بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيرا
فوائد متعلقة بمسألة البدعة
1- قال ابن الأثير فى "النهاية فى غريب الحديث" (1/106- 107) :
وفي حديث عمر رضي اللَه عنه في قيام رمضان: نِعْمَت البِدْعة هذه، البدعة بِدْعَتَان: بدعة هُدًى، وبدعة ضلال، فما كان في خلاف ما أمَر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم فهو في حَيّز الذّم والإنكار، وما كان واقعا تحت عُموم ما نَدب الله إليه وحَضَّ عليه الله أو رسوله فهو في حيز المدح، وما لم يكن له مثال موجود كنَوْع من الجُود والسخاء وفعْل المعروف فهو من الأفعال المحمودة، ولا يجوز أن يكون ذلك في خلاف ما وَردَ الشرع به؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد جَعل له في ذلك ثوابا فقال:" من سَنّ سُنة حسَنة كان له أجْرها وأجرُ من عَمِل بها "، وقال في ضِدّه:" ومن سنّ سُنة سيّئة كان عليه وزْرُها وَوِزْرُ من عَمِل بها"، وذلك إذا كان في خلاف ما أمر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم.
ومن هذا النوع قولُ عمر رضي الله عنه: نِعْمَت البدعة هذه. لمَّا كانت من أفعال الخير وداخلة في حيز المدح سماها بدعة ومدَحها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يَسَنَّها لهم، وإنما صلاّها لَياليَ ثم تَركَها ولم يحافظ عليها، ولا جَمع الناسَ لها، ولا كانت في زمن أبي بكر، وإنما عمر رضي الله عنه جمع الناس عليها ونَدَبهم إليها، فبهذا سمّاها بدعة، وهي على الحقيقة سُنَّة، لقوله صلى الله عليه وسلم: عليكم بسُنَّتي وسنَّة الخلفاء الراشِدين من بعْدي، وقوله: اقتدُوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر، وعَلَى هذا التأويل يُحمل الحديث الآخر: كل مُحْدَثة بدعةٌ، إنما يريد ما خالف أصول الشريعة ولم يوافق السُّنَّة. اهـ
2- قال في روح البيان في تفسير القرءان ج 9 ص 2:
ومن تعظيمه - صلى الله عليه وسلم - عمل المولد إذا لم يكن فيه منكر قال الإمام السيوطي قدس سره يستحب لنا إظهار الشكر لمولده عليه السلام. انتهى وقد اجتمع عند الإمام تقي الدين السبكي رحمه الله جمع كثير من علماء عصره فأنشد منشد قول الصرصري رحمه الله في مدحه عليه السلام:
قليلٌ لمدحِ المصطفى الخطُّ بالذهَبْ... على وَرِقٍ مِن خَطِ أحسنِ مَن كتبْ
وأن تَنْهضَ الأشرافُ عندَ سَماعِهِ... قيامًا صفوفًا أو جُثِيًّا على الرُكبْ
