حكم الموعظة بين ركعات التراويح.

حكم الموعظة بين ركعات التراويح.
فتوى دار الإفتاء المصرية
س: هل يجوز قراءة (قل هو الله احد) بين كل أربع ركعات، والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم بين كل ركعتين في صلاة التراويح أم لا؟
جاء الشرع الشريف بقراءة القرآن الكريم على وجه الإطلاق من غير تقييد بوقت دون زقت أو حال ألا ما استثنى من ذالك كحال الجنابة مثلاً، وقد نبه النبي صلى الله عليه وسلم على عظيم فضل سورة الإخلاص واستحباب قراءتها ليلاً بقوله لأصحابه رضي الله عنهم (أيعجز أحدكم أن يقرأ في ليلة ثلث القرآن قالوا وكيف يقرأ ثلث القرآن قال (قل هو الله احد) تعدل ثلث القرآن) رواه مسلم عن أبى الدرداء والبخاري بنحوه عن أبى سعيد الخدرى رضي الله عنهما، وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعث رجلاً على سرية، وكان يقرأ لأصحابه في صلاته فيختم بـ (قل هو الله احد) فلما رجعوا ذكروا ذالك للنبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: سلوه لأي شيء يصنع ذالك فسألوه فقال لأنها صفة الرحمن، وأنا أحب أن اقرأ بها، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم أخبروه أن الله يحبه) متفق عليه. كما أن الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وآله وسلم من أفضل الأعمال قبولاً عند الله تعالى، كما أنها تفتح للأعمال أبواب القبول فهي مقبولةً أبداً، وكما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو شفيع الخلق فالصلاة عليه شفيع الأعمال، وقد أمر الله تعالى بها امراً مطلقاً في قوله تعالى (إن الله وملائكته يصلون على النبي ياايها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً) } الأحزاب:56 {والأمر المطلق يقتضى عموم الأمكنة والأزمنة والأشخاص والأحوال، فمن ادعى ــ بلا دليل ــ أنها محرمة في وقت من الأوقات فقد ضيق ما وسعه الله تعالى لأنه قيد المطلق وخصص العام بلا دليل، وهذا في نفسه نوع من أنواع البدعة المذمومة.

وعليه فقراءة (قل هو الله احد) والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم في صلاة التراويح أمر جائز ومشروع لا حرج فيه. والله سبحانه وتعالى اعلم

يقول فضيلة الشيخ عطية صقر رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر: ليس هناك نص يَمنَع من الذكر أو الدعاء أو قراءة القرآن في الفصل بين كل ركعتين من التراويح أو كل أربع منها مثلاً، وهو داخل تحت الأمر العام بالذِّكْر في كل حال. وكوْن السلف الذين يُؤخذ عنهم التشريع لم يفعلوه لا يَدل على منْعه، إلى جانب أن النقل عنهم في منع الذكر المذكور غير موثوق به. وهذا الفاصل يُشبِه ما كان يفعله أهل مكة من قيامهم بالطواف حول البيت سبعًا بعد كل ترويحتين، الأمر الذي جعل أهل المدينة يزيدون عدد التراويح على العشرين، تعويضًا عن هذا الطواف، وهو أسلوب تنظيمي يَعرِفون به عدد ما صَلُّوه، إلى جانب ما فيه من تنشيط للمصلين، فلا مانع مطلقًا، وبهذا لا يدخل تحت اسم البدعة، فالنصوص العامة تَشهد له، فضلاً عن عدم معارضتها له، ولئن يُسمَّى بدعة فهو على نسق قول عمر ـ رضي الله عنه: نِعْمَتِ البدعةُ هذه، عندما رأى تجمُّع المسلمين لصلاة التراويح خلْف أُبي بن كعب.

وجاء في فتاوى دار الإفتاء: ويستحب الجلوس بين صلاة كل أربع ركعات بقدرها، وكذا بين الترويحة الخامسة والوتر، وهذا هو المتوارث عن السلف كما صلى أبى بن كعب بالصحابة وروى عن أبى حنيفة - واسم التراويح ينبئ عن هذا - إذ المستحب فقط هو الانتظار ولم يؤثر عن السلف شيء معين يلزم ذكره في حال الانتظار وأهل كل بلد مخيرون وقت جلوسهم هذا بين قراءة القرآن والتسبيح وصلاة أربع ركعات فرادى والتهليل والتكبير أو ينتظرون سكوتا ولا يلزمهم شيء معين. والله أعلم
 

 تعليق: جمهور العلماء على أن المحدثات فى الدين نوعان؛ نوع مذموم، وهو ما كان خلاف ما أمر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم، ونوع ممدوح وهو ما كان واقعاً تحت عموم ما ندب الله إليه وحض عليه الله أو رسوله وهو البدعة الحسنة
التعقيب: قال النووي فى المجموع: الأذان والإقامة مشروعان للصلوات الخمس بالنصوص الصحيحة والإجماع، ولا يشرع الأذان ولا الإقامة لغير الخمس بلا خلاف.. ولكن ينادى للعيد والكسوف والاستسقاء: الصلاة جامعة.. وكذا ينادى للتراويح: الصلاة جامعة إذا صليت جماعة يؤخذ من هذا أنه لا بأس من قول الصلاة جامعة، ومثلها صلاة القيام أثابكم الله، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بين الركعات، وما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن. وجمهور العلماء على أن البدع منها الحسن ومنها القبيح، والدليل قوله صلة الله عليه وسلم «مَنْ سَنَّ في الإِسْلاَمِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا بَعْدَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَىْءٌ وَمَنْ سَنَّ في الإِسْلاَمِ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَىْءٌ» ، وقول عمر: "نِعْمَتِ الْبِدْعَةُ هَذِهِ"، لما كانت من أفعال الخير وداخلة فى حيز المدح سماها بدعة ومدحها، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يُسنَّها لهم وإنما صلاها ليالي ثم تركها ولم يحافظ عليها، ولا جمع الناس لها، ولا كانت فى زمن أبي بكر، وإنما عمر رضى الله عنه جمع الناس عليها وندبهم إليها. فلهذا سماها بدعة وهى على الحقيقة سنة. فالبدعة بدعتان بدعة هُدَى وبدعة ضلال، فما كان في خلاف ما أمر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم فهو فى حَيز الذم والإنكار، وما كان واقعاً تحت عموم ما ندب الله إليه وحض عليه الله أو رسوله فهو فى حيز المدح، وعلى هذا جمهور أهل العلم، والله أعلم.