الأجوبة الخفيفة فى علم التوحيد - سؤال وجواب
الشيخ عبد الله التليدي
أولا - الإلهيات
س ـ ما هو علم التوحيد؟
ج ـ هو علم يبحث فيه عن ذات الباري جل وعلا من حيث إثبات صفات الكمال له ونفي ما عداها عنه, ويبحث عن ذات رسله من حيث ما يجب في حقهم وما يستحيل وما يجوز.
س ـ ما أقسامه؟
ج ـ ينقسم كما ذكرنا من حيث موضوع بحثه إلي قسمين
إلهيات: خاصة به تبارك وتعالي
وونبويات: خاصة برسله عليهم الصلاة والسلام.
وينقسم من حيث أدلته إلي:
عقليات: ما ثبت بطريق العقل
وسمعيات: ما ثبت بطريق السمع من أخبار من يقطع بصحبة خبره كالكتب السماوية والأنبياء.
س ــ ما هو ما يختص بالعقل وما يختص بالنقل؟
ج ــ اما المختص بالعقل فهو الإلهيات إلا السمع والبصر والكلام فدليلهم سمعي أكثر من عقلي, والمختص بالسمع النبويات وغيرها.
س ــ كم قسم يتصور العقل وما كل قسم؟
ج ــ يتصور بإجماع العقلاء ثلاثة أقسام:
واجباً, وجائزاً, ومستحيلا,
فالواجب العقلي هو الذي متى تصوره العقل استحال عنده عدمه كوجوب الحركة أو السكون لأي جرم, والمستحيل هو الذي متى تصوره العقل استحال عنده وجود كخلو الجرم عن السكون أو الحركة,
والجائز هو الذي متى تصوره العقل جاز عنده الأمران الوجود والعدم علي سواء كوجود هذا العالم فهو جائز في نفسه.
س ــ ما هو الواجب في حق الله تبارك وتعالي؟
ج ــ يجب في حقه جل شأنه:
عشرون صفة تفصيلا
وكل كمال إجمالا
وهي: الوجود, والقدم, والبقاء, والمخالفة الحوادث, وقيامه تعالي بنفسه, والوحدانية, والقدرة, والإرادة, والعلم, والحياة, والسمع, والبصر, والكلام, وكونه تعالي قادراً, عالماً, مريداً, سميعاً, بصيراً, متكلما.
س ـ ما معني الوجود وبأي شيء يتعلق وما الدليل علي وجود الله سبحانه وتعالي؟
ج ـ أما الوجود فهو بالتعارف كون الموجود ليس في حيز العدم ولا من مشتملاته أو هو الواجب للذات ما دامت الذات غير معللة بعلة ويصح لمن قام به أن يتصف بالصفات الوجود وهي نفسية فقط, وأما تعلقه فبالذات المتصفة به فقط والدليل علي وجوده أنه لو لم يكن موجوداً لكان معدوما (إذ لا وساطة بينهما) ولو كان معدوماً للزم أن لا يوجد شيء من الحوادث (لا ستحالة صنعة بلا صانع) وعدم وجود شيء من الحوادث محال (لما يري بالمشاهدة) فبطل ما أدي إليه ذلك وهو العدم وثبت الوجود, فالله موجوداً أو يقال, العالم صنعة, وكل صنعة لا بد لها من صانع فالعالم لابد له من صانع والصانع لابد من وجوده (لاستحالة فعل المعدوم) فصانع العالم لابد من وجوده وهو الله تعالي فالله موجود.
س- ما هو القدم وبأي شيء يتعلق وما الدليل علي ذلك؟
ج- القدم هو عدم افتتاح الوجود أو وجود غير مسبوق بعدم ولا تعلق له, والدليل علي قدمه أنه لو لم يكن قديماً لكان حادثاً (إذ لا وساطة بينهما) ولو كان حادثاً لاحتاج إلي محدث (للزوم كل حادث إلي محدث ضرورة) ولو احتاج إلي محدث لاحتاج محدثة إلي محدث (للزوم المماثلة) ولو احتاج هذا إلي محدث لزو أحد أمرين ممنوعين الدور إن توقف كل علي الآخر, والتسلسل إن امتدت الحوادث, فما أدي إليها وهو احتاجه إلي محدث باطل فما أدي إليه وهو حدوثه باطل أيضاً, فثبت نقيضه وهو المطلوب فثبت أن الله قديم.
