الرد المفيد على الوهابية بقلم الشيخ : عبدالخالق زكريا الجيلاني

الرد المفيد على الوهابية الذين يغتنمون المواسم المباركة ليفسدوا على المسلمين فرحتهم وبهجتهم بها ، والتي تنبع من صدق حبهم ونقائه ، وإخلاص إيمانهم وصفائه ...!!!

في رحاب بهجة ليلة الإسراء والمعراج ، وفي ساعة متأخرة من الليل وصلتني من أخت كريمة وسيدة فاضلة فهيمة ، هذه الرسالة التي ينشرها الوهابية عبر الفيسبوك ، والتي كانت بمثابة الصاعقة التي أفقدتني صوابي وأطارت النوم من عيني فلم أستطع أن أنام قبل أن أرد على هذه الرسالة المخذولة كأصحابها الذين استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله عز وجل ، فتعالى الله عن إفكهم وضلالهم وجنونهم ، والرسالة هي هذه بنصها :

( تنبيهات مهمة بخصوص ليلة الإسراء والمعراج:

1- لم يرد دليل صحيح في تحديد وقتها.

2- لم يؤثر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا صحابته -رضي الله عنهم- تخصيصها بعبادة أو الاحتفال بها، ولو كان لها فضل لسبقونا إليه.

3- ما يقام فيها من شعائر إنما هو من اختراع أهل البدع كالرافضة والمتصوفة.

قال ابن القيم -رحمه الله- عن ليلة الإسراء والمعراج: (ولم يقم دليل معلوم لا على شهرها، ولا على عشرها، ولا على عينها، بل النقول في ذلك منقطعة مختلفة ليس فيها ما يُقطع به، ولا شرع للمسلمين تخصيص الليلة التي يظن أنها ليلة الإسراء بقيام ولا غيره..". زاد المعاد 1/ ص 58 
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم‏ . ) .انتهى .

ولما كان أذى هذه الرسالة شديدا فقد اقتضى المقام أن يكون الرد قاسيا وشديدا ، لكي يرتدع أهل الغباء والجهل والعناد ويقلعوا عن هذه الضلالات والسخافات ، ولتزول عن أعينهم هذه الغشاوات من الشبهات الباردة والمريضة ، فنقول ومن الله نستمد العون والسداد :

قاتل الله الوهابية وقاتل شيوخهم وأسيادهم وأتباعهم ... لأنه لا يوجد أجهل ولا أضل ولا أسخف منهم ومن عقولهم المضطربة والمختلة ...

يا عجبا أئمة الإسلام منذ فجر الإسلام تكلموا في بيان حكم كل هذه المسائل ، وحسموا أمر كل هاتيك المشاكل ، وبينوا بأقوم دليل وأوضح سبيل ما يجوز وما يجب وما يكره وما يحرم في كل مسائل الدين بقواطع الأدلة وواضح البراهين، وهذا صريح في المذاهب الأربعة ، وحتى مع غيرها من بقية المذاهب الأخرى ، التي لم تختلف معها في هذه الأمور والأحكام ، حتى جاء ابن تيمية ببدعة لم يعرفها الإسلام ولا الصحابة الكرام ولا سلف الأمة العظام ، ولا من أتى بعدهم من العلماء وحتى العوام، وهو قول هذا الخبيث في غالب فتاواه ( هذا لم يفعله النبي ولا الصحابة ولا السلف الصالح ، ... ولو كان في ذلك خير لسبقونا إليه ) .

وليعلم الحميع أنه لم يأت بمثل هذا الجهل الأحمق وهذا القول الأخرق إلا ابن تيمية الحراني ، فعليه من الله ما يستحق وعلى أتباعه ومن سار على نهجه وخزيه وضلاله ...!!!

فهل قال أحد من علماء الأمة بأن عبادة الله وذكره والتقرب إليه بأنواع العبادات ، التي حض عليها وحرض على فعلها ، ووعد السابقين فيها بالخيرات والحسنات ووافر الأجور والمكرمات ، بأنها حرام وشرك وضلال وخذلان ، في كل العصور السابقة لهذا الابن تيمية ومن خلفه من أقزام وأغبياء الوهابية ؟!