فعند ذلك قام الإمام السبكي وجميع من بالمجلس فحصل أنس عظيم بذلك المجلس ويكفي ذلك في الاقتداء وقد قال ابن حجر الهيتمي إن البدعة الحسنة متفق على ندبها وعمل المولد واجتماع الناس له كذلك أي بدعة حسنة قال السخاوي لم يفعله أحد من القرون الثلاثة وإنما حدث بعد ثم لا زال أهل الإسلام من سائر الأقطار والمدن الكبار يعملون المولد ويتصدقون في لياليه بأنواع الصدقات ويعتنون بقراءة مولده الكريم ويظهر من بركاته عليهم كل فضل عظيم قال ابن الجوزي من خواصه أنه أمان في ذلك العام وبشرى عاجلة بنيل البغية والمرام وأول من أحدثه من الملوك صاحب أربل وصنف له ابن دحية رحمه الله كتابًا في المولد سماه التنوير بمولد البشير النذير فأجازه بألف دينار وقد استخرج له الحافظ ابن حجر أصلاً من السنة وكذا الحافظ السيوطي"اهـ
3- قال الحطاب المالكي في مواهب الجليل ج 2ص 9:
وقال السخاوي في القول البديع: أحدث المؤذنون الصلاة والسلام على رسول الله عقب الأذان للفرائض الخمس إلا الصبح والجمعة فإنهم يقدمون ذلك قبل الأذان، وإلا المغرب فلا يفعلونه لضيق وقتها، وكان ابتداء حدوثه في أيام الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب وبأمره. وذكر بعضهم أن أمر الصلاح ابن أيوب بذلك كان في أذان العشاء ليلة الجمعة، ثم إن بعض الفقراء زعم أنه رأى رسول الله وأمره أن يقول للمحتسب أن يأمر المؤذنين أن يصلوا عليه عقب كل أذان فسر المحتسب بهذه الرؤيا فأمر بذلك واستمر إلى يومنا هذا. وقد اختلف في ذلك هل هو مستحب أو مكروه أو بدعة أو مشروع؟ واستدل للأول بقوله: {وافعلوا الخير} ومعلوم أن الصلاة والسلام من أجل القرب لا سيما وقد تواترت الأخبار على الحث على ذلك مع ما جاء في فضل الدعاء عقبه والثلث الأخير وقرب الفجر. والصواب أنه بدعة حسنة وفاعله بحسب نيته. انتهى.
4- قال في حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح ج1 ص 103:
وأول ما زيدت الصلاة على النبي بعد الأذان على المنارة في زمن حاجي بن الأشرف شعبان بن حسين بن محمد بن قلاوون بأمر المحتسب نجم الدين الطنبدي، وذلك في شعبان سنة إحدى وتسعين وسبعمائة كذا في الأوائل للسيوطي، والصواب من الأقوال أنها بدعة حسنة"اهـ.
5- قال في اللباب في شرح الكتاب ج1 ص 684:
قال في الدر: وعلى هذا لا بأس بكتابة أسامي السور وعد الآي، وعلامات الوقف ونحوها، فهي بدعة حسنة، درر وقنية".اهـ
6- قال الإمام المحدث الفقيه المفسر اللغوي الشيخ عبد الله بن محمد الهرري الشيبي في كتابه صريح البيان ج1/280:
قال الله تبارك وتعالى في كتابه العزيز: [وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا] {الحديد:27} . فهذه الآية يستدلّ بها على البدعة الحسنة، لأن معناها مدح الذين كانوا مسلمين مؤمنين من أمّة عيسى متبعين له عليه السلام بالإِيمان والتوحيد، فالله تعالى مدحهم لأنهم كانوا أهل رأفة ورحمة ولأنهم ابتدعوا رهبانية، والرهبانية هي الانقطاع عن الشهوات، حتى إنهم انقطعوا عن الزواج رغبة في تجرّدهم للعبادة.