س- ما هو البقاء وبأي شيء يتعلق وما الدليل عليه؟
ج- البقاء عدم اختتام الوجود أو وجود غير ملحق بعدم, ولا تعلق له إلا بالذات المتصفة به, والدليل عليه أنه لو لم يجب له البقاء لجاز لحوق العدم له: لكن جواز اللحوق له محال فبطل ما أدي إليه وهو عدم بقائه فثبت وجوب البقاء له تعالي (لأنه لو أمكن أن يلحقه لعدم لا نتفي عنه القدم لكن انتقاء القدم عنه محال فلا يمكن أن يلحقه العدم لما سبق في دليل القدم) والقاعدة العقلية الكلية المتفق عليها عقلا (أن كل من وجب قدمه استحال عدمه).
س- ما هي المخالفة للحوادث وبأي شيء تتعلق وما دليلها؟
ج- المخالفة للحوادث هي عدم مماثلته تعالي لها في الجرمية, والعرضية, والكلية والجزئية: وتتعلق بالذات أيضاً ودليلها أنه لو لم يكن مخالفاً لها لكان مماثلا لكن كونه مماثلا محال (لأنه لو ماثل شيئاً منها لكان حادثا مثلها لكن كونه حادثا محال فما أدي إليه وهو مماثلته للحوادث محال) فثبت أنه مخالف للحوادث.
س- ما هو قيام مولانا عز وجل بنفسه وبأي شيء يتعلق وما الدليل عليه؟
ج- قيامه تعالي بنفسه هو عدم افتقاره تعالي إلي محل ولا مخصص (فالموجودات بالنسبة إلي المحل والمخصص أربعة أقسام, قسم لا يفتقر إليها وهي ذات مولانا جل وعلا, وقسم يفتقر إليهما وهو أعراض الحوادث وقسم لا يفتقر إلي المحل ويفتقر إلي المخصص وهو ذات الحوادث وقسم يقوم بالمحل ولا يفتقر إلي مخصص وهو صفات الله تعالي).
وأما برهان عدم احتياجه إلي المحل فلأنه لو لم يكن قائما بنفسه أي مستغنيا عن المحل لاحتاج إلي محل يقوم به لكن احتياجه إلي محل محال لأنه لو احتاج إلي محل لكان صفة لكن كونه صفة محال لعدم اتصاف الصفة بصفات المعاني ولا المعنوية, ومولانا جل وعز يجب اتصافه بها فبطل احتياجه إلي محل فبطل ما أدي إليه وهو كونه صفة وثبت أنه قائم بنفسه بمعني أنه مستغن عن المحل.
وأما برهان عدم احتياجه إلي مخصص فلأنه لو لم يكن قائما بنفسه أي مستغنيا عن لاحتاج إلي مخصص لكن احتياجه إلي مخصص محال لأنه لو احتاج إلي مخصص لكان حادثا لكن كونه حادثا محال, كيف وقد قام البرهان علي وجوب قدمه تعالي وبقائه فبطل احتياجه إلي مخصص وثبت نقيضه وهو قيامه تعالي بنفسه, أي غير مفتقر إلي مخصص.
س- ما هي الوحدانية وبأي شيء تتعلق وما دليلها؟
ج- الوحدانية ثلاثة أقسام, وحدانية في الذات وهي عدم التركيب فيها والتعدد, ووحدانية في الصفات وهي عدم تعدد الصفات للذات الأقدس من جنس واحد, ووحدانية في الأفعال وهي عدم ثبوت فعل لغيره تعالي وعدم مشاركة غيره له تعالي في فعل ولا تعلق لها إلا بالذات.
وأما برهان وجوب الوحدانية له تعالي فلأنه لو لم يكن واحداً للزم عدم وجود شيء من العالم لكن عدم وجود شيء من العالم باطل بالمشاهدة فبطل ما أدي إليه وهو عدم كونه واحداً, وإذا بطل ذلك ثبت نقيضه وهو المطلوب (وتفضيله).