ولبيان افترائهم وتفنيد ضلالهم نقول : لقد ندبنا الإسلام إلى ذكر قول ( لا إله إلا الله ) مثلا ، وهي خير وأفضل ما نطقت بها الأنام ، والتي من أجلها بعث الله تعالى جميع رسله الكرام ( وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون ) ، ومن المعلوم أن تكرارها وإعادة ذكرها مندوب بلا خلاف عند جميع علماء الإسلام ، وهذا مع غيرها من كل ما هو ذكر كالتسبيح والتحميد والتكبير و و ... ( ولا يزال لسانك رطبا بذكر الله ) ، ولا يخفى أن من كرر كلمة التوحيد ، فقد زاد له الأجر واضمحل عنه الوزر ، لانه يتكلم بأطيب الكلام ( والكلمة الطيبة صدقة ) فكيف إذا كانت هده الكلمة من أطيب الطيبات وأوجب الواجبات كهذه الكلمة التي لا ينقطع خيرها ولا ينحصر فضلها ؟! ، إذ هي تنور قلب العبد وعقله وحياته.

وهنا نقول : فمن قالها مرتين فقد زاد في ذكر الله تعالى ومن قالها ثلاثا وما فوقها ولو قضى العمر كله في قراءتها وتكرار ذكرها لكان في زيادة خير دائم وترق مستمر لقوله تعالى ( والذاكرين الله كثيرا والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما ) فقد ندبنا سبحانه إلى كثرة الذكر، ولا شك أن زيادة الذكر إنما هي زيادة في الفضل والأجر ... فهل يقال للذاكر لله كثيرا أنت مبتدع وضال ، لأنه لم يرد عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم إلا أذكار معدودة وألفاظ محدودة ، فلا تجوز الزيادة عليها أو ذكرها في غير أوقاتها؟! وهل ورد عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم نهي عن الزيادة في ذكر الله واستباق الخيرات؟! ثم أليس في افترائهم هذا ومنعهم من ذكر الله تعالى هو تعطيل للآية بعدم الإكثار من ذكر الله تعالى ، وصد عما يقرب إلى الله عز وجل ، وإبعاد العباد عنه وعن عبادته والقرب منه جل وعلا ؟! ثم أوليس لهم في الآية دليل صريح على الندب إلى الإكثار من ذكر الله في أي وقت وآن وفي سائر أحوال الإنسان؟!

والمتأمل في هذا الكلام يجد بلا شك أن الوهابية هم من الذين يصدون عن ذكر الله وعن عبادته عز وجل ، وهم بهذا قد شاركوا إبليس اللعين والشيطان الرجيم في إبعاد العباد عن ربهم وعن عبادته وذكره قال تعالى : ( إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون ) .

وهناك أدلة كثيرة على تفنيد هذا الهراء ، ومن أظهرها هذا الدليل الذي يقصم باطلهم ويرد كيدهم وجهلهم ، وهو ما ورد عنه صلى الله عليه وسلم في أحاديث فضل الصلاة عليه ومنها :

( عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُكْثِرُ الصَّلَاةَ عَلَيْكَ فَكَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلَاتِي ؟ فَقَالَ : مَا شِئْتَ . قَالَ قُلْتُ الرُبُعَ ؟ قَالَ : مَا شِئْتَ فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ . قُلْتُ النِّصْفَ ؟ قَالَ : مَا شِئْتَ فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ . قَالَ قُلْتُ فَالثُّلُثَيْنِ ؟ قَالَ : مَا شِئْتَ فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ . قُلْتُ أَجْعَلُ لَكَ صَلَاتِي كُلَّهَا ؟ قَالَ : إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ .
قال الترمذي : حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ . وحسنه المنذري في (الترغيب والترهيب) ، وكذا حسنه الحافظ في "الفتح" (11/168) ، وأشار البيهقي في "الشعب" (2/215) إلى تقويته ، وحتى الألباني الوهابي صححه في "صحيح الترغيب" (1670) وغيره .

