مسائل يصفها البعض بأنها بدعة ضلالة
تعليق التمائم والتعاويذ :
ـ لو رأى بعض الناس على أحد تعويذة مكتوبة لقال مباشرة أزلها عنك فإنها بدعة لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك ، لكن هل كان النهي عن تعليق ما يكتب من القرآن أو من أسماء الله الحسنى أو عن تعليق ما يكتب من رُقى الجاهلية وطلاسمها ؟؟
أقول : لا بد من التريث وفهم نصوص الشارع في ضوء ما فهمه السلف ، وأما الإعراض عن كلام السلف والأئمة فهذا بعيد عن المنهج السليم .
يبدو أن من يقول عن هذا إنه بدعة لم يقف على أن هذا كان منتشراً بين السلف ، وأنه جرى السؤال عن حكم تعليقها على المرأة الحائض والجنب لا عن حكم تعليقها أصلاً .
*- سأل ابن جريج عطاء بن أبي رباح سيد التابعين بمكة فقال : القرآن كان على امرأة فحاضت أو أصابتها جنابة أتنزعها ؟ . قال : إذا كان في قصبة فلا بأس .
قال ابن جريج : وسمعته قبل ذلك يُسأل : أيجعل على صبي القرآن ؟ . قال : إذا كان في قصبة من حديد أو قصبة ما كانت فنعم ، وأما رقعة فلا (1) .
*- سئل سعيدُ بن المسيب سيدُ التابعين بالمدينة عن الاستعاذة تكون على الحائض والجنب ؟ فقال : لا بأس به إذا كان في قصبة (2)
*- قال الحسن البصري أحد سادات التابعين بالبصرة ومنصور بن المعتمر أحد سادات أتباع التابعين بالكوفة : كانوا يكرهون أن يعلقوا مع القرآن شيئاً (3) .
*- قال عبد الله ابن الإمام أحمد : رأيت أبي يكتب التعاويذ للذي يصرع ، وللحمى ، لأهله وقراباته ، ويكتب للمرأة إذا عسر عليها الولادة ... ، إلا أنه كان يفعل ذلك عند وقوع البلاء ، ولم أره يفعل هذا قبل وقوع البلاء , ورأيته يعوّذ في الماء ويشربه المريض ويصب على رأسه منه (4) .
*- قال عبد الله ابن الإمام أحمد : سألت أبي عن الرجل يكتب التعاويذ من القرآن وغيره يبيعها ؟ . قال : أكرهه ، وأكره بيع المصاحف ، وشراؤها أسهل عندي من بيعها . قلت لأبي : فإن باع لأهل الذمة التعاويذ ؟ . قال : ذلك أشد . وكرهه [ (5) ] .
*ـ قال عبد الله ابن الإمام أحمد : رأيت أبي إذا بال استبرأ استبراء شديداً... (6) .
وهذا يراه بعض الناس بدعة ، ويرون أن لا ضرورة لأن ينتظر الرجل بعد البول شيئاً من الوقت ، فهل كان الإمام أحمد من المبتدعين ؟ !!! .
التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم :
ـ قال الإمام أحمد لتلميذه المرُّوذي : يتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم في دعائه (7) .
يرى بعض الناس أن التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم في الدعاء بدعة ، وأنه من الشرك أو من ذرائع الشرك ، وأن الإمام أحمد رجع عن هذا القول .
أقول : هل كان الإمام أحمد وهو من كبار أئمة أهل السنة قبل رجوعه عن هذا القول جاهلاً بمعرفة البدعة والشرك وذرائعه ؟ !!! حاشاه من ذلك . فلا بد من فهم التوسل بما يجعله بعيداً عن الشرك وكل ما يوصل إليه ، وإلا فهو اتهام خطير للإمام أحمد رحمه الله .
تقبيل اليد :
ـ قال المرُّوذي تلميذ الإمام أحمد : سألت أبا عبد الله عن قبلة اليد فقال : إن كان على طريق التدين فلا بأس ، قد قبل أبو عبيدة يد عمر بن الخطاب ، وإن كان على طريق الدنيا فلا (8) .
ثم روى عن الإمام سفيان الثوري ـ وهو من شيوخ مشايخ الإمام أحمد ـ أنه قال : لا بأس بها للإمام العادل ، وأكرهها على دنيا (9) .
التبرك :
ـ يحسن هنا أن أورد بعض ما سطره أحد الباحثين الذين كتبوا في موضوع البدعة مع ذكر ما يدل على نقيض قوله من السنة والآثار .