ولو كان هناك إلآهان مثلا لأمكن اختلافهما كما أمكن اتفاقهما وذلك بأن يريد أحدهما وجود شيء والآخر عدمه وحينئذ يلزم عجزهما لأنه لا يمكن أن ينفذ مرادهما معاً لأنه يلزم اجتماع النقيضين, ولأنه لو نفذ مراد أحدهما دون الآخر للزم عجز الذي لم ينفذ مراده وهو مثله فيلزم عجزه أيضاً - ومتى أدي اتفاقهما أو اختلافهما إلي محال وجب إتصاف الله سبحانه وتعالي بالوحدانية فالله واحد.
س- ما هي القدرة وكم تعلق لها وما دليلها؟
ج- هي صفة وجودية قائمة بذاته تعالي يتأتي بها إيجاد كل ممكن وإعدامه, ولها تعلقان, تعلق صلوحى (أي صلاحيتها) قديم وهو صلاحيتها في الأزل للإيجاد والإعدام, وتنجيزي حادث وهو تعلقها بالممكنات إيجاداً وإعداماً بالفعل, والدليل علي أنه سبحانه وتعالي قادرا أنه لو لم يكن قادرا لكان عاجزا ولو كان عاجزاً لما وجد شيء من العالم البديع الصنع, لكنه قد وجد فبطل كونه عاجزاً وثبت أنه قادر.
س- ما هي الإرادة وكم تعلق لها وما دليلها؟
ج- الإرادة هي صفة وجودية قائمة بذاته تعالي تخصص الممكن ببعض ما يجوز عليه ولها تعلقان, صلوحي (أي صلاحيتها) قديم وهو صلاحيتها أزلا لتخصيص الممكن بكل ما تجوز عليه, وتنجيزى قديم وهو تخصيص الممكن ببعض ما يجوز عليه وتعلق الإرادة والقدرة لا يكون إلا بالممكن فقط, إذ لو تعلقت الإرادة بالواجب للزوم تحصيل الحاصل ـ ولو تعلقت بالمستحيل للزوم قلبه إلي ممكن أو واجب وذلك واضح البطلان.
والدليل علي إرادته أنه لو لم يكن مريداً لكان مكرهاً والمكره لا ينشأ عنه شيء بالاختيار لعدم قدرته, كيف وقد تقدم دليل أنه قادر إذ القدرة لا تعقل بلا إرادة فثبت أنه مريد.
س- ما هو العلم وكم تعلقاته وما دليله؟
ج- العلم صفة وجودية قائمة بذاته تعالي تعلق بالشيء علي وجه لإحاطة علما علي ما هو به دون سبق خفاء, وله تعلق واحد وهو التنجيزي القديم ويتعلق بجميع الواجبات والجائزات والمستحيلات.
ودليه أنه لو لم يكن عالما لكان جاهلا فلا يكون مريداً لأنه لا يعقل إرادة مع جهل فثبت أنه عالم.
س- ما هي الحياة وبأي شيء تتعلق وما الدليل علي ذلك؟
ج- الحياة هي صفة وجودية تصحح الإدراك لمن قامت به وهي لا تتعلق بشيء والدليل علي ذلك أنه لو لم يكن حياً لكان ميتاً والميت لا يكون مصدر أفعال في ملك وملكوت عظيمين وهو المصدر الوحيد جل شأنه, فبطل موته وثبت ضده وهو الحياة.
س- ما هو السمع وبأي شيء يتعلق وما الدليل عليه؟
ج- السمع هو صفة وجودية قائمة بذاته تعالي تتعلق بكل موجود علي وجه سماعه ومن التعريف يفهم التعلق والدليل علي ذلك قوله تعالي (والله سميع بصير) وأيضاً لو لم يتصف بالسمع لا تصف بالبكم وهو نقص والله محال عليه بالإجماع كل نقص فثبت أنه سميع.
س- ما هو البصر وبأي شيء يتعلق وما الدليل علي ذلك؟
ج-البصر هو صفة وجودية بذاته تعالي تتعلق بجميع الموجودات علي وجه إبصارها ومنه يعلم التعلق والدليل علي ذلك قوله تعالي: (والله بصير بما يعملون وأنه هو السميع البصير) وأيضاً لو لم يكن بصيرا لكان أعمي وكونه أعمي محال لأنه نقص والله منزه عن كل نقص بإجماع العقلاء. فبطل ما أدي إليه وثبت أنه بصير.