والشاهد في الحديث أن سيدنا أبي بن كعب رضي الله تعالى عنه يسأل النبي صلى الله تعالى عليه وسلم كم يجعل له من الصلاة عليه في دعائه ، حتى انتهى الأمر إلى أن يجعل صلاته عليه في جميع دعائه إذا الامر متروك للعبد في هذا الأمر ... فكان من ثمرات هذا الحب وحصر الدعاء بالصلاة عليه أنه قد كفاه الله همه وغفر ذنبه ، وفي هذا الحديث إشارة من النبي صلى الله تعالى عليه وسلم إلى الإذن بإطلاق الدعاء وعدم تقييدة بحدود من الزمان والمكان ، إذ الدعاء مطلوب في كل أوان ومن دون تقيد بصيغ معينة ، وإنما العمدة على صدق الدعاء وإخلاص التوجه فيه لله رب العالمين : ( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان ... ) . وهنا نقول لهؤلاء المغفلين : فهل نهاه النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وزجره عن التزام دعاء معين وصيغة معينة ، وهل حدد له زمانا ومكانا لا يجوز له أن يذكر الله تعالى فيهما ، ما لكم كيف تحكمون ...؟! .

وقد يقول الوهابي هنا : هذا من النبي صلى الله تعالى عليه وسلم تقرير ، وتقريره شرع ، فنقول : ومن تقريره المفهوم أيضا من الحديث عدم تقييد المصلى عليه في زمان ومكان وصيغة معينة إذ الحديث مطلق ، والإطلاق فيه يدل على استحباب الصلاة عليه ودوامها في كل الأزمنة والأمكنة ...

وللإفادة هنا نذكر ما ورد في تفسير هذا الحديث لبيان أهمية فهم علماء الأمة لروح الشريعة وأحكامها في هذا الميدان ، فقد قال الإمام الجليل ابن علان البكري الصديقي رضي الله تعالى عنه في تفسير قوله صلى الله تعالى عليه وسلم في هذا الحديث :
" ووجه كفاية المهمات بصرف ذلك الزمن إلى الصلاة عليه : أنها مشتملة على امتثال أمر اللّه تعالى ، وعلى ذكره وتعظيمه ، وتعظيم رسوله ، ففي الحقيقة لم يفت بذلك الصرف شيء على المصلي ، بل حصل له بتعرضه بذلك الثناء الأعظم أفضل مما كان يدعو به لنفسه ، وحصل له مع ذلك صلاة اللّه وملائكته عليه عشراً ، مع ما انضم لذلك من الثواب الذي لا يوازيه ثواب ، فأيّ فوائد أعظم من هذه الفوائد ؟ ومتى يظفر المتعبد بمثلها ، فضلا عن أنفَسَ منها ؟ وأنى يوازي دعاؤه لنفسه واحدة من تلك الفضائل التي ليس لها مماثل ؟ "انتهى بتصرف ."دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين" (5/6-7) .

والأدلة والبراهين الشرعية في إطلاق الذكر في كل الأوقات وإقبال العبد على ربه في جميع الحالات بسائر العبادات والطاعات المفروضة والمسنونة والمطلقة ... هي من مقتضيات هذا الدين وتعبيد الناس لرب العالمين ( وما خلقت الحن والإنس إلا ليعبدون ) ... لذا فاعجب من قولهم لا يحوز تخصيص يوم معين بعبادة ما ، فنقول : أليس المسلم هو عبد لربه أبدا في كل لحظة من لحظات عمره ، فكيف يكون غير متعبد في وقت من الأوقات ومن الذي منعه من أن يخصص هذا اليوم بصوم أو صلاة تقربا إلى الله تعالى ، أوليس الله قد أوجب على من نذر أن يصوم أو يصلي كذا أو يتصدق بكذا ، وهي تخصيص عبادات لم يفرضها الله تعالى عليه ، بل هو اوجبها على نفسه فأوجبها الله عليه ، فهل كفر وضل عن سبيل الله ...؟!

وجل ما ينكره هؤلاء الصبية الأراعن ويعتمدون عليه في جهلهم ، هو قولهم : هذا لم يفعله النبي ولا الصحابة ولا السلف الصالح ، فلو كان خيرا لسبقونا إليه ... وهنا نقول في رد جهلهم هذا :

أولا : أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم هو المشرع وحده وليس الصحابة ولا غيرهم من سلف هذه الأمة ولا من خلفها ....!!! فلا اعتبار لفعل غيره ولا لتركه إذ كل يؤخذ منه ويرد عليه إلا النبي صلى الله تعالى عليه وسلم .

