سنية رفع اليدين في الدعاء بعد الصلوات المكتوبة لمن شاء
بسم الله الرحمن الرحيم
سئل السيد العلامة محمد بن عبد الله الرحمن بن سليمان بن يحيى بن عمر بن مقبول الأهدل الزبيدي اليماني رحمه الله تعالى :
هل يسن رفع اليدين بعد الصلوات المكتوبة ؟ وهل ورد من الأحاديث في ذلك ما تقوم به الحجة خصوصا أو عموما؟ بينوا لنا ذلك بيانًا شافيًا جزاكم الله الجنة وأعظم لكم المنة ءامين.
فأجاب بقوله :
اعلم وفقني الله وإياك بأن رفع اليدين في الدعاء -أي دعاء وفي أي وقت كان- بعد الصلوات الخمس أو غيرها دلت عليه الأحاديث خصوصًا وعمومًا. فمن العموم ما أخرجه أبو داود والترمذي وحسنه ابن ماجة وابن حبان في صحيحه والحاكم وقال صحيح على شرط الشيخين من حديث سلمان قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله حيي كريم يستحي إذا رفع الرجل إليه يديه أن يردهما صفر خائبتين". وأخرج الحاكم وقال: صحيح الاسناد من حديث أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله رحيم كريم يستحي من عبده أن يرفع إليه يديه ثم لا يضع فيهما خيرًا". وأخرج أحمد وأبو داود من حديث مالك بن يسار قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا سألتم الله فاسألوه ببطون أكفكم ولا تسألوه بظهورها". وأخرج أيضا من حديث ابن عباس نحوه، وزاد فيه: "فإذا فرغتم فامسحوا بها وجوهكم". وأخرج الترمذي من حديث عمر بن الخطاب قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفع يديه في الدعاء لم يحطهما حتى يمسح بهما وجهه". وقال في فتح الباري في كتاب الدعوات في باب رفع اليدين في الدعاء:
وقد وردت الأخبار في مشروعية الرفع. وقد أخرج أبو داود والترمذي وحسنه وغيرهما من حديث سلمان رفعه: "إن ربكم حيي كريم يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفرًا". بكسر المهملة وسكون الفاء أي خالية، وسنده جيد انتهى.
بسم الله الرحمن الرحيم
سئل السيد العلامة محمد بن عبد الله الرحمن بن سليمان بن يحيى بن عمر بن مقبول الأهدل الزبيدي اليماني رحمه الله تعالى :
هل يسن رفع اليدين بعد الصلوات المكتوبة ؟ وهل ورد من الأحاديث في ذلك ما تقوم به الحجة خصوصا أو عموما؟ بينوا لنا ذلك بيانًا شافيًا جزاكم الله الجنة وأعظم لكم المنة ءامين.
فأجاب بقوله :
اعلم وفقني الله وإياك بأن رفع اليدين في الدعاء -أي دعاء وفي أي وقت كان- بعد الصلوات الخمس أو غيرها دلت عليه الأحاديث خصوصًا وعمومًا. فمن العموم ما أخرجه أبو داود والترمذي وحسنه ابن ماجة وابن حبان في صحيحه والحاكم وقال صحيح على شرط الشيخين من حديث سلمان قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله حيي كريم يستحي إذا رفع الرجل إليه يديه أن يردهما صفر خائبتين". وأخرج الحاكم وقال: صحيح الاسناد من حديث أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله رحيم كريم يستحي من عبده أن يرفع إليه يديه ثم لا يضع فيهما خيرًا". وأخرج أحمد وأبو داود من حديث مالك بن يسار قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا سألتم الله فاسألوه ببطون أكفكم ولا تسألوه بظهورها". وأخرج أيضا من حديث ابن عباس نحوه، وزاد فيه: "فإذا فرغتم فامسحوا بها وجوهكم". وأخرج الترمذي من حديث عمر بن الخطاب قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفع يديه في الدعاء لم يحطهما حتى يمسح بهما وجهه". وقال في فتح الباري في كتاب الدعوات في باب رفع اليدين في الدعاء:
وقد وردت الأخبار في مشروعية الرفع. وقد أخرج أبو داود والترمذي وحسنه وغيرهما من حديث سلمان رفعه: "إن ربكم حيي كريم يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفرًا". بكسر المهملة وسكون الفاء أي خالية، وسنده جيد انتهى.