س- ما هو الكلام وبأي شيء يتعلق وما الدليل علي ذلك؟
ج- الكلام هو صفة وجودية قائمة بذاته تعالي منزهة عن التقدم والتأخر واللحن والإعراب والصحة والإعلال وغير ذلك وتتعلق بجميع الواجبات والجائزات والمستحيلات تعلق دلالة فإن تعلقت بالأمر كانت أمرا. وإن تعلقت بالنهي كانت نهيا وإن تعلقت بالوعد كانت وعدا وإن تعلقت بالوعيد كانت وعيدا ولها تعلق واحد وهو التنجيزي القديم إلا الأمر والنهي فلهما التنجيزي الحادث عند وجود المكلفين. والدليل علي ذلك قوله تعالي (وكلم الله موسي تكليما) (وكلمه ربه) وأيضاً لو لم يكن متكلما لكان أبكما والبكم محال عليه جل شأنه لما فيه من النقص فما أدي إليه محال فثبت أنه متكلم.
س- كيف تقول إن كلام الله ليس بحرف ولا صوت مع أنا نقرؤه بحروف وأصوات معربة ومكتوب بين دفتي المصحف؟
ج- اعلم أن الله جل شأنه لما أراد تكليف العباد بالخضوع لكبريائه ومجده, وكان المتعارف بينهم الذي يتفاهمون به هو الحروف والأصوات, أنزل علي سيدنا ومولانا محمد صلى الله عليه وسلم كلامه وهو المكتوب في المصاحف معنا, هي صفة الله القديمة فمثلا إذا سمعت قوله تعالي (ولا تقربوا الزنا) فهمت منه النهي عن قربان الزنا فقامت عليك الحجة بما فهمت من الكلام, ولو أزيل عنك الحجاب لفهمت من الصفة القديمة هذا المعني وهذا من لطف الله بعبيده حيث كلفهم بما يفهمون.
س- هل تعرف إذا صفات المعاني بالنظر إلي تعلقاتها؟
ج- نعم بالنظر إلي تعلقاتها أربعة أقسام, منها مالا يتعلق أصلا وهي الحياة, ومنها ما يتعلق تأثير وهي القدرة والإرادة علي المختار, ومنها ما يتعلق تعلق انكشاف وهي العلم والسمع والبصر, كل بحسب تعلقه كما تقدم, ومنها ما يتعلق تعلق دلالة وهي الكلام.
س- ما هو المستحيل علي الباري جل شأنه؟
ح- يستحيل علي الله أضداد الصفات العشرين السابقين وهي: العدم والحدوث, وطرو العدم, والمماثلة للحوادث في أنواعها العشرة وهي: الجرم, والعرض, وكونه في جهة, وكونه هو له جهة, والمكان والزمان, وكونه محلا للحوادث, والصغر والكبر, والأغراض في الأفعال والأحكام ـ ويستحيل عليه عدم قيامه بنفسه بأن يقوم بمحل, أو يحتاج إلي مخصص, ويستحيل عليه تعالي عدم كونه واحدا, وذلك يتضمن الكموم؟؟ الستة. المتصل والمنفصل ذاتا وصفاتا وأفعالا ويستحيل عليه تعالي العجز عن أي ممكن كان, وإيجاد شيء من الحوادث مع كراهته لوجوده أو مع الذهول أو الغفلة أو بالتعليل أو بالطبع. وكذا يستحيل عليه تعالي الجهل والنوم أو النسيان عن أي معلوم كان, والموت والعمى والبكم والصمم, وما بقي من المعنوية معلوم من ذلك, وعلي العموم يستحيل علي الله كل نقص ويجب له كل كمال.
س- ما هو الجائز في حق مولانا جل وعلا وما الدليل علي ذلك؟
ج- الجائز في حقه تعالي فعل كل ممكن أو تركه ومن ذلك وجود هذا العالم وإرسال الرسل وغير ذلك مما ينطبق عليه حد الممكن, ودليله أنه لو وجب عليه شيء منها عقلا, أو استحال عقلا لا نقلب الممكن واجبا أو مستحيلا لكن التالي باطل فبطل المقدم فثبت أن الله يجوز في حقه فعل كل ممكن أو تركه وفي هذا القدر كفاية لمن أراد أن يتذكر من القاصرين أمثالي والله حسبي وعليه أتوكل.