ثانيا : أن ترك النبي صلى الله تعالى عليه وسلم لشيء ما ، لا يدل على حرمته ووجوب تركه ما لم تقم الأدلة على وجوب تركه وورود النهي عنه قطعا وجزما ...

ثالثا : أن قولهم : لو كان هذا الفعل خيرا لسبقونا إليه ... فنقول :
لو صلى الصحابي على النبي عشر مرات مثلا وصلى عليه واحد غيره من عموم الأمة عشرين صلاة مثلا ، فهل عمل هذا الرجل متوقف قبوله وصحة الصلاة عليه ، حتى يصلي الصحابي عليه عشرين مرة أو ثلاثين مرة لكي يكون فعله تشريعا لغيره ، ومن ثم ليصح عمل غيره بعد ذلك ؟! وهذا كلام عجيب غريب منكم ومن شيوخكم وشياطينكم التي أوحت لكم بهدا الخبال والضلال ، لأن الصلاة عليه صلى الله تعالى عليه وسلم مطلوبة ومقررة في الشرع الشريف ولم تقيده الشريعة بفعل احد ولا بعدد معين كما تقدم في الحديث السابق ولإطلاق الآية في قوله تعالى : ( إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ) ، ولأن النبي صلى الله تعالى عليه أمرنا بكثرة الصلاة عليه وخاصة في يوم الجمعة وليلتها فقال عليه أفضل الصلاة والسلام : ( من صلي عليّ صلاة صلى اللَّه عليه بها عشرا) رَوَاهُ مُسلِمٌ.1398
وقال: (أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم عليّ صلاة) رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ.1399-
وقال أيضا : ( إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة فأكثروا عليّ من الصلاة فيه فإن صلاتكم معروضة علي ... ) رَوَاهُ أبُو دَاوُدَ بإسناد صحيح.1400- من رياض الصالحين للإمام النووي رضي الله تعالى عنه .

وهذه الأحاديث تدل على أن تكثير فعل الخير وتكرار الأذكار ليس ببدعة كما يتوهم الوهابية ، وإلا لو حرمت الزيادة والكثرة لحرم التكرار في الأصل على اللفظ الأول ، ولما أمرنا النبي صلى الله تعالى عليه وسلم بكثرة الصلاة عليه ، ولما ندبنا الحق جل جلاله بكثرة ذكره وشكرة وتمجيده ... وبهذا ترى الوهابية بهذا الهذيان الذي لم يقل به أحد من علماء وعقلاء الأمة على مدى القرون المفضلة قبل ظهورهم وظهور ابن تيمية بقرون متطاولة في انحراف واضح وزيغ لائح ...

هذا ، ولو كان فعل الخير في غير الواجبات والفرائض واجبا فعله على الصحابة وغيرهم لوجب أن يفعل هذا الخير جميع الصحابة ، ووجب أن يستووا حينها في الفضل ونيل الرتب ، ولم يعد هناك ميزة لتفضيل أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله تعالى عنهم على غيرهم ، فكيف وقد ثبت عن الصحابة الكرام أنهم تفاوتوا في فعل الخبر فمنهم المقيم الليل والمكثر من الصيام ، والمكثر من الصدقات ، ومنهم من لم يزد على الفرائض والواجبات كما في حديث الأعرابي ، ومنهم من أخظأ وأذنب ، وبعضهم وقع في بعض الكبائر كماعز والغامدية ومنهم من وقع في جريمة شرب الخمر و و ... فهل يقال هنا أن ما كان من خير وجب على جميع الصحابة رضوان الله تعالى عليهم أن يسبقونا إليه مع أنهم تفاوتوا في فعل الخيرات والعمل الصالح ...!!!

وهنا يجب التنبيه إلى أن مكانة الصحابة رضوان الله تعالى عليهم تعود إلى مشاهدتهم للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم ، واجتماعهم به ، ونصرتهم له ، ورؤيتهم لجلال النبوة التي أغنتهم عن كثرة العمل ، ورفعتهم إلى أعلى المقامات والدرجات ( ... لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفة ) . حتى لقد انعقد الإجماع على أن صحابيا واحدا من صحابته الكرام ولو كان من أقلهم درجة هو أفضل من مجموع الأمة وعبادها وزهادها ، وهذا مع أن صلاة واحد منهم تقابلها صلاة من بعدهم بمليارات المرات، ومع كل ذلك فإنهم لم يلحقوا بواحد منهم رضي الله تعالى عنهم ...!!!

