أسباب تحريم الخروج عن المذاهب الأربعة

 أسباب تحريم الخروج عن المذاهب الأربعة
كتبه : الدكتور يوسف خطار محمد
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه.
 وقع الاتفاق على الالتزام بالمذاهب الأربعة،والمنع من الخروج عنها وذلك لأسباب منها :
السبب الأول: أن المذاهب الأربعة هي ثمرة نظر المجتهدين في نصوص الكتاب والسنة والإجماع والقياس الصحيح .فهم ورثة الأنبياء في العلم الشرعي ولا يجوز لغير المجتهد أن يتكلم في ذلك .
ثانيا: أن هذه المذاهب الأربعة محفوظة منقولة بينما غيرها من مذاهب أهل السنة فقد اندثرت وصارت مجرد أقوال محكية وليست أقولا مروية محفوظة.
ثالثا: أن المذاهب الأربعة مخدومة مذكور فيها صورة المسألة ثم حكم المسألة عند المجتهدين ثم شروط هذا الحكم واستثناءت الحكم وهذا لا يوجد في غير المذاهب الأربعة .
وأيضا يوجد فيها بيان أركان العبادة وشروطها وواجباتها وسننها ومكروهاتها ومبطلاتها. وهذا لا يوجد بهذه الصورة إلا في المذاهب الأربعة .
* فلذلك صارت نعمة من نعم الله تعالى على المسلمين فوجب التمسك بها لأنه تمسك بالدين الصحيح وحرم الخروج عنها لأنه لا ثقة بمذاهب غير منقولة نقلا صحيحا وغير مخدومة خدمة تامة*.
وفي ذلك قال العلامة ابن خلدون المالكي رحمه الله تعالى في: "المقدمة"(ص/355 ) :
"ووقف التقليد في الأمصار عند هؤلاء الأربعة، ودرس _ أي اندثر_ المقلدون لمن سواهم، وسد الناس باب الخلاف وطرقه لَمّا كثر تشعّب الاصطلاحات في العلوم، ولما عاق عن الوصول إلى رتبة الاجتهاد، *ولما خشي من إسناد ذلك إلى غير أهله*، ومن لا يوثق برأيه ولا بدينه، فصرّحوا بالعجز والإعواز، وردوا الناس إلى تقليد هؤلاء، *وحظروا أن يتداول تقليدهم لما فيه من التلاعب* .. ومُدّعي الاجتهاد لهذا العهد مردود منكوص على عقبه مهجور تقليده" انتهى.
و يقول الشيخ بدر الدين الزركشي رحمه الله تعالى في : "البحر المحيط" (6/209): "والحق أن العصر خلا عن المجتهد المطلق، لا عن مجتهد في مذهب أحد الأئمة الأربعة، *وقد وقع الاتفاق بين المسلمين على أن الحق منحصر في هذه المذاهب، وحينئذ فلا يجوز العمل بغيرها، فلا يجوز أن يقع الاجتهاد إلا فيها*" ا.هـ .
وقال الشنقيطي المالكي في:
"مراقي السعود" : والمُجْمَعُ اليومَ عليهِ الأَرْبَعَة .... وقَفْوُ غَيْرها الْجَمِيع مَنَعَهُ
وقال الشيخ البيجوري الشافعي رحمه الله تعالى في " تحفة المريد- شرح جوهرة التوحيد" : " وقوله – أي الإمام اللقاني – كذا حكى القوم بلفظ يفهم – أي كذا حكى الأصوليون وجهور الفقهاء والمحدّثين بلفظ يفهمه السامع لوضوحه حتماً مثل هذا الحكم الذّي هو وجوب تقليدإمام من الأئمة الأربعة . ( انظر : تحفة المريد - شرح جوهرة التوحيد ، 180 ) .
وقال الشيخ النفراوي المالكي في " الفواكه الدواني " ( 2 \ 365 ) : " … *وقد انعقد إجماع المسلمين اليوم على وجوب متابعة واحد من الأئمة الأربعة* : أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد بن حنبل رضي الله عنهم ، *وعدم جواز الخروج عن مذاهبهم*، وإنّما حرم تقليد الأربعة من المجتهدين ، مع أنّ الجميع على هُدىً لعدم حفظ مذاهبهم لموت أصحابهم وعدم تدوينها ، ولذا قال بعض المحققين : المعتمد أنّه يجوز تقليد الأربعة ، وكذا من عداهم ممّن يحفظ مذهبه في تلك المسألة ودوّن حتى عرفت شروطه وسائر معتبراته ، فالإجماع الذي نقله غير واحد كابن صلاح وإمام الحرمين والقرافي على منع تقليد الصحابة يحمل على ما فقد منه شرط من ذلك " .
