ، قال رجل وراءه (( ربنا ولك الحمد حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه )). فلما انصرف قال : من المتكلم ؟. قال : أنا . قال : رأيت بضعة وثلاثين ملكاً يبتدرونها أيهم يكتبها أول [ (9) ]
وهذا إقرار من رسول الله صلى الله عليه وسلم للذي قال هذه الكلمات ، وقد يكون قائلها قد سمعها من النبي صلى الله عليه وسلم من قبل ، لكن الظاهر أنها ليست مما علمه أن يقوله في الصلاة ، وأنه قالها في ذلك الاعتدال اجتهادا منه بإلهام من الله تبارك وتعالى ، فتقبلها منه ، وأنزل بضعة وثلاثين ملكا يتسابقون أيهم يكتب قبل غيره ، لعظيم فضلها ورفعة شأنها .
8 ـ عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث رجلا على سرية , وكان يقرأ لأصحابه في صلاته فيختم بقل هو الله أحد ، فلما رجعوا ذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : سلوه لأي شيء يصنع ذلك ؟ . فسألوه ، فقال : لأنها صفة الرحمن ، وأنا أحب أن أقرأ بها . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أخبروه أن الله يحبه [ (10) ] .
وهذا الحديث ظاهر في أن أمير السرية كان يختم القراءة في الصلاة بـ { قل هو اللهُ أحد } اجتهاداً منه ، لأنه صفة الرحمن جل وعلا ، فكان جزاؤه أن يحبه الله تعالى لحبه إياها .
9 ـ روى نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أن تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم : لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك ، لا شريك لك [ (11) ] .
وروى سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه مثل ذلك ، وزاد في آخره : لا يزيد على هؤلاء الكلمات [ (12) ] .
وذكر جابر بن عبد الله رضي الله عنهما إهلال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع بالتلبية ، بمثل حديث ابن عمر ، وقال : والناس يزيدون (( ذا المعارج )) ونحوه من الكلام ، والنبي صلى الله عليه وسلم يسمع فلا يقول لهم شيئاً [ (13) ] .
وكان عمر رضي الله عنه يهل بإهلال رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقول : لبيك اللهم لبيك ، لبيك وسعديك ، والخير في يديك لبيك ، والرغباء إليك والعمل .
وكان ابن عمر يقول نحواً من هذه الكلمات كذلك [ (14) ] .
وربما كان عمر يزيد : لبيك مرغوبا ومرهوبا ً ، لبيك ذا النعماء والفضل الحسن [ (15) ] .
بل جاء من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في تلبيته : لبيك إله الخلق لبيك [ (16) ] .
فلعله قالها مرة بصوت غير رفيع فسمعها من يليه دون سائر الناس .
فظاهر من هذا أن للتلبية ألفاظاً كان النبي صلى الله عليه وسلم علمها الناس ، وكان يلتزم بها ، ورواها عنه جماعة من الصحابة ، لكنه كان يسمع بعض الناس يزيدون (( لبيك ذا المعارج )) ونحوها فلا يقول لهم شيئاً ، وربما زاد هو عليه الصلاة والسلام مرة (( لبيك إله الحق لبيك ))، وفي هذه السعة زاد عمر وابن عمر بعض الألفاظ في التلبية .
قد يقال : إن هذا لا دلالة فيه لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد أذن في الزيادة على ألفاظ التلبية .
والجواب : هل استأذن الصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الزيادة ؟!!
وقد كان جابر رضي الله عنه قريبا من رسول الله عليه الصلاة والسلام في تلك الرحلة المباركة ، يرصد أحوال المناسك ، فالظاهر أنه يذكر استئذان الناس في زيادة الألفاظ لو وقع ، وإذ لم يذكر ذلك فالظاهر عدم الوقوع .
وإذا كان كثير من الناس قد انطلقوا يلبون بتلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم ويزيدون فيها فهذا يعني أنه قد استقر في أذهانهم - وهم في أواخر السنة العاشرة - أن باب الأذكار فيه سعة ، وأن مثل تلك الزيادة تعبر عما في مكنون كثير من القلوب من مشاعر إيمانية وخضوع وتضرع وابتهال لله رب العالمين ، بينما يؤْثر آخرون الالتزام بتلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم التي علمها للناس والتزم هو بها ، وكل على خير.
الاستدلال بآثار الصحابة والتابعين
1- قال زيد بن ثابت رضي الله عنه : أرسل إلي أبو بكر مقتل أهل اليمامة ، فإذا عمر بن الخطاب عنده ، قال أبو بكر رضي الله عنه : إن عمر أتاني فقال إن القتل قد استحر يوم اليمامة بقراء القرآن ، وإني أخشى أن يستحر القتل بالقراء بالمواطن فيذهب كثير من القرآن ، وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن . قلت لعمر : كيف نفعل شيئاً لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟!!. قال عمر : هذا والله خير . فلم يزل عمر يراجعني حتى شرح الله صدري لذلك , ورأيت في ذلك الذي رأى عمر . قال زيد : قال أبو بكر: إنك رجل شاب عاقل لا نتهمك ، وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فتتبع القرآن فاجمعه. ... قلت : كيف تفعلون شيئاً لم يفعله رسول الله ؟!! . قال : هو والله خير . فلم يزل أبو بكر يراجعني حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر أبي بكر وعمر رضي الله عنهما [ (17) ] .
أقول : لابد من وقفتين :
الأولى : عند قول أبي بكر وقول زيد بن ثابت كيف نفعل شيئاً لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟!! وهذا يدل على أنهم كانوا يتوقفون عند الوهلة الأولى عن فعل أي شيء لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم .
الثانية : عند قول عمر هو والله خير ، ثم قول أبي بكر وقول زيد بن ثابت فلم يزل يراجعني حتى شرح الله صدري لذلك ، وهذا يعني أنهم ما كانوا يرون أن كل مستحدث في الدين هو بدعة ضلالة ، وأنه إذا تحققت خير يته - من حيث التوافق مع الكتاب والسنة وتحقيق مقاصدهما - فإنه إذ ذاك يكون حسناً .
2- عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج ليلة من جوف الليل فصلى في المسجد ، وصلى رجال بصلاته ،... فلما كانت الليلة الرابعة ... فتشهد ثم قال : أما بعد ، فإنه لم يخفَ عليَّ مكانكم ، ولكني خشيت أن تفرض عليكم فتعجزوا عنها . فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم والأمر على ذلك [ (18) ] .
وعن عبد الرحمن بن عبد القاري أنه قال : خرجت مع عمر بن الخطاب ليلة في رمضان إلى المسجد ، فإذا الناس أوزاع متفرقون ،... ثم عزم فجمعهم على أبيِّ بن كعب ، ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم فقال : نعم البدعة هذه ، والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون [ (19) ] .
أقول : بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وانقطاع الخشية من أن يفرض ما لم يكن بفرض؛ فإن عمر رضي الله عنه صار بإمكانه أن يجمع الناس على قيام رمضان ، كما حدث في الليالي الثلاث التي أمّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها الناس .
وقد يُظن أن صلاة التراويح التي جمع عمر رضي الله عنه لها الناس هي امتداد للتي صلاها عليه الصلاة والسلام ، والواقع أنها تختلف عنها ، وذلك أن عمر دخل المسجد مرة بعد انقضاء صلاة العشاء ، فوجد الناس يصلون وهم أوزاع وأشتات متفرقون ، فرأى أن يجمعهم على قارئ واحد ، فجمعهم على أبيّ بن كعب ، وأما صلاة النبي صلى الله عليه وسلم فكانت في جوف الليل ، ثم إن عمر دخل المسجد مرة فرآهم يصلون مجتمعين ، ووجد ذلك خيراً من التفرق ، إلا أن انشغالهم بالصلاة في هذا الوقت عن القيام في الثلث الأخير ليس الأفضل ، ولذا فإنه قال : نعم البدعة هذه ، والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون .
أي لو حرص الناس على القيام بالسنة تماما ً لناموا في هذا الوقت وقاموا في الثلث الأخير ، ولكن لو غلب على الظن أن معظمهم لن يتحقق له ذلك فالأولى أن يشغلوا الوقت بعد صلاة العشاء بالقيام ، وأن يجتمعوا ولا يكونوا متفرقين ، ومن ههنا يقول عمر رضي الله عنه عن الاجتماع للقيام في هذا الوقت إنه بدعة ، ولكن نعم البدعة هذه .
ويقول بعض الناس إن البدعة هنا لغوية لا شرعية ، فأقول : سمها ما شئت ، فليس الخلاف في التسمية ، ولكن هل صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس شيئا ًمن قيام رمضان بعد صلاة العشاء ؟!! فإن وجدت ذلك فهذا الذي فعله عمر سنة ، وإلا فقد استحدثه عمر لما يتحقق فيه من الخير ، وسماه بدعة ، وقال : نعم البدعة .
وقد كان كثير من السلف يفضلون التهجد في ليالي رمضان على صلاة التراويح . ومن هذا قول أشعث بن أبي الشعثاء : شهدت مكة في زمان ابن الزبير في رمضان والإمام يصلي يقوم على حدة والناس يصلون في نواحي المسجد . وقول أيوب السخستاني رحمه الله : رأيت عبد الله بن أبي مُليكة يصلي بالناس في رمضان خلف المقام بمن صلى خلفه والناس بعد في سائر المسجد من بين طائف بالبيت ومصلٍّ . وقول إبراهيم النخعي الكوفي رحمه الله : كان المتهجدون يصلون في جانب المسجد والإمام يصلي بالناس في شهر رمضان [ (20) ] .
3 ـ قال السائب بن يزيد رضي الله عنه : كان النداء يوم الجمعة أوله إذا جلس الإمام على المنبر على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما فلما كان عثمان رضي الله عنه وكثر الناس زاد النداءَ الثالث على الزوراء [ (21) ] .
أقول : الأذان إعلام بدخول وقت الصلاة والفوز بالفلاح ، والسنة في الأذان للجمعة أن يكون إذا جلس الإمام على المنبر ، فهل يجوز استحداث أذان قبل ذاك الأذان إذا كثر الناس واقتضت الحاجة إعلامهم ليتوجهوا إلى الصلاة ؟ هذا ما جعل الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه يأمر باستحداث ذلك الأذان .
لكن جاء عن بعض السلف أن الأذان الأول يوم الجمعة بدعة ، وهذا قول ابن عمر والحسن البصري [ (22) ] .
والظاهر أن المراد أنه لم يكن ، لا أنه بدعة مذمومة .
4 ـ روي عن علي رضي الله عنه أنه خرج يوم عيد ، فوجد الناس يصلون قبل خروجه ، فقيل له : لو نهيتهم ! . فقال : ما أنا بالذي أنهى عبد اً إن صلاها [ (23) ] . والسند ضعيف .
وعن رجل أنه قال : جاءنا ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يوم العيد قبل خروج الإمام فصلوا ، وجاء ابن عمر فلم يصل . فقال الرجل لابن عمر في ذلك ، فقال ابن عمر : مالله تبارك وتعالى برادٍّ على عبد إحساناً أحسنه [ (24) ] . وفي السند ذلك الرجل المبهم فهو ضعيف .
أقول : من الثابت أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل قبل صلاة العيد ولا بعدها شيئاً ، كما أخبر بذلك عبد الله بن عباس رضي الله عنهما [ (25) ] . وكان ابن مسعود وحذيفة بن اليمان يتمسكان بذلك ، حتى إنهما كانا يجلّسان من رأياه يصلي قبل خروج الإمام يوم العيد [ (26) ] .
