إتقان الصنعة في تحقيق معنى البدعة
عبد الله بن الصديق الغماري الحسيني
بسم الله الرحمن الرحيم
قال
الراغب الأصفهاني في مفردات القرآن : الإبداع إنشاء صنعة بلا احتذاء
وإقتداء، وإذا استعمل في الله تعالى، فهو ايجاد الشيء بغير ءالة ولا مادة
ولا زمان ولا مكان، وليس ذلك إلا لله. والبديع يقال للمبدع نحو قوله: {بديع
السموات والأرض} ويقال للمبدَع -بفتح الدال - نحو ركية بديع. وكذلك البدع،
يقال لهما جميعا بمعنى الفاعل والمفعول. وقوله تعالى: {قل كنت بدعا من
الرسل} قيل معناه مبدعا لم يتقدمني رسول، وقيل: مبدعا فيما أقوله. والبدعة
في المذهب إيراد قول لم يستن قائلها وفاعلها فيه بصاحب الشريعة، [وأمثالها]
المتقدمة، وأصولها المتقنة، وروي: "كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل
ضلالة في النار" اهـ.
وقال ابن الأثير في النهاية : البدعة بدعتان: بدعة هدى، وبدعة ضلال فما كان في خلاف ما أمر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم، فهو في حيز الذم والإنكار.
وما كان واقعا تحت عموم ما ندب الله إليه، وحض عليه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، فهو في حيز المدح. وما لم يكن له مثال موجود كنوع من الجود والسخاء، وفعل المعروف، فهو في الأفعال المحمودة، ولا يجوز أن يكون ذلك في خلاف ما ورد الشرع به، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد جعل له في ذلك ثوابا، فقال: "من سن سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها" وقال في ضده: "ومن سن سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها" وذلك إذا كان في خلاف ما أمر الله به، أو رسوله صلى الله عليه وسلم. ومن هذا النوع قول عمر رضي الله عنه: "نعمت البدعة هذه"؛ لما كانت من أفعال الخير، وداخلة في حيز المدح، سماها بدعة ومدحها لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسنها لهم، وإنما صلاَها ليالي ثم تركها، ولم يحافظ عليها، ولا جمع الناس لها. ولا كانت في زمن أبي بكر، وإنما عمر جمع الناس عليها وندبها إليها، فبهذا سماها بدعة، وهي على الحقيقة سنة. لقوله صلى الله عليه وسلم: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي" وقوله: "اقتدوا [بالذين] من بعدي أبي بكر وعمر" وعلى هذا التأويل يحمل الحديث الآخر: "كل محدثة بدعة".
إنما يريد: ما خلف أصول الشريعه ولم يوافق السنة اهـ.
وقال الفيومي في المصباح: أبدع الله تعالى الخلق إبداعا خلقهم لا على مثال وأبدعت الشيء وابتدعته، استخرجته وأحدثته، ومنه قيل للحالة المخالفة بدعة، وهي اسم من الابتداع، كالرفعة من الارتفاع. ثم غلب استعمالها فيما هو نقص في الدين، أو زيادة لكن قد يكون بعضها غير مكروه، فيسمى بدعة مباحة، وهو ما شهد لجنسه أصل في الشرع، أو اقتضته مصلحة يندفع بها مفسدة، كاحتجاب الخليفةعن أخلاط الناس اهـ.
وقال ابن الأثير في النهاية : البدعة بدعتان: بدعة هدى، وبدعة ضلال فما كان في خلاف ما أمر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم، فهو في حيز الذم والإنكار.
وما كان واقعا تحت عموم ما ندب الله إليه، وحض عليه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، فهو في حيز المدح. وما لم يكن له مثال موجود كنوع من الجود والسخاء، وفعل المعروف، فهو في الأفعال المحمودة، ولا يجوز أن يكون ذلك في خلاف ما ورد الشرع به، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد جعل له في ذلك ثوابا، فقال: "من سن سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها" وقال في ضده: "ومن سن سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها" وذلك إذا كان في خلاف ما أمر الله به، أو رسوله صلى الله عليه وسلم. ومن هذا النوع قول عمر رضي الله عنه: "نعمت البدعة هذه"؛ لما كانت من أفعال الخير، وداخلة في حيز المدح، سماها بدعة ومدحها لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسنها لهم، وإنما صلاَها ليالي ثم تركها، ولم يحافظ عليها، ولا جمع الناس لها. ولا كانت في زمن أبي بكر، وإنما عمر جمع الناس عليها وندبها إليها، فبهذا سماها بدعة، وهي على الحقيقة سنة. لقوله صلى الله عليه وسلم: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي" وقوله: "اقتدوا [بالذين] من بعدي أبي بكر وعمر" وعلى هذا التأويل يحمل الحديث الآخر: "كل محدثة بدعة".
إنما يريد: ما خلف أصول الشريعه ولم يوافق السنة اهـ.
وقال الفيومي في المصباح: أبدع الله تعالى الخلق إبداعا خلقهم لا على مثال وأبدعت الشيء وابتدعته، استخرجته وأحدثته، ومنه قيل للحالة المخالفة بدعة، وهي اسم من الابتداع، كالرفعة من الارتفاع. ثم غلب استعمالها فيما هو نقص في الدين، أو زيادة لكن قد يكون بعضها غير مكروه، فيسمى بدعة مباحة، وهو ما شهد لجنسه أصل في الشرع، أو اقتضته مصلحة يندفع بها مفسدة، كاحتجاب الخليفةعن أخلاط الناس اهـ.
وفي القاموس وشرحه: البدعه بالكسر
الحدث في الدين بعد الإكمال ومنه الحديث: "إياكم ومحدثات الأمور فإن كل
محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة" أو هي ما استحدث بعد النبي صلى الله عليه وسلم
من الأهواء والأعمال، وهذا قول الليث، وقال ابن السكيت: البدعة كل محدثة
اهـ.
ثم نقل الشارح كلام النهاية، كما سبق.
يستخلص مما سبق أن كل محدثة بدعة، في اللغة والشرع وأن البدعة في عرف الشرع نوعان محمودة ومذمومة.
من المعلوم بالضرورة: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعل جميع المباحات، لأنها كثيرة، لا يستطيع بشر أن يستوعبها عدا، فضلا عن أن يتناولها.
ولأن النبي صلى الله عليه وسلم كان زاهدا متقللا، ويترك ما زاد على ذلك.
فم زعم تحريم شيء بدعوى [أن] النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعله فقد ادعى ما ليس عليه دليل، وكانت دعواه مردودة.
وفي الصحيحين عن خالد بن الوليد أنه دخل مع النبي صلى الله عليه وسلم بيت ميمونة، فأتى بضب محنوذ فأهوى إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده فقيل: هو ضب يا رسول الله فرفع يده، فقلت: أحرام هو يا رسول الله؟ فقال: "لا ولكن لم يكن بأرض قومي فأجدني أعافه" قال خالد: فاجتررته فأكلته، والنبي صلى الله عليه وسلم ينظر.
وفي الحديث دليل للقاعدة الأصوليه: أن ترك الشيء، لا يقتضى تحريمه قد يقال: سؤال خالد، يدل على خلاف القاعدة. وهو أن الترك يقتضي التحريم وقد استدل به بعضهم لذلك.