الشيخ عبد الله التليدي
أولا - الإلهيات
س ـ ما هو علم التوحيد؟
ج ـ هو علم يبحث فيه عن ذات الباري جل وعلا من حيث إثبات صفات الكمال له ونفي ما عداها عنه, ويبحث عن ذات رسله من حيث ما يجب في حقهم وما يستحيل وما يجوز.
س ـ ما أقسامه؟
ج ـ ينقسم كما ذكرنا من حيث موضوع بحثه إلي قسمين
إلهيات: خاصة به تبارك وتعالي
وونبويات: خاصة برسله عليهم الصلاة والسلام.
وينقسم من حيث أدلته إلي:
عقليات: ما ثبت بطريق العقل
وسمعيات: ما ثبت بطريق السمع من أخبار من يقطع بصحبة خبره كالكتب السماوية والأنبياء.
س ــ ما هو ما يختص بالعقل وما يختص بالنقل؟
ج ــ اما المختص بالعقل فهو الإلهيات إلا السمع والبصر والكلام فدليلهم سمعي أكثر من عقلي, والمختص بالسمع النبويات وغيرها.
س ــ كم قسم يتصور العقل وما كل قسم؟
ج ــ يتصور بإجماع العقلاء ثلاثة أقسام:
واجباً, وجائزاً, ومستحيلا,
فالواجب العقلي هو الذي متى تصوره العقل استحال عنده عدمه كوجوب الحركة أو السكون لأي جرم, والمستحيل هو الذي متى تصوره العقل استحال عنده وجود كخلو الجرم عن السكون أو الحركة,
والجائز هو الذي متى تصوره العقل جاز عنده الأمران الوجود والعدم علي سواء كوجود هذا العالم فهو جائز في نفسه.
س ــ ما هو الواجب في حق الله تبارك وتعالي؟
ج ــ يجب في حقه جل شأنه:
عشرون صفة تفصيلا
وكل كمال إجمالا
وهي: الوجود, والقدم, والبقاء, والمخالفة الحوادث, وقيامه تعالي بنفسه, والوحدانية, والقدرة, والإرادة, والعلم, والحياة, والسمع, والبصر, والكلام, وكونه تعالي قادراً, عالماً, مريداً, سميعاً, بصيراً, متكلما.
س ـ ما معني الوجود وبأي شيء يتعلق وما الدليل علي وجود الله سبحانه وتعالي؟
ج ـ أما الوجود فهو بالتعارف كون الموجود ليس في حيز العدم ولا من مشتملاته أو هو الواجب للذات ما دامت الذات غير معللة بعلة ويصح لمن قام به أن يتصف بالصفات الوجود وهي نفسية فقط, وأما تعلقه فبالذات المتصفة به فقط والدليل علي وجوده أنه لو لم يكن موجوداً لكان معدوما (إذ لا وساطة بينهما) ولو كان معدوماً للزم أن لا يوجد شيء من الحوادث (لا ستحالة صنعة بلا صانع) وعدم وجود شيء من الحوادث محال (لما يري بالمشاهدة) فبطل ما أدي إليه ذلك وهو العدم وثبت الوجود, فالله موجوداً أو يقال, العالم صنعة, وكل صنعة لا بد لها من صانع فالعالم لابد له من صانع والصانع لابد من وجوده (لاستحالة فعل المعدوم) فصانع العالم لابد من وجوده وهو الله تعالي فالله موجود.
س- ما هو القدم وبأي شيء يتعلق وما الدليل علي ذلك؟
ج- القدم هو عدم افتتاح الوجود أو وجود غير مسبوق بعدم ولا تعلق له, والدليل علي قدمه أنه لو لم يكن قديماً لكان حادثاً (إذ لا وساطة بينهما) ولو كان حادثاً لاحتاج إلي محدث (للزوم كل حادث إلي محدث ضرورة) ولو احتاج إلي محدث لاحتاج محدثة إلي محدث (للزوم المماثلة) ولو احتاج هذا إلي محدث لزو أحد أمرين ممنوعين الدور إن توقف كل علي الآخر, والتسلسل إن امتدت الحوادث, فما أدي إليها وهو احتاجه إلي محدث باطل فما أدي إليه وهو حدوثه باطل أيضاً, فثبت نقيضه وهو المطلوب فثبت أن الله قديم.
