كيف يجادل الشيخ ابن تيمية السادة الأشاعرة في إثبات الجسمية لله...!!
بسم الله الرحمن الرحيم
كتبتُ هذا المنشور هكذا على السجيّة من غير رجوع لكتاب أو دفتر ... حاكيتُ وسايرت فيه أسلوب الشيخ ابن تيمية وكيف يدافع عن نفسه أمام السادة الأشاعرة ..
كتبته بأسلوب سهل وميسّر إن شاء الله .. لكي يطّلع ويتعلّم الطالب طريقة وكيفية محاورة الشيخ ابن تيمية للأشاعرة وكيف يردّ عليهم .. وما هو أسلوبه في إثبات جسمية الله من ناحية عقليّة ...
يقول الشيخ :
الله متحيّز .. ومعنى متحيّز أي أنّ ذاته طويلة عريضة عميقة ... أي لها امتداد في جهات ثلاث ... مثل باقي الأجسام .. فزيد طويل عريض عميق والشمس طويلة عريضة عميقة ...
وهذا في الفلسفة يسمّى ( الجسم التعليمي ) أي الجسم الذي يصلح للقياس والدراسة لأنّه قابل للرؤية واللمس والإدراك .
حسنا ...
ما الذي يمنع أن تكون ذات الله لها امتداد .. وما المشكلة في هذا ...!! فالقرءان يُشعر بهذا .. والسلف لم ينفوا عنه هذا الامتداد ..بل على العكس عقيدتهم مُشعرة بهذا ... فهم يقولون هو على العرش وينزل ويصعد ويتحرّك ويتكلّم ... ويقولون بأنّه مصمت أي لا يوجد فراغ داخل ذاته .. وهذا كلّه دليل على جسميته أي أنّ له طولا وعرضا وعمقا ... فما المحيل لهذا الاعتقاد ...!!
هناك ثلاث فرق تعترض على هذه العقيدة ولنأخذها واحدة واحدة ولننظر كيف يُحاورهم الشيخ ...
1- الأشاعرة ...
يُجيبون ابن تيمية : هذا كفر بالله ... لأنّ معنى هذه العقيدة أنّ الله مكوّن من أجزاء فله يمين ويسار وفوق وتحت وقدّام وخلف ويد وأصبع ووجه وساق .. فالله هو هذه الأجزاء ...
فلولا اجتماع هذه الأجزاء لا تصير ذات الله موجودة ... فوجود الله متوقّف على هذه الأجزاء ... ومن المعلوم أنّ الجزء الأوّل غير للجزء الثاني فاليد مثلا مختلفة تماما عن الساق ... والله مختلف عن أجزائه لأنّه كلّ ( مجموع الأجزاء ) والكلّ مختلف بالضرورة عن الجزء ..فليست الشجرة هي الساق مثلا ... بل الشجرة مختلفة عن الساق لأنّها مجموع الأجزاء كلّها الساق والورق والأغصان ... فالكلّ مغاير للجزء ...
فالله غير للأجزاء فهو محتاج في وجوده لغيره .. وذاته مشروطة بها .. ومتوقّفة عليها ...!! وهذا باطل .
أيضا ..
نحن عرفنا وجود الله تعالى عن طريق قاعدة ( أنّ ما لا يخلو عن الحادث فهو حادث ) فإذا كان الله جسما كان حادثا لأنّ له حكم الأجسام لأنّه جسم مثلها من حيث عدم خلوّها عن الحركة والسكون وهذه حوادث وهو لا يخلو عنها إذن هو حادث .. وفيه نقض لدليل وجوده لأنّه في هذه الحالة .. يعني إذا كان الله جسما ما الذي يمنع من صحّة مذهب الصابئة بصحّة كون الشمس ربا مثلا ...!! وما الذي يمنع من صحّة مذهب النصارى بكون عيسى ربّا ...!! وبالجملة ما الذي يُحيل بأن يكون أيّ جزء من العالم هو الله ... وعلى الخصوص مع تجويزكم دخول الله في العالم ونزوله للسماء ومصافحته لخلقه وغير هذا من أحكام الأجسام ...!!