فمعنى قوله تعالى: مَا كَتَبْنَاهَا، أي نحن ما فرضناها عليهم إنما هم أرادوا التقرّب إلى الله، فالله تعالى مدحهم على ما ابتدعوا مما لم ينصَّ لهم عليه في الإِنجيل ولا قال لهم المسيح بنص منه، إنما هم أرادوا المبالغة في طاعة الله تعالى والتجردّ بترك الانشغال بالزواج ونفقة الزوجة والأهل، فكانوا يبنون الصوامع أي بيوتًا خفيفة من طين أو من غير ذلك على المواضع المنعزلة عن البلد ليتجرّدوا للعبادة. اهـ
ثم بدأ بذكر أمثلة على البدعة الحسنة:
ومما يدلّ على أنه ليس كل ما أحدث بعد رسول الله أو في حياته مما لم ينصّ عليه بدعة ضلالة إحداث خبيب بن عدي ركعتين عندما قُدّم للقتل، كما جاء ذلك في صحيح البخاري...ومما يدلّ أيضًا على ذلك أن الصحابة الذين كتبوا الوحي الذي أملاه عليهم الرسول، كانوا يكتبون الباء والتاء ونحوهما بلا نقط، ثم عثمان بن عفّان لما كتب ستة مصاحف وأرسل ببعضها إلى الآفاق إلى البصرة ومكّة وغيرهما واستبقى عنده نسخة كانت غير منقوطة. وإنما أوّل مَن نقط المصاحف رجل من التابعين من أهل العلم والفضل والتقوى، يقال له يحيى بن يعمر. ففي كتاب المصاحف لابن أبي داود السجستاني ص/158 ما نصّه: "حدّثنا عبد الله، حدّثنا محمّد بن عبد الله المخزوميُّ، حدّثنا أحمد بن نصر بن مالك، حدّثنا الحسين بن الوليد، عن هارون بن موسى قال: أوّل مَن نقط المصاحف يحيى بن يعمر".اهـ
وكان قبل ذلك يكتب بلا نقط، فلما فعل هذا لم ينكر العلماء عليه ذلك، مع أن الرسول ما أمر بنقط المصحف، فمن قال كل شىء لم يُفعل في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بدعة ضلالة فليبدأ بكشط النقط من المصاحف حتى ابن تيمية زعيمهم ذكر في فتاويه (3/402) ما نصه: "قيل: لا يكره ذلك لأنه بدعة، وقيل: لا يكره للحاجة إليه، وقيل: يكره النقط دون الشكل لبيان الإعراب، والصحيح أنه لا بأس به".اهـ
7- قال أبو الفضل عبد الله الصديق الغماري في كتابه إتقان الصنعة ص/14:
يعلم مما سبق أن العلماء متفقون على انقسام البدعة إلى محمودة ومذمومة وأن عمر رضى الله عنه أول من نطق بذلك ومتفقون على أن قول النبي صلى الله عليه وسلم "كل بدعة ضلالة" عام مخصوص ولم يشذ عن هذا الاتفاق إلا " الشاطبي" صاحب الاعتصام فإنه أنكر هذا الانقسام.."اهـ
فوائد متعلقة بمسألة البدعة
1- قال ابن الأثير فى "النهاية فى غريب الحديث" (1/106- 107) :
وفي حديث عمر رضي اللَه عنه في قيام رمضان: نِعْمَت البِدْعة هذه، البدعة بِدْعَتَان: بدعة هُدًى، وبدعة ضلال، فما كان في خلاف ما أمَر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم فهو في حَيّز الذّم والإنكار، وما كان واقعا تحت عُموم ما نَدب الله إليه وحَضَّ عليه الله أو رسوله فهو في حيز المدح، وما لم يكن له مثال موجود كنَوْع من الجُود والسخاء وفعْل المعروف فهو من الأفعال المحمودة، ولا يجوز أن يكون ذلك في خلاف ما وَردَ الشرع به؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد جَعل له في ذلك ثوابا فقال:" من سَنّ سُنة حسَنة كان له أجْرها وأجرُ من عَمِل بها "، وقال في ضِدّه:" ومن سنّ سُنة سيّئة كان عليه وزْرُها وَوِزْرُ من عَمِل بها"، وذلك إذا كان في خلاف ما أمر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم.