قال الباحث سامحه الله : (( فالتبرك بالأماكن والآثار والأشخاص أحياء وأمواتاً لا يجوز ، لأنه إما شرك إن اعتقد أن ذلك الشيء يمنح البركة ، أو وسيلة إلى الشرك إن اعتقد أن زيارته وملامسته والتمسح به سبب لحصولها من الله ، وأما ما كان الصحابة يفعلونه من التبرك بشعر النبي صلى الله عليه وسلم وريقه وما انفصل من جسمه صلى الله عليه وسلم فذلك خاص به صلى الله عليه وسلم في حال حياته ، بدليل أن الصحابة لم يكونوا يتبركون بحجرته وقبره بعد موته ، ولا كانوا يقصدون الأماكن التي صلى فيها أو جلس فيها ليتبركوا بها )) !!! .
أقول ومن الله تعالى أستمد المعونة والتوفيق :
هذا الباحث يعلم أن الصحابة كانوا يتبركون بجسد رسول الله صلى الله عليه وسلم وشعره وريقه ونخامته ودمه والمكان الذي يصلي فيه ، ويقول إن ذلك خاص به صلى الله عليه وسلم في حال حياته ، ولكنه سامحه الله لم يبين لنا هل حذر النبي صلى الله عليه وسلم من يتبركون به ببيان أن هذا شرك أو ذريعة إلى الشرك ؟ !!! .
لا شك في أن من يتبرك بشيء معتقداً أن ذلك الشيء يمنح البركة من دون الله تعالى فهو مشرك ، وحاشا أن يعتقد الموحدون ذلك ، ولا شك في أن من يتبرك بشيء معتقداً أن الله تعالى جعله مباركاً ـ وعنده عليه دليل شرعي ـ كما أنه جعله سبباً لحصول البركة ؛ ففعْله هذا لا شيء فيه من الشرك ولا من ذرائع الشرك ، بل هو قربة إلى الله تبارك وتعالى ، لأن حقيقته هي توجه القلب إلى الله تعالى بسؤال البركة وإظهار الافتقار إليه ، مع تعظيم شأن من عظم الله قدره وجعله مباركاً ، واقرأ قوله تعالى على لسان عيسى ابن مريم عليه السلام { وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ } (10) .
لكن ما صحة قوله إن ذلك خاص به صلى الله عليه وسلم في حال حياته ؟؟ هذا خطأ محض مخالف لما كان عليه الصحابة والتابعون .
ـ عن نافع أن عبد الله بن عمر كان إذا دخل الكعبة مشى قِبَلَ وجهه ... ثم صلى يتوخى المكان الذي أخبره بلال أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى فيه (11) . ونافع يصف ما يفعله ابن عمر ، وهذا بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم .
ـ قال موسى بن عقبة : رأيت سالم بن عبد الله بن عمر يتحرى أماكن من الطريق فيصلي فيها ، ويحدث أن أباه كان يصلي فيها ، وأنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في تلك الأمكنة (12) .
ـ قال يزيد بن أبي عبيد : كنت آتي مع سلمة بن الأكوع ، فيصلي عند الأسطوانة التي عند المصحف ، فقلت : يا أبا مسلم ، أراك تتحرى الصلاة عند هذه الأسطوانة ! . قال : فإني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتحرى الصلاة عندها (13).
ـ قال أبو بردة بن أبي موسى الأشعري : قدمت المدينة ، فلقيني عبد الله بن سلام ، فقال لي : انطلق إلى المنزل فأسقيك في قدح شرب فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتصلي في مسجد صلى فيه النبي صلى الله عليه وسلم . فانطلقت معه ...(14).
ـ قال محمد بن سيرين لعَبيدة السَلْماني : عندنا من شعر النبي صلى الله عليه وسلم أصبناه من قبل أنس . أو : من قبل أهل أنس . فقال : لأن تكون عندي شعرة منه أحب إلي من الدنيا وما فيها (15) .
ـ ذكر عبد الله بن كسيان مولى أسماء بنت أبي بكر عن أسماء أنها أخرجت إليه جبة طيالسة كسروانية ، وقالت : هذه جبة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كانت عند عائشة حتى قُبضت ، فلما قُبضت قبضتها ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يلْبَسها ، فنحن نغسلها للمرضى يستشفى بها (16) .
ـ لقي أبو بصرة الغفاري أبا هريرة وهو جاءٍ من الطور ، فقال : من أين أقبلتَ؟. قال : من الطور ، صليتُ فيه . قال : أما لو أدركتك قبل أن ترحل إليه ما رحلتَ ، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد : المسجد الحرام ، ومسجدي هذا ، والمسجد الأقصى (17) .