فيقال في جوابه: لما رأى خالد اعراض النبي صلى الله عليه وسلم عن الضب بعد أهوى إليه ليأكل منه، حصل عنده شبهة في تحريمه، فلذلك سأل. وكان جواب النبي صلى الله عليه وسلم له، مؤيدا للقاعدة، ومؤكدا لعمومها في أن ترك الشيء ولو بعد الإقبال عليه لا يفيد تحريمه وفي الحديث دليل أيضا على أن استقذار الشيء لا يحرمه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم استقذر الضب وعافه، ولم يحرمه.
ثم نقل الشارح كلام النهاية، كما سبق.
يستخلص مما سبق أن كل محدثة بدعة، في اللغة والشرع وأن البدعة في عرف الشرع نوعان محمودة ومذمومة.
من المعلوم بالضرورة: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعل جميع المباحات، لأنها كثيرة، لا يستطيع بشر أن يستوعبها عدا، فضلا عن أن يتناولها.
ولأن النبي صلى الله عليه وسلم كان زاهدا متقللا، ويترك ما زاد على ذلك.
فم زعم تحريم شيء بدعوى [أن] النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعله فقد ادعى ما ليس عليه دليل، وكانت دعواه مردودة.
وفي الصحيحين عن خالد بن الوليد أنه دخل مع النبي صلى الله عليه وسلم بيت ميمونة، فأتى بضب محنوذ فأهوى إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده فقيل: هو ضب يا رسول الله فرفع يده، فقلت: أحرام هو يا رسول الله؟ فقال: "لا ولكن لم يكن بأرض قومي فأجدني أعافه" قال خالد: فاجتررته فأكلته، والنبي صلى الله عليه وسلم ينظر.
وفي الحديث دليل للقاعدة الأصوليه: أن ترك الشيء، لا يقتضى تحريمه قد يقال: سؤال خالد، يدل على خلاف القاعدة. وهو أن الترك يقتضي التحريم وقد استدل به بعضهم لذلك.
فيقال في جوابه: لما رأى خالد اعراض النبي صلى الله عليه وسلم عن الضب بعد أهوى إليه ليأكل منه، حصل عنده شبهة في تحريمه، فلذلك سأل. وكان جواب النبي صلى الله عليه وسلم له، مؤيدا للقاعدة، ومؤكدا لعمومها في أن ترك الشيء ولو بعد الإقبال عليه لا يفيد تحريمه وفي الحديث دليل أيضا على أن استقذار الشيء لا يحرمه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم استقذر الضب وعافه، ولم يحرمه.
ومن
المعلوم ايضا بالضرورة: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعل جميع
المندوبات، لاشتغاله بمهام عظام، استغرقت معظم وقته: تبيلغ الدعوة، ومجادلة
المشركين والكتابين، وجهاد الكفار، لحماية بيضة الإسلام، وعقد معاهدات
الصلح والأمان والهدنة وإقامة الحدود، وإنفاذ السرايا للغزو وبعث العمال
بجباية الزكاة، وتبليغ الأحكام، وغير ذلك مما يلزم لتأسيس الدوله
الإسلامية، وتحديد معالمها، بل ترك صلى الله عليه وسلم بعض المندوبات عمدا،
مخافة أن تفرض على أمته، أو يشق عليهم إذا هو فعله.
ولأنه صلى الله عليه وسلم اكتفى بالنصوص العامة الشاملة للمندوبات بجميع أنواعها منذ جاء الإسلام، إلى قيام الساعة، مثل: {وما تفعلوا من خير يعلمه الله} {من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها} {وافعلوا الخير لعلكم تفلحون} {ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا} {فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره} وجاءت الأحاديث النبوية، على هذا المنوال، وسنذكر بعضها بحول الله تعالى فمن زعم في فعل خير مستحدث، أنه بدعة مذمومة، فقد أخطأ وتجرأ على الله ورسوله حيث ذم ما ندب [الله ورسوله] إليه، في عموميات الكتاب والسنة.
روى مسلم في صحيحه عن جابر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في خطبته: "إن خير الحديث كتاب الله وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة".
ولأنه صلى الله عليه وسلم اكتفى بالنصوص العامة الشاملة للمندوبات بجميع أنواعها منذ جاء الإسلام، إلى قيام الساعة، مثل: {وما تفعلوا من خير يعلمه الله} {من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها} {وافعلوا الخير لعلكم تفلحون} {ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا} {فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره} وجاءت الأحاديث النبوية، على هذا المنوال، وسنذكر بعضها بحول الله تعالى فمن زعم في فعل خير مستحدث، أنه بدعة مذمومة، فقد أخطأ وتجرأ على الله ورسوله حيث ذم ما ندب [الله ورسوله] إليه، في عموميات الكتاب والسنة.
روى مسلم في صحيحه عن جابر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في خطبته: "إن خير الحديث كتاب الله وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة".
قال النووي: قوله صلى الله عليه وسلم: "وكل
بدعة ضلالة" هذا عام مخصوص والمراد غالب البدع، قال أهل اللغة: هي كل شيء
عمل غير مثال سابق. قال العلماء البدعة خمسة أقسام واجبة ومندوبة ومحرّمة
ومكروهة فمن الواجبة نظم أدلّة المتكلمين، للرّد على الملاحدة والمبتدعين
وشبه ذلك ومن المندوبة تصنيف كتب العلم وبناء المدارس والربط وغير ذلك. ومن
المباح [التبسّط] في ألوان الأطعمة وغير ذلك. والحرام والمكروه ظاهران
فإذا عرف ما ذكرته، علم أن الحديث من العام المخصوص، وكذا ما أشبهه من
الأحاديث الوارده، ويؤيدها قول عمر رضي الله عنه نعمة البدعة، ولا يمنع من
كون الحديث [عام مخصوص] قوله: "كل بدعة"، مؤكدا بـ"كل"، بل يدخله التخصيص
مع ذلك كقوله تعالى: {تدمر كل شيء} اهـ.
في حديث العرباض بن سارية، قول النبي صلى الله عليه وسلم: "وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة" رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه، وصححه الترمذي وابن حبان والحاكم.
قال الحافظ بن رجب في شرحه: "والمراد بالبدعة ما أحدث مما لا أصل له في الشريعه يدل عليه، وأما ما كان له أصل من الشرع يدل عليه فليس ببدعة شرعا، وإن كان بدعة لغة" اهـ.
وفي صحيح البخاري عن ابن مسعود قال: "إن أحسن الحديث كتاب الله وأحسن الهدى هدى محمد صلّى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها".
قال الحافظ بن حجر والمحدثات بفتح الدال جمع محدثه، والمراد بها ما أحدث وما ليس له أصل في الشرع، ويسمى في عرف الشرع بدعة، وما كان له أصل يدل عليه الشرع، فليس ببدعة، فالبدعة في عرف الشرع مذمومة، بخلاف اللغة، فإن كل شيء أحدث على غير مثال، يسمى بدعة سواء كان محمودا او مذموما اهـ.
قلت: ما أحدث وله أصل في الشرع يشهد له يسمى سنة حسنة، كذلك سماه النبي صلى الله عليه وسلم ومقابله يسمى بدعة، كما يسمى سنة سيئة.
في حديث العرباض بن سارية، قول النبي صلى الله عليه وسلم: "وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة" رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه، وصححه الترمذي وابن حبان والحاكم.