ومن جهة أخرى نجد روايات عن جماعة من السلف يرون أن لا حرج في الصلاة قبل صلاة العيد أو بعدها أو قبلها وبعدها ، منهم أنس وأبو هريرة والحسن البصري [ (27) ] . وفي هذا السياق تأتي الكلمة المروي عن علي رضي الله عنه إذ وجد الناس يصلون قبل خروجه فأبى أن ينهاهم وقال : (( ما أنا بالذي أنهى عبد اً إن صلاها )) .
أقول : لا أرى بأساً بالاستئناس بها مع ضعف السند هنا ، للتوافق بينها وبين ماروي عن جماعة من السلف الآخرين ، والذي فيها هو الإشارة المعبرة عن ملحظ هؤلاء وهو أنها صلاة نافلة ، والنوافل مبناها على السعة ، فمن أحب أن يصلي فليصلّ ، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينهَ عن فعلها ، ومن هنا فلا يصح تشبيهها بالصلاة في الأوقات المنهي عن الصلاة فيها ، إذ شتان بين ما لم يفعله صلى الله عليه وسلم ولم ينه َ عنه وبين مانهى عنه .
وفي هذا السياق كذلك تأتي الكلمة المروية عن ابن عمر رضي الله عنهما ، فهو قد ثبت عنه أنه كان لا يصلي قبل العيدين ولا بعدهما شيئاً [ (28) ] . وهذا ليس بمستغرب عنه لما عُلم من شدة تحريه في الاتباع ، ولكن وجه الاستئناس بقوله ((ما الله تبارك وتعالى برادٍّ على عبد إحساناً أحسنه )) إن ثبت عنه ؛ أنه مع كونه لا يرى التنفل قبل صلاة العيد ولا بعدها فإنه لا ينهى من صلى من ذلك شيئاً ، ويرى أن الصلاة من الإحسان وأن الله تعالى لا يردها على عبده ، ولعل هذا الأثر عن ابن عمر يقوي الأثر الوارد عن علي رضي الله عنهم جمعيا ويتقوى به ، ويُعلم بهما وبالآثار الواردة الأخرى أن لهذا أصلاً من عمل السلف .
5 ـ قال عبد الرحمن بن يزيد بن قيس النخعي :كنا مع عبد الله بن مسعود بِجَمْع فلما دخل مسجد منى سأل كم صلى أمير المؤمنين ؟ . قالوا : أربعاً . فصلى أربعاً , فقلنا : ألم تحدثنا أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى ركعتين وأبا بكر صلى ركعتين ؟! . فقال : بلى , وأنا أحدثكموه الآن , ولكن عثمان كان إماماً فما أخالفه ، والخلاف شر(29) .
أقول : فرضي الله تعالى عن ابن مسعود ما أفقهه !! .
كان ابن مسعود يعلم أن السنة أن تصلى الصلوات الرباعية بمنى ركعتين ، وأن صلاته إياها أربعاً هي بخلاف ما فعل النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان صدراً من خلافته ، ولكنه ما كان يراها بدعة ضلالة ، بل كأنه كان يراها خلاف الأَولى ، فإذا فعلها إمام المسلمين لأمر ما ـ ولا شك في أن له عذراً في ذلك ـ صار فعلها على وَفق ما صنع الإمام هو الأَولى .
ولو كان يراها بدعة ضلالة لما جاز له أن يحرص على موافقة المخلوق في معصية الخالق جل وعلا , فتأمل .
( انتهى بتصرف يسير )
من كتاب البدعة المحمودة بين شبهات المانعين و استدلالات المجيزين
للشيخ الدكتور/ صلاح الدين بن أحمد الإدلبي
------------------------------------------------------------------
(1) قواعد الأحكام في مصالح الأنام : 2 / 204 ـ 205 .
(2) الآية 77 من سورة الحج .
(3) هذا كلام الحافظ العلائي في نظم الفرائد : ص 77 .
(4) صحيح مسلم مع شرح النووي : الزكاة ، باب الحث على الصدقة ، 7 / 104 .
(5) رواه جماعة عن أبي هريرة ، صحيح البخاري : الاعتصام ، باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، برقم 7288 . صحيح مسلم : الحج ، باب فرض الحج في العمر مرة , برقم 1337 . مسند الإمام أحمد : 2 / 247 ، 428 .
(6) قال الإمام النووي في الأربعين النووية : حديث حسن رواه الدار قطني وغيره . رقم الحديث 30 . وقال الشيخ الألباني : وهو حديث حسن . انظر تعليقه على الإيمان لابن تيمية : ص 43. طبعة المكتب الإسلامي ، الطبعة الثالثة . وحديث أبي ثعلبة منقطع الإسناد ، ومن حسنه فإنما حسنه بشاهده ، وهو ما رواه البزار والحاكم من حديث أبي الدرداء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( ما أحل الله في كتابه فهو حلال ، وما حرم فهو حرام ، وما سكت عنه فهو عفو ، فاقبلوا من الله عافيته ، ... )) . قال البزار : إسناده صالح . وقال الحاكم : صحيح الإسناد . انظر : جامع العلوم والحكم لابن رجب : 2/ 316 ـ 318 رقم الحديث 30 .
(7) صحيح مسلم : المساجد ، باب ما يقال بين تكبيرة الإحرام والقراءة ، 1 /420 برقم 601 .
(8) سنن الترمذي : الطب , باب ما جاء في أخذ الأجر على التعويذ ، برقم 2063 . سنن ابن ماجه : التجارات ، باب أجر الراقي ، برقم 2156 , بسند صحيح . صحيح البخاري : الإجارة ، باب ما يعطى في الرقية ، برقم 2276 ، وفي فضائل القرآن برقم 5007 ، وفي الطب برقم 5736،5749. وليس عند البخاري أنه قرأ الفاتحة سبع مرات .
(9) صحيح البخاري : الأذان ، باب بعد باب فضل اللهم ربنا لك الحمد ، برقم 799 .