أقول : يرى بعض الباحثين أن هذا لا حجة فيه لإنكار أبي بصرة على أبي هريرة ، ولكن كيف كان جواب أبي هريرة ؟؟ لا ندري . ولا يغيبن عن البال أن أبا هريرة نفسه روى هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد رواه عنه ثلاثة من التابعين (18) وأين يظهر علم أبي بصرة وجمعه للحديث أمام علم أبي هريرة وحفظه ؟ !!! (19) .
ـ عن ثابت البُنَاني أنه قال لأنس بن مالك : يا أنس ، مَسِسْتَ يد رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدك ؟ . قال : نعم . قال : أرني أقبلها (20) .
ـ عن عبد الرحمن بن رزين أنه نزل الربذة هو وأصحابه يريدون الحج ، فقيل لهم : ههنا سلمة بن الأكوع صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال : فأتيناه ، فسلمنا عليه ، ثم سالناه , فقال : بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي هذه . فقمنا إليه ، فقبلنا كفيه جميعاً (21) .
ـ عن يونس بن ميسرة أنه قال : دخلنا على يزيد بن الأسود عائدين ، فدخل عليه واثلة بن الأسقع رضي الله عنه ، فلما نظر إليه مد يده فأخذ يده فمسح بها وجهه وصدره ، لأنه بايع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم (22) .
ـ قال عبد الله ابن الإمام أحمد : سألت أبي عن الرجل يمس منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتبرك بمسه ويقبله ويفعل بالقبر مثل ذلك أو نحو هذا يريد بذلك التقرب إلى الله جل وعز ؟؟ . فقال : لا بأس بذلك (23) .
أقول : فليت الباحث المشار إليه يعيد النظر فيما كتب ، إذ هل يُعقل أن عبد الله بن عمر وسلمة بن الأكوع وعبد الله بن سلام وأسماء بنت أبي بكر وأبا هريرة وأنس بن مالك رضي الله عنهم وسالم بن عبد الله بن عمر وأبا بردة بن أبي موسى الأشعري ومحمد بن سيرين وعَبيدة السلماني وثابتاً البُناني رحمهم الله لا يعرفون ذرائع الشرك ؟ !!! وأن الإمام أحمد هو كذلك ؟ !!! فهل يقول هذا عاقل ؟ ! .
ـ لا ينبغي أن أغادر هذه المسألة قبل الإشارة إلى بعض الروايات الأخرى فأقول:
قال المعرور بن سويد : كنت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه بين مكة والمدينة ، فصلى بنا الفجر ، ... ثم رأى أقواماً ينزلون فيصلون في مسجد ، فسأل عنهم ، فقالوا : مسجد صلى فيه النبي صلى الله عليه وسلم . فقال : إنما هلك من كان قبلكم أنهم اتخذوا آثار أنبيائهم بِيَعاً ، من مر بشيء من المساجد فحضرت الصلاة فليصل ، وإلا فليمض (24) .
ليس من الممكن الأخذ بظاهر هذه الرواية عن عمر رضي الله عنه واستبعاد الروايات الكثيرة عن جماعة من الصحابة والتابعين ، كما لا يمكن أن يغض المنصف نظره عن هذه الرواية ، إذن لا بد من الجمع بينهما ، وربما وجد عمر رضي الله عنه في أولئك الأقوام تمسكاً وتعلقاً بالمواضع التي صلى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم يفوق الحرص على أساسيات الدين وفرائضه ، فيكون موقفه هو المناسب لأهل الغلو ، ومواقف سائر الصحابة والتابعين هي الأنسب لأهل الاعتدال .
( انتهى بتصرف يسير )
من كتاب البدعة المحمودة بين شبهات المانعين و استدلالات المجيزين
للشيخ الدكتور/ صلاح الدين بن أحمد الإدلبي
__________
(1) مصنف عبد الرزاق : 1 / 345 برقم 1347 ، باب العلائق ، أواخر كتاب الحيض . والسند صحيح .
(2) المصدر السابق : 1 / 345 ـ 346 برقم 1348 ، والسند صحيح .
(3) المصدر السابق : 1 / 346 برقم 1349 ، والسند إلى الحسن حسن لاعتضاده وإلى منصور صحيح .
(4) مسائل الإمام أحمد رواية ابنه عبد الله : ص 447 ، وانظر : ص 448 .