قال الحافظ بن رجب في شرحه: "والمراد بالبدعة ما أحدث مما لا أصل له في الشريعه يدل عليه، وأما ما كان له أصل من الشرع يدل عليه فليس ببدعة شرعا، وإن كان بدعة لغة" اهـ.
وفي صحيح البخاري عن ابن مسعود قال: "إن أحسن الحديث كتاب الله وأحسن الهدى هدى محمد صلّى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها".
قال الحافظ بن حجر والمحدثات بفتح الدال جمع محدثه، والمراد بها ما أحدث وما ليس له أصل في الشرع، ويسمى في عرف الشرع بدعة، وما كان له أصل يدل عليه الشرع، فليس ببدعة، فالبدعة في عرف الشرع مذمومة، بخلاف اللغة، فإن كل شيء أحدث على غير مثال، يسمى بدعة سواء كان محمودا او مذموما اهـ.
قلت: ما أحدث وله أصل في الشرع يشهد له يسمى سنة حسنة، كذلك سماه النبي صلى الله عليه وسلم ومقابله يسمى بدعة، كما يسمى سنة سيئة.
وروى أبو نعيم عن ابراهيم بن الجنيد، قال: سمعت الشافعي يقول: البدعة بدعتان بدعة محمودة، وبدعة مذمومة فما وافق السنة فهو محمود وما خالف السنة فهو مذموم.
وروى البيهقي في مناقب الشافعي عنه، قال: المحدثات ضربان: ما أحدث مما يخالف كتابا أو سنةً أو أثرا أو إجماعا، فهذه بدعة الضلالة وما أحدث من الخير لا خلاف فيه في واحد من هذا، فهذه محدثة غير مذمومة وقد قال عمر في قيام رمضان: نعمة البدعة هذه يعني أنها محدثة لم تكن، وإذا كانت، ليس فيها رد لما مضى.
وقال الحافظ بن حجر في فتح الباري:
وأما قوله في حديث العرباض: "فإن كل بدعة ضلالة" بعد قوله: "وإياكم ومحدثات الأمور" فإنه يدل على أن المحدث يسمى بدعة وقوله: "كل بدعة ضلالة" قاعدة شرعية كلية، بمنطوقها [ومفهومها]. أما منطوقها فكأن يقال: حكم كذا بدعة وكل بدعة ضلالة، فلا تكون من الشرع، لأن الشرع كله هدى فإن [ثبت] أن الحكم المذكور بدعة، صحة المقدمتان وأنتجتا المطلوب.
والمراد بقوله: "كل بدعة ضلالة" ما أحدث ولا دليل له من الشرع بطريق خاص ولا عام اهـ.
وقال النووي في تهذيب الأسماء واللغات:
البدعة بكسر الباء، في الشرع، هي إحداث ما لم يكن في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، وهي منقسمه إلى حسنة وقبيحة.
قال الشيخ الإمام المجمع على إمامته وجلالته وتمكنه من أنواع العلوم وبراعته أبو محمد عبد العزيز بن عبد السلام رحمه الله ورضي عنه، في ءاخر كتاب القواعد: البدعة منقسمة إلى واجبة ومحرمة ومندوبة ومكروهة ومباحة قال: والطريق في ذلك أن تعرض البدعة على قواعد الشريعة، فإن دخلت في قواعد الإيجاب، فهي واجبة، أو في قواعد التحريم فمحرمة، أو الندب، فمندوبة، أو المكروهة فمكروهة، أو المباح فمباحة.
وروى البيهقي في مناقب الشافعي عنه، قال: المحدثات ضربان: ما أحدث مما يخالف كتابا أو سنةً أو أثرا أو إجماعا، فهذه بدعة الضلالة وما أحدث من الخير لا خلاف فيه في واحد من هذا، فهذه محدثة غير مذمومة وقد قال عمر في قيام رمضان: نعمة البدعة هذه يعني أنها محدثة لم تكن، وإذا كانت، ليس فيها رد لما مضى.
وقال الحافظ بن حجر في فتح الباري:
وأما قوله في حديث العرباض: "فإن كل بدعة ضلالة" بعد قوله: "وإياكم ومحدثات الأمور" فإنه يدل على أن المحدث يسمى بدعة وقوله: "كل بدعة ضلالة" قاعدة شرعية كلية، بمنطوقها [ومفهومها]. أما منطوقها فكأن يقال: حكم كذا بدعة وكل بدعة ضلالة، فلا تكون من الشرع، لأن الشرع كله هدى فإن [ثبت] أن الحكم المذكور بدعة، صحة المقدمتان وأنتجتا المطلوب.
والمراد بقوله: "كل بدعة ضلالة" ما أحدث ولا دليل له من الشرع بطريق خاص ولا عام اهـ.
وقال النووي في تهذيب الأسماء واللغات:
البدعة بكسر الباء، في الشرع، هي إحداث ما لم يكن في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، وهي منقسمه إلى حسنة وقبيحة.
قال الشيخ الإمام المجمع على إمامته وجلالته وتمكنه من أنواع العلوم وبراعته أبو محمد عبد العزيز بن عبد السلام رحمه الله ورضي عنه، في ءاخر كتاب القواعد: البدعة منقسمة إلى واجبة ومحرمة ومندوبة ومكروهة ومباحة قال: والطريق في ذلك أن تعرض البدعة على قواعد الشريعة، فإن دخلت في قواعد الإيجاب، فهي واجبة، أو في قواعد التحريم فمحرمة، أو الندب، فمندوبة، أو المكروهة فمكروهة، أو المباح فمباحة.
وللبدع الواجبة أمثلة،
منها الاشتغال بعلم النحو الذي يُفهم به كلام الله تعالى وكلام رسول الله
صلى الله عليه وسلم، وذلك واجب، لأن حفظ الشريعة واجب ولا يتأتى حفظها إلا
بذلك، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
الثاني: حفظ غريب الكتاب والسنة،
الثالث: تدوين أصول الدين وأصول الفقه،
الرابع: الكلام في الجرح والتعديل، وتمييز الصحيح من السقيم. وقد دلّت قواعد الشريعة على أن حفظ الشريعة فرض كفاية، في ما زاد عن المتعين، ولا يأتي ذلك إلا بما ذكرناه. وللبدع المحرمة أمثله منها مذاهب القدرية والجبرية والمرجئة والمجسمة، والرد على هؤلاء من البدع الواجبة.
وللبدع المندوبة أمثلة منها إحداث الربط والمدارس وكل إحسان لم يعهد في العصر الأول، ومنها التراويح والكلام في دقائق التصوف، وفي الجدل ومنها جمع المحافل للاستدلال [إن] قصد بذلك وجه الله تعالى.
وللبدع المكروهة أمثلة كزخرفة المساجد وتزويق المصاحف و[البدع] المباحة أمثلة منها المصافحة عقب الصبح والعصر ومنها التوسع في اللذيد من المآكل والمشارب والملابس والمساكن ولبس الطيالسة، وتوسيع الأكمام، وقد يختلف في بعض ذلك، فيجعله بعض العلماء من البدع المكروهة، ويجعله ءاخرون من السنة المنقولة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فما بعده وذلك كالاستعاذة في الصلاة والبسملة اهـ.
وكذا نقله الحافظ في الفتح وسلّمه وهو حقيق بالتسليم.