(10) المصدر السابق : التوحيد ، باب ماجاء في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم أمته إلى توحيد الله تعالى ، برقم 7375 .
(11) المصدر السابق : الحج ، باب التلبية ، برقم 1549 .
(12) المصدر السابق : اللباس ، باب التلبيد ، برقم 5915 .
(13) سنن أبي داود : المناسك ، باب كيف التلبية . المنتقى لابن الجارود : باب المناسك ، برقم 465.
(14) صحيح مسلم : الحج ، باب التلبية وصفتها ، 2 /841 ـ843.وورد جزء مما كان يزيده ابن عمر في مصنف ابن أبي شيبة : الجزء المفقود ، ص 193.
(15) مصنف ابن أبي شيبة : الجزء المفقود , ص 193 .
(16) المصدر السابق : ص 192 . والسند صحيح . وذكرها ابن حجر في فتح الباري 1549 بلفظ ((إله الحق )).
(17) صحيح البخاري : فضائل القرآن ، باب جمع القرآن ، برقم 4986 .
(18) المصدر السابق : الصوم ، صلاة التراويح ، باب فضل من قام رمضان ، برقم 2012 .
(19) المصدر السابق : برقم 2010 .
(20) هذه الآثار في مصنف ابن أبي شيبة 2 / 398 بأسانيد صحيحة .
(21) صحيح البخاري : الجمعة ، باب الأذان يوم الجمعة ، برقم 912 .
(22) الأثر عن ابن عمر هو في مصنف ابن أبي شيبة : 2 / 140 بسند صحيح ، وهو في مسند الشاميين للطبراني 2/ 377، برقم 1532. والأثر عن الحسن هو عند ابن أبي شيبة كذلك بسند صحيح ، لكنه قال ((محدث )).
(23) مصنف عبد الرزاق : 3 / 272 ـ 273 ، 276 ـ 277 . مسند البزار : 2 / 129 ـ 130 بتحقيق محفوظ الرحمن زين الله . وهو في كشف الأستار للهيثمي : 1 / 313 .
(24) مصنف عبد الرزاق : 3/ 272 .
(25) صحيح البخاري : العيدين ، باب الصلاة قبل العيد وبعدها برقم 989 .
(26) مصنف عبد الرزاق : 3 / 273 . بسند صحيح عنهما .
(27) انظر : مصنف عبد الرزاق : 3 / 271 ـ 272 . مصنف ابن أبي شيبة : 2 / 179 ـ 180 .(28) مصنف عبد الرزاق : 3 / 274 . بسند صحيح عنه .
(29) سنن البيهقي : 3 / 144 ، 143 ـ 144 . مصنف عبد الرزاق : 2 /516 برقم 4269 .
بسم الله الرحمن الحيم
إذا كان البعض يرى تعميم التحريم لكل المحدثات في الدين ؛ فإن القول المقابل لا يذهب إلى تعميم الإباحة ، وعلى سبيل المثال أذكر هنا قولاً لعالم كبير ، هو سلطان العلماء في زمانه العز ابن عبد السلام المتوفى سنة [660هـ] :
قال رحمه الله : البدعة منقسمة إلى واجبة ومحرمة ومندوبة ومكروهة ومباحة ، والطريق في معرفة ذلك أن تُعرض البدعة على قواعد الشريعة ، فإن دخلت في قواعد الإيجاب فهي واجبة ، وإن دخلت في قواعد التحريم فهي محرمة ، وإن دخلت في قواعد المندوب فهي مندوبة ، وإن دخلت في قواعد المكروه فهي مكروهة ، وإن دخلت في قواعد المباح فهي مباحة .
وضرب أمثلة لكل نوع من أنواع الأحكام الخمسة ، وجعل من البدع المحرمة مذاهب القدرية والجبرية والمرجئة والمجسمة ، وجعل الرد على هؤلاء من البدع الواجبة ، ومن البدع المندوبة عنده إحداث المدارس وصلاة التراويح ، ومن المكروهة زخرفة المساجد وتزويق المصاحف ، ومن المباحة المصافحة عقب صلاة الصبح والعصر (1)
فهل لأصحاب هذا القول أدلة من الكتاب والسنة وعمل السلف على أن المستحدثات في الدين ليست محرمة بإطلاق ؟ هذا ما أحاول الجواب عنه بإذن الله تعالى .
الاستدلال بالكتاب والسنة
1 ـ قال الله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعبدوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [ (2) ] .
وجه الاستدلال أن الله تبارك وتعالى أمر المؤمنين بفعل الخير أمراً مطلقاً ، فالظاهر الإذن في فعل كل ما يظهر خيره وتتحقق مصلحته إلا إذا كان مندرجاً تحت نص من نصوص النهي .
2 ـ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده )) .
قال الإمام النووي رحمه الله تعالى : وفي هذا الحديث تخصيص قوله صلى الله عليه وسلم (( كل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة )) وأن المراد به المحدثات الباطلة والبدع المذمومة ، وقد سبق بيان هذا ، وذكرنا هناك أن البدع خمسة أقسام [ (4) ] .
3 ـ عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( دعوني ما تركتم ، إنما هلك من كان قبلكم بسؤالهم واختلافهم على أنبيائهم ، فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه ، وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم )) . وفي رواية (( بكثرة سؤالهم)) [ (5) ] .
أقول : في هذا الحديث دلالة قوية واضحة على أنه ليس كل مسكوت عنه محرماً ، لأنه قسم الواجب على المكلف إلى قسمين :
* أحدهما يجب فعله على قدر الاستطاعة وهو المأمور به .
* وثانيهما يجب اجتنابه وهو المنهي عنه .
ولو كان كل مسكوت عنه محرماً لقال فإذا نهيتكم عن شيء أو لم أقل فيه شيئاً فاجتنبوه ، فتأمل .