ومن الخصوص ما رواه الحافظ أبو بكر
أحمد بن اسحاق المعروف بابن السني في كتابه عمل اليوم والليلة، حدثنا أحمد
بن الحسن، حدثنا اسحاق يعقوب بن خالد بن يزيد البالسي، حدثنا عبد العزيز بن
عبد الرحمن القرشي عن خصيف، عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه
وسلم قال: ما من عبد سبسط كفيه في دبر كل صلاة يقول اللهم إلهي وإله
ابراهيم واسحاق ويعقوب وإله جبريل وميكائيل وإسرافيل أسألك أن تستجيب دعوتي
فإني مضطر، وتعصمني في ديني فاني مبتلى، وتنالني برحمتك فإني مذنب، وتنفي
عني الفقر فإني متمسكن، إلا كان حقًا على الله أن لا يرد يديه خائبتين".
وفي إسناده عبد العزيز بن عبد الرحمن، فيه مقال.
وصريح في ميزان الاعتدال وغيره بأنه حديث ضعيف لكنه يعمل به في الفضائل كما سيأتي تحقيق ذلك. وقد صرح الكمال بن الهمام في فتح القدير في كتاب الجنائز بأن الاستحباب يثبت بالحديث الضعيف غير الموضوع انتهى.
ويقويه ما أخرجه الحافظ أبو بكر بن أبي شيبة في مصنفه عن الأسود العامري عن أبيه، قال: "صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الفجر فلما سلم انحرف ورفع يديه ودعا.." الحديث ولا يخفى أن أئمة الحديث ذكروا أن رواية الضعيف توجب الارتفاع من درجة السقوط إلى درجة الاعتبار. وقال الحافظ السيوطي في رسالته المسماة فض الوعاء في أحاديث رفع اليدين في الدعاء، أخرج ابن أبي شيبة قال، حدثنا محمد بن أبي يحيى الأسلمي قال: "رأيت عبد الله بن الزبير ورأى رجلاً رافعًا يديه يدعو قبل أن يفرغ من صلاته، فلما فرغ منها قال له: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يرفع يديه حتى يفرغ من صلاته" رجاله ثقات انتهى "هذا الحديث ترجم له الطبراني بقوله: محمد بن أبي يحيى الأسلمي عن عبد الله بن الزبير".
وصريح في ميزان الاعتدال وغيره بأنه حديث ضعيف لكنه يعمل به في الفضائل كما سيأتي تحقيق ذلك. وقد صرح الكمال بن الهمام في فتح القدير في كتاب الجنائز بأن الاستحباب يثبت بالحديث الضعيف غير الموضوع انتهى.
ويقويه ما أخرجه الحافظ أبو بكر بن أبي شيبة في مصنفه عن الأسود العامري عن أبيه، قال: "صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الفجر فلما سلم انحرف ورفع يديه ودعا.." الحديث ولا يخفى أن أئمة الحديث ذكروا أن رواية الضعيف توجب الارتفاع من درجة السقوط إلى درجة الاعتبار. وقال الحافظ السيوطي في رسالته المسماة فض الوعاء في أحاديث رفع اليدين في الدعاء، أخرج ابن أبي شيبة قال، حدثنا محمد بن أبي يحيى الأسلمي قال: "رأيت عبد الله بن الزبير ورأى رجلاً رافعًا يديه يدعو قبل أن يفرغ من صلاته، فلما فرغ منها قال له: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يرفع يديه حتى يفرغ من صلاته" رجاله ثقات انتهى "هذا الحديث ترجم له الطبراني بقوله: محمد بن أبي يحيى الأسلمي عن عبد الله بن الزبير".
وقال الحافظ ابن حجر في نكته على ابن
الصلاح: إن الترمذي حسن أحاديث فيها ضعفاء، وفيها من رواية المدلسين ومن
كثر غلطه وغير ذلك فكيف يعمل يتحسينه وهو بهذه الصفة. وقد قال الخطيب أجمع
أهل العلم على أن الخبر لا يجب قبوله إلا من العاقل الصدوق المأمون على ما
يخبر به، وقد صرح أبو الحسن بن القطان أحد الحفاظ النقاد من أهل المغرب في
بيان الوهم والإيهام بأن هذا القسم لا يحتج به كله، بل يعمل به في فضائل
الأعمال، ويتوقف عن العمل به في الأحكام إلا إذا كثرت طرقه أو عضده اتصال
عمل أوموافقة شاهد صحيح أو ظاهر القرءان. وهذا حسن قوي ما أظن منصفا يأباه
انتهى.