يُجيب الشيخ قائلا :
حسنا .. تعالوا نتكلّم بهدوء ... وعلى قول إخواننا المصريّين حبّة حبّة ...!!
1- قولكم : الله كلّ له أجزاء وهذا يلزم منه احتياجه لغيره .. هذه مقدّمة صحيحة وأنا اُسلّم بها ...ما عدا قولكم ( هو محتاج لغيره ) وأنا أقول : نعم هو محتاج لكنّه محتاج ( لنفسه ) وليس لغيره ... بيان هذا ..
لا يصحّ القول بأنّ زيدا محتاج لذاته في وجوده فهذا جنون وخروج عن المعقول ...فالله تعالى محتاج لذاته في وجوده وهذا لا إشكال فيه إذا عرفنا معنى الاحتياج ... فليس الاحتياج شيئا غير تلازم ذاته لذاته ... فهل يصحّ القول : هل الله محتاج لذاته في وجوده .. إن كان محتاجا فليس له ذات وليست له حقيقة إذن .. وإن لم يكن له حاجة لذاته كان كلامكم لا معنى له.. فماذا تعني هذه العبارة ( الله محتاج لذاته في وجوده ) عبارة لا معنى لها أصلا .. كيف يُقال عن الشيء إنّه محتاج لذاته في وجوده .. وليس وجوده وذاته وعينه وحقيقته غير ذاته ...!! فهل هذا كلام معقول ...!!
فأجزاء الله ليست شيئا غير الله تعالى ... فالله هو مجموع هذه الأجزاء وهي لوازم ذاته ... ولوازم كمالاته ... فالحاجة المنفية عن الله تعالى هو توقّف هذه اللوازم على شيء غير ذاته وأنّه لو توقّقت على شيء غير ذاته فستكون ذاته متوقّفة على لوازمها ولوازمها متوقّفة على شيء غير ذاته فتتوقّف ذاته على وجود ذلك الغير المتوقّفة عليها لوازمه .. فيكون ذلك الشيء هو الله .. وتعود القسمةُ بعينها في ذلك الشيء .
وهذا عين ما ننفي به وجود إله آخر مشارك لله في وجوده ...إذن فقولنا الله له أجزاء يعني :
1- جزؤه ليس غيره بمعنى ليس جزؤه لازما لا تنفكّ عنه ذاته وكمالاته فكيف يُقال للوازمه التي لا تنفكّ عنه هو محتاج لها ...!!
2- قولكم بأنّ جزأه غيره.: . لا أسلّم بأنّها غيره .. بل الغير عند المعتزلة ما فارق غيره عقلا ... وعندكم ما صحّ انفكاكه وجودا .. وعندي ما فارق غيره بزمان أو مكان أو وجود .. وهذا كلّه أنفيه ... وأقول بقولكم أجزاء ذات الله لا تنفكَ عن ذاته إذن هي على قولكم وقولي ليست غيره ...!! ولو سلّمنا للمعتزلة قولهم في مفهوم الغير كانت صفات الله عندكم غيره ...!!
3- قولكم الله محتاج لأجزائه وهذا مناف للوجوب : هذا خطأ .. فقد بيّنّا بأنّ الحاجة تعني طلب كمال مفقود أو دفع نقص موجود.. وهذا أنفيه .. ومعنى الحاجة التلازم في الوجود ولا يتقدّّم جزء على جزء آخر في ذاته لأنّهما متلازمان تلازما وجوديا حقيقيا وليس تلازم علّة ومعلول حتّى يلزم التقدّم والتأخّر فالقدم ينفي هذا كلّه ... فليس التلازم في المضاف يلزم منه تضايف تقدّم وتأخّر كما هو معلوم وكذا هنا ..
4- كيف وأنتم تؤمنون بأنّ لله أجزاء ...!! ألم تقولوا بأنّ ذات الله تعالى حقيقة + صفات ... وهذا تركيب حقيقي ... فذات الله هي مجموعة حقائق متغايرة عندكم.. فالذات شيء و الصفة شيء والحال شيء وكلّها أشياء حقيقية مجموعها ( الله ) ...!!