(5) المصدر السابق : ص 291 .
(6) المصدر السابق : ص 31 .
(7) الإنصاف للمرداوي : 2 / 456 . ذكره في مبحث صلاة الاستسقاء .
(8) الورع للمروذي : ص 157 ـ 158 ، دار الصميعي , الرياض , ط 1 .
(9) المصدر السابق : ص 158 .
(10) من الآية 31 من سورة مريم .
(11) رواه البخاري : الصلاة ، بعد باب الصلاة بين السواري ، برقم 506 ، والحج ، باب الصلاة في الكعبة ، برقم 1599 .
(12) المصدر السابق : الصلاة ، باب المساجد التي على طرق المدينة ، برقم 483 .
(13) المصدر السابق : الصلاة ، باب الصلاة إلى الأسطوانة ، برقم 502 .
(14) المصدر السابق : الاعتصام ، باب ما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم وحض على اتفاق أهل العلم ، برقم 7342 .
(15) المصدر السابق : الوضوء ، باب الماء الذي يُغسل به شعر الإنسان ، برقم 170 .
(16) صحيح مسلم : 3 / 1641 ، اللباس ، باب تحريم إناء الذهب والفضة ، برقم 2069 .
(17) مسند الامام احمد : 6/ 7 . هذا وقد حدث ابو هريرة نفسه باعتراض ابي بصرة عليه , لكن جاء في تلك الرواية (( بصرة بن ابي بصرة )) , وهو خطأ , وذلك في حديث طويل رواه ابن حبان في صحيحه . الإحسان في ترتيب صحيح ابن حبان لابن بلبان : الصلاة , باب صلاة الجمعة , 7/ 7 برقم 2772 .
(18) صحيح البخاري : التهجد ، فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة ، برقم 1189 . صحيح مسلم : الحج ، باب لا تشد الرحال ، 2 / 1014 ـ 1015 ، برقم 1397 . مسند الإمام أحمد : 2 / 234 ، 238 ، 278 ، 501 .
(19) لا بد من الإشارة إلى أن إنكار أبي بصرة هو من أخف الإنكار ، إذ كأنه يرى أن الذهاب إلى الطور والصلاة فيه هو خلاف الأولى ، لأنه ليس فيه زيادة أجر ، وذكر حديث (( لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد )) ، وإذا أردنا أن نقدر المستثنى منه في الحديث فالظاهر أنه هكذا : لا تشد الرحال إلى مسجد لمزيد أجر إلا إلى ثلاثة مساجد . ألا ترى أنه لم يقل أكثر من (( لو أدركتك قبل أن ترحل إليه ما رحلتَ )) . وقريب منه موقف ابن عمر عندما سأله السائل : آتي الطور ؟ . فقال : دع الطور ولا تأتها . وقال له : لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد . [ مصنف ابن أبي شيبة 3 / 365 برقم 7613 من المحققة ] . ومما يدلك على أن عدداً من الصحابة كانوا ينظرون إلى الأَولى والأكثر أجراً : أنهم ما كانوا يحرصون على الصلاة في بيت المقدس رغم كونه أحد المساجد الثلاثة التي تشد إليها الرحال ، ومن المعلوم أن الصلاة في المسجد الحرام والمسجد النبوي أفضل من الصلاة فيه ، ومن ذلك قول حذيفة بن اليمان : لو سرت حتى لا يكون بيني وبين بيت المقدس إلا فرسخ أو فرسخان ما أتيته . أو : ما أحببت أن آتيه . وقول أبي ذر : لأن أصلي على رملة حمراء أحب إلي من أن أصلي في بيت المقدس . [ مصنف ابن أبي شيبة 3 / 364 وكلاهما بسند صحيح ] .
(20) مسند الإمام أحمد : 3 / 111 . الأدب المفرد للبخاري : ص 253 برقم 974 . وفي سنده ضعف .
(21) مسند الإمام أحمد : 4 / 54 ـ 55 . الأدب المفرد للبخاري : برقم 973 . وفي سنده ضعف.
(22) الحلية لأبي نعيم : 9 / 306 . المعجم الكبير للطبراني : 22 / 89 برقم 215 . لكن في السند راوٍ متروك متهم بالكذب . وانما ذكرت هذا للمعرفة .
(23) العلل ومعرفة الرجال عن الإمام أحمد : 2 / 492 .
(24) مصنف عبد الرزاق : 2 / 118 ـ 119 برقم 2734 . مصنف ابن أبي شيبة : 3 / 367 ـ 368 برقم 7624 من المحققة . والسند صحيح .
