الجهر بالأوراد فى جماعة عقب الصلاة سنة

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيرا
 يقول الإمام الحافظ أحمد بن حجر الهيتمي في كتابه الفتاوى الحديثية :
وأوراد الصُّوفِيَّة الَّتِي يقرؤونها بعد الصَّلَوَات على حسب عاداتهم فِي سلوكهم لَهَا أصل أصيل.
فقد روى الْبَيْهَقِيّ عَن أنس رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (لِأَن أذكر الله تَعَالَى مَعَ قوم بعد صَلَاة الْفجْر إِلَى طُلُوع الشَّمْس أحبُّ إليّ من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَلِأَن أذكر الله تَعَالَى مَعَ قوم بعد صَلَاة الْعَصْر إِلَى أَن تغيب الشَّمْس أحبُّ إليّ من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا) .
وروى أَبُو دَاوُد عَنهُ أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (لأنْ أقعد مَعَ قوم يذكرُونَ الله تَعَالَى من صَلَاة الْعَصْر إِلَى أَن تغرب الشَّمْس أحبُّ إليّ من أَن أعتق أَرْبَعَة من ولد إِسْمَاعِيل، وَلِأَن أقعد مَعَ قوم يذكرُونَ الله تَعَالَى من صَلَاة الْغَدَاة حَتَّى تطلع الشَّمْس أحبُّ إليّ من أَن أعتق أَرْبَعَة) .
وروى أَبُو نعيم إِنَّه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (مجَالِس الذّكر تَنْزل عَلَيْهِم السكينَة وتَحفُّ بهم الْمَلَائِكَة وتغشاهم الرَّحْمَة وَيذكرهُمْ الله)
وروى أَحْمد وَمُسلم أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (لَا يقْعد قوم يذكرُونَ الله إِلَّا حفتهم الْمَلَائِكَة وَغَشِيَتْهُمْ الرَّحْمَة وَنزلت عَلَيْهِم السكينَة وَذكرهمْ الله فِيمَن عِنْده) .
وَإِذا ثَبت أنَّ لِما يعتاده الصُّوفِيَّة من اجْتِمَاعهم على الْأَذْكَار والأوراد بعد الصُّبْح وَغَيره، أصلا صَحِيحا من السّنة وَهُوَ مَا ذَكرْنَاهُ فَلَا اعْتِرَاض عَلَيْهِم فِي ذَلِك.
ثمَّ إنْ كَانَ هُنَاكَ من يتَأَذَّى بجهرهم كمصلٍّ أَو نائمٍ نُدبَ لَهُم الْإِسْرَار، وَإِلَّا رجعُوا لما يَأْمُرهُم بِهِ أستاذهم الْجَامِع بَين الشَّرِيعَة والحقيقة، لما مر أَنه كالطبيب فَلَا يَأْمر إِلَّا بِمَا يرى فِيهِ شِفَاء لعِلَّة الْمَرِيض،
وَلذَلِك تَجِد بَعضهم يخْتَار الجَهْرَ لدفع الوساوس الرَّديئَة، والكيفيات النفسانية وإيقاظ الْقُلُوب الغافلة وَإِظْهَار الْأَعْمَال الْكَامِلَة، وَبَعْضهمْ يخْتَار الْإِسْرَار بمجاهدة النَّفس وَتَعْلِيمهَا طرق الْإِخْلَاص وإيثارها الخمول. وَقد ورد أَن عمر رَضِي الله عَنهُ كَانَ يجْهر وَأَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ كَانَ يسر فَسَأَلَهُمَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأجَاب كل بِنَحْوِ مَا ذكرته فأقرهما ..... اهـ .