4 ـ عن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه فال : (( إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها ، وحدّ حدوداً فلا تعتدوها ، وحرّم أشياء فلا تنتهكوها ، وسكت عن أشياء رحمة لكم من غير نسيان فلا تبحثوا عنها))[ (6) ].
أقول : هذا الحديث نص في أن الله تعالى سكت عن أشياء رحمة للأمة ، ولعله كان من الحكمة أن لا يسأل الصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها لئلا ينزل فيها تحريم بسبب السؤال ، فإذا انتقل رسول الله صلى الله عليه وسلم فليبحث المجتهدون في إلحاقها بما يناسبها ، فيكون للمصيب أجران وللمخطئ أجر واحد ، فيقع التفاوت في الأجر ، ولو سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها وبيّن حكمها لوجب امتثال حكمه ولما وقع ذلك التفاوت ، والله أعلم .
5 ـ عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال : بينما نحن نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قال رجل من القوم (( الله أكبر كبيراً ، والحمد لله كثيراً ، وسبحان الله بكرة وأصيلاً )) ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من القائل كلمة كذا وكذا ؟ . قال رجل من القوم : أنا يا رسول الله . فقال صلى الله عليه وسلم : (( عجبت لها ، فتحت لها أبواب السماء )) [ (7) ] .
أقول : الظاهر من سياق الرواية أن ذلك الصحابي لم يكن قد سمع من النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً في جعل هذا الذكر في استفتاح الصلاة ، ولو كان ذلك عن أمره وتعليمه لما عجب لذلك ، وإنما كان ذلك عن اجتهاد من ذلك الصحابي ، ومحل الشاهد أن النبي صلى الله عليه وسلم أقره على ذلك الاجتهاد ، ولو كان من المحظور على المرء المسلم أن يأتي بشيء في العبادة دون دليل خاص لأنكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم ، ولقال له كيف تفعل في الصلاة شيئاً قبل أن آذن لك فيه ؟! .
6 ـ عن أبي سعيد الخدري قال : بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية ، فنزلنا بقوم ، فسألناهم القِرى ، فلم يَقْرونا ، فلدغ سيدهم ، فأتونا ، فقالوا : هل فيكم من يرقي من العقرب ؟ . قلت : نعم ، أنا ، ولكن لا أرقيه حتى تعطونا غنما . قال : فأنا أعطيكم ثلاثين شاة . فقبلنا فقرأت عليه الحمد لله سبع مرات ، فبرأ ، ... فلما قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكرت له الذي صنعت ، فقال : وما علمت أنها رقية ؟! اقبضوا الغنم واضربوا لي معكم بسهم [ (8) ] .
أقول : لم يكن أبو سعيد الخدري يعلم أن الفاتحة رقية ، وأنها تُقرأ سبع مرات ، ولكن هكذا اجتهد وهكذا ألهمه الله عز وجل ، ولم ينكر عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم اختيار سورة الفاتحة ولا اختيار العدد في الرقية .
7 ـ عن رفاعة بن رافع الزُرَقي رضي الله عنه أنه قال : كنا يومَ نصلي وراء النبي صلى الله عليه وسلم , فلما رفع رأسه من الركعة قال سمع الله لمن حمده ، قال رجل وراءه (( ربنا ولك الحمد حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه )). فلما انصرف قال : من المتكلم ؟. قال : أنا . قال : رأيت بضعة وثلاثين ملكاً يبتدرونها أيهم يكتبها أول [ (9) ]
وهذا إقرار من رسول الله صلى الله عليه وسلم للذي قال هذه الكلمات ، وقد يكون قائلها قد سمعها من النبي صلى الله عليه وسلم من قبل ، لكن الظاهر أنها ليست مما علمه أن يقوله في الصلاة ، وأنه قالها في ذلك الاعتدال اجتهادا منه بإلهام من الله تبارك وتعالى ، فتقبلها منه ، وأنزل بضعة وثلاثين ملكا يتسابقون أيهم يكتب قبل غيره ، لعظيم فضلها ورفعة شأنها .
8 ـ عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث رجلا على سرية , وكان يقرأ لأصحابه في صلاته فيختم بقل هو الله أحد ، فلما رجعوا ذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : سلوه لأي شيء يصنع ذلك ؟ . فسألوه ، فقال : لأنها صفة الرحمن ، وأنا أحب أن أقرأ بها . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أخبروه أن الله يحبه [ (10) ] .
وهذا الحديث ظاهر في أن أمير السرية كان يختم القراءة في الصلاة بـ { قل هو اللهُ أحد } اجتهاداً منه ، لأنه صفة الرحمن جل وعلا ، فكان جزاؤه أن يحبه الله تعالى لحبه إياها .
9 ـ روى نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أن تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم : لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك ، لا شريك لك [ (11) ] .
وروى سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه مثل ذلك ، وزاد في آخره : لا يزيد على هؤلاء الكلمات [ (12) ] .
وذكر جابر بن عبد الله رضي الله عنهما إهلال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع بالتلبية ، بمثل حديث ابن عمر ، وقال : والناس يزيدون (( ذا المعارج )) ونحوه من الكلام ، والنبي صلى الله عليه وسلم يسمع فلا يقول لهم شيئاً [ (13) ] .
وكان عمر رضي الله عنه يهل بإهلال رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقول : لبيك اللهم لبيك ، لبيك وسعديك ، والخير في يديك لبيك ، والرغباء إليك والعمل .
وكان ابن عمر يقول نحواً من هذه الكلمات كذلك [ (14) ] .
وربما كان عمر يزيد : لبيك مرغوبا ومرهوبا ً ، لبيك ذا النعماء والفضل الحسن [ (15) ] .
بل جاء من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في تلبيته : لبيك إله الخلق لبيك [ (16) ] .
فلعله قالها مرة بصوت غير رفيع فسمعها من يليه دون سائر الناس .