تعليق التمائم والتعاويذ :
ـ لو رأى بعض الناس على أحد تعويذة مكتوبة لقال مباشرة أزلها عنك فإنها بدعة لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك ، لكن هل كان النهي عن تعليق ما يكتب من القرآن أو من أسماء الله الحسنى أو عن تعليق ما يكتب من رُقى الجاهلية وطلاسمها ؟؟
أقول : لا بد من التريث وفهم نصوص الشارع في ضوء ما فهمه السلف ، وأما الإعراض عن كلام السلف والأئمة فهذا بعيد عن المنهج السليم .
يبدو أن من يقول عن هذا إنه بدعة لم يقف على أن هذا كان منتشراً بين السلف ، وأنه جرى السؤال عن حكم تعليقها على المرأة الحائض والجنب لا عن حكم تعليقها أصلاً .
*- سأل ابن جريج عطاء بن أبي رباح سيد التابعين بمكة فقال : القرآن كان على امرأة فحاضت أو أصابتها جنابة أتنزعها ؟ . قال : إذا كان في قصبة فلا بأس .
قال ابن جريج : وسمعته قبل ذلك يُسأل : أيجعل على صبي القرآن ؟ . قال : إذا كان في قصبة من حديد أو قصبة ما كانت فنعم ، وأما رقعة فلا (1) .
*- سئل سعيدُ بن المسيب سيدُ التابعين بالمدينة عن الاستعاذة تكون على الحائض والجنب ؟ فقال : لا بأس به إذا كان في قصبة (2)
*- قال الحسن البصري أحد سادات التابعين بالبصرة ومنصور بن المعتمر أحد سادات أتباع التابعين بالكوفة : كانوا يكرهون أن يعلقوا مع القرآن شيئاً (3) .
*- قال عبد الله ابن الإمام أحمد : رأيت أبي يكتب التعاويذ للذي يصرع ، وللحمى ، لأهله وقراباته ، ويكتب للمرأة إذا عسر عليها الولادة ... ، إلا أنه كان يفعل ذلك عند وقوع البلاء ، ولم أره يفعل هذا قبل وقوع البلاء , ورأيته يعوّذ في الماء ويشربه المريض ويصب على رأسه منه (4) .
*- قال عبد الله ابن الإمام أحمد : سألت أبي عن الرجل يكتب التعاويذ من القرآن وغيره يبيعها ؟ . قال : أكرهه ، وأكره بيع المصاحف ، وشراؤها أسهل عندي من بيعها . قلت لأبي : فإن باع لأهل الذمة التعاويذ ؟ . قال : ذلك أشد . وكرهه [ (5) ] .
*ـ قال عبد الله ابن الإمام أحمد : رأيت أبي إذا بال استبرأ استبراء شديداً... (6) .
وهذا يراه بعض الناس بدعة ، ويرون أن لا ضرورة لأن ينتظر الرجل بعد البول شيئاً من الوقت ، فهل كان الإمام أحمد من المبتدعين ؟ !!! .
التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم :
ـ قال الإمام أحمد لتلميذه المرُّوذي : يتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم في دعائه (7) .
يرى بعض الناس أن التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم في الدعاء بدعة ، وأنه من الشرك أو من ذرائع الشرك ، وأن الإمام أحمد رجع عن هذا القول .
أقول : هل كان الإمام أحمد وهو من كبار أئمة أهل السنة قبل رجوعه عن هذا القول جاهلاً بمعرفة البدعة والشرك وذرائعه ؟ !!! حاشاه من ذلك . فلا بد من فهم التوسل بما يجعله بعيداً عن الشرك وكل ما يوصل إليه ، وإلا فهو اتهام خطير للإمام أحمد رحمه الله .
تقبيل اليد :
ـ قال المرُّوذي تلميذ الإمام أحمد : سألت أبا عبد الله عن قبلة اليد فقال : إن كان على طريق التدين فلا بأس ، قد قبل أبو عبيدة يد عمر بن الخطاب ، وإن كان على طريق الدنيا فلا (8) .
ثم روى عن الإمام سفيان الثوري ـ وهو من شيوخ مشايخ الإمام أحمد ـ أنه قال : لا بأس بها للإمام العادل ، وأكرهها على دنيا (9) .
التبرك :
ـ يحسن هنا أن أورد بعض ما سطره أحد الباحثين الذين كتبوا في موضوع البدعة مع ذكر ما يدل على نقيض قوله من السنة والآثار .