5- قلتم : هذا لا يلزمنا منه تركيب لأنّ الغير ما جاز مفارقة ذاته .. وهذا نحن ننفيه .. وأنا كذلك أقول :أجزاء الله لا تفارق ذاته ..!! قلتم : صفاته لوازم لوجوده لا ينفكّ عنها ... وأنا هكذا أقول : أجزاء الله لوازم لا ينفكُّ عنها ... قلتم : هي زيادة عقلية وفي الخارج هو وصفته هويّة واحدة : وأنا أقول بأنّ هويّته واحدة في الخارج .. فزيد هو زيد وهو واحد حقيقي في لغة العرب التي أّنزل بها القرءان .. قولكم : بأنّ هويّته واحدة تقتضي القسمة أصلا لأنّ الهوهوية تعني التركيب ...!!
6- قولكم : التركيب بين الذات والصفات ليس كتركيب الذات من أجزاء .. فذات الله لا تتوقّف على تحقّق صفاته بخلاف أجزاء الذات .. وأنا أقول : بأنّ هذا يستحيل عقلا .. كيف توجد ذات الله من غير صفة الحياة مثلا ...!! وهذا تخبّط ظاهر بل ذاته غير متوقّفة على صفاته توقّف فاعلية ووجود لأنّها ليست فاعلة له وهي لوازمه وصفاته متوقّفة على ذاته توقّف قيام لا توقّف وجود .. فإن عنيتم بأنّ ذاته متوقّفة على أجزائه في قيامها وأنّها علّة فاعلية لها فهذا كذب وذاته باستغنائها عن القيام بالصفات والفاعل واجبة بنفسها والصفات غير واجبة بنفسها لأنّها قائمة في الذات ... وإن أردتم بأنّ لها أي الصفات فاعلا أوجدها كان كذبا بل لا فاعل لها وبهذا المعنى كانت الصفات واجبة بنفسها ...فينبغي تحرير المصطلحات والمفاهيم ..والشيء يستحيل وجوده من غير لوازمه وهذا ظاهر فهذا التأويل لا يُّجديكم نفعا لأنّه منقلب عليكم في الصفات...!! فكما أنّ الله لا يوجد من غير صفاته وصفاته ليست غيره على الحقيقة بل هي من لوازم ذاته غير المنفكّة عن ذاته فكذلك أقول في أجزاء ذات الله ...!!
وبالجملة كلّ ما تعتذرون به عن الصفات فأنا أعتذر به عن أجزاء ذات الله ..عينا بعين وسنّا بسنّ ...!!
وقولكم بأنّه يلزم منه إلهية الشمس والقمر وعيسى فهذا منفي بمجرّد إثبات لوازم كمالاته وله طرق أخرى كما هو معلوم ... وقولكم بأنّه يقتضي نقض دلالة حدوث العالم .. فنحن نبطل أصلا دلالتكم ... وقولكم : بأنّ ما لا يخلو عن الحادث حادث ... أقول نعم صحيح ولكن ما لا يخلو عن حادث معيّن هو حادث لأنّه لا يسبقه وهذا بديهي وليس ما لا يخلو عن جنس الحوادث وأنا أقول بأنّه لا يخلو عن جنس الحوادث وهي لا بداية لها وهو أيضا لا بداية له فلم يسبق أحدهما الآخر بحال بل الله يسبق كل واحد واحد من الحوادث ولكنّه لم يأت وقت ما في جانب الماضي قد خلو عن نوع الحوادث.
والأجسام متباينة بالذات فالتراب ليس اللحم والدم ليس هو الماء وإن تشابها فإنّما هو تشابه عقلي فقط لا يلزم منه تشابه خارجي أصلا ...!! وهذا عام في كلّ شيء .. فلا يلزمني ما ألزمتموني به ... أو أقلبه عليكم في صفات الله ...!! فإن لم يكن علم الله مشاركا لعلمنا في شيء لم يكن معنى علم الله مفهوما أصلا ... وفهم اللازم كما تقولون متوقّف على فهم الملزوم وهذا باطل ...!!