الثاني: حفظ غريب الكتاب والسنة،
الثالث: تدوين أصول الدين وأصول الفقه،
الرابع: الكلام في الجرح والتعديل، وتمييز الصحيح من السقيم. وقد دلّت قواعد الشريعة على أن حفظ الشريعة فرض كفاية، في ما زاد عن المتعين، ولا يأتي ذلك إلا بما ذكرناه. وللبدع المحرمة أمثله منها مذاهب القدرية والجبرية والمرجئة والمجسمة، والرد على هؤلاء من البدع الواجبة.
وللبدع المندوبة أمثلة منها إحداث الربط والمدارس وكل إحسان لم يعهد في العصر الأول، ومنها التراويح والكلام في دقائق التصوف، وفي الجدل ومنها جمع المحافل للاستدلال [إن] قصد بذلك وجه الله تعالى.
وللبدع المكروهة أمثلة كزخرفة المساجد وتزويق المصاحف و[البدع] المباحة أمثلة منها المصافحة عقب الصبح والعصر ومنها التوسع في اللذيد من المآكل والمشارب والملابس والمساكن ولبس الطيالسة، وتوسيع الأكمام، وقد يختلف في بعض ذلك، فيجعله بعض العلماء من البدع المكروهة، ويجعله ءاخرون من السنة المنقولة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فما بعده وذلك كالاستعاذة في الصلاة والبسملة اهـ.
وكذا نقله الحافظ في الفتح وسلّمه وهو حقيق بالتسليم.
يعلم
مما مر: أن العلماء متفقون على انقسام البدعة إلى محمودة ومذمومة، وأن عمر
رضي الله عنه أول من نطق بذلك. ومتفقون على أن قول النبي صلى الله عيه
وسلم: "كل بدعة ضلالة" عام مخصوص. ولم يشذ عن هذا الاتفاق إلا الشاطبي صاحب
الاعتصام، فإنه أنكر هذا الانقسام، وزعم أن كل بدعة مذمومة، لكنه اعترف
بأن من البدع ما هو مطلوب وجوبا أو ندبا، فجعله من قبيل المصلحة المرسلة،
فخلافه لفظي يرجع إلى التسمية. أي أن البدعة المطلوبة، لا تسمى بدعة حسنة،
بل تسمى مصلحة.
قال الامام الشافعي: "كل ما له مستند من الشرع، فليس ببدعة ولو لم يعمل به السلف، لأن تركهم للعمل به، قد يكون لعذر قام لهم في الوقت، أو لِما هو أفضل منه، أو لعله لم يبلغ جميعهم علم به" اهـ.
وقال الإمام ابن لب، في الرد على من كره الدعاء عقب الصلاة:
غاية ما يستند اليه منكر الدعاء أدبار الصلوات: أن إلتزامه على ذلك الوجه، لم يكن من عمل السلف وعلى تقدير صحة هذا النقل فالترك ليس بموجب لحكم في ذلك المتروك، إلا جواز الترك وانتفاء الحرج فيه وأما تحريم أو لصوق كراهية بالمتروك فلا، ولا سيما فيما له أصل جملي متقرر من الشرع كالدعاء اهـ.
وقال ابن العربي:
"ليست البدعة والمحدث مذمومين للفظ بدعة ومحدث ولا معناهما، وإنما يذم من البدعة ما خالف السنة، ويذم من المحدثات ما دعا إلى الضلالة" اهـ.
الدليل لما اتفق عليه العلماء من تخصيص حديث: "كل بدعة ضلالة" عدّة أحاديث:
الحديث الأول:
روى مسلم والنسائي وابن ماجه عن جرير بن عبد الله البجلي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سنّ في الإسلام سنّة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء ومن سنّ في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء".
قال الامام الشافعي: "كل ما له مستند من الشرع، فليس ببدعة ولو لم يعمل به السلف، لأن تركهم للعمل به، قد يكون لعذر قام لهم في الوقت، أو لِما هو أفضل منه، أو لعله لم يبلغ جميعهم علم به" اهـ.
وقال الإمام ابن لب، في الرد على من كره الدعاء عقب الصلاة:
غاية ما يستند اليه منكر الدعاء أدبار الصلوات: أن إلتزامه على ذلك الوجه، لم يكن من عمل السلف وعلى تقدير صحة هذا النقل فالترك ليس بموجب لحكم في ذلك المتروك، إلا جواز الترك وانتفاء الحرج فيه وأما تحريم أو لصوق كراهية بالمتروك فلا، ولا سيما فيما له أصل جملي متقرر من الشرع كالدعاء اهـ.
وقال ابن العربي:
"ليست البدعة والمحدث مذمومين للفظ بدعة ومحدث ولا معناهما، وإنما يذم من البدعة ما خالف السنة، ويذم من المحدثات ما دعا إلى الضلالة" اهـ.
الدليل لما اتفق عليه العلماء من تخصيص حديث: "كل بدعة ضلالة" عدّة أحاديث:
الحديث الأول:
روى مسلم والنسائي وابن ماجه عن جرير بن عبد الله البجلي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سنّ في الإسلام سنّة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء ومن سنّ في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء".
قال
النووي: فيه الحث على الابتداء بالخيرات وسن السنن الحسنات والتحذير من
الأباطيل والمستقبحات. وفي هذا الحديث تخصيص لقوله صلى الله عليه وسلم: "كل
محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة" وأن المراد به المحدثات الباطلة والبدع
المذمومه اهـ.
وقال السندي في حاشية ابن ماجة: قوله: "سنّة حسنة" أي طريقة مرضية يقتدي بها، والتمييز بين الحسنة والسيئة بموافقة أصول الشرع وعدمها اهـ.
الحديث الثاني:
روى بن ماجة بإسناد صحيح عن ابي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من استنّ خيرا [فاستنّ] به كان له أجره كاملا ومن أجور من استنّ به، لا ينقص من أجورهم شيئا ومن استنّ سنة سيئة فاستنّ به فعليه وزره كاملا ومن أوزاره الذي استن به لا ينقص من أوزارهم شيئا".
الحديث الثالث:
روى ابن ماجة عن أبي [جحيفة] قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سنّ سنة حسنة فعمل بها بعده كان له أجره ومثل أجورهم من غير أن ينقص من أجورهم شيئا ومن سنّ سنة سيئة فعمل بها بعده كان عليه وزره ومثل أوزارهم من غير أن ينقص من أوزارهم شيئا" إسناده جيد.
الحديث الرابع:
روى أحمد والبزّار والطبراني في الأوسط بإسناد حسن عن حذيفه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سن خيرا فاستنّ به كان له أجره ومن أجور من تبعه غير منتقص من أجورهم شيئا ومن سنّ شرا فاستنّ به كان عليه وزره ومن أوزار من تبعه غير منتقص من أوزارهم شيئا".
الحديث الخامس:
روى الطبراني بإسناد حسن أيضا عن واثلة بن الأسقع عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من سنّ سنة حسنة فله أجرها ما عمل بها في حياته وبعد مماته حتى تترك ومن سنّ سنة سيئة فعليه إثمها حتى تترك ومن مات مرابطا في سبيل الله جرى عليه عمل الرابط حتى يبعث يوم القيامة".
وقال السندي في حاشية ابن ماجة: قوله: "سنّة حسنة" أي طريقة مرضية يقتدي بها، والتمييز بين الحسنة والسيئة بموافقة أصول الشرع وعدمها اهـ.