قال الباحث سامحه الله : (( فالتبرك بالأماكن والآثار والأشخاص أحياء وأمواتاً لا يجوز ، لأنه إما شرك إن اعتقد أن ذلك الشيء يمنح البركة ، أو وسيلة إلى الشرك إن اعتقد أن زيارته وملامسته والتمسح به سبب لحصولها من الله ، وأما ما كان الصحابة يفعلونه من التبرك بشعر النبي صلى الله عليه وسلم وريقه وما انفصل من جسمه صلى الله عليه وسلم فذلك خاص به صلى الله عليه وسلم في حال حياته ، بدليل أن الصحابة لم يكونوا يتبركون بحجرته وقبره بعد موته ، ولا كانوا يقصدون الأماكن التي صلى فيها أو جلس فيها ليتبركوا بها )) !!! .
أقول ومن الله تعالى أستمد المعونة والتوفيق :
هذا الباحث يعلم أن الصحابة كانوا يتبركون بجسد رسول الله صلى الله عليه وسلم وشعره وريقه ونخامته ودمه والمكان الذي يصلي فيه ، ويقول إن ذلك خاص به صلى الله عليه وسلم في حال حياته ، ولكنه سامحه الله لم يبين لنا هل حذر النبي صلى الله عليه وسلم من يتبركون به ببيان أن هذا شرك أو ذريعة إلى الشرك ؟ !!! .
لا شك في أن من يتبرك بشيء معتقداً أن ذلك الشيء يمنح البركة من دون الله تعالى فهو مشرك ، وحاشا أن يعتقد الموحدون ذلك ، ولا شك في أن من يتبرك بشيء معتقداً أن الله تعالى جعله مباركاً ـ وعنده عليه دليل شرعي ـ كما أنه جعله سبباً لحصول البركة ؛ ففعْله هذا لا شيء فيه من الشرك ولا من ذرائع الشرك ، بل هو قربة إلى الله تبارك وتعالى ، لأن حقيقته هي توجه القلب إلى الله تعالى بسؤال البركة وإظهار الافتقار إليه ، مع تعظيم شأن من عظم الله قدره وجعله مباركاً ، واقرأ قوله تعالى على لسان عيسى ابن مريم عليه السلام { وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ } (10) .
لكن ما صحة قوله إن ذلك خاص به صلى الله عليه وسلم في حال حياته ؟؟ هذا خطأ محض مخالف لما كان عليه الصحابة والتابعون .
ـ عن نافع أن عبد الله بن عمر كان إذا دخل الكعبة مشى قِبَلَ وجهه ... ثم صلى يتوخى المكان الذي أخبره بلال أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى فيه (11) . ونافع يصف ما يفعله ابن عمر ، وهذا بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم .
ـ قال موسى بن عقبة : رأيت سالم بن عبد الله بن عمر يتحرى أماكن من الطريق فيصلي فيها ، ويحدث أن أباه كان يصلي فيها ، وأنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في تلك الأمكنة (12) .
ـ قال يزيد بن أبي عبيد : كنت آتي مع سلمة بن الأكوع ، فيصلي عند الأسطوانة التي عند المصحف ، فقلت : يا أبا مسلم ، أراك تتحرى الصلاة عند هذه الأسطوانة ! . قال : فإني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتحرى الصلاة عندها (13).
ـ قال أبو بردة بن أبي موسى الأشعري : قدمت المدينة ، فلقيني عبد الله بن سلام ، فقال لي : انطلق إلى المنزل فأسقيك في قدح شرب فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتصلي في مسجد صلى فيه النبي صلى الله عليه وسلم . فانطلقت معه ...(14).
ـ قال محمد بن سيرين لعَبيدة السَلْماني : عندنا من شعر النبي صلى الله عليه وسلم أصبناه من قبل أنس . أو : من قبل أهل أنس . فقال : لأن تكون عندي شعرة منه أحب إلي من الدنيا وما فيها (15) .
ـ ذكر عبد الله بن كسيان مولى أسماء بنت أبي بكر عن أسماء أنها أخرجت إليه جبة طيالسة كسروانية ، وقالت : هذه جبة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كانت عند عائشة حتى قُبضت ، فلما قُبضت قبضتها ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يلْبَسها ، فنحن نغسلها للمرضى يستشفى بها (16) .
ـ لقي أبو بصرة الغفاري أبا هريرة وهو جاءٍ من الطور ، فقال : من أين أقبلتَ؟. قال : من الطور ، صليتُ فيه . قال : أما لو أدركتك قبل أن ترحل إليه ما رحلتَ ، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد : المسجد الحرام ، ومسجدي هذا ، والمسجد الأقصى (17) .