س- ما هو البقاء وبأي شيء يتعلق وما الدليل عليه؟
ج- البقاء عدم اختتام الوجود أو وجود غير ملحق بعدم, ولا تعلق له إلا بالذات المتصفة به, والدليل عليه أنه لو لم يجب له البقاء لجاز لحوق العدم له: لكن جواز اللحوق له محال فبطل ما أدي إليه وهو عدم بقائه فثبت وجوب البقاء له تعالي (لأنه لو أمكن أن يلحقه لعدم لا نتفي عنه القدم لكن انتقاء القدم عنه محال فلا يمكن أن يلحقه العدم لما سبق في دليل القدم) والقاعدة العقلية الكلية المتفق عليها عقلا (أن كل من وجب قدمه استحال عدمه).
س- ما هي المخالفة للحوادث وبأي شيء تتعلق وما دليلها؟
ج- المخالفة للحوادث هي عدم مماثلته تعالي لها في الجرمية, والعرضية, والكلية والجزئية: وتتعلق بالذات أيضاً ودليلها أنه لو لم يكن مخالفاً لها لكان مماثلا لكن كونه مماثلا محال (لأنه لو ماثل شيئاً منها لكان حادثا مثلها لكن كونه حادثا محال فما أدي إليه وهو مماثلته للحوادث محال) فثبت أنه مخالف للحوادث.
س- ما هو قيام مولانا عز وجل بنفسه وبأي شيء يتعلق وما الدليل عليه؟
ج- قيامه تعالي بنفسه هو عدم افتقاره تعالي إلي محل ولا مخصص (فالموجودات بالنسبة إلي المحل والمخصص أربعة أقسام, قسم لا يفتقر إليها وهي ذات مولانا جل وعلا, وقسم يفتقر إليهما وهو أعراض الحوادث وقسم لا يفتقر إلي المحل ويفتقر إلي المخصص وهو ذات الحوادث وقسم يقوم بالمحل ولا يفتقر إلي مخصص وهو صفات الله تعالي).
وأما برهان عدم احتياجه إلي المحل فلأنه لو لم يكن قائما بنفسه أي مستغنيا عن المحل لاحتاج إلي محل يقوم به لكن احتياجه إلي محل محال لأنه لو احتاج إلي محل لكان صفة لكن كونه صفة محال لعدم اتصاف الصفة بصفات المعاني ولا المعنوية, ومولانا جل وعز يجب اتصافه بها فبطل احتياجه إلي محل فبطل ما أدي إليه وهو كونه صفة وثبت أنه قائم بنفسه بمعني أنه مستغن عن المحل.
وأما برهان عدم احتياجه إلي مخصص فلأنه لو لم يكن قائما بنفسه أي مستغنيا عن لاحتاج إلي مخصص لكن احتياجه إلي مخصص محال لأنه لو احتاج إلي مخصص لكان حادثا لكن كونه حادثا محال, كيف وقد قام البرهان علي وجوب قدمه تعالي وبقائه فبطل احتياجه إلي مخصص وثبت نقيضه وهو قيامه تعالي بنفسه, أي غير مفتقر إلي مخصص.
س- ما هي الوحدانية وبأي شيء تتعلق وما دليلها؟
ج- الوحدانية ثلاثة أقسام, وحدانية في الذات وهي عدم التركيب فيها والتعدد, ووحدانية في الصفات وهي عدم تعدد الصفات للذات الأقدس من جنس واحد, ووحدانية في الأفعال وهي عدم ثبوت فعل لغيره تعالي وعدم مشاركة غيره له تعالي في فعل ولا تعلق لها إلا بالذات.
وأما برهان وجوب الوحدانية له تعالي فلأنه لو لم يكن واحداً للزم عدم وجود شيء من العالم لكن عدم وجود شيء من العالم باطل بالمشاهدة فبطل ما أدي إليه وهو عدم كونه واحداً, وإذا بطل ذلك ثبت نقيضه وهو المطلوب (وتفضيله).