وقال الإمام النووي في الأربعين:
اتفق العلماء على جواز العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال.
قال العلامة ابراهيم الشبرخيتي المالكي في شرحه قوله: وقد اتفق العلماء إلخ في ذكر الاتفاق نظر، لأن ابن العربي قال: إن الحديث الضعيف لا يعمل به مطلقا. قال المؤلف في الأذكار: وذكر الفقهاء والمحدثون أنه يجوز ويستحب العمل في الفضائل والترغيب والترهيب بالحديث الضعيف ما لم يكن موضوعًا. وأما الأحكام كالحلال والحرام والمعاملات فلا يعمل فيها إلا بالحديث الصحيح أو الحسن إلا أن يكون في احتياط في شيء من ذلك كما إذا ورد حديث ضعيف بكراهة بعض البيوع والأنكحة فإن المستحب أن يتنزه عن ذلك ولكن لا يجب، ومحل كونه لا يعمل بالضعيف في الأحكام ما لم يكن [تلقاه] الناس بالقبول، فإن كان كذلك تعين وصار حجة يعمل به في الأحكام وغيرها كما قال الشافعي.
وقال الإمام النووي في الأربعين:
اتفق العلماء على جواز العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال.
قال العلامة ابراهيم الشبرخيتي المالكي في شرحه قوله: وقد اتفق العلماء إلخ في ذكر الاتفاق نظر، لأن ابن العربي قال: إن الحديث الضعيف لا يعمل به مطلقا. قال المؤلف في الأذكار: وذكر الفقهاء والمحدثون أنه يجوز ويستحب العمل في الفضائل والترغيب والترهيب بالحديث الضعيف ما لم يكن موضوعًا. وأما الأحكام كالحلال والحرام والمعاملات فلا يعمل فيها إلا بالحديث الصحيح أو الحسن إلا أن يكون في احتياط في شيء من ذلك كما إذا ورد حديث ضعيف بكراهة بعض البيوع والأنكحة فإن المستحب أن يتنزه عن ذلك ولكن لا يجب، ومحل كونه لا يعمل بالضعيف في الأحكام ما لم يكن [تلقاه] الناس بالقبول، فإن كان كذلك تعين وصار حجة يعمل به في الأحكام وغيرها كما قال الشافعي.
وقال
ابن حجر المكي في شرحه فتح المبين على الأربعين: أشار المصنف بحكاية
الاتفاق على ما ذكره إلى الرد على ما نازع فيه بأن الفضائل إنما تتلقى من
الشارع فإثباتها بما ذكر اختراع عبادة وشرع في الدين بما لم يأذن به الله،
ووجه رده أن الإجماع لكونه قطعيًا تارة وظنيًا قويًا أخرى، لا يرد بمثل ذلك
لو لم يكن عنه جاب، فكيف وجوابه واضح إذ ليس ذلك من باب الاختراع والشرع
المذكورين، وإنما هو من باب ابتغاء فضيلة ورجائها بأمارة ضعيفة من غير ترتب
مفسدة عليه.
فعرفت من مجموع ما نقلناه من كلام الحفاظ النقاد والفقهاء المحققين الأمجاد: أن الحديث الضعيف يثبت به الاستحباب، وفيما نحن فيه من ذلك وأن عموم الأحاديث المطلقة تقوي ذلك، والله سبحانه وتعالى أعلم.
فعرفت من مجموع ما نقلناه من كلام الحفاظ النقاد والفقهاء المحققين الأمجاد: أن الحديث الضعيف يثبت به الاستحباب، وفيما نحن فيه من ذلك وأن عموم الأحاديث المطلقة تقوي ذلك، والله سبحانه وتعالى أعلم.
.......................................
الكتاب: إتقان الصنعة في تحقيق معنى البدعة
المؤلف: السيد العلامة عبد الله بن الصديق الغماري الحسيني
المؤلف: السيد العلامة عبد الله بن الصديق الغماري الحسيني