أقول : يرى بعض الباحثين أن هذا لا حجة فيه لإنكار أبي بصرة على أبي هريرة ، ولكن كيف كان جواب أبي هريرة ؟؟ لا ندري . ولا يغيبن عن البال أن أبا هريرة نفسه روى هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد رواه عنه ثلاثة من التابعين (18) وأين يظهر علم أبي بصرة وجمعه للحديث أمام علم أبي هريرة وحفظه ؟ !!! (19) .
ـ عن ثابت البُنَاني أنه قال لأنس بن مالك : يا أنس ، مَسِسْتَ يد رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدك ؟ . قال : نعم . قال : أرني أقبلها (20) .
ـ عن عبد الرحمن بن رزين أنه نزل الربذة هو وأصحابه يريدون الحج ، فقيل لهم : ههنا سلمة بن الأكوع صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال : فأتيناه ، فسلمنا عليه ، ثم سالناه , فقال : بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي هذه . فقمنا إليه ، فقبلنا كفيه جميعاً (21) .
ـ عن يونس بن ميسرة أنه قال : دخلنا على يزيد بن الأسود عائدين ، فدخل عليه واثلة بن الأسقع رضي الله عنه ، فلما نظر إليه مد يده فأخذ يده فمسح بها وجهه وصدره ، لأنه بايع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم (22) .
ـ قال عبد الله ابن الإمام أحمد : سألت أبي عن الرجل يمس منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتبرك بمسه ويقبله ويفعل بالقبر مثل ذلك أو نحو هذا يريد بذلك التقرب إلى الله جل وعز ؟؟ . فقال : لا بأس بذلك (23) .
أقول : فليت الباحث المشار إليه يعيد النظر فيما كتب ، إذ هل يُعقل أن عبد الله بن عمر وسلمة بن الأكوع وعبد الله بن سلام وأسماء بنت أبي بكر وأبا هريرة وأنس بن مالك رضي الله عنهم وسالم بن عبد الله بن عمر وأبا بردة بن أبي موسى الأشعري ومحمد بن سيرين وعَبيدة السلماني وثابتاً البُناني رحمهم الله لا يعرفون ذرائع الشرك ؟ !!! وأن الإمام أحمد هو كذلك ؟ !!! فهل يقول هذا عاقل ؟ ! .
ـ لا ينبغي أن أغادر هذه المسألة قبل الإشارة إلى بعض الروايات الأخرى فأقول:
قال المعرور بن سويد : كنت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه بين مكة والمدينة ، فصلى بنا الفجر ، ... ثم رأى أقواماً ينزلون فيصلون في مسجد ، فسأل عنهم ، فقالوا : مسجد صلى فيه النبي صلى الله عليه وسلم . فقال : إنما هلك من كان قبلكم أنهم اتخذوا آثار أنبيائهم بِيَعاً ، من مر بشيء من المساجد فحضرت الصلاة فليصل ، وإلا فليمض (24) .
ليس من الممكن الأخذ بظاهر هذه الرواية عن عمر رضي الله عنه واستبعاد الروايات الكثيرة عن جماعة من الصحابة والتابعين ، كما لا يمكن أن يغض المنصف نظره عن هذه الرواية ، إذن لا بد من الجمع بينهما ، وربما وجد عمر رضي الله عنه في أولئك الأقوام تمسكاً وتعلقاً بالمواضع التي صلى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم يفوق الحرص على أساسيات الدين وفرائضه ، فيكون موقفه هو المناسب لأهل الغلو ، ومواقف سائر الصحابة والتابعين هي الأنسب لأهل الاعتدال .
( انتهى بتصرف يسير )
من كتاب البدعة المحمودة بين شبهات المانعين و استدلالات المجيزين
للشيخ الدكتور/ صلاح الدين بن أحمد الإدلبي
__________
(1) مصنف عبد الرزاق : 1 / 345 برقم 1347 ، باب العلائق ، أواخر كتاب الحيض . والسند صحيح .
(2) المصدر السابق : 1 / 345 ـ 346 برقم 1348 ، والسند صحيح .
(3) المصدر السابق : 1 / 346 برقم 1349 ، والسند إلى الحسن حسن لاعتضاده وإلى منصور صحيح .
(4) مسائل الإمام أحمد رواية ابنه عبد الله : ص 447 ، وانظر : ص 448 .
(5) المصدر السابق : ص 291 .
