كتب: ياسر الشحيري 9 نوفمبر 2012
س1: يسألني أحدهم فقال لي لقد قال له أحد أفراخ الخوارج لماذا أنتم تعطلون الصفات ولا تثبتون لله ما أثبته لنفسه؟
فقلت له أخي الحبيب نحن نثبت لله ما أثبته لنفسه وما أثبته له نبيه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم من الصفات , فإذا أراد أن يناقشك في الصفات أو قال لك إذاً ما تقولون في قوله تعالى: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} [المائدة:64]
ملاحظة: (( (من خلال قراءتك لأجوبتنا نريد منك قبل أن تناقش في أي مسألة أن تعلم أن من أساسيات النقاش أن تعرف الشيء الذي تريد أن تناقش فيه لأن المعرفة أساس العلم ولا يمكن أن تأتي بدليل وأنت لا تعرف ماهي هذه المسألة التي تناقش فيها فقبل الخوض في المسألة اجعل لها تعريفاً لغوياً شرعياً اصطلاحياً وعلى ضوء هذا التعريف ثم النقاش وتستطيع أن تأتي بالدليل وتحصر المنافس في هذه المسألة.)) )
قل له إذا أردت النقاش في الصفات فأولاً عرفها لي حتى لا نخرج عن موضوعنا - فسيأتي لك بكلام غير موزون لأنه لا يعرف ما معنى الصفات وانتبه وتيقظ أن يخرجك من الموضوع كأن يقول لك {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ} [القصص:88] فلا ترد عليه حتى يعرف لك الصفات فإذا لم يعرفها هو، فعرفها له أنت بقولك الصفات جمع صفة وهي الصفة القديمة القائمة بالذات وهي لا حصر لها ثم قل له الآن نبدأ بالنقاش.
فسيقول لك ماتقول في قوله تعالى {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} ؟
قل له نحن يا أخي اتفقنا أن يكون النقاش في الصفات ولم نقل بأننا سنتناقش في الأعضاء لأنه فرق بين الصفة والعضو. فالصفة قائمة بالذات والعضو يتكون منه الذات , فسيقول لك لكن الله يقول {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} قل له نحن لا ننكر الآية , ولكننا اتفقنا على أن النقاش في الصفات وليس عن أعضاء , وقبل أن تناقش في موضوع , فاعرف ماهو هذا الموضوع وماهو تعريفه وما الدليل عليه وماقال فيه الصحابة وعلماء اللغة , فأنتم جهال لا تميزون بين الصفة والعضو وتريد مع ذلك أن تجعل من نفسك مناظراً ومجادلاً اذهب أولاً وتعلم قبل أن تتكلم.
فربما رفع صوته وقال لك أنتم تعطلون الصفات وقال لك خفِ الله , اتق الله , فلا تجعله يرفع صوته عليك وقل له يا أخي نحن الآن في موقف نقاش وليس في موقف خطبة، معك دليل وإلا فاسكت وأتِ بإنسان غيرك يعرف آداب النقاش وعنده خلفية , أما هذا الصياح فليس من الأدب، إنما هو عادت أهل البدع إذا أرادوا أن يتستروا على بدعهم، فإذا رجع وقال لك ما تقول في قوله تعالى {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} فقل له أولاً: هل تثبت أنت لله الأعضاء، فإن قال لك نعم فهذا كفر لأنه لم يقل أحد من علماء السلف ولا الخلف بأن لله أعضاء أي يثبتوا لله كلمة (الأعضاء) وها هو الإمام أبي جعفر الطحاوي يقول في عقيدته الطحاوية التي اتفق أهل السنة والجماعة على أنها أفضل كتب العقائد ولكن أحذر من الشرح فإن العلماء اتفقوا على متنها ولم يتفقوا على شرحها يقول في متن العقيدة الطحاوية رقم (48) (تعالى عن الحدود والغايات والأركان والأعضاء والأدوات لا تحويه الجهات الست كسائر المبتدعات) فها هو ينزه المولى عز وجل عن الأعضاء وهذه العقيدة الكل متفق عليها حتى المبتدعة , إلا أنهم يحاولون أن يشوهوا على الناس عقائدهم بالشرح عليها , ولكن احذر من الشرح فإنه غيّر معنى كلام صاحب المتن وخالفه والاتفاق إنما هو على المتن.
