الصوفية تسميتهم و زواياهم شبهات وردود

لام أحد الأفاضل من أهل الغيرة على الدين - لام - على الصوفية تسميتهم و تقوقعهم على زواياهم و رأى أنه يتمنى رؤية اسلام بلا مذاهب فكتبت له :

أخي الفاضل
أما التسمية فأمر عاد جدا فالدين سمى طوائف كثيرة من أبنائه بأسماء خاصة بداية من المهاجرين و الأنصار و البدريين فالتابعين فالفقهاء فالأصوليين و الصوفية كاسم يمثل طالبى الخلق و الأدب فلا بأس من ذلك مطلقا
ثم انهم لأدبهم لم يتسموا بالربانيين أو المتقين أو المخبتين أو بأية تسمية تجعل لهم التميز و إنما تسموا بزي الفقراء الذي ينفر منه أهل الدنيا و لا تميز لمن يتسمى به على أقرانه
و كونهم يقفون عند ما تسميه الدروشة - و هي عندنا تعني الأدب و حسن الاتباع و الذكر بكنه الهمة - و شرح المتون فذلك لأنهم يعرفون ثغرهم جيدا و يقفون مرابطين عليه لم يزغ منهم البصر و لا الفؤاد للخوض فيما لا علم لهم به من سياسة و الحديث عما لا طائل من ورائه سوى الفتنة و الانتقال من سيء إلى أسوأ فالسياسة الآن أصبح لا علم لأهلها انفسهم بما وراء كواليسها و الكل يتكلم فيها بناء على معشار عشر معلومات غير موثقة .. أما أهل التصوف (الراشد) فهم يعرفون هدفهم جيدا و خطورته في المجتمع و الذي ما انحط المجتمع إلا بالرسوب في مادة التربية و الأخلاق و الأدب و الذي أصبحت مادة يتيمة تشكو هزالا يترنح لا يقوى على قيام
ثم هم يتعاملون مع كل افراد الطوائف المختلفة بما يحسن معه الاستفادة منه لخدمة نفسه و مجتمعه فتجد فيهم البسيط و المفكر و النشط و المتكاسل و يعرفون كيف يخرجون من كل واحد أقصى ما يمكن لينفع نفسه و غيره و وطنه و دينه بما يحتاج شرحه لتفصيلات و جلسة نقص عليك فيها الكثير الممتع على مدار خدمة هذه الطائفة في هذا الحقل المبارك منذ القرون الأولى للإسلام و حتى الأن و الذي خلف رجالا عز وجودهم هم قمة كل زمن و سنام كل مصر .

و اعجب أن ما من قائد قاوم أعداء بلاده و وقف أمام الاستعمار إلا و كان صوفيا كعبد القادر الجزائري و عبد الكريم الخطابي و عمر المختار و نور المشايخ المجددي الذي قاوم بدراويشه الانجليز في افغانستان و غيرهم عشرات بل مئات
فعندهم (جهاد) النفس في وقت السلم و (جهاد) اعداء الوطن في وقت الحرب المشروعة فهم في كلا الجهادين في الصف الأول لأنهم تربوا على بيع النفوس للملك المالك القدوس
ثم أخي الفاضل قولك اسلام بلا مذاهب هذا هدم للدين ذاته و محو لقرون خدمة جادة لتبويب علم هذا الدين و الذي ما خدم دين في البشرية كما خدم ديننا الحنيف القيم .. فأصحاب المذاهب و من جاء خلفهم من تلاميذهم أعانهم الله فاستخرجوا بمفاتح عقولهم الراشدة و التي خلفها نفس ملهمة سوية مطمئنة - استخرجوا من نصوص الدين الأولى (قرآنا و سنة) قول الشارع الحكيم لفهم مراده في كل مسألة و فيما يستجد من أحداث و ما يتصور أن يكون .. ليس الهدم هو الحل و إلا لكنت كمن يهدم صرحا و تريد من ابناء كل جيل أن يبدأ الصرح كل عام ثم يهدم و ليبدأ كل مرة ترصيص قوالب الطوب من جديد .. الأولى و الاحرى أن تضيف لا ان تهدم مجهود أكابر عز الزمان أن يأتي بمثلهم .. أتراك ستلقى أبا حنيفة أو الشافعي أو مالك من جديد .. مرة أخرى .. هؤلاء جمع الله لهم رجاحة العقل و بياض الطوية و قوة الذاكرة و حسن الاستنباط و ادراك المقاصد و الوقوف عند احوال البشر و الاختلافات الإنسانية و إظراك عامل تغير المكان و الزمان و تصور ما سيأتي و حسن تقديره فضلا عن عبادتهم في الليل و اتصافهم بأخلاق الكرام و زهد المقربين فاجتهدوا عن علم بلا تأثيرات نفسية أو دنياوية او تخوف من سلطان او انقلاب رفاق أو رعية .. فجاء اجتهادهم رائق المشرب بلا هوى موفق التناول بلا شطط .. مقبول عند جيلهم و الأجيال من بعدهم و القبول في الأرض من علامة رضى الحق (ثم يوضع له القبول في الأرض) ثم في وقتهم كان الإسلام في أزهى ما يكون وقت كان الغرب يرسل فيه ملوكهم أولادهم ليتعلموا عندنا
موقن بنيتك الطيبة و لكن .. ليست النوايا الطيبة وحدها تثمر صوابا
بارك الله فيكم و في غيرتكم على دينكم .
وكتبه الاخ الحبيب المستشار اسامه زكى حفظه الله