الحديث الثاني:
روى بن ماجة بإسناد صحيح عن ابي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من استنّ خيرا [فاستنّ] به كان له أجره كاملا ومن أجور من استنّ به، لا ينقص من أجورهم شيئا ومن استنّ سنة سيئة فاستنّ به فعليه وزره كاملا ومن أوزاره الذي استن به لا ينقص من أوزارهم شيئا".
الحديث الثالث:
روى ابن ماجة عن أبي [جحيفة] قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سنّ سنة حسنة فعمل بها بعده كان له أجره ومثل أجورهم من غير أن ينقص من أجورهم شيئا ومن سنّ سنة سيئة فعمل بها بعده كان عليه وزره ومثل أوزارهم من غير أن ينقص من أوزارهم شيئا" إسناده جيد.
الحديث الرابع:
روى أحمد والبزّار والطبراني في الأوسط بإسناد حسن عن حذيفه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سن خيرا فاستنّ به كان له أجره ومن أجور من تبعه غير منتقص من أجورهم شيئا ومن سنّ شرا فاستنّ به كان عليه وزره ومن أوزار من تبعه غير منتقص من أوزارهم شيئا".
الحديث الخامس:
روى الطبراني بإسناد حسن أيضا عن واثلة بن الأسقع عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من سنّ سنة حسنة فله أجرها ما عمل بها في حياته وبعد مماته حتى تترك ومن سنّ سنة سيئة فعليه إثمها حتى تترك ومن مات مرابطا في سبيل الله جرى عليه عمل الرابط حتى يبعث يوم القيامة".
فهذه الأحاديث تصريح
بتقسيم البدعة إلى حسنة وسيئة فالحسنة هي التي توافق أصول الشرع، وهي وإن
كانت محدثة باعتبار شخصها، فهي مشروعة باعتبار نوعها لدخولها في قاعدة
شرعية، او عموم ءاية او حديث، ولهذا سميت حسنة وكان أجرها يجري على من
سنّها بعد وفاته.
والسيئة هي التي تخالف قواعد الشرع وهي مذمومة، [والبدعة الضلالة]. قال الأبيّ في شرح مسلم: ويدخل في السنة الحسنة البدع المستحسنة كقيام رمضان والتحضير في المنار إثر فراغ الأذان وعن أبواب الجامع وعند دخول الإمام [والتصبيح] عند طلوع الفجر، كل ذلك من الإعانة على العبادة التي يشهد الشرع باعتبارها. وقد كان علي وعمر يوقظان الناس لصلاة الصبح بعد طلوع الفجر واتفق أن إمام الجامع الأعظم بتونس، وأظنه البرجيني، حيث أتى ليدخل الجامع، سألته امرأة ان يدعو لأبنها الأسير، وكان المؤذنون حينئذ يحضرون في المنار، فقال لها: ما أصاب الناس في هذا يعني التحضير أشدّ من أسر ابنك، فكان الشيخ -يعني ابن عرفة- ينكر ذلك، ويقول: ليس إنكاره بصحيح، بل التحضير من البدع المستحسنة التي شهد الشرع باعتبارها ومصلحتها ظاهرة، قال وهو إجماع من الشيوخ إذ لم ينكره، قيام رمضان والاجتماع على التلاوة، ولا شك أنه لا وجه لإنكاره إلاّ كونه بدعة، ولكنها مستحسنة، ويشهد لاعتبارها الأذان والإقامة فإن الأذان للإعلام بدخول الوقت، والإقامة بحضور الصلاة، وكذلك التحضير هو إعلام بقرب حضور الصلاة اهـ.
[ويجب أن ننبه] على مسئلة مهمة، لا يعرفها أهل العلم، فضلا عمن دونهم، وهي تعين على فهم هذه الأحاديث، ويدرك بها الفرق بين ثلاث حقائق شرعية:
1- سن سنة أو استنانها أي إنشاؤها باجتهاد واستنباط من قواعد الشرع أو عمومات نصوصه.
والسيئة هي التي تخالف قواعد الشرع وهي مذمومة، [والبدعة الضلالة]. قال الأبيّ في شرح مسلم: ويدخل في السنة الحسنة البدع المستحسنة كقيام رمضان والتحضير في المنار إثر فراغ الأذان وعن أبواب الجامع وعند دخول الإمام [والتصبيح] عند طلوع الفجر، كل ذلك من الإعانة على العبادة التي يشهد الشرع باعتبارها. وقد كان علي وعمر يوقظان الناس لصلاة الصبح بعد طلوع الفجر واتفق أن إمام الجامع الأعظم بتونس، وأظنه البرجيني، حيث أتى ليدخل الجامع، سألته امرأة ان يدعو لأبنها الأسير، وكان المؤذنون حينئذ يحضرون في المنار، فقال لها: ما أصاب الناس في هذا يعني التحضير أشدّ من أسر ابنك، فكان الشيخ -يعني ابن عرفة- ينكر ذلك، ويقول: ليس إنكاره بصحيح، بل التحضير من البدع المستحسنة التي شهد الشرع باعتبارها ومصلحتها ظاهرة، قال وهو إجماع من الشيوخ إذ لم ينكره، قيام رمضان والاجتماع على التلاوة، ولا شك أنه لا وجه لإنكاره إلاّ كونه بدعة، ولكنها مستحسنة، ويشهد لاعتبارها الأذان والإقامة فإن الأذان للإعلام بدخول الوقت، والإقامة بحضور الصلاة، وكذلك التحضير هو إعلام بقرب حضور الصلاة اهـ.
[ويجب أن ننبه] على مسئلة مهمة، لا يعرفها أهل العلم، فضلا عمن دونهم، وهي تعين على فهم هذه الأحاديث، ويدرك بها الفرق بين ثلاث حقائق شرعية:
1- سن سنة أو استنانها أي إنشاؤها باجتهاد واستنباط من قواعد الشرع أو عمومات نصوصه.
وهذا
معنى ما [أفادته] الأحاديث المذكورة بعبارة: "من سن سنةً حسنة" أي من أنشأ
سنة حسنة مستندا في ابتداع ذاتها إلى دلائل الشرع كان له أجرها. ومن سن
سنة سيئة أي ابتدع سنة مخالفة للشرع، واستند في ابتداعها إلى ما لا تقره
الشريعة، كان عليه إثمها.
2- التمسك بالسنة أي اتباعها والعمل بها. وهذا ثابت في أحاديث كثيرة، تحض على إتباع السنة والعمل بها والاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم.
3- إحياء سنة نبوية، ترك العمل بها.
روى الترمذي وابن ماجة من طريق كثير بن عبد الله بن عمر بن عوف المزني عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبلال بن الحارث: "اعلم يا بلال" قال وما أعلم يا رسول الله؟ قال: "أنه من أحيا سنة من سنتي قد أُميتت بعدي كان له من الأجر مثل من عمل بها من غير أن ينقص من أجورهم شيئا ومن ابتدع بدعة ضلالة لا يرضاها الله ورسوله كان عليه مثل ءاثام من عمل بها لا ينقص ذلك من أوزارهم شيئا" حسنه الترمذي، وهو حديث ضعيف، لكن له شواهد.
وروى الترمذي أيضا من طريق علي بن زيد عن سعيد بن المسيب قال: قال أنس بن مالك: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا بني إن قدرت أن تصبح وتمسي ليس في قلبك غش لأحد فافعل".