فإذا قال لك العلماء يثبتون لله يدين فقل له الله أحياناً. يقول {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} وآية أخرى من سورة يس {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا} [يس:71] وقال تعالى {أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا} الأعراف195 , بالجمع فهل تريد مني أن أثبت التي في الآية الأولى اليدين أم التي في الآية الأخرى الأيدي , فسيقول لك مدلساً محرفاً , أن اليد غير الأيد , وهنا
ملاحظة (قد يقول لك هذا المبتدع هناك فرق بين اليد والأيد , وهذا القول باطل: قال صاحب القاموس في القاموس المحيط في مادة ((يد)) حيث جاء فيها: فصل الياء
اليَدُ: أي الكَفُّ أو من أطْرافِ الأصابِعِ إلى الكَتِفِ أصْلُها يَدْيٌ جمعها: أيْدٍ ويُدِيٌّ)) وانظر تاج العروس شرح القاموس (10/417) ولفظة أيد هي جمع يد وهي الكتف. انتهى.) فتنبه أن كلمة يد وأيدٍ بمعنى واحد وقد أولها ابن عباس بالقوة ,
فإن قال لك في الآية الأولى دليل , فقل له والأخرى ألا تريد منا أن نثبتها أم أنكم مثل اليهود تؤمنون ببعض وتكفرون ببعض وأمسك على هذه النقطة فإن قال لك إذاً أنتم ماذا تقولون في قوله بالآية فقل له نحن نثبت لله ما أثبته لنفسه وما أثبته له نبيه صلى الله عليه وآله وسلم فنحن نثبت لفظة اليد أينما وردت في القرآن وننزهه عن الجارحة والنقص وأما المعنى فالله أعلم به فالسلف كانوا عندما تعرض عليهم هذه الآيات يثبتون اللفظة بأنها موجودة في القرآن وينزهون الله عزوجل عن التشبيه والتجسيم والجوارح، ويفوضون المعنى إلى الله فإن جاءك بآيات أخرى غيرها قوله تعالى: {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا} [القمر:14] وقوله {وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي} [طه:39] فالجواب مثل الأول فهنا عين والأخرى أعين بأعيننا بالجمع فما هو المطلوب أثبات عين أم أعين؟
فإذا قال لك الواجب علينا أن نثبت له ما أثبته لنفسه؟ فقل له أنتم لا تثبون لله ما أثبته لنفسه بل تعطلون في بعض المواضع فإذا قلنا على قولكم الباطل بأن لله يدين ورجلين وعينين ووجه فما الدليل على الوجه من الكتاب والسنة فإذا جاء لك بدليل من السنة فقل له قدم القرآن على السنة وهو {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ} فإذا قال لك بأن في هذه الآية دليل على الوجه فقل له هذه الآية ترد عليك وتثبت بأن كل شيء سيهلك حتى اليدين والرجلين والعينين ولن يبقى إلا الوجه، وبهذا المعنى معبودكم يتأثر ويتغير , فإن قال لك ليس المعنى هكذا وقد اختلف المفسرون فقل له نحن لا نقلد قول أحد في التوحيد ,
والآية تبين بأن كل شيء هالك ولن يبقى إلا الوجه، فإذا حاول أن يؤولها فقل له إن أولت لزمك تأويل جميع الآيات الموهمة للتشبيه فإن قال المقصود ليس هذا المعنى قل له الله يقول كل شيء هالك إلا وجهه وأنت تقول ليس هذا هكذا (لو لم يرد الله هذا لما أتى به , الله يقول قولاً وأنت تخالفه وتقول ليس بالمعنى هكذا (أأنت أعلم أم الله عز وجل , سبحانك هذا بهتان عظيم) مابين القوسين خطير لا يؤتى به إلا لإقامة الحجة أما اعتقادنا فإن المقصود بالوجه هو الذات وسيأتي الكلام على ذلك التأويل في فصل خاص فانتبه ولا تغفل، عليك أن تلزمه بإثبات ما أثبته لنفسه , فإذا أثبته انتفى اثبات بقية الأعضاء فتيقض لذلك،
ثم قل له أنتم لا تثبتون لله ما أثبته لنفسه فالله يقول {وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَذَا} [الجاثية:34] فقل له أتثبتها أم لا، فإذا لم يثبتها فقل له الله يثبت لنفسه وأنت تنفيه وإن أثبتها فقل له كيف تثبت لله النسيان وهو يقول {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم:64] وكأن هذه الآية تعلمنا التأويل وهي دليل التأويل من القرآن فإذا أثبت الله لنفسه النسيان ثم نفاه عنه كأنه يقول لنا إن النسيان غير النسيان، إذا فما المراد من النسيان , يجيب على ذلك ابن عباس فيقول في تفسير الآية " ننساكم أي نترككم كما تركتم العمل في الحياة الدنيا) رواه ابن جرير في تفسيره عند هذه الآية.