فظاهر من هذا أن للتلبية ألفاظاً كان النبي صلى الله عليه وسلم علمها الناس ، وكان يلتزم بها ، ورواها عنه جماعة من الصحابة ، لكنه كان يسمع بعض الناس يزيدون (( لبيك ذا المعارج )) ونحوها فلا يقول لهم شيئاً ، وربما زاد هو عليه الصلاة والسلام مرة (( لبيك إله الحق لبيك ))، وفي هذه السعة زاد عمر وابن عمر بعض الألفاظ في التلبية .
قد يقال : إن هذا لا دلالة فيه لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد أذن في الزيادة على ألفاظ التلبية .
والجواب : هل استأذن الصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الزيادة ؟!!
وقد كان جابر رضي الله عنه قريبا من رسول الله عليه الصلاة والسلام في تلك الرحلة المباركة ، يرصد أحوال المناسك ، فالظاهر أنه يذكر استئذان الناس في زيادة الألفاظ لو وقع ، وإذ لم يذكر ذلك فالظاهر عدم الوقوع .
وإذا كان كثير من الناس قد انطلقوا يلبون بتلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم ويزيدون فيها فهذا يعني أنه قد استقر في أذهانهم - وهم في أواخر السنة العاشرة - أن باب الأذكار فيه سعة ، وأن مثل تلك الزيادة تعبر عما في مكنون كثير من القلوب من مشاعر إيمانية وخضوع وتضرع وابتهال لله رب العالمين ، بينما يؤْثر آخرون الالتزام بتلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم التي علمها للناس والتزم هو بها ، وكل على خير.
الاستدلال بآثار الصحابة والتابعين
1- قال زيد بن ثابت رضي الله عنه : أرسل إلي أبو بكر مقتل أهل اليمامة ، فإذا عمر بن الخطاب عنده ، قال أبو بكر رضي الله عنه : إن عمر أتاني فقال إن القتل قد استحر يوم اليمامة بقراء القرآن ، وإني أخشى أن يستحر القتل بالقراء بالمواطن فيذهب كثير من القرآن ، وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن . قلت لعمر : كيف نفعل شيئاً لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟!!. قال عمر : هذا والله خير . فلم يزل عمر يراجعني حتى شرح الله صدري لذلك , ورأيت في ذلك الذي رأى عمر . قال زيد : قال أبو بكر: إنك رجل شاب عاقل لا نتهمك ، وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فتتبع القرآن فاجمعه. ... قلت : كيف تفعلون شيئاً لم يفعله رسول الله ؟!! . قال : هو والله خير . فلم يزل أبو بكر يراجعني حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر أبي بكر وعمر رضي الله عنهما [ (17) ] .
أقول : لابد من وقفتين :
الأولى : عند قول أبي بكر وقول زيد بن ثابت كيف نفعل شيئاً لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟!! وهذا يدل على أنهم كانوا يتوقفون عند الوهلة الأولى عن فعل أي شيء لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم .
الثانية : عند قول عمر هو والله خير ، ثم قول أبي بكر وقول زيد بن ثابت فلم يزل يراجعني حتى شرح الله صدري لذلك ، وهذا يعني أنهم ما كانوا يرون أن كل مستحدث في الدين هو بدعة ضلالة ، وأنه إذا تحققت خير يته - من حيث التوافق مع الكتاب والسنة وتحقيق مقاصدهما - فإنه إذ ذاك يكون حسناً .
2- عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج ليلة من جوف الليل فصلى في المسجد ، وصلى رجال بصلاته ،... فلما كانت الليلة الرابعة ... فتشهد ثم قال : أما بعد ، فإنه لم يخفَ عليَّ مكانكم ، ولكني خشيت أن تفرض عليكم فتعجزوا عنها . فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم والأمر على ذلك [ (18) ] .
وعن عبد الرحمن بن عبد القاري أنه قال : خرجت مع عمر بن الخطاب ليلة في رمضان إلى المسجد ، فإذا الناس أوزاع متفرقون ،... ثم عزم فجمعهم على أبيِّ بن كعب ، ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم فقال : نعم البدعة هذه ، والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون [ (19) ] .
أقول : بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وانقطاع الخشية من أن يفرض ما لم يكن بفرض؛ فإن عمر رضي الله عنه صار بإمكانه أن يجمع الناس على قيام رمضان ، كما حدث في الليالي الثلاث التي أمّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها الناس .
وقد يُظن أن صلاة التراويح التي جمع عمر رضي الله عنه لها الناس هي امتداد للتي صلاها عليه الصلاة والسلام ، والواقع أنها تختلف عنها ، وذلك أن عمر دخل المسجد مرة بعد انقضاء صلاة العشاء ، فوجد الناس يصلون وهم أوزاع وأشتات متفرقون ، فرأى أن يجمعهم على قارئ واحد ، فجمعهم على أبيّ بن كعب ، وأما صلاة النبي صلى الله عليه وسلم فكانت في جوف الليل ، ثم إن عمر دخل المسجد مرة فرآهم يصلون مجتمعين ، ووجد ذلك خيراً من التفرق ، إلا أن انشغالهم بالصلاة في هذا الوقت عن القيام في الثلث الأخير ليس الأفضل ، ولذا فإنه قال : نعم البدعة هذه ، والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون .
أي لو حرص الناس على القيام بالسنة تماما ً لناموا في هذا الوقت وقاموا في الثلث الأخير ، ولكن لو غلب على الظن أن معظمهم لن يتحقق له ذلك فالأولى أن يشغلوا الوقت بعد صلاة العشاء بالقيام ، وأن يجتمعوا ولا يكونوا متفرقين ، ومن ههنا يقول عمر رضي الله عنه عن الاجتماع للقيام في هذا الوقت إنه بدعة ، ولكن نعم البدعة هذه .