ثم قال لي: "يا بني وذلك من سنتي ومن أحيا سنتي فقد أحياني ومن أحياني كان معي في الجنة". قال الترمذي: حديث حسن، قلت بل ضعيف.
ورواه أبو النصر السجزي في الابانة بلفظ: "من أحيا سنتي فقد أحبني ومن أحبني كان معي في الجنة".
الحديث السادس:
روى الشيخان عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من احدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" وفي رواية لمسلم: "من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد" وفي بعض ألفاظه: "من أحدث في ديننا ما ليس منه فهو رد".
قال ابن رجب: هذا الحديث يدل بمنطوقه على أن كل عمل ليس عليه أمر الشارع، فهو مردود، ويدل على أن كل عمل عليه أمره، فهو غير مردود اهـ.
2- التمسك بالسنة أي اتباعها والعمل بها. وهذا ثابت في أحاديث كثيرة، تحض على إتباع السنة والعمل بها والاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم.
3- إحياء سنة نبوية، ترك العمل بها.
روى الترمذي وابن ماجة من طريق كثير بن عبد الله بن عمر بن عوف المزني عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبلال بن الحارث: "اعلم يا بلال" قال وما أعلم يا رسول الله؟ قال: "أنه من أحيا سنة من سنتي قد أُميتت بعدي كان له من الأجر مثل من عمل بها من غير أن ينقص من أجورهم شيئا ومن ابتدع بدعة ضلالة لا يرضاها الله ورسوله كان عليه مثل ءاثام من عمل بها لا ينقص ذلك من أوزارهم شيئا" حسنه الترمذي، وهو حديث ضعيف، لكن له شواهد.
وروى الترمذي أيضا من طريق علي بن زيد عن سعيد بن المسيب قال: قال أنس بن مالك: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا بني إن قدرت أن تصبح وتمسي ليس في قلبك غش لأحد فافعل".
ثم قال لي: "يا بني وذلك من سنتي ومن أحيا سنتي فقد أحياني ومن أحياني كان معي في الجنة". قال الترمذي: حديث حسن، قلت بل ضعيف.
ورواه أبو النصر السجزي في الابانة بلفظ: "من أحيا سنتي فقد أحبني ومن أحبني كان معي في الجنة".
الحديث السادس:
روى الشيخان عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من احدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" وفي رواية لمسلم: "من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد" وفي بعض ألفاظه: "من أحدث في ديننا ما ليس منه فهو رد".
قال ابن رجب: هذا الحديث يدل بمنطوقه على أن كل عمل ليس عليه أمر الشارع، فهو مردود، ويدل على أن كل عمل عليه أمره، فهو غير مردود اهـ.
وقال
الحافظ في الفتح: هذا الحديث معدود من أُصول الإسلام، وقاعدة من قواعده،
فإن معناه: من اخترع في الدين ما لا يشهد له أصل من أُصوله فلا يلتفت إليه.
ونقل عن الطوفي انه قال: "هذا الحديث يصلح أن يسمى نصف أدلة الشرع، لأن الدليل يتركب من مقدمتين، والمطلوب بالدليل إما إثبات الحكم أو نفيه، وهذا الحديث مقدمة كبرى في إثبات كل حكم شرعي ونفيه لأن منطوقه كلية في كل دليل ناف لحكم، مثل أن يقال في الوضوء بماء نجس: هذا ليس من أمر الشرع وكل ما كان كذلك فهو مردود، فهذا العمل مردود، فالمقدمة الثانية ثابتة بهذا الحديث، وإنما يقع النزاع في الأولى.
ومفهومه أن من عمل عملا عليه أمر الشرع، فهو صحيح مثل أن يقال في الوضوء بالنية: هذا عليه أمر الشرع، وكل ما كان عليه أمر الشرع، فهو صحيح، فالمقدمة الثانية ثابتة بهذا الحديث، والأولى فيها النزاع" اهـ.
قلت: هذا الحديث مخصص لحديث كل بدعه ضلالة، ومبين للمراد منها كما هو واضح. إذ لو كانت البدعة ضلالة بدون استثناء، لقال الحديث: من أحدث في أمرنا هنا شيئا. لكن لما قال: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" أفاد أن المحدث نوعان ما ليس من الدين بأن كان مخالفا لقواعده ودلائله، فهو مردود، وهو البدعة الضلالة، وما هو من الدين بأن شهد له أصل، أو أيده دليل، فهو صحيح مقبول، وهو السنة الحسنة.
الحديث السابع:
ونقل عن الطوفي انه قال: "هذا الحديث يصلح أن يسمى نصف أدلة الشرع، لأن الدليل يتركب من مقدمتين، والمطلوب بالدليل إما إثبات الحكم أو نفيه، وهذا الحديث مقدمة كبرى في إثبات كل حكم شرعي ونفيه لأن منطوقه كلية في كل دليل ناف لحكم، مثل أن يقال في الوضوء بماء نجس: هذا ليس من أمر الشرع وكل ما كان كذلك فهو مردود، فهذا العمل مردود، فالمقدمة الثانية ثابتة بهذا الحديث، وإنما يقع النزاع في الأولى.
ومفهومه أن من عمل عملا عليه أمر الشرع، فهو صحيح مثل أن يقال في الوضوء بالنية: هذا عليه أمر الشرع، وكل ما كان عليه أمر الشرع، فهو صحيح، فالمقدمة الثانية ثابتة بهذا الحديث، والأولى فيها النزاع" اهـ.
قلت: هذا الحديث مخصص لحديث كل بدعه ضلالة، ومبين للمراد منها كما هو واضح. إذ لو كانت البدعة ضلالة بدون استثناء، لقال الحديث: من أحدث في أمرنا هنا شيئا. لكن لما قال: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" أفاد أن المحدث نوعان ما ليس من الدين بأن كان مخالفا لقواعده ودلائله، فهو مردود، وهو البدعة الضلالة، وما هو من الدين بأن شهد له أصل، أو أيده دليل، فهو صحيح مقبول، وهو السنة الحسنة.
الحديث السابع:
روى
أحمد وأبو داود من طريق عبد الرحمن بن أبي ليلى عن معاذ بن جبل قال: أحيلت
الصلاة ثلاثة أحوال، فذكر الحديث وفيه: وكانوا يأتون الصلاة، وقد سبقهم
ببعضها النبي صلى الله عليه وءاله وسلم، فكان الرجل يشير إلى الرجل إن جاء:
كم صلى؟ فيقول: واحدة أو اثنتين فيصليها ثم يدخل مع القوم في صلاتهم، فجاء
معاذ فقال: لا أجده على حال أبدا إلا كنت عليها ثم قضيت ما سبقني، فجاء
وقد سبقه النبي صلى الله عليه وءاله وسلم ببعضها، فثبت معه، فلما قضى رسول
الله صلى الله عليه وءاله وسلم صلاته، قام فقضى، فقال رسول الله صلى الله
عليه وءاله وسلم: "إنه قد سن لكم معاذ فهكذا فاصنعوا" ورواه أحمد أيضا من
طريق ءاخر عن أبي ليلى عن معاذ.
