ذكر موازاة الأنبياء في فضائلهم بفضائل نبينا صلى الله عليه وسلم

ذكر موازاة الأنبياء في فضائلهم بفضائل نبينا صلى الله عليه وسلم
ما أوتي نبي معجزة ولا فضيلة إلا ولنبينا صلى الله عليه وسلم نظيرها أو أعظم منها
-------------------------------
آدم عليه السلام:
من ذلك أن الله تعالى خلقه بيده وأسجد له ملائكته وعلمه أسماء كل شيء
بعض العلماء في قوله تعالى {إن الله وملائكته يصلون على النبي} الآية هذا التشريف الذي شرف به النبي صلى الله عليه وسلم أتم وأعم في الإكرام من تشريف آدم عليه السلام حيث أمر الملائكة بالسجود له من وجهين أحدهما أن ذاك وقع وانقطع وتشريفه صلى الله عليه وسلم بالصلاة مستمر أبدا والثاني أن ذاك حصل من الملائكة لا غير وتشريفه صلى الله عليه وسلم بالصلاة حصل من الله والملائكة والمؤمنين.

إدريس عليه الصلاة السلام :
قال تعالى {ورفعناه مكانا عليا} وقد رفع صلى الله عليه وسلم إلى قاب قوسين.

نوح عليه الصلاة والسلام:
آيته التي أوتي إجابة دعوته وإغراق قومه بالطوفان وكم لنبينا صلى الله عليه وسلم من دعوة مجابة منها دعوته على الذين وضعوا السلا على ظهره وقد دعا بالمطر عند القحط فهطلت السماء بدعائه.
وزاد نبينا صلى الله عليه وسلم في نوح بأنه في مدة عشرين سنة آمن به ألوف كثيرة ودخل الناس في دينه أفواجا ونوح أقام في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما فلم يؤمن به إلا دون المائة نفس.
ومما أوتيه نوح عليه السلام تسخير جميع الحيوانات له في السفينة وقد سخرت أنواع الحيوانات لنبينا صلى الله عليه وسلم ونوح كان السبب في نزول الحمى إلى الأرض ونبينا صلى الله عليه وسلم نفى الحمى من المدينة إلى الجحفة.

هود عليه السلام:
أوتي الريح وقد نصر بها صلى الله عليه وسلم كما تقدم في غزوة الخندق قلت وفي غزوة بدر.

صالح عليه السلام :
 أوتي الناقة ونظيرها لنبينا صلى الله عليه وسلم كلام الجمل وطاعته له.

إبراهيم الخليل عليه الصلاة السلام :
أوتي النجاة من النار وقد تقدم نظير ذلك لنبينا صلى الله عليه وسلم في باب الآية في النار.
وأوتي الخلة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن الله اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا فمنزلي ومنزل إبراهيم في الجنة تجاهين والعباس بيننا مؤمن بين خليلين)
وعن كعب بن مالك سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول قبل وفاته بخمس (إن الله اتخذ صاحبكم خليلا)
وعن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (لو كنت متخذا خليلا غير ربي لأتخذت أبا بكر خليلا ولكن صاحبكم خليل الله)
وقد حجب إبراهيم عن نمرود بحجب ثلاث وكذلك حجب نبينا صلى الله عليه وسلم عمن أراد قتله كما قال تعالى {إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا فهي إلى الأذقان فهم مقمحون وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون}
وقال تعالى {وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا}
وقد ناظر إبراهيم نمرود فبهته بالبرهان والحجة كما قال تعالى (فبهت الذي كفر)
وكذلك نبينا صلى الله عليه وسلم أتاه أبي بن خلف يكذب بالبعث بعظم بال ففركه وقال الله {من يحيي العظام وهي رميم}
فأنزل الله تعالى (قل يحييها الذي أنشأها أول مرة) وهذا البرهان الساطع
- وقد كسر إبراهيم أصنام قومه غضبا لله تعالى
ونبينا صلى الله عليه وسلم أشار إلى أصنام قومه وهي ثلاث مائة وستون صنما فتساقطت.
- ومما أوتيه إبراهيم كلام الأكبش وقد تكلم بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم عدة من الحيوانات.
- ومن معجزاته ما أخرجه ابن سعد قال لما هرب إبراهيم من كوثي وخرج من النار ولسانه يومئذ سرياني فلما قبر عبر الفرات غير الله لسانه فقيل عبراني حيث عبر الفرات وبعث نمرود في أثره وقال لا تدعوا احدا يتكلم بالسريانية إلا جئتموني به فلقوا إبراهيم فتكلم بالعبرانية فتركوه ولم يعرفوا لغته وقد تقدم نظير ذلك لنبينا صلى الله عليه وسلم في الرسل الذين أرسلهم إلى الملوك فأصبح كل منهم يتكلم بلغة القوم الذي أرسل إليهم.
- ومن معجزاته ما أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف قال انطلق إبراهيم عليه السلام يمتار فلم يقدر على الطعام فمر بسهلة حمراء فأخذ منها ثم رجع إلى أهله فقالوا ما هذا قال حنطة حمراء ففتحوها فوجدوها حنطة حمراء فكان إذا زرع منها شيء خرج سنبلة من أصلها إلى فروعها حبا متراكما وقد تقدم نظير ذلك لنبينا صلى الله عليه وسلم في السقاء الذي زوده لأصحابه وملأه ماء ففتحوه فإذا لبن وزبد