ومن هذا النوع قولُ عمر رضي الله عنه: نِعْمَت البدعة هذه. لمَّا كانت من أفعال الخير وداخلة في حيز المدح سماها بدعة ومدَحها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يَسَنَّها لهم، وإنما صلاّها لَياليَ ثم تَركَها ولم يحافظ عليها، ولا جَمع الناسَ لها، ولا كانت في زمن أبي بكر، وإنما عمر رضي الله عنه جمع الناس عليها ونَدَبهم إليها، فبهذا سمّاها بدعة، وهي على الحقيقة سُنَّة، لقوله صلى الله عليه وسلم: عليكم بسُنَّتي وسنَّة الخلفاء الراشِدين من بعْدي، وقوله: اقتدُوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر، وعَلَى هذا التأويل يُحمل الحديث الآخر: كل مُحْدَثة بدعةٌ، إنما يريد ما خالف أصول الشريعة ولم يوافق السُّنَّة. اهـ
2- قال في روح البيان في تفسير القرءان ج 9 ص 2:
ومن تعظيمه - صلى الله عليه وسلم - عمل المولد إذا لم يكن فيه منكر قال الإمام السيوطي قدس سره يستحب لنا إظهار الشكر لمولده عليه السلام. انتهى وقد اجتمع عند الإمام تقي الدين السبكي رحمه الله جمع كثير من علماء عصره فأنشد منشد قول الصرصري رحمه الله في مدحه عليه السلام:
قليلٌ لمدحِ المصطفى الخطُّ بالذهَبْ... على وَرِقٍ مِن خَطِ أحسنِ مَن كتبْ
وأن تَنْهضَ الأشرافُ عندَ سَماعِهِ... قيامًا صفوفًا أو جُثِيًّا على الرُكبْ
فعند ذلك قام الإمام السبكي وجميع من بالمجلس فحصل أنس عظيم بذلك المجلس ويكفي ذلك في الاقتداء وقد قال ابن حجر الهيتمي إن البدعة الحسنة متفق على ندبها وعمل المولد واجتماع الناس له كذلك أي بدعة حسنة قال السخاوي لم يفعله أحد من القرون الثلاثة وإنما حدث بعد ثم لا زال أهل الإسلام من سائر الأقطار والمدن الكبار يعملون المولد ويتصدقون في لياليه بأنواع الصدقات ويعتنون بقراءة مولده الكريم ويظهر من بركاته عليهم كل فضل عظيم قال ابن الجوزي من خواصه أنه أمان في ذلك العام وبشرى عاجلة بنيل البغية والمرام وأول من أحدثه من الملوك صاحب أربل وصنف له ابن دحية رحمه الله كتابًا في المولد سماه التنوير بمولد البشير النذير فأجازه بألف دينار وقد استخرج له الحافظ ابن حجر أصلاً من السنة وكذا الحافظ السيوطي"اهـ
3- قال الحطاب المالكي في مواهب الجليل ج 2ص 9:
وقال السخاوي في القول البديع: أحدث المؤذنون الصلاة والسلام على رسول الله عقب الأذان للفرائض الخمس إلا الصبح والجمعة فإنهم يقدمون ذلك قبل الأذان، وإلا المغرب فلا يفعلونه لضيق وقتها، وكان ابتداء حدوثه في أيام الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب وبأمره. وذكر بعضهم أن أمر الصلاح ابن أيوب بذلك كان في أذان العشاء ليلة الجمعة، ثم إن بعض الفقراء زعم أنه رأى رسول الله وأمره أن يقول للمحتسب أن يأمر المؤذنين أن يصلوا عليه عقب كل أذان فسر المحتسب بهذه الرؤيا فأمر بذلك واستمر إلى يومنا هذا. وقد اختلف في ذلك هل هو مستحب أو مكروه أو بدعة أو مشروع؟ واستدل للأول بقوله: {وافعلوا الخير} ومعلوم أن الصلاة والسلام من أجل القرب لا سيما وقد تواترت الأخبار على الحث على ذلك مع ما جاء في فضل الدعاء عقبه والثلث الأخير وقرب الفجر. والصواب أنه بدعة حسنة وفاعله بحسب نيته. انتهى.
4- قال في حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح ج1 ص 103:
وأول ما زيدت الصلاة على النبي بعد الأذان على المنارة في زمن حاجي بن الأشرف شعبان بن حسين بن محمد بن قلاوون بأمر المحتسب نجم الدين الطنبدي، وذلك في شعبان سنة إحدى وتسعين وسبعمائة كذا في الأوائل للسيوطي، والصواب من الأقوال أنها بدعة حسنة"اهـ.