ورواه ابن أبي شيبة: حدثنا
وكيع ثنا الأعمش عن عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: حدثنا
أصحاب محمد صلى الله عليه وءاله وسلم، فذكر الحديث، صححه ابن حزم وابن دقيق
العيد. وابن أبي ليلى أدرك عشرين ومائة من الصحابة، فالحديث متصل صحيح
وقال الطبراني ثنا أبو زرعة المشقي ثنا يحيى بن صالح [الوحاظي] ثنا فليح بن
سليمان عن زيد بن أبي سليمان عن زيد بن أبي أنيسة عن عمرو بن مرة الجملي
عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن معاذ بن جبل قال: كنا نأتي الصلاة، إذا جاء
رجل وقد سبق بشيء من الصلاة أشار إليه الذي يليه: قد سبقت بكذا وكذا فيقضي
قال: فكنا بين راكع وساجد وقائم وقاعد فجئت وقد سبقت ببعض الصلاة، وأشير
اليّ بالذي سبقت به، فكنت لا أجده على حال إلا كنت عليها فكنت بحالهم التي
وجدتهم عليها، فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وءاله وسلم قمت فصليت،
واستقبل رسول الله صلى الله عليه وءاله وسلم الناس وقال: من القائل كذا
وكذا؟ قالوا معاذ بن جبل، فقال: قد سن لكم معاذ فاقتدوا به إذا جاء أحدكم
وقد سبق بشيء من الصلاة فليصل مع الإمام بصلاته، فإذا فرغ الإمام فليقض ما
سبقه به. إسناد صحيح، وهو يدل على جواز إحداث أمر في العبادة صلاة أو غيرها
إذا كان موافقا لأدلة الشرع، وأن النبي صلى الله عليه وءاله وسلم لم يعنف
معاذا ولا قال له: لم أقدمت على أمر في الصلاة قبل أن تسألني عنه. بل أقره
وقال: "سن لكم معاذ فاصنعوا كما صنع" لأن ما صنعه يوافق قاعدة الإتمام،
وأتباع المأموم لإمامه، بحيث لا يقضي ما فاته حتى يتم الإمام صلاته.
يؤيد هذا ويؤكده أن أبا بكرة لما ركع قبل الصف، ومشى راكعا حتى دخل الصف، قال له النبي صلى الله عليه وءاله وسلم: "زادك الله حرصا ولا تعد" فنهاه عن العودة إلى ذلك ولم يقره عليه. لأنه يخالف هيئة الصلاة، وينافي السكون المطلوب فيها.
يؤيد هذا ويؤكده أن أبا بكرة لما ركع قبل الصف، ومشى راكعا حتى دخل الصف، قال له النبي صلى الله عليه وءاله وسلم: "زادك الله حرصا ولا تعد" فنهاه عن العودة إلى ذلك ولم يقره عليه. لأنه يخالف هيئة الصلاة، وينافي السكون المطلوب فيها.
ويؤخذ من حديث معاذ: أن مخالفة المأموم لإمامه
في أفعال الصلاة كانت جائزة، إذ كان الرجل يصلي ما فاته، فيختلف معه في
الركوع أو السجود أو القيام، ثم يتم معه: فلما فعل معاذ ما فعل، وأمر النبي
صلى الله عليه وءاله وسلم باتباعه نسخ جواز المخالفة، وتعينت متابعة
الإمام في أفعال الصلاة والحكم المنسوخ لا يجوز العمل به بإجماع العلماء.
ومن هنا يعلم بطلان قول ابن حزم بأن المسافر يقصر الصلاة خلف إمامه المتم، فإنه إذا قصر كان مخالفا للإمام، والمخالفة منسوخة، والعمل بالمنسوخ باطل، فصلاته باطلة. كما لو استقبل في صلاته بيت المقدس فإن صلاته باطلة. ويعلم بطلان قوله أيضا من جهة أخرى، وهي أنه من المعلوم بالضرورة أن وفود العرب، كانت تفد إلى النبي صلى الله عليه وءاله وسلم بالمدينة، وتصلي معه، ولم يقل لهم: قصروا الصلاة، مع أنه قال لأهل مكة في حجه: "أتموا صلاتكم فإنا [قوم سفر]" ولهذا انجزم بأن الوفود كانوا يتمون الصلاة معه صلى الله عليه وءاله وسلم، ذا ليس من المعقول أن يأمرهم بالتقصير، ولم ينقل إلينا. بل هذا محال في حق الصحابة الذين كانوا حريصين على نقل أقواله وأفعاله خصوصا ما كان منها متعلقا بالصلاة التي هي من أهم أركان الدين. وهذه حجة لازمة [لمقلدة] ابن حزم، لا يستطيعون الانفكاك عنها.
كما لزمتهم الحجة بحديث ابن عباس حين سأله موسى بن سلمة: إذا صلينا معكم صلينا أربعا؟ وإذا صلينا في رحلنا، صلينا ركعتين؟ فقال له ابن عباس تلك سنة أبي القاسم صلى الله عليه وءاله وسلم. وقد أوله مقلد [متوقح] تأويلا عاميا سخيفا. فلما نبهناه إلى سخافته، عمد إلى التحريف حيث زعم ان ابن عباس قال: تلك السنة. وهذا كذب قبيح، يزري بصاحبه، ويجعله في مصاف الكذابين الوضاعين، مثل الجويباري.
الحديث الثامن:
ومن هنا يعلم بطلان قول ابن حزم بأن المسافر يقصر الصلاة خلف إمامه المتم، فإنه إذا قصر كان مخالفا للإمام، والمخالفة منسوخة، والعمل بالمنسوخ باطل، فصلاته باطلة. كما لو استقبل في صلاته بيت المقدس فإن صلاته باطلة. ويعلم بطلان قوله أيضا من جهة أخرى، وهي أنه من المعلوم بالضرورة أن وفود العرب، كانت تفد إلى النبي صلى الله عليه وءاله وسلم بالمدينة، وتصلي معه، ولم يقل لهم: قصروا الصلاة، مع أنه قال لأهل مكة في حجه: "أتموا صلاتكم فإنا [قوم سفر]" ولهذا انجزم بأن الوفود كانوا يتمون الصلاة معه صلى الله عليه وءاله وسلم، ذا ليس من المعقول أن يأمرهم بالتقصير، ولم ينقل إلينا. بل هذا محال في حق الصحابة الذين كانوا حريصين على نقل أقواله وأفعاله خصوصا ما كان منها متعلقا بالصلاة التي هي من أهم أركان الدين. وهذه حجة لازمة [لمقلدة] ابن حزم، لا يستطيعون الانفكاك عنها.
كما لزمتهم الحجة بحديث ابن عباس حين سأله موسى بن سلمة: إذا صلينا معكم صلينا أربعا؟ وإذا صلينا في رحلنا، صلينا ركعتين؟ فقال له ابن عباس تلك سنة أبي القاسم صلى الله عليه وءاله وسلم. وقد أوله مقلد [متوقح] تأويلا عاميا سخيفا. فلما نبهناه إلى سخافته، عمد إلى التحريف حيث زعم ان ابن عباس قال: تلك السنة. وهذا كذب قبيح، يزري بصاحبه، ويجعله في مصاف الكذابين الوضاعين، مثل الجويباري.
الحديث الثامن:
روى
ابن ماجة في سننه بإسنادٍ رجاله ثقات عن سعيد بن المسيب أن بلالا أتى
النبي صلى الله عليه وءاله وسلم يؤذنه بصلاة الفجر، فقيل: هو نائم، فقال
الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم، فأقرت في تأذين الفجر، فثبت
الأمر على ذلك.