إسماعيل عليه السلام :
- أوتي الصبر على الذبح
- وقد تقدم في باب شق الصدر أن ذلك نظيره بل أبلغ منه لأنه وقع حقيقة والذبح لم يقع
- وأوتي الفداء من الذبح وكذلك عبد الله أبو النبي صلى الله عليه وسلم
- وأوتي زمزم وكذلك عبد المطلب جد النبي صلى الله عليه وسلم
- وأوتي العربية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ألهم إسماعيل هذا اللسان العربي إلهاما)
وعن عمر أنه قال يا رسول الله مالك أفصحنا ولم تخرج من بين أظهارنا قال (كانت لغة إسماعيل درست فجاء بها جبريل فحفظنيها).

يعقوب عليه السلام :
- لما أتى يعقوب عليه السلام فقيل له إن يوسف أكله الذئب دعا الذئب وكلمه
وقد أوتي نبينا صلى الله عليه وسلم كلام الذئب.
- ومما اعطيه يعقوب عليه الصلاة والسلام أنه ابتلى بفراق ولده فصبر حتى يكون حرضا من الحزن
ونبينا صلى الله عليه وسلم فجع بولده ولم يكن له من البنين غيره فرضي واستسلم ففاق صبره صبر يعقوب.

يوسف عليه الصلاة السلام :
أعطي يوسف من الحسن ما فاق به الأنبياء والمرسلين بل والخلق أجمعين .
ونبينا صلى الله عليه وسلم أوتي من الجمال ما لم يؤته أحد
ولم يؤت يوسف إلا شطر الحسن
وأوتي نبينا صلى الله عليه وسلم جميعه .
ويوسف أبتلي بفراقه عن أبويه وغربته عن وطنه
ونبينا صلى الله عليه وسلم فارق الأهل والعشيرة والأحبة والوطن مهاجرا إلى الله تعالى .

موسى عليه الصلاة والسلام:
أوتي نبع الماء من الحجر
وقد وقع ذلك لنبينا صلى الله عليه وسلم وزاد بنبعه من بين ألأصابع الشريفة
وهو أعجب فإن نبعه من الحجر متعارف معهود وأما من بين اللحم والدم فلم يعهد
وأوتي تظليل الغمام وقد تقدم ذلك لنبينا صلى الله عليه وسلم في عدة أحاديث .
وأوتي العصا ونظيرها لنبينا صلى الله عليه وسلم حنين الجذع ونظيرها في قلبها ثعبانا قصة الفحل الذي رآه أبو جهل
وأوتي اليد ونظيرها النور الذي جعله آية للطفيل فصار في وجهه ثم خاف أن يكون مثله فتحول إلى سوطه .
وأوتي انفلاق البحر وقد تقدم نظيره في باب الإسراء أن البحر الذي بين السماء والأرض انفلق له حتى جاوزه وجعل أبو نعيم نظير هذا ما تقدم في باب إحياء الموتى في قصة العلاء ابن الحضرمي .
وأوتي المن والسلوى ونظيره إحلال الغنائم وإشباع الجم الغفير من الطعام اليسير.
ودعا موسى على قومه بالطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم ونظيره دعاؤه صلى الله عليه وسلم على قومه بالسنين .
وقال موسى لربه { وعجلت إليك رب لترضى }
وقال الله تعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم { ولسوف يعطيك ربك فترضى } { فلنولينك قبلة ترضاها }
وقال تعالى لموسى ( وألقيت عليك محبة مني )
وقال في حق محمد صلى الله عليه وسلم ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله )

يوشع عليه السلام:
أوتي حبس الشمس حين قاتل الجبارين
وقد حبست لنبينا صلى الله عليه وسلم كما تقدم في الإسراء
وأعجب من ذلك رد الشمس حين فات عصر علي رضي الله عنه .