وفي هذا دليل واضح على أن التأويل موجود في كتاب الله , فإثبات النسيان ثم نفي النسيان في آية أخرى , يدل على صرف المعنى الأول عن الآخر وإلا لزام التناقض وكلام الله يفسر بعضه بعضاً , فإذا اقتنع وإلا ألزمه بأن يقتنع , ثم قل له ما تقول في قوله تعالى: {مَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مَّن رَّبِّهِم مُّحْدَثٍ إِلاَّ اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُون} [الأنبياء:2] هل نثبت هذه الآية على ظاهرها فنقول بأن القرآن محدث أي مخلوق , فإن قال هذا فهذا كفر ,
فقل له من باب المحاججة لا من باب الاعتقاد , (الله يقول محدث وأنت تقول كفر , يا سبحان الله , قل له فما تقول فيها) فإن أولها , أقم عليه الحجة أن التأويل ليس بمذموم , ولا يستطيع أن يؤل إلا إذا صرف اللفظ عن ظاهره (وانتبه!! أن يخدعك ويدلس عليك , بأن هذا تفسيرا وليس تأويلاً)
والجواب عن الآية , ما ذكره ابن كثير في البداية والنهاية (10/327) عن أحمد بن حنبل أنه أجاب الجهمية حين احتجوا عليه بالآية فقال يحتمل أن يكون تنزيله إلينا هو المحدث وهذا تأويل وإذا أثبته على ظاهره فهو كفر .
س1: يسألني أحدهم فقال لي لقد قال له أحد أفراخ الخوارج لماذا أنتم تعطلون الصفات ولا تثبتون لله ما أثبته لنفسه؟
فقلت له أخي الحبيب نحن نثبت لله ما أثبته لنفسه وما أثبته له نبيه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم من الصفات , فإذا أراد أن يناقشك في الصفات أو قال لك إذاً ما تقولون في قوله تعالى: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} [المائدة:64]
ملاحظة: (( (من خلال قراءتك لأجوبتنا نريد منك قبل أن تناقش في أي مسألة أن تعلم أن من أساسيات النقاش أن تعرف الشيء الذي تريد أن تناقش فيه لأن المعرفة أساس العلم ولا يمكن أن تأتي بدليل وأنت لا تعرف ماهي هذه المسألة التي تناقش فيها فقبل الخوض في المسألة اجعل لها تعريفاً لغوياً شرعياً اصطلاحياً وعلى ضوء هذا التعريف ثم النقاش وتستطيع أن تأتي بالدليل وتحصر المنافس في هذه المسألة.)) )
قل له إذا أردت النقاش في الصفات فأولاً عرفها لي حتى لا نخرج عن موضوعنا - فسيأتي لك بكلام غير موزون لأنه لا يعرف ما معنى الصفات وانتبه وتيقظ أن يخرجك من الموضوع كأن يقول لك {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ} [القصص:88] فلا ترد عليه حتى يعرف لك الصفات فإذا لم يعرفها هو، فعرفها له أنت بقولك الصفات جمع صفة وهي الصفة القديمة القائمة بالذات وهي لا حصر لها ثم قل له الآن نبدأ بالنقاش.