كتبه الدكتور بلال إسماعيل التل
بسم الله الرحمن الرحيم
كتبتُ هذا المنشور هكذا على السجيّة من غير رجوع لكتاب أو دفتر ... حاكيتُ وسايرت فيه أسلوب الشيخ ابن تيمية وكيف يدافع عن نفسه أمام السادة الأشاعرة ..
كتبته بأسلوب سهل وميسّر إن شاء الله .. لكي يطّلع ويتعلّم الطالب طريقة وكيفية محاورة الشيخ ابن تيمية للأشاعرة وكيف يردّ عليهم .. وما هو أسلوبه في إثبات جسمية الله من ناحية عقليّة ...
يقول الشيخ :
الله متحيّز .. ومعنى متحيّز أي أنّ ذاته طويلة عريضة عميقة ... أي لها امتداد في جهات ثلاث ... مثل باقي الأجسام .. فزيد طويل عريض عميق والشمس طويلة عريضة عميقة ...
وهذا في الفلسفة يسمّى ( الجسم التعليمي ) أي الجسم الذي يصلح للقياس والدراسة لأنّه قابل للرؤية واللمس والإدراك .
حسنا ...
ما الذي يمنع أن تكون ذات الله لها امتداد .. وما المشكلة في هذا ...!! فالقرءان يُشعر بهذا .. والسلف لم ينفوا عنه هذا الامتداد ..بل على العكس عقيدتهم مُشعرة بهذا ... فهم يقولون هو على العرش وينزل ويصعد ويتحرّك ويتكلّم ... ويقولون بأنّه مصمت أي لا يوجد فراغ داخل ذاته .. وهذا كلّه دليل على جسميته أي أنّ له طولا وعرضا وعمقا ... فما المحيل لهذا الاعتقاد ...!!
هناك ثلاث فرق تعترض على هذه العقيدة ولنأخذها واحدة واحدة ولننظر كيف يُحاورهم الشيخ ...
1- الأشاعرة ...
يُجيبون ابن تيمية : هذا كفر بالله ... لأنّ معنى هذه العقيدة أنّ الله مكوّن من أجزاء فله يمين ويسار وفوق وتحت وقدّام وخلف ويد وأصبع ووجه وساق .. فالله هو هذه الأجزاء ...
فلولا اجتماع هذه الأجزاء لا تصير ذات الله موجودة ... فوجود الله متوقّف على هذه الأجزاء ... ومن المعلوم أنّ الجزء الأوّل غير للجزء الثاني فاليد مثلا مختلفة تماما عن الساق ... والله مختلف عن أجزائه لأنّه كلّ ( مجموع الأجزاء ) والكلّ مختلف بالضرورة عن الجزء ..فليست الشجرة هي الساق مثلا ... بل الشجرة مختلفة عن الساق لأنّها مجموع الأجزاء كلّها الساق والورق والأغصان ... فالكلّ مغاير للجزء ...
فالله غير للأجزاء فهو محتاج في وجوده لغيره .. وذاته مشروطة بها .. ومتوقّفة عليها ...!! وهذا باطل .
أيضا ..
نحن عرفنا وجود الله تعالى عن طريق قاعدة ( أنّ ما لا يخلو عن الحادث فهو حادث ) فإذا كان الله جسما كان حادثا لأنّ له حكم الأجسام لأنّه جسم مثلها من حيث عدم خلوّها عن الحركة والسكون وهذه حوادث وهو لا يخلو عنها إذن هو حادث .. وفيه نقض لدليل وجوده لأنّه في هذه الحالة .. يعني إذا كان الله جسما ما الذي يمنع من صحّة مذهب الصابئة بصحّة كون الشمس ربا مثلا ...!! وما الذي يمنع من صحّة مذهب النصارى بكون عيسى ربّا ...!! وبالجملة ما الذي يُحيل بأن يكون أيّ جزء من العالم هو الله ... وعلى الخصوص مع تجويزكم دخول الله في العالم ونزوله للسماء ومصافحته لخلقه وغير هذا من أحكام الأجسام ...!!