ومن الواجب علمه أيضا حتى يتنبه الغافلون الذين يظنون أن صلاة الواحد منهم هي كصلاة أعبد الأولياء أو كصلاة الصحابة فضلا عن صلاة النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ... فإنهم مع هذا التفكير السخيف قد أساؤوا الأدب والفهم عن الله تعالى وعن نبيه عليه الصلاة والسلام وتاهوا عن فهم شريعته ، فمن ظن أن صلاته مقبولة قطعا عند الله تعالى فعليه أن يراجع إيمانه ويصحح يقينه وإلا فقد خسر الدنيا والآخرة لأنه من أجهل مخلوقات الله بالله عز وجل وبعلمه بأحوال خلقه ظاهرا وباطنا ...!!!

ونعود لنقول لهؤلاء العميان بصرا وبصيرة : إن في ردكم لفعل الخير من عباد الله من كثرة الصلاة والصيام المباح في أوقات مطلقة وأدعية وأذكار في أزمنة مخصصة ومواسم مباركة بحجة أن النبي صلى الله تعالى عليه لم يفعله ولم يأمر به ، هو من الافتراء على النبي صلى الله تعالى عليه وسلم في تحريم ما لم ينه عنه صراحة ، وهو من صد الناس عن عبادة الله وذكره في جميع الأوقات والجهات ، وهذا مخالف للآيات المحكمة والسنن المبرمة في إطلاق ذكر الله والإقبال عليه على الدوام ...

واعلموا - أيها الوهابية التافهون - أنه حتى لو لم يأمرنا النبي صلى الله تعالى عليه وسلم بالاحتفال بمولده والابتهاج بالأيام المباركة والمواسم الكريمة الخاصة به ، ولو لم يفعلها الصحابة ولا سلف هذه الأمة في القرون المفضلة ، سنفعله نحن وسنحتفل بهذه المناسبات العظيمة التي امتن الله تعالى بها على عباده وسنبتهج بكل ما أكرمه الله تعالى به من بدء ولادته الشريفة وإسرائه وعروجه إلى سماوات العلا وسنعظم قبره الشريف وآثاره الشريفة غاية التعظبم ، وكل ما يذكرنا به ويشعرنا بنوره صلوات الله تعالى عليه وسلامه ( ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب ) .

واعلموا أيها الوهابية الجهلة ، أن لنا في سلف الأمة قدوة وفي الصحاح حجة وأدلة وأسوة ... فهل تنكرون فعل الصحابة في تركهم لنهي النبي صلى الله تعالى عليه وسلم عن الصلاة إلا في بني قريظة ، وقد صلوا في الطريق قبل وصولهم إليها ، لأنهم فهموا منه ما لم تفهموه يا أجهل أهل الأرض ، وهل تنكرون رفض سيدنا الإمام علي رضي الله تعالى عنه أن يمسح كلمة ( رسول الله ) من كتاب معاهدة صلح الحديبية مع أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره بمسحها فلم يمسحها تعظيما له صلى الله تعالى عليه وسلم ، وليس معاندة ومخالفة لأمره والعياذ بالله تعالى من ذلك وإلا لزم الهلاك والعذاب ( فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم ) ...!!!

ونحن من هذا القبيل - أيها المرضى في نفوسهم وعقولهم - فإننا نعظم رسولنا صلى الله تعالى عليه وسلم ، وبه نبتهج ونحتفل مع أنه لم ينهنا عن شيء من فعل ذلك صراحة ، وسنصلي عليه دائما وأبدا ، ولن نذكره إلا بلفظ السيادة حتى في صلاتنا كما نذكره خارجها رغم أنفكم أيها الأوباش الأغبياء المحرومون من نعمة محبته وأنوار تعظيمه وتعزيره وتوقيره ...!!!

والحديث طويل والأدلة كثيرة وكثيرة يتسع لها مجلد ضخم ... وفي هذا القدر كفاية وصلى الله تعالى على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا .

بقلم : عبدالخالق زكريا الجيلاني الماتريدي الحنفي تولاه الله تعالى بلطفه الجلي والخفي .