هل أبو الحسن الأشعري مجسّم ؟؟

هل أبو الحسن الأشعري مجسّم ويقول إنّ الله يصحّ أن يُشار إليه باليد ...؟؟
بسم الله الرحمن الرحيم
زارني بعض السّلفيّين ...وكان معهم رأس السّلفيّين عندنا في الشمال ... وفوجئتُ به .. فلم أرَ الرجل منذ أن ناظرته قبل 12 عاما ...!!

بعد كلام كثير قال :
أبو الحسن الاشعري يقول بالجسميّة ....!! لأنّه لم يُنكر كون الله تجوز الإشارة إليه ولم ينكر كونه في جهة فهو مجسّم على قواعدكم ...؟؟
فقلتُ :
هذا كذب على أبي الحسن الأشعري ... فقد صرّح شيخنا في مواضع كثيرة من كتبه أنّ الله تعالى ليس مركّبا ... وأنّه لا مكان له أصلا ...
ومعنى يُشار إليه عنده ليس لأجل أنّه منقسم أو لأنّه في مكان بل لأنّه صدف أن يكون الجسم في مكان فجازت الإشارة إليه فلمّا كانت الإشارة ليس من شرطها القسمة في الذات أو الكون في المكان جاز أن يُقال يُشار إليه وهو ليس في مكان أصلا ...
وهذا وفق مذهبه رضي الله عنه أنّ الرؤية والإشارة من أقسام الإدراك .. فكما أنّنا نرى الله تعالى من غير مكان فكذلك نشير إليه من غير مكان ... فيصحّ أن يخلق الله تعالى لنا إدراكا بأنّه يُشار إليه من دون أن يقتضي ذلك المكان كما صحّ أن يخلق لنا إدراكا برؤيته سواء بسواء وهذا ما صرّح به رضي الله عنه مرّات كثيرة ...!!
ولكنّكم تعجزون عن فهم مذهب شيخنا ....!! فأخذتم كلمة الإشارة وبنيتم عليها خيالا ووهما ...!!
فاعترض وقال : هذا كلام بحاجة لمراجعة وبحث فقد فاجأتني بهذا ...؟؟!!

فقلت :
قد سئل رضي الله عنه هل كون الله تعالى يرى يقتضي أن يكون في مكان ...؟؟
 فأجاب رضي الله عنه بكلام كثير ملخّصه:
يستحيل أن يكون الله تعالى في مكان أصلا ... إذ لا مكان له ... ولا جهة له ... ولا حيّز له ... والرائي لا يرى المرئي لأنّه في مقابل المرئي بل لأنّه صادف المرئي في جهة ... فلو رأى المؤمنون ربّهم ولا جهة له فإنّهم يرونه لأنّه صدف ذلك .. وهكذا الحال في رؤية العرض والجوهر ...

ثمّ قلت :
وذكررضي الله عنه أنّ الإشارة إلى الله لا تعني أنّ الله منقسم لأنّها مجرّد خلق لمن يُشير بيده أنّه يُشير إلى الله ...!! ... فقد قيل لأبي الحسن الأشعري هل تجيز الإشارة إلى الله .؟؟
فأجاب : نعم ...!! وبيّن رضي الله عنه وفصّل بما ملخّصه :
ولا يعني هذا أنّ الله منقسم أو أنّ الله مركّب أو أنّه في مكان أو في جهة ... فقد ذكرنا أنّ هذا مستحيل عليه لأنّه ليس في مكان أو حيّز أصلا ... ولكن لمّا كانت الإشارة تعني الإدراك ... كان المعنى صحيحا واللفظ خطأ ...

قلت أنا بلال : وهذا مذهب شيخنا في اللفظ العربي وفي جواز إطلاقه على الله على معنى الصفة أو الخبر الذي لا يقتضي شيئا أي لا يقتضي صفة أو اسما...

وقلتُ: بل شيخنا رضي الله عنه يجيز أنّ الشيء يرى أصلا في غير جهته وهذا عجيب جدّا ...!! لأنّ الجهة عنده ليست من شروط الرؤية ويستدلّ على هذا بجواز خلق الرؤية في جزء لا يتجزأ ولا يكون في جهة من نفسه ...!!

ثمّ قلت :
بل أزيدك شيئا عجيبا من مذهب شيخنا رضي الله عنه ...
فهو يجيز أن يخلق الله رؤية للمرآة لنفسه ...!! أي أنّ الله يرى نفسه في المرآة ...!!
فاعترض وقال : الله أكبر ... هل هذا معقول ...؟؟

قلتُ :
ذلك جائز عنده لأنّ الرؤية عنده رضي الله عنه مجرّد إدراك فيخلق الإدراك للمرآة لنفسه ...!!
وهناك بحث رائق عن الفرق بين الرؤية والإدراك عند شيخنا رضي الله عنه بيّنته للشيخ السلفي ...وقد أصابته الدهشة ...
وذكرتُ أشياء كثيرة عن مذهب شيخنا رضي الله عنه وبيّنت كذب السلفيّين عليه ... وعدم قدرة هؤلاء السلفيّين على فهم كلامه .. وهذا ينسحب على كثير من الأشاعرة فهم يعجزون عن فهم مذهب شيخنا ....!! وقد ظلموا الرجل جدّا ...!! ونسبوه للتجسيم وهو بريء منه كبراءة الذئب من دم ابن يعقوب .
فسكت الرجل ولم يتكلّم بكلمة ... وطلب منّي إعادة كلامي الذي ذكرته عن مذهب أبي الحسن ودوّنه ليراجعه ويتأكّد من صحّته ...!!

ثمّ قال : حبّذا لو كتبتَ كتابا في مذهب أبي الحسن وبيّنت مذهبه ووضعت هذه النصوص التي ذكرتَها ليطّلع عليها طلاّب العلم ...!!

ورحمة ربّك خير ممّا يجمعون .

كتبه الشيخ / بلال إسماعيل التل