فسيقول لك ماتقول في قوله تعالى {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} ؟
قل له نحن يا أخي اتفقنا أن يكون النقاش في الصفات ولم نقل بأننا سنتناقش في الأعضاء لأنه فرق بين الصفة والعضو. فالصفة قائمة بالذات والعضو يتكون منه الذات , فسيقول لك لكن الله يقول {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} قل له نحن لا ننكر الآية , ولكننا اتفقنا على أن النقاش في الصفات وليس عن أعضاء , وقبل أن تناقش في موضوع , فاعرف ماهو هذا الموضوع وماهو تعريفه وما الدليل عليه وماقال فيه الصحابة وعلماء اللغة , فأنتم جهال لا تميزون بين الصفة والعضو وتريد مع ذلك أن تجعل من نفسك مناظراً ومجادلاً اذهب أولاً وتعلم قبل أن تتكلم.
فربما رفع صوته وقال لك أنتم تعطلون الصفات وقال لك خفِ الله , اتق الله , فلا تجعله يرفع صوته عليك وقل له يا أخي نحن الآن في موقف نقاش وليس في موقف خطبة، معك دليل وإلا فاسكت وأتِ بإنسان غيرك يعرف آداب النقاش وعنده خلفية , أما هذا الصياح فليس من الأدب، إنما هو عادت أهل البدع إذا أرادوا أن يتستروا على بدعهم، فإذا رجع وقال لك ما تقول في قوله تعالى {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} فقل له أولاً: هل تثبت أنت لله الأعضاء، فإن قال لك نعم فهذا كفر لأنه لم يقل أحد من علماء السلف ولا الخلف بأن لله أعضاء أي يثبتوا لله كلمة (الأعضاء) وها هو الإمام أبي جعفر الطحاوي يقول في عقيدته الطحاوية التي اتفق أهل السنة والجماعة على أنها أفضل كتب العقائد ولكن أحذر من الشرح فإن العلماء اتفقوا على متنها ولم يتفقوا على شرحها يقول في متن العقيدة الطحاوية رقم (48) (تعالى عن الحدود والغايات والأركان والأعضاء والأدوات لا تحويه الجهات الست كسائر المبتدعات) فها هو ينزه المولى عز وجل عن الأعضاء وهذه العقيدة الكل متفق عليها حتى المبتدعة , إلا أنهم يحاولون أن يشوهوا على الناس عقائدهم بالشرح عليها , ولكن احذر من الشرح فإنه غيّر معنى كلام صاحب المتن وخالفه والاتفاق إنما هو على المتن.
فإذا قال لك العلماء يثبتون لله يدين فقل له الله أحياناً. يقول {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} وآية أخرى من سورة يس {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا} [يس:71] وقال تعالى {أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا} الأعراف195 , بالجمع فهل تريد مني أن أثبت التي في الآية الأولى اليدين أم التي في الآية الأخرى الأيدي , فسيقول لك مدلساً محرفاً , أن اليد غير الأيد , وهنا
ملاحظة (قد يقول لك هذا المبتدع هناك فرق بين اليد والأيد , وهذا القول باطل: قال صاحب القاموس في القاموس المحيط في مادة ((يد)) حيث جاء فيها: فصل الياء
اليَدُ: أي الكَفُّ أو من أطْرافِ الأصابِعِ إلى الكَتِفِ أصْلُها يَدْيٌ جمعها: أيْدٍ ويُدِيٌّ)) وانظر تاج العروس شرح القاموس (10/417) ولفظة أيد هي جمع يد وهي الكتف. انتهى.) فتنبه أن كلمة يد وأيدٍ بمعنى واحد وقد أولها ابن عباس بالقوة ,
فإن قال لك في الآية الأولى دليل , فقل له والأخرى ألا تريد منا أن نثبتها أم أنكم مثل اليهود تؤمنون ببعض وتكفرون ببعض وأمسك على هذه النقطة فإن قال لك إذاً أنتم ماذا تقولون في قوله بالآية فقل له نحن نثبت لله ما أثبته لنفسه وما أثبته له نبيه صلى الله عليه وآله وسلم فنحن نثبت لفظة اليد أينما وردت في القرآن وننزهه عن الجارحة والنقص وأما المعنى فالله أعلم به فالسلف كانوا عندما تعرض عليهم هذه الآيات يثبتون اللفظة بأنها موجودة في القرآن وينزهون الله عزوجل عن التشبيه والتجسيم والجوارح، ويفوضون المعنى إلى الله فإن جاءك بآيات أخرى غيرها قوله تعالى: {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا} [القمر:14] وقوله {وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي} [طه:39] فالجواب مثل الأول فهنا عين والأخرى أعين بأعيننا بالجمع فما هو المطلوب أثبات عين أم أعين؟