يُجيب الشيخ قائلا :
حسنا .. تعالوا نتكلّم بهدوء ... وعلى قول إخواننا المصريّين حبّة حبّة ...!!
1- قولكم : الله كلّ له أجزاء وهذا يلزم منه احتياجه لغيره .. هذه مقدّمة صحيحة وأنا اُسلّم بها ...ما عدا قولكم ( هو محتاج لغيره ) وأنا أقول : نعم هو محتاج لكنّه محتاج ( لنفسه ) وليس لغيره ... بيان هذا ..
لا يصحّ القول بأنّ زيدا محتاج لذاته في وجوده فهذا جنون وخروج عن المعقول ...فالله تعالى محتاج لذاته في وجوده وهذا لا إشكال فيه إذا عرفنا معنى الاحتياج ... فليس الاحتياج شيئا غير تلازم ذاته لذاته ... فهل يصحّ القول : هل الله محتاج لذاته في وجوده .. إن كان محتاجا فليس له ذات وليست له حقيقة إذن .. وإن لم يكن له حاجة لذاته كان كلامكم لا معنى له.. فماذا تعني هذه العبارة ( الله محتاج لذاته في وجوده ) عبارة لا معنى لها أصلا .. كيف يُقال عن الشيء إنّه محتاج لذاته في وجوده .. وليس وجوده وذاته وعينه وحقيقته غير ذاته ...!! فهل هذا كلام معقول ...!!
فأجزاء الله ليست شيئا غير الله تعالى ... فالله هو مجموع هذه الأجزاء وهي لوازم ذاته ... ولوازم كمالاته ... فالحاجة المنفية عن الله تعالى هو توقّف هذه اللوازم على شيء غير ذاته وأنّه لو توقّقت على شيء غير ذاته فستكون ذاته متوقّفة على لوازمها ولوازمها متوقّفة على شيء غير ذاته فتتوقّف ذاته على وجود ذلك الغير المتوقّفة عليها لوازمه .. فيكون ذلك الشيء هو الله .. وتعود القسمةُ بعينها في ذلك الشيء .
وهذا عين ما ننفي به وجود إله آخر مشارك لله في وجوده ...إذن فقولنا الله له أجزاء يعني :
1- جزؤه ليس غيره بمعنى ليس جزؤه لازما لا تنفكّ عنه ذاته وكمالاته فكيف يُقال للوازمه التي لا تنفكّ عنه هو محتاج لها ...!!
2- قولكم بأنّ جزأه غيره.: . لا أسلّم بأنّها غيره .. بل الغير عند المعتزلة ما فارق غيره عقلا ... وعندكم ما صحّ انفكاكه وجودا .. وعندي ما فارق غيره بزمان أو مكان أو وجود .. وهذا كلّه أنفيه ... وأقول بقولكم أجزاء ذات الله لا تنفكَ عن ذاته إذن هي على قولكم وقولي ليست غيره ...!! ولو سلّمنا للمعتزلة قولهم في مفهوم الغير كانت صفات الله عندكم غيره ...!!
3- قولكم الله محتاج لأجزائه وهذا مناف للوجوب : هذا خطأ .. فقد بيّنّا بأنّ الحاجة تعني طلب كمال مفقود أو دفع نقص موجود.. وهذا أنفيه .. ومعنى الحاجة التلازم في الوجود ولا يتقدّّم جزء على جزء آخر في ذاته لأنّهما متلازمان تلازما وجوديا حقيقيا وليس تلازم علّة ومعلول حتّى يلزم التقدّم والتأخّر فالقدم ينفي هذا كلّه ... فليس التلازم في المضاف يلزم منه تضايف تقدّم وتأخّر كما هو معلوم وكذا هنا ..
4- كيف وأنتم تؤمنون بأنّ لله أجزاء ...!! ألم تقولوا بأنّ ذات الله تعالى حقيقة + صفات ... وهذا تركيب حقيقي ... فذات الله هي مجموعة حقائق متغايرة عندكم.. فالذات شيء و الصفة شيء والحال شيء وكلّها أشياء حقيقية مجموعها ( الله ) ...!!
