كلام الشيخ البوطي في تبرئة ابن تيمية من التجسيم؟!

بسم الله الرحمن الرحيم
رأيت البعض من الأخوة يحتجون بكلام الشيخ البوطي في تبرئة ابن تيمية من التجسيم؟! 
فلخصت بعض النقاط كجواب عليه وجاءت على ما يلي:

أولا: كلام ابن تيمية في إرادة التجسيم لا يحتمل أدنى شك وتصريحه بعقيدة الجلوس اليهودية؟! ونسبته الثقل لله؟! وقوله بالجوارح والأعضاء والأدوات في حقه تعالى؟! وتفانيه في إثبات نوع مشابهة بين الخالق والمخلوق؟! صريح في كتبه، ولا ينكر هذا الأمر إلا: جاحد أو معاند أو جاهل بكلام الرجل يستعظم صدور مثل هذه الوثنيات عن طالب علم فضلا عن مشيخ على الإسلام؟!

ثانيا: كلام الشيخ البوطي وغيره في ابن تيمية يقال فيه ما قيل في كتاب الرد الوافر لابن ناصر الدين الدمشقي، وهو أن ثناء العلماء على الحراني يحمل على عدم اطلاعهم على مخبوءات الرجل في التجسيم خاصة وأن كتبه كانت محظورة من جهة ومن جهة أخرى هو نفسه كان يتحرى إخفاء تواليفه إلا على أتباعه؟! وقد نقل أبو حيان الأندلسي في تفسيره النهر الماد قصة وقعت معه تثبت هذا الأمر بجلاء؟!

ثالثا: كان على الشيخ البوطي ومن نحا نحوه كالدكتور القرضاوي مثلا، عوض الاكتفاء بالتصريح بأنه لم يجد في كلام الحراني تجسيما؟! أن يناقش الكلام الذي أورده مثلا العلامة الكوثري من كلام الحراني الصريح في إرادة التجسيم أو ينظر بنفسه في كتب الحراني خاصة منها المطولات التي نفث فيها سمومه في التجسيم كبيان تلبيس الجهمية مثلا ويعرضه على المحك العلمي ويثبت بالمنهجية البحثية أن الرجل لا يقصد التجسيم؟! هكذا يكون البحث العلمي ودونه خرط القتاد؟!

رابعا: تصور في محاكمة وأن اعترف الجاني بأنه حقا سرق مال فلان وزبر فعله المشين هذا بالتفاصيل في محضر وأمضاه بقوله: "قاله فلان الجاني بعيدا عن أي ضغوطات" ثم جاء المحامي بخيله ورجله يقول للقاضي: هو لم يسرق؟! ولكنه يريد أن يقول أنه: سرق ليأكل؟! أترى من حكمة القاضي أن يصدق المحامي ويدير ظهره للحقائق التي أدلى بها الجاني؟! هذا هو حال ابن تيمية المجسم عند الكثير من المدافعين عنه للأسف؟! يتنكرون لصريح أقواله ويفضلون دفعا بالصدر إلقاء الكرة خارج الملعب؟!

خامسا: هناك من يعتقد أن ابن تيمية تاب من هذه الوثنيات لأن آخر محاكمة له في العقائد كانت سنة 707هـ، فلعل الشيخ البوطي كان من هؤلاء؟!، وهذا الاحتمال لا يقوم على ساق في البحث العلمي لأنه ثبت بالدليل أن الرجل ألف في التجسيم بعد ذلك؟! ثم إن خواص تلامذته نقلوا عنه التجسيم بعد موته كابن القيم في النونية وابن عبد الهادي وغيرهم؟! وكذلك العلماء الذين هم أعرف به من غيرهم لأنهم عاصروه وخبروه كالتقي السبكي وغيرهم فكلامهم في الرجل قاطع في أنه لم يزل يقول بالتجسيم؟!

سادسا: نعم نتمنى أن يكون ابن تيمية قد تاب وأقلع من هذا الضلال المبين ولكنا ههنا نقول ما قاله العلامة الزاهد زاهد الكوثري: لا نعرف بما ختم الله لهذا الرجل ولكن عقائده هذه عقائد كفرية بلا مثنوية أو كما قال رحمه الله.
----------------------------------------------
طالعت بعض المداخلات وأود التنبيه إلى ما يلي:

أولا: قول العلماء بأن لازم المذهب ليس بمذهب قيدوه بكون اللازم ليس بينا أما إذا كان بينا كما هو الحال هنا فهو لازم وهذا باتفاق العقلاء وكلامهم مفصل في مظانه...

ثانيا: إعمال إحسان الظن مطلوب ولكن بضوابطه وليس منه في شيء إحسان الظن بشخص يجاهر في كتبه بأن الله محدود من كل الجهات؟! وأنه تعالى جالس على العرش بمماسة وملاصقة؟! وأنه تعالى مع خلقه حقيقة كما أنه على العرش حقيقة؟! وأنه تعالى ممتد في الأبعاد بطول وعرض وعمق...الخ؟! وإلا لأحسن الظن أئمتنا بالمجسمة كمحمد بن الهيصم الذي أجرى جراحة تجميل على مقالات الكرامية في التجسيم وهو من المشايخ الذين يدافع عليهم هذا الحراني بكل ما أوتي من قوة؟!...

ثالثا: كلام ابن تيمية في التجسيم صريح وهو مبثوث في كتبه المطولات وخاصة منها بيان تلبيس الجهمية...وقد طالعته كله من الدفة إلى الدفة وقيدت منه ما يعلم الله من مواطن التجسيم ولوازمه الصريحة؟! وقد أدرجت بعضها في سلسلة مقالات؟! والأكثرية من المدافعين عن ابن تيمية قد يرجعون إلى المختصرات من تواليفه كالواسطية والحموية...الخ وهي عبارة عن شبه متون حمالة أوجه...على عكس المطولات ففيها يظهر نفس ابن تيمية في التجسيم جليا؟!...

رابعا: القول بأن جمهور أهل السنة يحسنون الظن بابن تيمية وعلى التسليم بصحته من باب التنزل!، لا ينهض للاعتراض في هذا المقام لأنه يرد عليه أمر فيصلي وهو: هل هؤلاء الجمهور طالعوا تواليف هذا الرجل المطولة في التجسيم ومع ذلك أحسنوا الظن به؟! فإن قيل: نعم! فيقال: ولم لم يحسنوا الظن بالفرق الضالة بل كتبوا في التحذير منها؟!...فلم يبق إلا أن هؤلاء العلماء أثنوا عليه بما علموا من حاله وما شهدنا إلا بما علمنا...وأما من اطلع على حال هذا الرجل ونقب في تواليفه وفق المنهجية العلمية فحجته الدليل لا غير؟! ومن علم حجة على من لم يعلم؟! ثم إنه أمامنا كلام ابن تيمية نفسه فهو الحجة في الباب ولا كلام بعد كلامه...
****
لوازم التجسيم في كتب ابن تيمية المطولة صريحة وإلا فما هي احتمالات التنزيه مثلا لقول الحراني بأن الاستواء يتضمن المماسة والملاصقة؟! وكذلك...الخ؟! من اطلع على بيان تلبيس الجهمية للرجل سيعلم ما أقول جيدا     والله الموفق

كتبه فضيلة الشيخ / ياسين بن ربيع