هل التأويل تعطيل ؟ !!

الرد على من يقول إن التأويل تعطيل
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الله تعالى: {نسوا الله فنسيهم} وقد وردت آيات أخرى، تنفي عنه سبحانه النسيان، كقوله تعالى: {وما كان ربك نسيا}. وقد يبدو للوهلة الأولى، أن بين الآيتين تعارضًا؛ فكيف السبيل لرفع ما يبدو من تعارض ؟
ومعلوم أن القرءان لا يتعارض ولا يتناقض فلا بد من التأويل فالنسيان هنا بمعنى الترك أي تركهم الله من رحمته.
نقول لهم ماذا تقولون في قوله تعالى: {نسوا الله فنسيهم} وقوله تعالى: {إنا نسيناكم} فهل تدّعون أنه نسيان لا كنسياننا والله تعالى يقول {وما كان ربك نسيا} فهل تؤولون أم ماذا يا مجسمة ؟؟؟
وجاء في صحيح مسلم عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى يقول: "يا ابن آدم مرضت فلم تعدني، قال: يا رب كيف أعودك وأنت رب العالمين، قال: أما علمت أن عبدي فلانا مرض فلم تعده، أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده ...". فهل يا مجسمة يجوز لنا أن نقول: "نثبت لله صفة المرض ولكن ليس كمرضنا" ؟؟؟ وهل يجوز أن نعتقد أن العبد إذا مرض مرض الله تعالى أيضًا وكان عند المريض على ظاهره وحقيقته ؟؟؟ تقدس ربي وتنزه،
وأما هذا الحديث فمعناه كما قال الإمام الحافظ النووي في شرح صحيح مسلم: قال العلماء: إنما أضاف المرض إليه سبحانه وتعالى والمراد العبد، تشريفًا للعبد وتقريبا له، قالوا: ومعنى وجدتني عنده أي وجدت ثوابي وكرامتي".
والظاهر من قوله تعالى: {الرحمن على العرش استوى} يوهم أن الله جالس على العرش !
والظاهر من قوله تعالى: {ءأمنتم من في السماء} يوهم أن الله في السماء وليس على العرش !
والظاهر من قوله تعالى حكايةً عن نبيه محمد: { إن الله معنا } يوهم ظاهره أن الله معهم بذاته في غار حراء وليس في السماء ولا على العرش !
والظاهر من قوله تعالى حكاية عن نبيه إبراهيم عندما ذهب إلى فلسطين قال: {إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ} فظاهره يوهم أن الله في فلسطين وليس في غار حراء ولا في السماء ولا على العرش !
والظاهر من قوله تعالى: {ألا إنه بكل شىء محيط}، يوهم أن الله حالٌ بالعالم وليس في فلسطين ولا في غار حراء ولا في السماء ولا على العرش.
والظاهر من قوله تعالى: {وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله}، يوهم أنه يوجد إله في السماء وإله في الأرض !
وقِس على ذلك !
وتأويل هذه الآية : أي معبود بحق من قِبَل الملائكة سكان السموات ومعبود بحق من قبل أهل الارض،
فإن أوّلوا آية واحدة فما المانع من أن يؤولوا الآيات الاخرى ؟
فإن قالوا نحن نؤول بعض الآيات إلا صفات الله لا تأويل لها! نقول لهم فماذا تقولون عن قوله تعالى: { كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ } ؟ فإن أخذتم بظاهر الآية التي توهم بأن الله يفنى ويبقى هذا الوجه الجارحة والعياذ بالله فهذا كفر وضلال مبين! .
وتأويل هذه الآية أي يبقى ذات الله تبارك وتعالى وقيل العمل الصالح.

فلا بد من التأويل كي لا يتضارب أو يتعارض القرءان ببعضه،
فالتأويل نوعان: التأويل الإجمالي وهو أن نقول عن الآيات المتشابهات لها معنى يليق بالله ولا نُعَيّن معنى لها من غير خوض وتجسيم وتشبيه.
والتأويل التفصيلي هو الذي يتناسب مع لغة العرب،
ومن المعلوم في لغة العرب مثلاً أن من معاني الاستواء الغلبة والقهر والله تعالى يقول: {كتب الله لأغلبن أنا ورسلي} وقال: {وهو القاهر فوق عباده} وخير ما يفسر القرءان القرءان فيكون معنى الاستواء الغلبة والقهر.
وماذا يقولون عن قوله تعالى (إنّ الذين يُؤذون الله ورسوله) فهل الله يتأذى والعياذ بالله من الضلال ،قال النسفي أي يُؤذون رسول الله، وذكر اسم الله للتشريف، أو عبّر بإيذاء الله ورسوله عن فعل ما لا يرضى به الله ورسوله،
وماذا يقولون بحديث رسول الله لعبد الله بن عباس ترجمان القرآن :اللهم علمه الحكمة وتأويل الكتاب؟ رواه البخاري وابن ماجه والحافظ ابن الجوزي.
فحاشا لرسول الله ان يدعو بدعاء فاسد .
فلا بد من التأويل؛ فالله لا يحويه مكان ولا يجري عليه زمان، كان ولا مكان وهو الآن على ما عليه كان، موجد بلا مكان سبحانه لا يتغير.