5- قلتم : هذا لا يلزمنا منه تركيب لأنّ الغير ما جاز مفارقة ذاته .. وهذا نحن ننفيه .. وأنا كذلك أقول :أجزاء الله لا تفارق ذاته ..!! قلتم : صفاته لوازم لوجوده لا ينفكّ عنها ... وأنا هكذا أقول : أجزاء الله لوازم لا ينفكُّ عنها ... قلتم : هي زيادة عقلية وفي الخارج هو وصفته هويّة واحدة : وأنا أقول بأنّ هويّته واحدة في الخارج .. فزيد هو زيد وهو واحد حقيقي في لغة العرب التي أّنزل بها القرءان .. قولكم : بأنّ هويّته واحدة تقتضي القسمة أصلا لأنّ الهوهوية تعني التركيب ...!!
6- قولكم : التركيب بين الذات والصفات ليس كتركيب الذات من أجزاء .. فذات الله لا تتوقّف على تحقّق صفاته بخلاف أجزاء الذات .. وأنا أقول : بأنّ هذا يستحيل عقلا .. كيف توجد ذات الله من غير صفة الحياة مثلا ...!! وهذا تخبّط ظاهر بل ذاته غير متوقّفة على صفاته توقّف فاعلية ووجود لأنّها ليست فاعلة له وهي لوازمه وصفاته متوقّفة على ذاته توقّف قيام لا توقّف وجود .. فإن عنيتم بأنّ ذاته متوقّفة على أجزائه في قيامها وأنّها علّة فاعلية لها فهذا كذب وذاته باستغنائها عن القيام بالصفات والفاعل واجبة بنفسها والصفات غير واجبة بنفسها لأنّها قائمة في الذات ... وإن أردتم بأنّ لها أي الصفات فاعلا أوجدها كان كذبا بل لا فاعل لها وبهذا المعنى كانت الصفات واجبة بنفسها ...فينبغي تحرير المصطلحات والمفاهيم ..والشيء يستحيل وجوده من غير لوازمه وهذا ظاهر فهذا التأويل لا يُّجديكم نفعا لأنّه منقلب عليكم في الصفات...!! فكما أنّ الله لا يوجد من غير صفاته وصفاته ليست غيره على الحقيقة بل هي من لوازم ذاته غير المنفكّة عن ذاته فكذلك أقول في أجزاء ذات الله ...!!
وبالجملة كلّ ما تعتذرون به عن الصفات فأنا أعتذر به عن أجزاء ذات الله ..عينا بعين وسنّا بسنّ ...!!
وقولكم بأنّه يلزم منه إلهية الشمس والقمر وعيسى فهذا منفي بمجرّد إثبات لوازم كمالاته وله طرق أخرى كما هو معلوم ... وقولكم بأنّه يقتضي نقض دلالة حدوث العالم .. فنحن نبطل أصلا دلالتكم ... وقولكم : بأنّ ما لا يخلو عن الحادث حادث ... أقول نعم صحيح ولكن ما لا يخلو عن حادث معيّن هو حادث لأنّه لا يسبقه وهذا بديهي وليس ما لا يخلو عن جنس الحوادث وأنا أقول بأنّه لا يخلو عن جنس الحوادث وهي لا بداية لها وهو أيضا لا بداية له فلم يسبق أحدهما الآخر بحال بل الله يسبق كل واحد واحد من الحوادث ولكنّه لم يأت وقت ما في جانب الماضي قد خلو عن نوع الحوادث.
والأجسام متباينة بالذات فالتراب ليس اللحم والدم ليس هو الماء وإن تشابها فإنّما هو تشابه عقلي فقط لا يلزم منه تشابه خارجي أصلا ...!! وهذا عام في كلّ شيء .. فلا يلزمني ما ألزمتموني به ... أو أقلبه عليكم في صفات الله ...!! فإن لم يكن علم الله مشاركا لعلمنا في شيء لم يكن معنى علم الله مفهوما أصلا ... وفهم اللازم كما تقولون متوقّف على فهم الملزوم وهذا باطل ...!!
كتبه الدكتور بلال إسماعيل التل