فإذا قال لك الواجب علينا أن نثبت له ما أثبته لنفسه؟ فقل له أنتم لا تثبون لله ما أثبته لنفسه بل تعطلون في بعض المواضع فإذا قلنا على قولكم الباطل بأن لله يدين ورجلين وعينين ووجه فما الدليل على الوجه من الكتاب والسنة فإذا جاء لك بدليل من السنة فقل له قدم القرآن على السنة وهو {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ} فإذا قال لك بأن في هذه الآية دليل على الوجه فقل له هذه الآية ترد عليك وتثبت بأن كل شيء سيهلك حتى اليدين والرجلين والعينين ولن يبقى إلا الوجه، وبهذا المعنى معبودكم يتأثر ويتغير , فإن قال لك ليس المعنى هكذا وقد اختلف المفسرون فقل له نحن لا نقلد قول أحد في التوحيد ,
والآية تبين بأن كل شيء هالك ولن يبقى إلا الوجه، فإذا حاول أن يؤولها فقل له إن أولت لزمك تأويل جميع الآيات الموهمة للتشبيه فإن قال المقصود ليس هذا المعنى قل له الله يقول كل شيء هالك إلا وجهه وأنت تقول ليس هذا هكذا (لو لم يرد الله هذا لما أتى به , الله يقول قولاً وأنت تخالفه وتقول ليس بالمعنى هكذا (أأنت أعلم أم الله عز وجل , سبحانك هذا بهتان عظيم) مابين القوسين خطير لا يؤتى به إلا لإقامة الحجة أما اعتقادنا فإن المقصود بالوجه هو الذات وسيأتي الكلام على ذلك التأويل في فصل خاص فانتبه ولا تغفل، عليك أن تلزمه بإثبات ما أثبته لنفسه , فإذا أثبته انتفى اثبات بقية الأعضاء فتيقض لذلك،
ثم قل له أنتم لا تثبتون لله ما أثبته لنفسه فالله يقول {وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَذَا} [الجاثية:34] فقل له أتثبتها أم لا، فإذا لم يثبتها فقل له الله يثبت لنفسه وأنت تنفيه وإن أثبتها فقل له كيف تثبت لله النسيان وهو يقول {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم:64] وكأن هذه الآية تعلمنا التأويل وهي دليل التأويل من القرآن فإذا أثبت الله لنفسه النسيان ثم نفاه عنه كأنه يقول لنا إن النسيان غير النسيان، إذا فما المراد من النسيان , يجيب على ذلك ابن عباس فيقول في تفسير الآية " ننساكم أي نترككم كما تركتم العمل في الحياة الدنيا) رواه ابن جرير في تفسيره عند هذه الآية.
وفي هذا دليل واضح على أن التأويل موجود في كتاب الله , فإثبات النسيان ثم نفي النسيان في آية أخرى , يدل على صرف المعنى الأول عن الآخر وإلا لزام التناقض وكلام الله يفسر بعضه بعضاً , فإذا اقتنع وإلا ألزمه بأن يقتنع , ثم قل له ما تقول في قوله تعالى: {مَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مَّن رَّبِّهِم مُّحْدَثٍ إِلاَّ اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُون} [الأنبياء:2] هل نثبت هذه الآية على ظاهرها فنقول بأن القرآن محدث أي مخلوق , فإن قال هذا فهذا كفر ,
فقل له من باب المحاججة لا من باب الاعتقاد , (الله يقول محدث وأنت تقول كفر , يا سبحان الله , قل له فما تقول فيها) فإن أولها , أقم عليه الحجة أن التأويل ليس بمذموم , ولا يستطيع أن يؤل إلا إذا صرف اللفظ عن ظاهره (وانتبه!! أن يخدعك ويدلس عليك , بأن هذا تفسيرا وليس تأويلاً)
والجواب عن الآية , ما ذكره ابن كثير في البداية والنهاية (10/327) عن أحمد بن حنبل أنه أجاب الجهمية حين احتجوا عليه بالآية فقال يحتمل أن يكون تنزيله إلينا هو المحدث وهذا تأويل وإذا أثبته على ظاهره فهو كفر .