داود عليه الصلاة والسلام:
قال أبو نعيم أوتي تسبيح الجبال
ونظير ذلك لنبينا صلى الله عليه وسلم تسبيح الحصى والطعام .
وأوتي تسخير الطير وقد تقدم تسخير سائر الحيوانات له صلى الله عليه وسلم
وأوتي الإنة الحديد وقد لينت الحجارلنبينا صلى الله عليه وسلم وصم الصخور واستتر من المشركين يوم أحد مال برأسه إلى الجبل ليخفي شخصه عنهم فلين الله له الجبل حتى أدخل فيه رأسه وذلك ظاهر باق يراه الناس وكذلك في بعض شعاب مكة حجر أصم إستروح إليه في صلاته صلى الله عليه وسلم في صلاته فلان له الحجر حتى أثر فيه بذراعيه وساعديه وذلك مشهور وهذا أعجب لأن الحديد تلينه النار ولن تر النار تلين الحجر .
وأوتي داود نسج العنكبوت على الغار ووقع ذلك لنبينا صلى الله عليه وسلم كما تقدم في الهجرة.

سليمان عليه الصلاة السلام:
أوتي ملكا عظيما وقد أعطي نبينا صلى الله عليه وسلم ما هو أعظم من ذلك مفاتيح خزائن الأرض
وأوتي سليمان الريح تسير به غدوها شهر ورواحها شهر وقد أعطي نبينا صلى الله عليه وسلم ما هو أعظم من ذلك البراق سار به مسيرة خمسين ألف سنة في أقل من ثلث ليلة فدخل السموات سماء سماء وأري عجائبها ووقف على الجنة والنار
وسخرت لسليمان الجن وكانت تعتاص عليه حتى يصفدها ويعذبها ونبينا صلى الله عليه وسلم أتته وفود الجن طائعة مؤمنة وسخر له الشياطين والمردة منهم حتى هم أن يربط الشيطان الذي اخذه بسارية المسجد وقد تقدم ذلك في غير ما قصة
وعلم سليمان منطق الطير وأعطي نبينا صلى الله عليه وسلم فهم كلام جميع الحيوانات وزيادة كلام الشجر والحجر والعصا وقد تقدم كل ذلك

يحيى بن زكريا عليهما الصلاة والسلام:
أوتي الحكم صبيا وكان يبكي من غير ذنب وكان يواصل الصوم وأعطي نبينا صلى الله عليه وسلم أفضل من هذا فأن يحي لم يكن في عصر الأوثان والأصنام والجاهلية ونبينا صلى الله عليه وسلم كان في عصر أوثان وجاهلية ومع ذلك أوتي الفهم والحكم صبيا بين عبدة الأوثان وحزب الشيطان فما رغب لهم في صنم قط ولا شهد معهم عيدا ولم يسمع منه قط كذب ولا عرفت له صبوة وكان يواصل الأسبوع صوما ويقول إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني وكان يبكي حتى يسمع لصدره أزيز كأزيز المرجل
قال فإن قيل كان يحيى حصورا والحصور الذي لا يأتي النساء قيل نبينا صلى الله عليه وسلم بعث رسولا إلى الخلق كافة فأمر بالنكاح ليقتدي به الخلق جميعا فيه لما جبلت عليه النفوس من التوقان إليه.

عيسى عليه الصلاة والسلام:
قال تعالى { ورسولا إلى بني إسرائيل أني قد جئتكم بآية من ربكم أني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله وأبرئ الأكمه والأبرص وأحيي الموتى بإذن الله وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم } وقد تقدم نظير ذلك لنبينا صلى الله عليه وسلم في باب إحياء الموتى وباب إبراء المرضى وذوي العاهات وفي غزوة بدر وأحد رد عين قتادة وفي غزوة خيبر تفله في عيني علي.
وفي أبواب أخباره بالمغيبات ونظير خلق الطين طيرا جعل العسيب سيفا من حديد كما تقدم في غزوة بدر .
وقال تعالى { إذ قال الحواريون يا عيسى ابن مريم هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء} الآية وقد تقدم نظير ذلك لنبينا صلى الله عليه وسلم أنه أتي بطعام من السماء في عدة أحاديث
وقال تعالى { ويكلم الناس في المهد} وقد تقدم ذلك لنبينا صلى الله عليه وسلم في باب عقب ولادته
وأخرج الحاكم عن ابن مسعود قال لما ولد عيسى لم يبقى في الأرض صنم إلا خر لوجهه وقد تقدم في باب ولادة نبينا صلى الله عليه وسلم نظير ذلك
وأوتي عيسى الرفع إلى السماء وقد وقع ذلك لجماعة من أمة نبينا صلى الله عليه وسلم منهم عامر بن فهيرة وخبيب والعلاء ابن الحضرمي كما تقدم في أبواب .


انتهى من كتاب الخصائص الكبرى للسيوطى - بتصرف كثير