ورواه الطبراني في الأوسط عن عائشة، والبيهقي عن حفص بن عمر بن سعد المؤذن مرسلا، بإسناد حسن ولا شك أن الذي أقر بلالا، هو النبي صلى الله عليه وءاله وسلم. بل روى الطبراني في الكبير عن حفص بن عمر عن بلال أنه أتى النبي صلى الله عليه وءاله وسلم يؤذنه بالصبح، فوجده راقدا فقال: الصلاة خير من النوم، مرتين.
فقال النبي صلى الله عليه وءاله وسلم: "ما أحسن هذا اجعله في [أذانك]".
ورواه أبو الشيخ في كتاب الأذان، عن ابن عمر نحوه.
فبلال رضي الله عنه، زاد في الأذان جملة أقره عليها الشارع، لأنها توافق ما شرع له الأذان من الدعوة إلى الصلاة والإعلام بحضور وقتها وعلى هذا فزيادة السيادة في الأذان والإقامة، لا بأس بها. لأن فيها سلوك الأدب مع موافقتها للواقع، فإن النبي صلى الله عليه وءاله وسلم سيد ولد ءادم، وسنتكلم عليها بعد بحول الله تعالى.
الحديث التاسع:
في صحيح البخاري عن رفاعة بن رافع الزرقي قال: كنا نصلي يوما وراء النبي صلى الله عليه وءاله وسلم، فلما رفع رأسه من الركعة قال: "سمع الله لمن حمده" فقال رجل وراءه: ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، فلما انصرف قال: "من المتكلم" قال: أنا. قال: "رأيت بضعة وثلاثين ملكا يبتدرونها أيهم يكتبها".
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: واستدل به على جواز إحداث ذكر في الصلاة غير مأثور إذا كان لا يخالف المأثور اهـ.
الحديث العاشر:
ورواه الطبراني في الأوسط عن عائشة، والبيهقي عن حفص بن عمر بن سعد المؤذن مرسلا، بإسناد حسن ولا شك أن الذي أقر بلالا، هو النبي صلى الله عليه وءاله وسلم. بل روى الطبراني في الكبير عن حفص بن عمر عن بلال أنه أتى النبي صلى الله عليه وءاله وسلم يؤذنه بالصبح، فوجده راقدا فقال: الصلاة خير من النوم، مرتين.
فقال النبي صلى الله عليه وءاله وسلم: "ما أحسن هذا اجعله في [أذانك]".
ورواه أبو الشيخ في كتاب الأذان، عن ابن عمر نحوه.
فبلال رضي الله عنه، زاد في الأذان جملة أقره عليها الشارع، لأنها توافق ما شرع له الأذان من الدعوة إلى الصلاة والإعلام بحضور وقتها وعلى هذا فزيادة السيادة في الأذان والإقامة، لا بأس بها. لأن فيها سلوك الأدب مع موافقتها للواقع، فإن النبي صلى الله عليه وءاله وسلم سيد ولد ءادم، وسنتكلم عليها بعد بحول الله تعالى.
الحديث التاسع:
في صحيح البخاري عن رفاعة بن رافع الزرقي قال: كنا نصلي يوما وراء النبي صلى الله عليه وءاله وسلم، فلما رفع رأسه من الركعة قال: "سمع الله لمن حمده" فقال رجل وراءه: ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، فلما انصرف قال: "من المتكلم" قال: أنا. قال: "رأيت بضعة وثلاثين ملكا يبتدرونها أيهم يكتبها".
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: واستدل به على جواز إحداث ذكر في الصلاة غير مأثور إذا كان لا يخالف المأثور اهـ.
الحديث العاشر:
روى
الطبراني في الأوسط بإسناد جيد عن أنس: أن رسول الله صلى الله عليه وءاله
وسلم مر بأعرابي وهو يدعو في صلاته ويقول: "يا من لا تراه العيون ولا
تخالطه الظنون ولا يصفه الواصفون ولا تغيره الحوادث ولا يخشى الدوائر. يعلم
مثاقيل الجبال ومكاييل البحار وعدد قطر الأمطار وعدد ورق الشجار وعدد ما
أظلم عليه الليل وأشرق عليه النهار لا توارى منه سماء سماء ولا أرض أرضا
ولا بحر ما في قعره ولا جبل ما في وعره: اجعل خير عمري ءاخره وخير عملي
خواتيمه وخير أيامي يوم ألقاك فيه". فلما انصرف دعاه النبي صلى الله عليه
وءاله وسلم ووهب له ذهبًا أهدى إليه من بعض المعادن وقال له: "وهبت لك
الذهب بحسن ثنائك على الله عز وجل" فالنبي صلى الله عليه وءاله وسلم لم
يكتف بإقرار هذا الأعرابي، على الدعاء الذي أنشأه، بل أعطاه عليه جائزة،
لانه أحسن فيه الثناء على الله تعالى.
الحديث الحادي عشر:
في صحيح البخاري قصة قتل خبيب، وصلاته ركعتين قبل قتله، قال: "وهو أول من سن صلاة ركعتين عند القتل".
القرءان يؤيد البدعة الحسنة
روى الطبراني في الأوسط عن أبي إمامة رضي الله عنه قال: إن الله فرض عليكم صوم رمضان، ولم يفرض عليكم قيامه، وإنما قيامه شيء أحدثتموه، فدوموا عليه، فإن ناسا من بني إسرائيل ابتدعوا بدع، فعابهم الله بتركها فقال: {ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها} في سنده زكريا بن أبي مريم، ذكره ابن حبان في الثقات، وقال النَسائي: ليس بالقوي وقال الدارقطني: يعتبر به وما استنبطه أبو أمامة رضي الله عنه، صحيح، فإن الآية لم تعب أولئك الناس على ابتداع الرهبانية، لأنهم قصدوا بها رضوان الله، بل عابتهم على أنهم لم يرعوها حق رعايتها، وهذا يفيد مشروعية البدعة الحسنة كما هو ظاهر وابن كثير رحمه الله لم يدرك مغزى الآية فحملها على ذم البدعة مطلقا، وهو خطأ.
الحديث الحادي عشر:
في صحيح البخاري قصة قتل خبيب، وصلاته ركعتين قبل قتله، قال: "وهو أول من سن صلاة ركعتين عند القتل".
القرءان يؤيد البدعة الحسنة
روى الطبراني في الأوسط عن أبي إمامة رضي الله عنه قال: إن الله فرض عليكم صوم رمضان، ولم يفرض عليكم قيامه، وإنما قيامه شيء أحدثتموه، فدوموا عليه، فإن ناسا من بني إسرائيل ابتدعوا بدع، فعابهم الله بتركها فقال: {ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها} في سنده زكريا بن أبي مريم، ذكره ابن حبان في الثقات، وقال النَسائي: ليس بالقوي وقال الدارقطني: يعتبر به وما استنبطه أبو أمامة رضي الله عنه، صحيح، فإن الآية لم تعب أولئك الناس على ابتداع الرهبانية، لأنهم قصدوا بها رضوان الله، بل عابتهم على أنهم لم يرعوها حق رعايتها، وهذا يفيد مشروعية البدعة الحسنة كما هو ظاهر وابن كثير رحمه الله لم يدرك مغزى الآية فحملها على ذم البدعة مطلقا، وهو خطأ.
...........................................
للمزيد حول الموضوع راجع كتاب
إتقان الصنعة في تحقيق معنى البدعة
عبد الله بن الصديق الغماري الحسيني