ويقول بعض الناس إن البدعة هنا لغوية لا شرعية ، فأقول : سمها ما شئت ، فليس الخلاف في التسمية ، ولكن هل صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس شيئا ًمن قيام رمضان بعد صلاة العشاء ؟!! فإن وجدت ذلك فهذا الذي فعله عمر سنة ، وإلا فقد استحدثه عمر لما يتحقق فيه من الخير ، وسماه بدعة ، وقال : نعم البدعة .
وقد كان كثير من السلف يفضلون التهجد في ليالي رمضان على صلاة التراويح . ومن هذا قول أشعث بن أبي الشعثاء : شهدت مكة في زمان ابن الزبير في رمضان والإمام يصلي يقوم على حدة والناس يصلون في نواحي المسجد . وقول أيوب السخستاني رحمه الله : رأيت عبد الله بن أبي مُليكة يصلي بالناس في رمضان خلف المقام بمن صلى خلفه والناس بعد في سائر المسجد من بين طائف بالبيت ومصلٍّ . وقول إبراهيم النخعي الكوفي رحمه الله : كان المتهجدون يصلون في جانب المسجد والإمام يصلي بالناس في شهر رمضان [ (20) ] .
3 ـ قال السائب بن يزيد رضي الله عنه : كان النداء يوم الجمعة أوله إذا جلس الإمام على المنبر على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما فلما كان عثمان رضي الله عنه وكثر الناس زاد النداءَ الثالث على الزوراء [ (21) ] .
أقول : الأذان إعلام بدخول وقت الصلاة والفوز بالفلاح ، والسنة في الأذان للجمعة أن يكون إذا جلس الإمام على المنبر ، فهل يجوز استحداث أذان قبل ذاك الأذان إذا كثر الناس واقتضت الحاجة إعلامهم ليتوجهوا إلى الصلاة ؟ هذا ما جعل الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه يأمر باستحداث ذلك الأذان .
لكن جاء عن بعض السلف أن الأذان الأول يوم الجمعة بدعة ، وهذا قول ابن عمر والحسن البصري [ (22) ] .
والظاهر أن المراد أنه لم يكن ، لا أنه بدعة مذمومة .
4 ـ روي عن علي رضي الله عنه أنه خرج يوم عيد ، فوجد الناس يصلون قبل خروجه ، فقيل له : لو نهيتهم ! . فقال : ما أنا بالذي أنهى عبد اً إن صلاها [ (23) ] . والسند ضعيف .
وعن رجل أنه قال : جاءنا ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يوم العيد قبل خروج الإمام فصلوا ، وجاء ابن عمر فلم يصل . فقال الرجل لابن عمر في ذلك ، فقال ابن عمر : مالله تبارك وتعالى برادٍّ على عبد إحساناً أحسنه [ (24) ] . وفي السند ذلك الرجل المبهم فهو ضعيف .
أقول : من الثابت أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل قبل صلاة العيد ولا بعدها شيئاً ، كما أخبر بذلك عبد الله بن عباس رضي الله عنهما [ (25) ] . وكان ابن مسعود وحذيفة بن اليمان يتمسكان بذلك ، حتى إنهما كانا يجلّسان من رأياه يصلي قبل خروج الإمام يوم العيد [ (26) ] .
ومن جهة أخرى نجد روايات عن جماعة من السلف يرون أن لا حرج في الصلاة قبل صلاة العيد أو بعدها أو قبلها وبعدها ، منهم أنس وأبو هريرة والحسن البصري [ (27) ] . وفي هذا السياق تأتي الكلمة المروي عن علي رضي الله عنه إذ وجد الناس يصلون قبل خروجه فأبى أن ينهاهم وقال : (( ما أنا بالذي أنهى عبد اً إن صلاها )) .
أقول : لا أرى بأساً بالاستئناس بها مع ضعف السند هنا ، للتوافق بينها وبين ماروي عن جماعة من السلف الآخرين ، والذي فيها هو الإشارة المعبرة عن ملحظ هؤلاء وهو أنها صلاة نافلة ، والنوافل مبناها على السعة ، فمن أحب أن يصلي فليصلّ ، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينهَ عن فعلها ، ومن هنا فلا يصح تشبيهها بالصلاة في الأوقات المنهي عن الصلاة فيها ، إذ شتان بين ما لم يفعله صلى الله عليه وسلم ولم ينه َ عنه وبين مانهى عنه .
وفي هذا السياق كذلك تأتي الكلمة المروية عن ابن عمر رضي الله عنهما ، فهو قد ثبت عنه أنه كان لا يصلي قبل العيدين ولا بعدهما شيئاً [ (28) ] . وهذا ليس بمستغرب عنه لما عُلم من شدة تحريه في الاتباع ، ولكن وجه الاستئناس بقوله ((ما الله تبارك وتعالى برادٍّ على عبد إحساناً أحسنه )) إن ثبت عنه ؛ أنه مع كونه لا يرى التنفل قبل صلاة العيد ولا بعدها فإنه لا ينهى من صلى من ذلك شيئاً ، ويرى أن الصلاة من الإحسان وأن الله تعالى لا يردها على عبده ، ولعل هذا الأثر عن ابن عمر يقوي الأثر الوارد عن علي رضي الله عنهم جمعيا ويتقوى به ، ويُعلم بهما وبالآثار الواردة الأخرى أن لهذا أصلاً من عمل السلف .
5 ـ قال عبد الرحمن بن يزيد بن قيس النخعي :كنا مع عبد الله بن مسعود بِجَمْع فلما دخل مسجد منى سأل كم صلى أمير المؤمنين ؟ . قالوا : أربعاً . فصلى أربعاً , فقلنا : ألم تحدثنا أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى ركعتين وأبا بكر صلى ركعتين ؟! . فقال : بلى , وأنا أحدثكموه الآن , ولكن عثمان كان إماماً فما أخالفه ، والخلاف شر(29) .
أقول : فرضي الله تعالى عن ابن مسعود ما أفقهه !! .