(6) المصدر السابق : ص 31 .
(7) الإنصاف للمرداوي : 2 / 456 . ذكره في مبحث صلاة الاستسقاء .
(8) الورع للمروذي : ص 157 ـ 158 ، دار الصميعي , الرياض , ط 1 .
(9) المصدر السابق : ص 158 .
(10) من الآية 31 من سورة مريم .
(11) رواه البخاري : الصلاة ، بعد باب الصلاة بين السواري ، برقم 506 ، والحج ، باب الصلاة في الكعبة ، برقم 1599 .
(12) المصدر السابق : الصلاة ، باب المساجد التي على طرق المدينة ، برقم 483 .
(13) المصدر السابق : الصلاة ، باب الصلاة إلى الأسطوانة ، برقم 502 .
(14) المصدر السابق : الاعتصام ، باب ما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم وحض على اتفاق أهل العلم ، برقم 7342 .
(15) المصدر السابق : الوضوء ، باب الماء الذي يُغسل به شعر الإنسان ، برقم 170 .
(16) صحيح مسلم : 3 / 1641 ، اللباس ، باب تحريم إناء الذهب والفضة ، برقم 2069 .
(17) مسند الامام احمد : 6/ 7 . هذا وقد حدث ابو هريرة نفسه باعتراض ابي بصرة عليه , لكن جاء في تلك الرواية (( بصرة بن ابي بصرة )) , وهو خطأ , وذلك في حديث طويل رواه ابن حبان في صحيحه . الإحسان في ترتيب صحيح ابن حبان لابن بلبان : الصلاة , باب صلاة الجمعة , 7/ 7 برقم 2772 .
(18) صحيح البخاري : التهجد ، فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة ، برقم 1189 . صحيح مسلم : الحج ، باب لا تشد الرحال ، 2 / 1014 ـ 1015 ، برقم 1397 . مسند الإمام أحمد : 2 / 234 ، 238 ، 278 ، 501 .
(19) لا بد من الإشارة إلى أن إنكار أبي بصرة هو من أخف الإنكار ، إذ كأنه يرى أن الذهاب إلى الطور والصلاة فيه هو خلاف الأولى ، لأنه ليس فيه زيادة أجر ، وذكر حديث (( لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد )) ، وإذا أردنا أن نقدر المستثنى منه في الحديث فالظاهر أنه هكذا : لا تشد الرحال إلى مسجد لمزيد أجر إلا إلى ثلاثة مساجد . ألا ترى أنه لم يقل أكثر من (( لو أدركتك قبل أن ترحل إليه ما رحلتَ )) . وقريب منه موقف ابن عمر عندما سأله السائل : آتي الطور ؟ . فقال : دع الطور ولا تأتها . وقال له : لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد . [ مصنف ابن أبي شيبة 3 / 365 برقم 7613 من المحققة ] . ومما يدلك على أن عدداً من الصحابة كانوا ينظرون إلى الأَولى والأكثر أجراً : أنهم ما كانوا يحرصون على الصلاة في بيت المقدس رغم كونه أحد المساجد الثلاثة التي تشد إليها الرحال ، ومن المعلوم أن الصلاة في المسجد الحرام والمسجد النبوي أفضل من الصلاة فيه ، ومن ذلك قول حذيفة بن اليمان : لو سرت حتى لا يكون بيني وبين بيت المقدس إلا فرسخ أو فرسخان ما أتيته . أو : ما أحببت أن آتيه . وقول أبي ذر : لأن أصلي على رملة حمراء أحب إلي من أن أصلي في بيت المقدس . [ مصنف ابن أبي شيبة 3 / 364 وكلاهما بسند صحيح ] .
(20) مسند الإمام أحمد : 3 / 111 . الأدب المفرد للبخاري : ص 253 برقم 974 . وفي سنده ضعف .
(21) مسند الإمام أحمد : 4 / 54 ـ 55 . الأدب المفرد للبخاري : برقم 973 . وفي سنده ضعف.
(22) الحلية لأبي نعيم : 9 / 306 . المعجم الكبير للطبراني : 22 / 89 برقم 215 . لكن في السند راوٍ متروك متهم بالكذب . وانما ذكرت هذا للمعرفة .
(23) العلل ومعرفة الرجال عن الإمام أحمد : 2 / 492 .
(24) مصنف عبد الرزاق : 2 / 118 ـ 119 برقم 2734 . مصنف ابن أبي شيبة : 3 / 367 ـ 368 برقم 7624 من المحققة . والسند صحيح .