ولو كان هناك إلآهان مثلا لأمكن اختلافهما كما أمكن اتفاقهما وذلك بأن يريد أحدهما وجود شيء والآخر عدمه وحينئذ يلزم عجزهما لأنه لا يمكن أن ينفذ مرادهما معاً لأنه يلزم اجتماع النقيضين, ولأنه لو نفذ مراد أحدهما دون الآخر للزم عجز الذي لم ينفذ مراده وهو مثله فيلزم عجزه أيضاً - ومتى أدي اتفاقهما أو اختلافهما إلي محال وجب إتصاف الله سبحانه وتعالي بالوحدانية فالله واحد.
س- ما هي القدرة وكم تعلق لها وما دليلها؟
ج- هي صفة وجودية قائمة بذاته تعالي يتأتي بها إيجاد كل ممكن وإعدامه, ولها تعلقان, تعلق صلوحى (أي صلاحيتها) قديم وهو صلاحيتها في الأزل للإيجاد والإعدام, وتنجيزي حادث وهو تعلقها بالممكنات إيجاداً وإعداماً بالفعل, والدليل علي أنه سبحانه وتعالي قادرا أنه لو لم يكن قادرا لكان عاجزا ولو كان عاجزاً لما وجد شيء من العالم البديع الصنع, لكنه قد وجد فبطل كونه عاجزاً وثبت أنه قادر.
س- ما هي الإرادة وكم تعلق لها وما دليلها؟
ج- الإرادة هي صفة وجودية قائمة بذاته تعالي تخصص الممكن ببعض ما يجوز عليه ولها تعلقان, صلوحي (أي صلاحيتها) قديم وهو صلاحيتها أزلا لتخصيص الممكن بكل ما تجوز عليه, وتنجيزى قديم وهو تخصيص الممكن ببعض ما يجوز عليه وتعلق الإرادة والقدرة لا يكون إلا بالممكن فقط, إذ لو تعلقت الإرادة بالواجب للزوم تحصيل الحاصل ـ ولو تعلقت بالمستحيل للزوم قلبه إلي ممكن أو واجب وذلك واضح البطلان.
والدليل علي إرادته أنه لو لم يكن مريداً لكان مكرهاً والمكره لا ينشأ عنه شيء بالاختيار لعدم قدرته, كيف وقد تقدم دليل أنه قادر إذ القدرة لا تعقل بلا إرادة فثبت أنه مريد.
س- ما هو العلم وكم تعلقاته وما دليله؟
ج- العلم صفة وجودية قائمة بذاته تعالي تعلق بالشيء علي وجه لإحاطة علما علي ما هو به دون سبق خفاء, وله تعلق واحد وهو التنجيزي القديم ويتعلق بجميع الواجبات والجائزات والمستحيلات.
ودليه أنه لو لم يكن عالما لكان جاهلا فلا يكون مريداً لأنه لا يعقل إرادة مع جهل فثبت أنه عالم.
س- ما هي الحياة وبأي شيء تتعلق وما الدليل علي ذلك؟
ج- الحياة هي صفة وجودية تصحح الإدراك لمن قامت به وهي لا تتعلق بشيء والدليل علي ذلك أنه لو لم يكن حياً لكان ميتاً والميت لا يكون مصدر أفعال في ملك وملكوت عظيمين وهو المصدر الوحيد جل شأنه, فبطل موته وثبت ضده وهو الحياة.
س- ما هو السمع وبأي شيء يتعلق وما الدليل عليه؟
ج- السمع هو صفة وجودية قائمة بذاته تعالي تتعلق بكل موجود علي وجه سماعه ومن التعريف يفهم التعلق والدليل علي ذلك قوله تعالي (والله سميع بصير) وأيضاً لو لم يتصف بالسمع لا تصف بالبكم وهو نقص والله محال عليه بالإجماع كل نقص فثبت أنه سميع.
س- ما هو البصر وبأي شيء يتعلق وما الدليل علي ذلك؟
ج-البصر هو صفة وجودية بذاته تعالي تتعلق بجميع الموجودات علي وجه إبصارها ومنه يعلم التعلق والدليل علي ذلك قوله تعالي: (والله بصير بما يعملون وأنه هو السميع البصير) وأيضاً لو لم يكن بصيرا لكان أعمي وكونه أعمي محال لأنه نقص والله منزه عن كل نقص بإجماع العقلاء. فبطل ما أدي إليه وثبت أنه بصير.
