تعريف البدعة لغة وشرعاً والمراد بها فى كلام العلماء

 بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيرا
 تعريف البدعة لغة وشرعاً والمراد بها فى كلام العلماء
 
 تعريف البدعة لغة :
 قال الراغب الأصفهاني في (مفردات القرآن):
 الإبداع إنشاء صنعة بلا احتذاء ولا اقتداء وإذا استعمل في الله تعالى فهو إيجاد الشيء بغير آلة ولا مادة ولا زمان ولا مكان وليس ذلك إلا الله والبديع يقال للمبدع نحو قوله {بديع السماوات والأرض} (1)
ويقال للمبدع – بفتح الدال – نحو بديع وكذلك البدع يقال لها جميعا بمعنى الفاعل والمفعول وقوله تعالى {ما كنت بدعا من الرسل} (2)  قيل معناه: مبدعا لم يتقدمني رسول وقيل: مبدعا فيما أقوله.

وقال الفيومي في (المصباح) أبدع الله تعالى الخلق إبداعا خلقهم لا على مثال وأبدعت الشيء وابتدعته: استخرجته وأحدثته.

وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري عند شرح حديث: «وشر الأمور محدثاتها..» (3) :
 البدعة لغة: كل شيء أحدث على غير مثال.
وقال أيضا عن شرح حديث «نعمت البدعة هذه» (4)  البدعة أصلها ما أحدث على غير مثال سابق.

تعريف البدعة شرعا :
 قال الإمام النووي رحمه الله تعالى في (تهذيب الأسماء واللغات) : هي إحداث ما لم يكن في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

وقال الفيومي : هي الزيادة أو النقص في الدين لكن قد يكون بعضها غير مكروه فيسمى بدعة مباحة وهي ما شهد لجنسها أصل في الشرع أو اقتضتها مصلحة تندفع بها مفسدة.

هذا وقد قسم العلماء البدعة إلى قسمين اثنين:
فقد قال الإمام الشافعي رضي الله عنه: البدعة بدعتان: بدعة محمودة وبدعة مذمومة فما وافق السنة فهو محمود وما خالف السنة فهو مذموم.
وأخرج البيهقي عن الإمام الشافعي في مناقبه: المحدثات ضربان: ما أُحدث يخالف كتابا أو سنة أو إجماعا فهو بدعة الضلالة وما أحدث في الخير لا يخالف شيئا من ذلك فهو محدثة غير مذمومة.
حتى إنه نفى اسم البدعة عما له أصل في الشرع فقال رضي الله عنه: كل ما له مستند من الشرع فليس ببدعة ولو لم يعمل به السلف لأن تركهم للعمل به قد يكون لعذر قام لهم في الوقت أو لما هو أفضل منه أو لعله لم يبلغ جميعهم علم به.

وقال الإمام النووي في (تهذيب الأسماء واللغات) عند كلامه عن البدعة: هي منقسمة إلى حسنة وقبيحة.

وقال الحافظ ابن الأثير في (النهاية) البدعة بدعتان بدعة هدى وبدعة ضلال فما كان في خلاف ما أمر الله به ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم فهو من حيز الذم والإنكار وما كان واقعا تحت عموم مما ندب الله إليه وحض عليه الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم فهو في حيز المدح وما لم يكن له مثال موجود كنوع من الجود والسخاء وفعل المعروف فهو في الأفعال المحمودة ولا يجوز أن يكون ذلك في خلاف ما ورد الشرع به.

وقال الحافظ ابن العربي في شرحه على سنن الإمام الترمذي عند الكلام على حديث «إياكم ومحدثات الأمور» [5]
، وقال عمر نعمت البدعة وإنما يذم من البدع ما خالف السنة ويذم من المحدثات ما دعا إلى ضلالة.

حتى إن بعض العلماء أوصلها إلى خمسة أقسام:
واجبة: تعلم النحو، ونظم ادلة المتكلمين للرد على الملاحدة والمبتدعين.
مندوبة: الأذان على المنابر، وتصنيف كتب العلم وبناء المدارس وغير ذلك.
مباحة: استعمال المنخل والتوسع في المأكل والمشرب.
مكروهة: تزيين المصاحف وزخرفة المساجد.
محرمة: وهي ما أحدث لمخالفة السنة ولم تشمله أدلة الشرع العامة، ولم يحتوِ على مصلحة شرعية.

هذا وقد أثبت القرآن الكريم جواز ابتداع ما فيه خير وزيادة قربى إلى الله فقد قال أبو أمامة رضي الله عنه: (إن الله فرض عليكم صوم رمضان ولم يفرض قيامه وإنما قيامه شيء أحدثتموه فدوموا عليه فإن أناسا من بني إسرائيل ابتدعوا بدعا فعابهم الله بتركها فقال: {ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها} [6] - [7]
------------------------------------
الموسوعة اليوسفية بتصرف يسير
--------------------------------
(1)  سورة البقرة الآية (117) .
(2)  سورة الأحقاف الآية (9) .
(3)  أخرجه مسلم من حديث طويل (2002) والنسائي (1577) وابن ماجه (45) والدارمي (2210) وأحمد (3/310) وابن خزيمة (1785) وأبو يعلى (2111) والبيهقي (3/206) والبغوي (4295) وابن حبان (10) .
(4)  أخرجه البخاري (1906) ومالك (1/ 114 -115) .
[5] ) رواه الإمام أحمد (4/126 -127) وأبو داود (4607) والترمذي (2676) وقال حسن صحيح وابن ماجه (43) والدارمي (95) والبغوي (102) والحاكم (1/95 - 96) وصححه ووافقه الذهبي والبيهقي (6/541) والطحاوي في مشكل الآثار (2/69) وابن حبان (5) والطبراني في الكبير (18/ برقم 617) والآجري في الشريعة ص (46) وابن أبي عاصم (27) .
[6]  سورة الحديد الآية (27) .
[7] أخرجه الطبراني في الأوسط (7446)