5- قال في اللباب في شرح الكتاب ج1 ص 684:
قال في الدر: وعلى هذا لا بأس بكتابة أسامي السور وعد الآي، وعلامات الوقف ونحوها، فهي بدعة حسنة، درر وقنية".اهـ
6- قال الإمام المحدث الفقيه المفسر اللغوي الشيخ عبد الله بن محمد الهرري الشيبي في كتابه صريح البيان ج1/280:
قال الله تبارك وتعالى في كتابه العزيز: [وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا] {الحديد:27} . فهذه الآية يستدلّ بها على البدعة الحسنة، لأن معناها مدح الذين كانوا مسلمين مؤمنين من أمّة عيسى متبعين له عليه السلام بالإِيمان والتوحيد، فالله تعالى مدحهم لأنهم كانوا أهل رأفة ورحمة ولأنهم ابتدعوا رهبانية، والرهبانية هي الانقطاع عن الشهوات، حتى إنهم انقطعوا عن الزواج رغبة في تجرّدهم للعبادة.
فمعنى قوله تعالى: مَا كَتَبْنَاهَا، أي نحن ما فرضناها عليهم إنما هم أرادوا التقرّب إلى الله، فالله تعالى مدحهم على ما ابتدعوا مما لم ينصَّ لهم عليه في الإِنجيل ولا قال لهم المسيح بنص منه، إنما هم أرادوا المبالغة في طاعة الله تعالى والتجردّ بترك الانشغال بالزواج ونفقة الزوجة والأهل، فكانوا يبنون الصوامع أي بيوتًا خفيفة من طين أو من غير ذلك على المواضع المنعزلة عن البلد ليتجرّدوا للعبادة. اهـ
ثم بدأ بذكر أمثلة على البدعة الحسنة:
ومما يدلّ على أنه ليس كل ما أحدث بعد رسول الله أو في حياته مما لم ينصّ عليه بدعة ضلالة إحداث خبيب بن عدي ركعتين عندما قُدّم للقتل، كما جاء ذلك في صحيح البخاري...ومما يدلّ أيضًا على ذلك أن الصحابة الذين كتبوا الوحي الذي أملاه عليهم الرسول، كانوا يكتبون الباء والتاء ونحوهما بلا نقط، ثم عثمان بن عفّان لما كتب ستة مصاحف وأرسل ببعضها إلى الآفاق إلى البصرة ومكّة وغيرهما واستبقى عنده نسخة كانت غير منقوطة. وإنما أوّل مَن نقط المصاحف رجل من التابعين من أهل العلم والفضل والتقوى، يقال له يحيى بن يعمر. ففي كتاب المصاحف لابن أبي داود السجستاني ص/158 ما نصّه: "حدّثنا عبد الله، حدّثنا محمّد بن عبد الله المخزوميُّ، حدّثنا أحمد بن نصر بن مالك، حدّثنا الحسين بن الوليد، عن هارون بن موسى قال: أوّل مَن نقط المصاحف يحيى بن يعمر".اهـ
وكان قبل ذلك يكتب بلا نقط، فلما فعل هذا لم ينكر العلماء عليه ذلك، مع أن الرسول ما أمر بنقط المصحف، فمن قال كل شىء لم يُفعل في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بدعة ضلالة فليبدأ بكشط النقط من المصاحف حتى ابن تيمية زعيمهم ذكر في فتاويه (3/402) ما نصه: "قيل: لا يكره ذلك لأنه بدعة، وقيل: لا يكره للحاجة إليه، وقيل: يكره النقط دون الشكل لبيان الإعراب، والصحيح أنه لا بأس به".اهـ
7- قال أبو الفضل عبد الله الصديق الغماري في كتابه إتقان الصنعة ص/14:
يعلم مما سبق أن العلماء متفقون على انقسام البدعة إلى محمودة ومذمومة وأن عمر رضى الله عنه أول من نطق بذلك ومتفقون على أن قول النبي صلى الله عليه وسلم "كل بدعة ضلالة" عام مخصوص ولم يشذ عن هذا الاتفاق إلا " الشاطبي" صاحب الاعتصام فإنه أنكر هذا الانقسام.."اهـ