س- ما هو الكلام وبأي شيء يتعلق وما الدليل علي ذلك؟
ج- الكلام هو صفة وجودية قائمة بذاته تعالي منزهة عن التقدم والتأخر واللحن والإعراب والصحة والإعلال وغير ذلك وتتعلق بجميع الواجبات والجائزات والمستحيلات تعلق دلالة فإن تعلقت بالأمر كانت أمرا. وإن تعلقت بالنهي كانت نهيا وإن تعلقت بالوعد كانت وعدا وإن تعلقت بالوعيد كانت وعيدا ولها تعلق واحد وهو التنجيزي القديم إلا الأمر والنهي فلهما التنجيزي الحادث عند وجود المكلفين. والدليل علي ذلك قوله تعالي (وكلم الله موسي تكليما) (وكلمه ربه) وأيضاً لو لم يكن متكلما لكان أبكما والبكم محال عليه جل شأنه لما فيه من النقص فما أدي إليه محال فثبت أنه متكلم.
س- كيف تقول إن كلام الله ليس بحرف ولا صوت مع أنا نقرؤه بحروف وأصوات معربة ومكتوب بين دفتي المصحف؟
ج- اعلم أن الله جل شأنه لما أراد تكليف العباد بالخضوع لكبريائه ومجده, وكان المتعارف بينهم الذي يتفاهمون به هو الحروف والأصوات, أنزل علي سيدنا ومولانا محمد صلى الله عليه وسلم كلامه وهو المكتوب في المصاحف معنا, هي صفة الله القديمة فمثلا إذا سمعت قوله تعالي (ولا تقربوا الزنا) فهمت منه النهي عن قربان الزنا فقامت عليك الحجة بما فهمت من الكلام, ولو أزيل عنك الحجاب لفهمت من الصفة القديمة هذا المعني وهذا من لطف الله بعبيده حيث كلفهم بما يفهمون.
س- هل تعرف إذا صفات المعاني بالنظر إلي تعلقاتها؟
ج- نعم بالنظر إلي تعلقاتها أربعة أقسام, منها مالا يتعلق أصلا وهي الحياة, ومنها ما يتعلق تأثير وهي القدرة والإرادة علي المختار, ومنها ما يتعلق تعلق انكشاف وهي العلم والسمع والبصر, كل بحسب تعلقه كما تقدم, ومنها ما يتعلق تعلق دلالة وهي الكلام.
س- ما هو المستحيل علي الباري جل شأنه؟
ح- يستحيل علي الله أضداد الصفات العشرين السابقين وهي: العدم والحدوث, وطرو العدم, والمماثلة للحوادث في أنواعها العشرة وهي: الجرم, والعرض, وكونه في جهة, وكونه هو له جهة, والمكان والزمان, وكونه محلا للحوادث, والصغر والكبر, والأغراض في الأفعال والأحكام ـ ويستحيل عليه عدم قيامه بنفسه بأن يقوم بمحل, أو يحتاج إلي مخصص, ويستحيل عليه تعالي عدم كونه واحدا, وذلك يتضمن الكموم؟؟ الستة. المتصل والمنفصل ذاتا وصفاتا وأفعالا ويستحيل عليه تعالي العجز عن أي ممكن كان, وإيجاد شيء من الحوادث مع كراهته لوجوده أو مع الذهول أو الغفلة أو بالتعليل أو بالطبع. وكذا يستحيل عليه تعالي الجهل والنوم أو النسيان عن أي معلوم كان, والموت والعمى والبكم والصمم, وما بقي من المعنوية معلوم من ذلك, وعلي العموم يستحيل علي الله كل نقص ويجب له كل كمال.
س- ما هو الجائز في حق مولانا جل وعلا وما الدليل علي ذلك؟
ج- الجائز في حقه تعالي فعل كل ممكن أو تركه ومن ذلك وجود هذا العالم وإرسال الرسل وغير ذلك مما ينطبق عليه حد الممكن, ودليله أنه لو وجب عليه شيء منها عقلا, أو استحال عقلا لا نقلب الممكن واجبا أو مستحيلا لكن التالي باطل فبطل المقدم فثبت أن الله يجوز في حقه فعل كل ممكن أو تركه وفي هذا القدر كفاية لمن أراد أن يتذكر من القاصرين أمثالي والله حسبي وعليه أتوكل.