وجاء في مواهب الجليل ، للحطّاب المالكي ، ( 1 \ 30 ) : ( قال القرافي : ورأيت للشيخ تقي الدين بن الصلاح ما معناه أنّ التقليد يتعيّن لهذه الأئمة الأربعة دون غيرهم ، *لأنّ مذاهبهم انتشرت وانبسطت ، حتى ظهر فيها تقييد مطلقها وتخصيص عامها وشروط فروعها ، فإذا أطلقوا حكماً وجد مكملاً في موضع آخر ،وأمّا غيرهم فتنقل عنه الفتاوى مجردة ،فلعلّ لها مكملا أو مقيداً أو مخصصاً لو انضبط كلام قائله لظهر ، فيصير في تقليده على غير ثقة ، بخلاف هؤلاء الأربعة*) .
وقال إمام الحرمين الجويني في "البرهان" ( 2 \ 744 ) : " أجمع المحققون على أنّ العوام ليس لهم أن يتعلقوا بمذاهب أعيان الصحابة رضي الله عنهم ، بل عليهم أن يتبعوا مذاهب الأئمة الذين سبروا ونظروا وبوّبوا الأبواب وذكروا أوضاع المسائل وتعرضوا للكلام على مذاهب الأولين ، والسبب فيه أنّ الذين درجوا وإن كانوا قدرة في الدّين وأسوة للمسلمين ، فإنّهم لم يعتنوا بتهذيب مسالك الاجتهاد وإيضاح طرق النظر والجدال وضبط المقال ، ومن خلفهم من أئمة الفقه كفوا من بعدهم النظر في مذاهب الصحابة فكان العامي مأمورا باتباع مذاهب السابرين" .
وقال الشيخ ابن نجيم الحنفي في "الأشباه والنظائر" ( 1\131 ) : " .. وما خالف الأئمة الأربعة مخالف للإجماع وإن كان فيه خلاف لغيرهم ، فقد صرّح في " التحرير " أنّ الإجماع انعقد على عدم العمل بمنصب مخالف للأربعة لانضباط مذاهبهم وانتشارها وكثرة أتباعهم "
وجاء في "الفروع" لابن مفلح الحنبلي، ( 6\374 ) : " وفي الإفصاح : إنّ الإجماع انعقد على تقليد كل من المذاهب الأربعة ، وأنّ الحق لا يخرج عنهم ، ويأتي في العادلة لزوم التمذهب بمذهب وجواز الانتقال عنه " .
وقال الشيخ ابن رجب الحنبلي في " الرد على من اتبع غير المذاهب الأربعة " ص 13 : " فإن قيل : نحن نسلّم منع عموم النّاس من سلوك طريق الاجتهاد ، لما يفضي ذلك إلى أعظم الفساد ، لكن لا نسلّم منع تقليد إمام متبع من أئمة المجتهدين غير هؤلاء الأئمة المشهورين ، قيل : *قد نبهنا على علة المنع من ذلك ؛وهو أنّ مذاهب غير هؤلاء لم تشتهر ولم تنضبط ، فربما نسب إليهم ما لم يقولوه أو فهم عنهم ما لم يريدوه ، وليس لمذاهبهم من يذبّ عنها وينبه على ما يقع من الخلل فيها ، بخلاف هذه المذاهب المشهور* ، فإن قيل : فما تقولون في مذهب إمام غيرهم قد دوّن مذهبه وضبط وحفظ كما حفظ هؤلاء ، قيل : أولا : هذا لا يعلم وجوده الآن ، وإن فرض وقوعه الآن وسلّم جواز اتباعه والانتساب إليه ، فإنّه لا يجوز ذلك إلاّ لمن أظهر الانتساب إليه والفتيا بقوله والذّبّ عن مذ هبه " . انتهى
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم والحمد لله رب العالمين.
وأقول:الخروج عن المذاهب اﻻربعة فقط عند الضرورة او عند مسألة معاصرة لم ينصوا عليها ولضعف اﻻجتهاد في هذا الزمان أرجح المجمع الفقهي وليس الفردي والله أعلم.