بيان حديث حياتى خيرا لكم

بسم الله الرحمن الرحيم 
بيان حديث حياتى خيرا لكم :
عن ابن مسعود أيضا عن النبى صلى الله عليه وسلم قال... {حياتى خير لكم تحدثن ويحدث لكم ووفاتى خير لكم تعرض على أعمالكم فما رأيت من خير حمدت الله وما رأيت من شر استغفرت الله لكم} (رواه البزار بإسناد جوده الحافظ العراقى، وصححه الحافظ الهيثمى والجلال السيوطى والشهاب القسطلانى، ورواه إسماعيل بن إسحاق القاضى فى كتاب الصلاة على النبى صلى الله عليه من حديث بكر بن عبد الله المزنى مرسلا بإسنادين صحح إحداهما الحافظ بن عبد الهادى المقدسى، وله مع هذا طرق كثيرة، وعرض الأعمال عام لجميع المسلمين إلا طائفة من العصاة والمبتدعين سبق القضاء بنفوذ الوعيد فيهم لا تعرض أعمالهم عليه، فإذا دعاهم يوم القيامة إلى حوضه، قيل له: لا تدرى ما أحدثوا من بعدك، فيقول {سحقا لمن بدل بعدى.. سحقا لمن بدل بعدى} كما جاء فى الصحيحين من طرق، وبهذا يتفق الحديثان، ولا يبقى بينهما تعارض البتة، أما ترجيح إحداهما على الأخر مع إمكان الجمع فغير جائز لأنه إلغاء لأحد الدليلين لغير مقتضى، وهو حرامكما نص عليه العلماء)

قوله: {حياتى خير لكم} أى: فيها خيرا لكم، تحدثون ـ بضم التاء وسكون الحاء وكسر الدال ـ أى أمور وأشياء مما لم يكن فيها حكم، ويحدث لكم ـ بضم الياء وفتح الدال المخففة ـ أى يحدث الله لكم من الأحكام بقدر ما حدث منكم مما يقتضى ذلك.

قوله: {ووفاتى خير لكم} أى: فيه خير لكم ثم بين ذلك الخير بقوله {تعرض على أعمالكم} وهذا لفظ عام يشمل عرض الأعمال من جميع الأمة إلا من كان مرتدا أو كافرا، عياذا بالله تعالى، وهذا يستلزم حياته فى قبرة، لأن العرض يقتضى ذلك عقلا، فما رأيت من خير حمدت الله عليه وسررت به، وما رأيت من شرا استغفرت الله لكم، أى: طلبت المغفرة لكم من الله، وفيها تحريض على ترك المعاصى بطريق لطيف، لأن من علم ان عمله يعرض على نبيه، اجتهد أن يسره وألا يحوجه إلى الاسغفار منعمله، وقد ذكرت هذا الحديث بإسناده، وأوردت بعض الطرق المؤيدة له فى كتاب (الرد المحكم المتين) فليراجع.
(ثم أفردته بجزء سميته (نهاية الأمل قى صحة وشرح حديث عرض الأعمال) وهو مطبوع، ولما أطلع عليه شقيقنا الحافظ أبو الفيض- رحمه الله ـ كتب إلى يقول: قلمك فيه مثل قلم الحافظ الذهبى. الكتاب حقوق طبعة لمكتبة القاهرة.)
********

أفضل مقول فى مناقب أفضل رسول صلى الله عليه وسلم
 للإمام الحافظ أبى الفضل عبد الله بن الصديق الغماري