كان ابن مسعود يعلم أن السنة أن تصلى الصلوات الرباعية بمنى ركعتين ، وأن صلاته إياها أربعاً هي بخلاف ما فعل النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان صدراً من خلافته ، ولكنه ما كان يراها بدعة ضلالة ، بل كأنه كان يراها خلاف الأَولى ، فإذا فعلها إمام المسلمين لأمر ما ـ ولا شك في أن له عذراً في ذلك ـ صار فعلها على وَفق ما صنع الإمام هو الأَولى .
ولو كان يراها بدعة ضلالة لما جاز له أن يحرص على موافقة المخلوق في معصية الخالق جل وعلا , فتأمل .
( انتهى بتصرف يسير )
من كتاب البدعة المحمودة بين شبهات المانعين و استدلالات المجيزين
للشيخ الدكتور/ صلاح الدين بن أحمد الإدلبي
------------------------------------------------------------------
(1) قواعد الأحكام في مصالح الأنام : 2 / 204 ـ 205 .
(2) الآية 77 من سورة الحج .
(3) هذا كلام الحافظ العلائي في نظم الفرائد : ص 77 .
(4) صحيح مسلم مع شرح النووي : الزكاة ، باب الحث على الصدقة ، 7 / 104 .
(5) رواه جماعة عن أبي هريرة ، صحيح البخاري : الاعتصام ، باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، برقم 7288 . صحيح مسلم : الحج ، باب فرض الحج في العمر مرة , برقم 1337 . مسند الإمام أحمد : 2 / 247 ، 428 .
(6) قال الإمام النووي في الأربعين النووية : حديث حسن رواه الدار قطني وغيره . رقم الحديث 30 . وقال الشيخ الألباني : وهو حديث حسن . انظر تعليقه على الإيمان لابن تيمية : ص 43. طبعة المكتب الإسلامي ، الطبعة الثالثة . وحديث أبي ثعلبة منقطع الإسناد ، ومن حسنه فإنما حسنه بشاهده ، وهو ما رواه البزار والحاكم من حديث أبي الدرداء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( ما أحل الله في كتابه فهو حلال ، وما حرم فهو حرام ، وما سكت عنه فهو عفو ، فاقبلوا من الله عافيته ، ... )) . قال البزار : إسناده صالح . وقال الحاكم : صحيح الإسناد . انظر : جامع العلوم والحكم لابن رجب : 2/ 316 ـ 318 رقم الحديث 30 .
(7) صحيح مسلم : المساجد ، باب ما يقال بين تكبيرة الإحرام والقراءة ، 1 /420 برقم 601 .
(8) سنن الترمذي : الطب , باب ما جاء في أخذ الأجر على التعويذ ، برقم 2063 . سنن ابن ماجه : التجارات ، باب أجر الراقي ، برقم 2156 , بسند صحيح . صحيح البخاري : الإجارة ، باب ما يعطى في الرقية ، برقم 2276 ، وفي فضائل القرآن برقم 5007 ، وفي الطب برقم 5736،5749. وليس عند البخاري أنه قرأ الفاتحة سبع مرات .
(9) صحيح البخاري : الأذان ، باب بعد باب فضل اللهم ربنا لك الحمد ، برقم 799 .
(10) المصدر السابق : التوحيد ، باب ماجاء في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم أمته إلى توحيد الله تعالى ، برقم 7375 .
(11) المصدر السابق : الحج ، باب التلبية ، برقم 1549 .
(12) المصدر السابق : اللباس ، باب التلبيد ، برقم 5915 .
(13) سنن أبي داود : المناسك ، باب كيف التلبية . المنتقى لابن الجارود : باب المناسك ، برقم 465.
(14) صحيح مسلم : الحج ، باب التلبية وصفتها ، 2 /841 ـ843.وورد جزء مما كان يزيده ابن عمر في مصنف ابن أبي شيبة : الجزء المفقود ، ص 193.
(15) مصنف ابن أبي شيبة : الجزء المفقود , ص 193 .
(16) المصدر السابق : ص 192 . والسند صحيح . وذكرها ابن حجر في فتح الباري 1549 بلفظ ((إله الحق )).
(17) صحيح البخاري : فضائل القرآن ، باب جمع القرآن ، برقم 4986 .
(18) المصدر السابق : الصوم ، صلاة التراويح ، باب فضل من قام رمضان ، برقم 2012 .
(19) المصدر السابق : برقم 2010 .
(20) هذه الآثار في مصنف ابن أبي شيبة 2 / 398 بأسانيد صحيحة .
(21) صحيح البخاري : الجمعة ، باب الأذان يوم الجمعة ، برقم 912 .
(22) الأثر عن ابن عمر هو في مصنف ابن أبي شيبة : 2 / 140 بسند صحيح ، وهو في مسند الشاميين للطبراني 2/ 377، برقم 1532. والأثر عن الحسن هو عند ابن أبي شيبة كذلك بسند صحيح ، لكنه قال ((محدث )).
(23) مصنف عبد الرزاق : 3 / 272 ـ 273 ، 276 ـ 277 . مسند البزار : 2 / 129 ـ 130 بتحقيق محفوظ الرحمن زين الله . وهو في كشف الأستار للهيثمي : 1 / 313 .
(24) مصنف عبد الرزاق : 3/ 272 .
(25) صحيح البخاري : العيدين ، باب الصلاة قبل العيد وبعدها برقم 989 .
(26) مصنف عبد الرزاق : 3 / 273 . بسند صحيح عنهما .
(27) انظر : مصنف عبد الرزاق : 3 / 271 ـ 272 . مصنف ابن أبي شيبة : 2 / 179 ـ 180 .(28) مصنف عبد الرزاق : 3 / 274 . بسند صحيح عنه .
(29) سنن البيهقي : 3 / 144 ، 143 ـ 144 . مصنف عبد الرزاق : 2 /516 برقم 4269 .