التبرك باثار سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم 3

التبرك بموضع قدمه صلى الله عليه وآله وسلم :
عن أبي مجلز ان أبا موسى كان بين مكة والمدينة فصلى العشاء ركعتين ثم قام فصلى ركعة أوتر بها فقرأ فيها بمائة آية من النساء ثم قال: ما ألوت أن أضع قدمي حيث وضع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قدميه وأنا أقرأ بما قرأ به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم [47] .
    
[47] أخرجه النسائي (1727) .

*********************************** 


التبرك بالأمكنة :
قال العلامة ابن حجر رحمه الله تعالى: يتأكد ندب احترام نحو المدارس والربط ومحال العلماء والصلحاء وكل محل علم أنه صلى الله عليه وآله وسلم نزله أو صلى فيه فله فضل عظيم على غيره على ممر الدهر فيتأكد الاعتناء به بتحري نزوله والتبرك به كما كان ابن عمر وغيره رضي الله عنهم يفعلون بعد وفاته صلى الله عليه وآله وسلم [48].
وما يقال من أن أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه قطع شجرة بيعة الرضوان لتحريم التبرك بقبور الأنبياء والصالحين فليس في ذلك دليل لهم:
فإنه محمول على أنه تخوف أن يأتي زمان قد يعبد الناس تلك الشجرة وليس مقصوده تحريم التبرك بآثار الرسول ولو كان الأمر كما ظنوا ما كان ابنه عبدالله ينزل تحتها أي تبركا وكان يسقيها الماء كي لا تيبس [49] ولا شك أن عبدالله بن عمر أفهم بسيرة أبيه من غيره.


 [48] الفتاوى الكبرى لابن حجر (2/119) .
[49] أخرجه ابن حبان في صحيحه (7074) .
*************************************** 


التبرك بدار مباركة :

عن محمد بن سوقة عن أبيه قال: (لما بنى عمرو بن حريث داره أتيته لأستأجر منه فقال ما تصنع منه؟ فقلت: أريد أن أجلس فيه وأشتري وأبيع قال: قلت: لأحدثك في هذه الدار بحديث إن هذه الدار مباركة على من سكن فيها مباركة على من باع فيها واشترى وذلك أني أتيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعنده مال موضوع فتناول بكفه منه دراهم فدفعها إلي وقال: هاك يا عمرو هذه الدراهم حتى تنظر في أي شيء تضعها فإنها دراهم أعطانيها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأخذتها ثم مكثنا ما شاء الله حتى قدمن الكوفة فأردت شراء دار فقالت لي أمي: يا بني إذا اشتريت دارا وهيأت مالها فأخبرني ففعلت ثم جئتها فدعوتها فجاءت والمال موضوع فأخرجت شيئا معها فطرحته في الدراهم ثم خلطتها بيدها فقلت يا أمه! أي شيء هذه؟ قالت: يا بني! هذه الدراهم التي جئتني بها فزعمت أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أعطاكها بيده فأنا أعلم أن هذه الدار مباركة لمن جلس فيها مباركة لمن باع فيها واشترى)  [50]  .
التبرك بفضل وضوئه صلى الله عليه وآله وسلم:
عن أبي جحيفة رضي الله عنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في قبة حمراء ورأيت بلالا أخرج وضوءا فرأيت الناس يبتدرون ذلك الوضوء فمن اصاب منه شيئا تمسح به ومن لم يصب منه أخذ من بلل صاحبه [51]  وفي رواية (شهدت النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالبطحاء وأتى بلال بفضل وضوئه فابتدره الناس فنلت منه شيئا) [52].
[50]  أخرجه أبو يعلى (4/111) .   
[51]  أخرجه البخاري (376) ومسلم (503) وأحمد (4/308) .
[52] أخرجه النسائي (137) .
******************************************
التبرك بتقبيل يد من مس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :

عن عبدالرحمن بن رزين قال: (مررنا بالربوة فقيل لنا هاهنا سلمة بن الأكوع رضي الله عنه، فأتينا فسلمنا عليه فأخرج يديه فقال: بايعت بهاتين نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم فأخرج كفا له ضخمة كأنها كف بعير فقمنا اليها فقبلناها) [53] .
وعن ابن جدعان: قال ثابت لأنس رضي الله عنه (أمسست النبي صلى الله عليه وآله وسلم بيدك؟ قال: نعم، فقبلها) .
وعن صهيب قال: رأيت عليا رضي الله عنه يقبل يد العباس رضي الله عنه ورجله [54]  .
وعن يحيى بن الحارث الذماري قال: لقيت واثلة بن الأسقع رضي الله عنه فقلت: بايعت بيدك هذه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: نعم قلت: أعطني يدك أقبلها، فأعطانيها فقبلتها [55]  .
وعن يونس بن ميسرة قال: دخلنا على يزيد بن الأسود عائدين فدخل عليه واثلة الأسقع رضي الله عنه فلما أن نظر اليه مد يده فأخذ يده فمسح بها وجهه وصدره لأنه بايع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال له: يا يزيد! كيف ظنك بربك؟ فقال: حسن فقال ابشر فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: إن الله تعالى يقول: أنا عند ظن عبدي بي إن خيرا فخير وإن شرا فشر  [56] .
وعن ثابت قال: كنت إذا أتيت أنسا يخبر بمكاني فأدخل عليه وآخذ يديه وأقبلهما وأقول: بأبي هاتين اليدين اللتين مستا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأقبل عينيه وأقول بأبي هاتين العينين اللتين رأتا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم [57] .


[53] أخرجه البخاري في الأدب المفرد (973) وأخرجه ابن سعد في الطبقات (4/306) .
[54] أخرجهما البخاري في الأدب المفرد ص (144) .
[55] ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (8/42) .
[56] أخرجه أبو نعيم في الحيلة (9/306) .
[57]  ذكره الحافظ ابن حجر في المطالب العالية (2/111) .
***********************************************
تبرك الخلفاء الراشدين بخاتم النبي صلى الله عليه وآله وسلم والمحافظة عليه :

عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: اتخذ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خاتما من ورق وكان في يده ثم كان بعد في يد أبي بكر ثم كان بعد في يد عمر ثم كان في يد عثمان حتى وقع بعد في بئر أريس نقشه محمد رسول الله [58] .
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى: جاء في رواية: (أنه التمس فلم يوجد)[59]  .
وجاء في رواية ابن سعد: (أنه كان في يد عثمان ست سنين) [60]  .
وقال العيني: وبئر أريس حديقة بقرب مسجد قباء [61]  .
وهذه البئر صارت معروفة اليوم ببئر الخاتم وهو خاتم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذي سقط فيها أيام خلافة عثمان وقد اجتهد ثلاثة أيام في استخراجه بكل ما وجده سبيلا فلم يلقه[62] .
التبرك بآثار الأنبياء السابقين:
عن نافع أن عبدالله بن عمر أخبره أن الناس نزلوا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على الحجر أرض ثمود فاستقوا من آبارها وعجنوا به العجين فأمرهم برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يهريقوا ما استقوا ويعلفوا للإبل العجين وأمرهم أن يستقوا من البئر الذي كانت تردها الناقة [63]  .
وقال النووي في شرحه على هذا الحديث من فوائد هذا الحديث جواز التبرك بآثار الصالحين.


[58] أخرجه البخاري (5/5528) . [59] أخرجه النسائي (5232) . [60] فتح الباري (10/313) .
[61] عمدة القاري (22/31) . [62] المغانم المطابة في معالم طابه للفيروز آبادي ص (26) .
[63] أخرجه مسلم (7391) .