لِمَ لم يكثر التأويل في زمن السلف ؟

لِمَ لم يكثر التأويل في زمن السلف ؟

بسم الله الرحمن الرحيم
التأويل تأويلان :
1-تأويل إجمالي
2- تأويل تفصيلي

فأما التأويل الإجمالي فكل السلف يفعلونه بلا ريب، و هو صرف النص عن معناه الظاهر قطعاً إلى معنى الله أعلم به ، و هذا بلا امتراء مذهب مجمل السلف و هو الأسلم و الأصلح في زمانهم ..

و أما التأويل التفصيلي فثابت عن السلف على قلة ؛فقد ثبت عن جعفر الصادق و أحمد و غيرهم ، و القول بأنهم لم يؤولوا مطلقاً خطأ مطلق ..
و هذا غالب مذهب الخلف و هو الأصلح في زمانهم...

و لو سألت أيها الأخ الكريم :
لِمَ لم يكثر التأويل في زمن السلف ؟
فمرد ذلك لا إلى كراهته لذاته بل مرده إلى كراهته لأمر عارض ؛ فقد كان هذا هو الأصلح في زمانهم ،
و التأويل في ذاك الزمان الذي صفت فيه النفوس و رسخ فيه الإيمان و ندر أهل الشبه و التشكيك ...
أقول : التأويل و الحالة هذه قبيح يصل إلى درجة التحريم لا من حيث قبحه في ذاته بل من حيث طرحه في غير محله، كمن يعطي الدواء المر ذا العوارض و المضار للصحيح السليم فهو لا بد منشئ عنده مرضاً؛ فهذا يصل إلى درجة التحريم لعظيم ضرره..
و لكن لما اشتدت الحاجة إليه عند فشو الشبه و تزعزع اليقين و كثرة المشككين ... انتقل من حيز المنع إلى حيز الإباحة و ربما الوجوب لا من حيث ذاته بل من حيث الحاجة إليه ...

هذا و ثبوت التأويل عنهم ولو على قلة ينفي أنهم كانوا يرفضونه بالكلية
و هذا إجازة مرور لمن بعدهم بالجواز عند الحاجة ...و الله أعلم